أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف بيدس - ضاقت مساحات الوطن














المزيد.....

ضاقت مساحات الوطن


أشرف بيدس

الحوار المتمدن-العدد: 2316 - 2008 / 6 / 18 - 08:44
المحور: الادب والفن
    


لم يعد في الأرض متسع للشهداء00 بعدما ضافت بهم القبور والصدور00 وضاق قلب المغتصب الأشر، فافترشت الجثث قرعات الطرق، ونواصي الحكايات00 وتناثرت اشلاؤها في الزوايا والأركان 00 وزحف الليل الحزين ليستر عظامها النخرة00 وفي الصباح أتي النهار الكسيح ليكشف للمارة عن سوءات المدنية وديمقراطية الأوباش، ويشق البلدوزر جنبات السحاب ليهيل التراب علي الأشلاء وعلينا وعلي كل ما تبقي من تاريخنا 00 وراح المصورون يلتقطون أحط الكادرات وأبشعها، ويصفون المشهد بالبشاعة والوقاحة0 ويأتي الغد ليتكرر نفس المشهد0
فراغ00 فراغ
فراغ يعشش فيه الدمار
ويسكنه الفاتحون التتار
هنا حرم يوطأ
هنا عالم يهدأ
أدونيس»
الكل يشجب 00 تقدمي، تأخري، يساري، يميني، طولي، عرضي، فوقي، تحتي، الكل يدين 00 الكل حزين 00 ولم تزل قراصنة البحار وزبانية الموت يسطون ويحرقون ويسرقون وينهبون الوطن شبرا شبرا ومترا مترا ودونما دونما، يكشفون وجههم القبيح دون خشي أو خجل ، ويفاخرون بساديتهم0
يقترفون القتل الجماعي والحرق الجماعي والسجن الجماعي0 ليعيدوا علي الأذهان هولوكست جديدة، فمن دير ياسين إلي صابرا وشاتيلا وحتي جنين00 أنهار من الدم وجماجم من البشر00 وكئوس تقرع كئوسا في صحة الوطن 00
سكتت المآذن عن النداء، وقتل قارع الأجراس بالكنائس0 ليعلن المذياع العبري عن الصمت الموحش في جنبات الضمير الإنساني، وتصف الإذاعات وتنقل الشاشات الأحداث بألفاظ عهدناها وألفناها وصارت كالاسطوانة المشروخة في حفل من الصم والبكم00
يتكرر نفس المشهد كل يوم، ولكن لم تنته بعد الحكاية ، ولن تنتهي، فمازالا في الصدور براكين من الغضب لم تخمدها دموع الثكالي، أو وصايا وسطاء الصفقات، أو ارشادات كراسات المدارس الحكومية 00 فمن القسوة خرطت الأيام ملامحنا، ومن المعاناة شكلت قوتنا وصلابتنا0 خيم الخراب، وطفح الكيل، وتبقي رائحة المكان، تصرخ بين الحين والحين0
مع وقع أقدام العسكر المحتل ترتفع دعوات الأمهات الثكالي00
تصرخ في المكان أنات الوجع00 تحاكي الشجر والحجر والبشر00
كل الأشياء مباحة في زمن الغفلة، لكننا صامدون00 صامدون00 لآخر رجل، لآخر طفل، لآخر صبية، لآخر طلقة،، لآخر حجر00 وإن صلبونا، وإن شردونا، يبقي النصر، حكايات الأجداد ونشيد الأنشاد0
ينكسر الصخر حبات، وتنحت الأظافر حروف الوطن، تطل من بين بيارات البرتقال وأغصان الزيتون، تربت علي أكتافهم، وتوصيهم خيرا00
لكن يسبق الموت السؤال، وتظل في الحلق مرارة الشكوي00
لا نتواري00 ولا نتخفي00 ولا نترجل اقدام الخفافيش00
تبحث رصاصات القناصة عن هدف تغتاله00 فلم تجد غير صدورنا00
ولم يتوقف ترديد السؤال00 يلتهم القناصة أرواحنا 00 ونعيد السؤال00
نتساقط واحدا تلو الآخر00 ونشيع جنازة من كان يلازمنا00 ويلامسنا00
لم يبق للشهيد سوي صلوات الغائب في الجوامع00 وبعض من اجراس الكنائس0 لكننا نعيد السؤال كل صباح، كل مساء0
لم نعبأ00 سوف يظل السؤال بركانا ينفجر في وجه المحتل 00
تعصب أعيننا ليلا00 ويبيح العسكر أجسادنا رميا00
فتنهشها الكلاب الضالة وتستبيحها00
نأوي للموت ليلا بعد عناء نهار طويل00 نتسجي مطمئنين بالشهادة00
ونعيد السؤال00
لا نتسول عفوا00 أو رحمة00 فالله خير حافظ وهو أرحم الراحمين»
ومن وفاء مرورا بآيات وحتي نضال00 زهرات علي الطريق ، تدمي القلوب0
يكتمل الحلم باكتمال أركان الوطن ونموه00 وتغدو فضيلة حب الوطن، نشيدا تتغني به «آيات» و«نضال» مع «فدوي طوفان»:
سأظل أحفر اسمها وأنا أناضل
في الأرض في الجدران في الأبواب في شرف المنازل
في هيكل العذراء في المحراب في طرق المزارع
في كل مرتفع ومنحدر ومنعطف وشارع
في السجن في زنزانة التعذيب في عود المشانق
رغم السلاسل رغم نسف الدور ورغم لظي الحرائق
سأظل أحفر اسمها حتي أراه
يمحو العسكر المعتوه رسوم الصغر وحكايات الصبا وتواريخ أعياد الميلاد00
في نفق الوطن المظلم، يتسع بصيص النور00يتلألأ00 أحيانا يخفو، يخبو، لكن يفرد أجنحته بين الحين والآخر00
وما بين الأسود والأبيض تتأرجح ذاكرة التاريخ، ويستعدي الزمن الغابر كل ترانيم التقوي00 ينقطع الحبل السري، وتسيل دماء لتملأ كئوس الطغاة، وتموت قيم الجمال ولا يبقي سوي القبح عنوانا كبيرا بفعل فاعل، تختفي التفاصيل الصغيرة، لتعلن مانشيتات الجرائد عن أن حقوق الإنسان ماتت «سريريا»00
بعد اختلال القافية وتموت القصيدة في سوق عكاظ00 ينفض السامر 00 وتلقي آخر عبارات التأبين0



#أشرف_بيدس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا جبل ما يهزك ريح
- شمعة حبلي بالنور
- إدوارد سعيد قلب المكان
- أمي الفلسطينية
- فرحة الدنيا
- العاشقة الصغيرة
- سمراء
- الموت00 ورائحة الياسمين
- تبت أياديكم
- ريم00 امرأة فلسطينية
- شهداء وعملاء
- فاتن حمامة : السير علي حافة الهاوية
- رسالة إلى امرأة غير استثنائية
- مارسيل خليفة: صوت البسطاء
- الراقصات والسينما


المزيد.....




- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف بيدس - ضاقت مساحات الوطن