أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - طلال الغواّر - المعاهدة...وثيقة استعباد واحتلال دائم














المزيد.....

المعاهدة...وثيقة استعباد واحتلال دائم


طلال الغواّر

الحوار المتمدن-العدد: 2310 - 2008 / 6 / 12 - 10:36
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


لم تكن المعاهدة التي تنوي (الحكومة العراقية ) إبرامها مع الولايات الأمريكية ,نتاج ظروف وأوضاع مستجدة ,دفعت بالطرفين إلى كتابة مسودتها ,ومن المزمع التوقيع عليها نهاية شهر تموز المقبل ,بقدر ما هي إلا حالة تتويج لمشروع الاحتلال وقطف ثمار ما قام به من ممارسات إجرامية وإجراءات تعسفية بحق العراق والعراقيين ,بدءا من تقويض أسس الدولة العراقية ومرتكزاتها , وتشكيل الحكومات المتعاقبة والقائمة كما هو معروف على المحاصصة الطائفية , وما تمخض عن ذلك من فوضى مدمرة انسحبت إلى ابسط مفاصل المجتمع العراقي ,ليبدأ بمرحلة لاحقة بعد توقيع هذه المعاهدة , التي تحمل أبعاد سترتيجية خطيرة تهدد مستقبل العراق المنطقة برمتها
لكن ذلك لا ينفي من أن هناك عوامل أخرى دفعت بالطرفين إلى اختيار التوقيت والإسراع في إبرامها ,فحالة الرفض الشعبي للاحتلال وافرازاته وتداعياته والذي تجلت صوره في المقاومة الوطنية العراقية التي أقضّت مضاجع قواته وما ترتب عن ذلك من قتل الآلاف من جنوده والخسائر التي منيت به آلته العسكرية واستنزاف قدراته المادية,فقد استطاعت المقاومة العراقية إن تعيق وتعرقل الكثير من برامجه وإرباكه مما حدا به إن يغير من برامجه السياسية وأساليبه وتأجيل البعض منها ,فضلا عن اتساع دائرة المطالبة الدولية والداخل الأمريكي بالانسحاب من العراق ,لتضع المحتل والمتحالفين معه في المأزق الصعب ,فوجد بالإسراع في عقد هذه الاتفاقية مخرجا من هذا المأزق ,ليظهر بوجه أخر وأساليب أخرى في تنفيذ حلقات مشاريعه ومخططاته.

إن قراءة سريعة لما تضمنته هذه المعاهدة وكما تناقلتها وسائل الأعلام المختلفة ,تؤكد أنها ليس إلا وثيقة استعباد وتكريسا لاحتلال دائم للعراق ,فأرض العراق وسماءه ومياهه ,ستظل بموجب هذه المعاهدة تحت هيمنة القوات الأمريكية,وإعطاء هذه القوات الحصانة الكاملة التي تطلق يدها كيفما تشاء في قتل واعتقال العراقيين ,وبناء السجون والمعتقلات ,فضلا عن الهيمنة الاقتصادية من خلال إطلاق يد الشركات الأمريكية بالسيطرة على منابع النفط العراقي في حالة الاكتشافات الجديدة في ارض العراق والتصرف بمواردها ,ومن بين بنودها حماية (الحكومات العراقية )من أي ( عدوان) خارجي وداخلي, وكأنه قد ضمن إن الحكومات القادمة ستظل في دائرة التبعية والعمالة له ,وإزاء هذه الصورة فأن العراق يبقى محتلا وفاقدا لاستقلاله وسيادته وأمنه الوطني ,فوجود القواعد العسكرية الأمريكية ,لا تنحصر مهمتها في سلب إرادة العراقيين واستباحة الأمن الوطني للعراق فحسب بل تشكل تهديدا لمنابع النفط العربي وبالتالي تهديدا للأمن القومي العربي, ولعل (مشروع الشرق الأوسط الكبير)يشكل احد الركائز الرئيسة لهذه الاستراتيجية,والذي يتجلى فيها الترابط العضوي للمشروع الصهيوني بالمشروع الأمريكي ليشكلا مشروعا موحدا,يهدف إلى إلغاء الجغرافية الحضارية والتاريخية والثقافية للمنطقة العربية وخلق علاقات تقوم على أساس الجغرافية السياسية الاقتصادية شرق أوسطية.
وإذا كانت (الحكومة العراقية) قد شاركت في كتابة مسودة هذه المعاهدة وعملت جاهدة على تهيئة الأوضاع لتصديقها ,فأنها مرغمة على ما تقوم به , لا لأنها خاضعة لهيمنة المحتل وإرادته كما هو معروف ,وإنما تدرك جيدا إن وجودها مرهون بوجود المحتل,فهي ترى في هذه الاتفاقية ضمان لاستأثارها ( بالحكم), ويدونه لا وجود لها , فهو الذي جاء بها وفرضها على الشعب العراقي تحت غطاء ( الديمقراطية ) المزعومة,وان القوى السياسية المكونة لها غير واثقة تماما من إن المستقبل لم يكن لصالحها أبدا , وليس لها إلا الاحتماء بسيدها المحتل والخضوع لإرادته وبما يملي عليها من شروط ومواثيق . وما نسمعه اليوم من أن بعض الأطراف الحكومية تحاور الطرف الأمريكي بشأن تعديل هذه الفقرة أو تلك وتغير صيغ بعض فقرات هذه الاتفاقية , ليس إلا شكل من أشكال التضليل والمناورة ومحاولة لامتصاص نقمة الشارع العراقي بعد إن وجدت دائرة الرفض الشعبي تتسع يوما بعد الأخر لهذه الاتفاقية ,وتظهر نفسها وكأنها حريصة على مستقبل العراق وأمنه وسيادته ,وأحيانا أخرى تتذرع بحجة إن خروج العراق من البند السابع من قرار مجلس الأمن لا يمكن إن يتم دون تصديق هذه المعاهدة ,في حين إن البند السابع قد انتهى مفعولة منذ أمد , بالرغم من إن ما جاء به قد اعتمد على ادعاءات اثبت بطلانها وزيفها وبإقرار من الهيأت الدولية المختصة .
إن الشعب العراقي وبعد هذه السنوات العجاف من الاحتلال , وهو يدفع ثمن حريته وكرامته من دم أطفاله وشبابه ونساءه ويتعرض يوميا إلى السجن والاعتقال والتهجير والتشريد,والنهب المستمر لثرواته الطبيعية , وسرقة تاريخه المتمثل بالمواقع الاثارية المنتشرة على ارض الرافدين في شماله ووسطه وجنوبه , لا خيار له اليوم إلا الرفض المطلق لهذه المعاهدة المشئومة ,التي تكبله بقيود العبودية, وتبقي بلده في دائرة التبعية المقيتة, وما الدعوات التي يطلقها البعض سواء كانت بنية صادقة أو بغيرها , بشأن التصويت الشعبي وتخيير الشعب العراقي بقبول أو رفض هذه المعاهدة , فان هذه الدعوات تندرج ضمن سياقات خارجة عن الموقف الوطني , فالموقف الوطني الحقيقي لا يمكن له إن يتجزأ, فالشعوب دائما تتوق الى الحرية وتقاتل وتقاوم من اجل سيادتها واستقلالها, ولا يجوز التخيير لها بين الحرية والعبودية , فالشعوب لا تخير في هذا الأمر فخيارها دائما هو الحرية والكرامة...



#طلال_الغواّر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة في العراق ووهم الحرية
- قلاع مكتنزة بالشموس
- احجار الغياب
- هكذا تسمى الاشياء بغير اسمائها
- الطاعن بالحب والاقاصي
- احلام في غيمة
- الخروج من التاريخ
- وداعاايها الشاعر الرائع وليد دحام
- اقفوا هجرة الطيور الى العراق
- انهم يفخخون الحرية
- الاطفال يبتكرون الصباحات
- لاتعد خطواتك بالارقام
- انهم مهزومون


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - طلال الغواّر - المعاهدة...وثيقة استعباد واحتلال دائم