أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - جمهورية الغاز














المزيد.....

جمهورية الغاز


رمضان متولي

الحوار المتمدن-العدد: 2306 - 2008 / 6 / 8 - 05:58
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


ربما يذكرنا هذا العنوان بالمصطلح الذي أطلق على دول أمريكا الوسطى التي سميت باسم "جمهوريات الموز" نظرا لسيطرة الشركات العالمية على تلك الدول لفترة طويلة حولتها إلى مزارع للفاكهة، وخاصة الموز، من أجل التصدير إلى دول الشمال الغنية والمتقدمة.

الديكتاتورية السياسية والفساد والفقر كانت أهم خصائص تلك الدول والتي وصفها بدقة فائقة الروائي الكولومبي "جابرييل جارسيا ماركيز" في روايتيه الرائعتين "خريف البطريرك" و"سرد أحداث موت معلن". فقد سيطرت على تلك الدول طغم عسكرية ونخب سياسية وإدارية فاسدة كانت مصالحها مرتبطة بمصالح الاستعمار والشركات العالمية ولا تمت بصلة إلى مصالح شعوبها المطحونة، وكانت برلماناتها خربة ينخر فيها الفساد وتضفي شرعية على الاستبداد. وكان التأثير الأقوى في تلك الدول لأجهزة المخابرات الأجنبية والشركات العالمية التي كانت تنظم الإنقلابات وتشتري الحكام لاستغلال موارد البلاد وشعوبها.

ملامح هذه الصورة ربما لا تكون غربية علينا، غير أن فاكهتنا لم تكن موزا. فاكهتنا التي تسعى إلى استغلالها شركات عالمية مثل أجريوم الكندية، ولافارج الفرنسية وغيرها هي الغاز الطبيعي. هذه الثروة الطبيعة الناضبة أصبحت رمزا للفساد والاستغلال في بلادنا، حيث تصدر إلى دول أخرى في عقود طويلة الأجل بأسعار رمزية، بينما ترفع أسعار الوقود ومعها جميع الأسعار على سلع الفقراء في بلادنا، وأمثلة ذلك المعروفة حتى الآن هي عقود التصدير مع إسرائيل وإسبانيا والأردن، كما أن هذه السلعة – مع انخفاض أجور العمال في مصر – هي التي جذبت إلينا شركات الأسمنت والسماد مثل لافارج وأجريوم، لتحصل على ما تحتاج من الغاز الطبيعي رخيصا وتضخه في الأسواق الخارجية في صورة أسمدة وأسمنت بينما لا يستطيع الفقراء في بلادنا بناء منزل أو الحصول على شقة صغيرة فيتكدسون في الأحياء العشوائية والمقابر، ويعيش أطفالهم مشردين ينامون على أرصفة الشوارع، كما لا يستطيع فقراء الفلاحين أن يجدوا الأسمدة الضرورية لزراعة أراضيهم بأسعار يستطيعون تحملها ويلجأون إلى شرائها بأضعاف الثمن من السوق السوداء، ناهيك عما تسببه هذه الشركات والصناعات من تلوث للبيئة بما يهدد حياة الإنسان والحيوان والنبات.

راهنت هذه الشركات في مصر على السلطة المستبدة وعلى فساد الكبار، وحقق بعضها مثل شركات الأسمنت أرباحا هائلة فيما تطمع شركة أجريوم الكندية أن تنشئ في رأس البر المشروع الأكثر ربحية في العالم على جثث الدمايطة، وتصر على تحدي إرادة شعب دمياط الذي أعلن رفضه للمشروع بكافة الوسائل السلمية، مراهنة بالتأكيد على قدرتها على كسب دعم السلطة وتأييدها رغم أنف الجميع. كل هذه الملامح المشتركة بين جمهوريات الموز ومصر تجعلنا نستطيع – دون أي تجاوز للمنطق – أن نصف مصر بأنها أصبحت "جمهورية الغاز" ، رغم تاريخها ومؤسساتها وما كانت تتمتع به من تأثير إقليمي وما كانت تطمح إليه من تقدم ورخاء.

الأمر الذي يلفت الانتباه رغم ذلك أن جمهوريات الموز لم تعد كذلك تماما، فقد تحول بعضها من حكم العصابات والشركات الأجنبية وأجهزة المخابرات إلى دول ديمقراطية تضع لنفسها مشروعا حضاريا وطموحا سياسيا يتحدى إرادة أكبر دولة في العالم ومؤامراتها. فقد تولى هوجو تشافيز رأس السلطة في فنزويلا وقام بتأميم الشركات الاحتكارية الأجنبية وزيادة الضرائب على شركات النفط وتعظيم إيرادات الدولة واستخدامها في رفع مستوى معيشة الفقراء في بلاده وتحسين التعليم والخدمات الصحية. واستطاع تشافيز أن يكسب حب وتأييد الشعب في بلاده حتى أن المخابرات الأمريكية التي تعودت على تدبير الإنقلابات في تلك الدولة للسيطرة على حكمها ومقدراتها فشلت في آخر انقلاب نظمته ضد تشافيز الذي عاد للسلطة بإرادة شعبه وقوة هذا الشعب. دولة أخرى صغيرة مثل بوليفيا استطاعت في انتفاضة شعبية مجيدة أن تتخلص من الديكتاتور الموالي للولايات المتحدة بعد قيامه بخصخصة شركتي الغاز والكهرباء، وأن تأتي برئيس ديمقراطي منتخب اشترطت عليه تأميم الشركتين والعمل لصالح البلاد وليس لصالح الشركات الأجنبية، كذلك الأرجنتين والإكوادور وغيرها شهدت هذا النوع من الانتخابات الديمقراطية والانتفاضات الجماهيرية.

وهنا فارق جوهري بين مصر وبعض جمهوريات الموز سابقا، حيث أننا لم نكن سابقا جمهورية الغاز وإنما أصبحنا كذلك، وحيث أن أمامنا طريق طويل حتى نحرز ما أحرزته تلك الشعوب، ولكن النموذج الذي قدمته تلك الدول يعني أن الأمل قائم في التغيير مهما دارت علينا الدوائر ومهما طال بنا الزمن.





#رمضان_متولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأزق المبرراتي
- نماذج من الإضراب الجماهيري(3)
- ضد العولمة
- ما هو البديل؟
- نماذج من الإضراب الجماهيري (2)- تأليف توني كليف
- نماذج من الإضراب الجماهيري - تأليف توني كليف
- بلادنا رغم أنف الحاكمين
- المحلة ورهان السلطة
- التنكيل بالمحلة لإرهاب الفقراء
- 6 أبريل على بوابة الأمل
- ثقوب في قبضة -الأخ الأكبر-
- عذرا يا شيخنا – نرفض الشهادة!
- رأسمالية وطنية وأخرى تابعة!
- معادلة الحرية
- لن نتسول حقوقنا يا رئيس الوزراء!
- قيادة نقابية أم موظف في جمعية دفن الموتى؟
- أبطال المعارك الوهمية
- الشرعية والقانون
- كاليجولا يحاصر الهواء
- حكومة رجال الأعمال لن تحمي مصر من استيراد التضخم


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - جمهورية الغاز