أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إسلام يوسف - الإنتحار كفعل إرادى فى مواجهة لا إرادية و لا أدرية العالم















المزيد.....

الإنتحار كفعل إرادى فى مواجهة لا إرادية و لا أدرية العالم


إسلام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2306 - 2008 / 6 / 8 - 05:21
المحور: الادب والفن
    



أنا وجيه غالى و ماياكوفسكى و سيلفيا بلاث و إرنست هيمنجواى و فيرجينيا وولف و فان جوخ و آن سكستون و نيتشة و إنجبورج باخمان و فروغ فرخذاد و يوكيو ميشيما و آرثر كيسلر و داليدا و بوب مارلى.....إلخ إلخ

أنا كل هؤلاء..أعيش بلعنة الإنتحار..مهمل تستدلون عليه بظل
إن الإنتحار فى هذه الحياه ليس بالغ الصعوبة..إن بناء الحياة كما أعتقد هو الأصعب
عالمنا ليس معداً من أجل المرح..حياتنا تحتاج لإعادة ترتيب

الإنتحار ليس فعلا فسيولوجيا فقط، ما يميز الإنتحار عن الموت الفجائى و الطبيعى هو أن له طرق عديدة فى التطبيق، لمجرد أننى تشبعت بفكرة الإنتحار لا يهم بعد ذلك، الإنتحار الفسيولوجى يوازى الإنتحار السيكولوجى بالنسبة لى
هناك أناس منتحرين بيننا(فتش عن المنتحر) ستجده فى أشخاص لا يتخطون عتبة دائرتك المغلقة.

يلحُّ علىّ سؤال، يطرق رأسى بمطرقة عنيفة دقات متتالية مستمرة لا يصيبها الوهن: ما الذى أفعله هنا؟.... أمامى لوحات بيضاء لم تملأ بعد، ألوانى المائية و ألوانى الزيتية و أقلام الفحم و فرشاتى الممزوجة بالتربنتين..كلهم ينتظرون إشارة البدء
أوراق بيضاء كثيرة كثيرة تملأ الحجرة، قلم لا تستعصى عليه الكتابة، أوراق كثيرة حبّرتها
أحضر حفلات الأوبرا و أستمع إلى الموسيقى الكلاسيكية و الميتال و الهيب هوب و الجاز و الراب. قاعات السينما مازالت مفتوحة..هل أميل إلى الأفلام الرومانسية أكثر أم لأفلام الرعب أم لأفلام الحرب و الأكشن..أداء روبيرت دى نيرو ما زال يحيرنى و مارلون براندو يفتح عينى على إتساعها، تلال من الكتب تغلف الجدران مستلقية فى كسل تنتظر أيادى تشفق عليها

كأسك أيتها الأشياء الرائعة فى العالم، لقد لوّنتى فيلم حياتى الأبيض و الأسود بألوان مبهجة...ثم ماذا بعد ذلك؟!..هل أمثل فى مسرحية هزلية؟!!!!!! كَدُمية ماريونيت لم تحفظ دورها الغاية فى البساطة و السهولة ..و لكنها معلقة بخيوط واهية، تتلاعب بها يدٌ غير جديرة باستلاب الحركة

فى حالة إنتظار أبدىٍّ لا يمل من ترقب ما سيحدث، متأملاً فى غضب صور الماضى المتعاقبة من ذاكرة لا تهدأ و لا تكل، أقف بقدم ثابتة على أرض طينية لزجة تغوص فيها قدماى أو أسير على بحر أمواجه تصطخب فى عنف.

دون كيشوت ساذج يترنم بأغنية مثالية لكلمات لم يغنها أحدٌ بعد، سيف من خشب و طواحين متوقفة عن العمل من القرون الوسطى لا تسعفها الرياح على الدوران، حصان نتئت عظامه و لا يجد ما يقتات عليه، أراضى مفتوحة ممتدة بإمتداد البصر لا تُحَد، يجرى حصانى لا يوقفه الكلأ اليابس من حرارة الشمس و المحروق من أثر حروب دارت منذ زمن

أتحسس جسدى بالليل لأتأكد أننى لم أزل مكسوّ باللحم و لم أتحول إلى جسدٍ هشٍ من الأوراق، أتنشق أوراق، أستمع إلى حفيف الأوراق، أتذوق الأوراق، أتنفس أحباراً تنبعث من أوراق، أهضم أوراقاً، فضلاتى أوراق..أوراق..أوراق..أوراق..هنا و هناك فوق و تحت و عن يسارى و عن يمينى، جدران من الأوراق، مكتب من أوراق، منضدة للطعام من أوراق، أطباق من الأوراق، طعام من الأوراق...أوراق ..أوراق..أتحسس جسدى مرة اخرى
موبايل من ورق..أكلم أصدقاء ورق، كمبيوتر ورق، فيس بوك ورق، ..ورق إفتراضى، وول ورقى، فن وول ورقى، سوبر وول ورقى، صنوق بريد ورقى، أصدقاء ورق...حياةٌ تنزح نزوحاً إلى الورق و تفترض الحروف و الكلمات و الأصدقاء و المجتمع..هل أهرب من واقع يصطنع نفسه إلى واقع مُفتَرَض فى ذاته؟

يعتصرنى هاجس الإنتحار و يلح على تفكيرى، يملأ مسام جسدى و يبعث بها التسمم البطىء الموحى بوأد فعل الحركة فى الزمن، التعاقب لفظة حذفت من قاموسى، يتوقف الزمن لاماضى لا مستقبل، زمنٌ واحد يدق على باب الحجرة، ليست دقات متتالية، هى دقة واحدة متصلبة على غشاء أذنى، أتوجس من فتح الباب فأربض بجانبه أسده بكتلتى التى تملأ فراغاً لابد له أن يمتلىء..و بين هاجس مميت و توجس مرعب أسلِّى نفسى بشفرة موسىّ حادة أقطع بها جلدى و أتلذذ باللون الأحمر
هذا هو ما أدعوه العضو المنتسب..يتسلى حتى يصبح مؤهلاً تأهلاً كاملاً ليحوز كارنيه العضوية ويصبح عضواً عاملاً..عند ذلك و عند ذلك فقط لا يستطيع أى مخلوق أن يمنعه

كيف لكم أن تنقذوا الآخرين و أنتم غير قادرين على إنقاذ أنفسكم
الأرض مغلفة بالدم و الظلام و جبال الجليد تتجه إلى القلب
ليس الموت هو الذى يتهددنا فى كل خطوة نخطوها ..لكنها الحياة

أحتاج إلى تكنيك لا تغلفه الشفقة

أحياناً ما أتساءل لماذا معظم حالات الإنتحار بقطع شرايين الرسغ تكون فاشلة فيلحقون المنتحر فى آخر لحظة؟
ألا تكفى الدماء المصبوبة من جسده لكى تنفصل الروح؟ تك تك
جرعة كبيرة من الحبوب المهدئة أحياناً ما تكون غير فاعلة
أو أنبوبة الغاز ما أدرانى أنها تكفى، ممكن أن تكون فارغة أو نصف ممتلئة
أحياناً ما أحس أن رائحة الغاز تشكل لدى إدماناً كرائحة الدوكو
فى الأفلام القديمة و الحديثة التى تتحدث عن حقبة رومانية أو أساطير يونانية، دائماً ما يستعين المنتحر بشخص آخر كى ينقله بسهولة إلى العالم الآخر..لماذا لم يشكر يوليوس قيصر صديقه بروتوس؟..مفضلا كلمة: حتى أنت يا بروتوس
ليس معى ترخيص حمل أسلحة..........هل أنتظر الإنتحار فى كابوس مرعب؟

المنتحر ليس جباناً، إتخذ قراراً حقيقياً فىعالم قراراته باطلة فقام بفعله بجسارة يحسد عليها

جلسة يوجا...نعم جلسة يوجا هو ما يعوزكم، تأمَّل... هل تسير و تتقدم بإرادتك؟ أنت ترس صغير فى آلة فى مصنع لا تعلم عنه شيئاً..حتى لو علمت، أنت مجرد ترس لن يتعدى وظائفه..نحن البشر ترسانة من التروس على مر العصور لا تتوقف و لن تسمح لنفسها بالتوقف

أفعالك؟ هه..من العبث أن تسميها أفعالك..أنت فى منظومة يترأسها من هو أقوى منك، لن تقوَ على التمرد سترضخ أو تفتعل الرضوخ، لست أنت من يتحكم بك، طأطأ رأسك و لمع قفاك جيداً...هذا هو دورك
التليفزيون، السينما، الإعلانات المصاحبة، مالك الذى ينتجه عملك سيؤول إلى أشياء لم تخترها أنت..و إنما أملتها عليك منظومة إعلامية

تمردك الوحيد هو أن تنهى كل هذا..لك كل الحق إن فعلت..لن يدفعك شىء لذلك، دافعك الوحيد هو أن ترفض (وجود) لم تختر أن تكونه ب(لا وجود) إخترت أن تكونه

مازلت فى حالة إنتظار مؤرقة عاشها قبلى آخرون لم يموتوا منتحرين، لكن الفكرة كانت تستلبهم، تمرغ رؤسهم فى حمأة رمال غير ساكنة، لم تواتهم الجرأة ..لكنهم عاشوا بها..و لذلك ماتوا فى ظروف غامضة..محمد ربيع، جمال حمدان، بوب مارلى..إلخ إلخ
و آخرون ما زالوا ينتظرون..و هنا يأتى السؤال..ينتظرون ماذا؟
كلهم أبدعوا..كلهم تعذبوا..إنفض عنك اليقين، لا أرض ثابتة تحت قدميك، الريح غير ساكنة و المطلق لم يوجد بعد...إمح يقينك بأنك زائد و غير ضرورى..لا تصغ إلى أفواهٍٍٍ ستقول: لقد إنقضى أمرٌ تافه

إصرخ بصوت لن يصل إلى آذان غير مصغية: إنى أفتقد المعنى
نحن مجرد نقاط سوداء نملأ فراغ الصفحة، إحذف نقطتك بممحاة فاعلة ليصبح بياض الصفحة أكثر بياضاً و نصاعة...لا حاجة إليها كنفاية قديمة فى صندوق القمامة الكونىّ

To Be or not to Be
Be what?
OK, Be Free



#إسلام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عازف البيانو


المزيد.....




- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إسلام يوسف - الإنتحار كفعل إرادى فى مواجهة لا إرادية و لا أدرية العالم