أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - عبدالنبي العكري - الديمقراطية المعاقة في الخليج















المزيد.....


الديمقراطية المعاقة في الخليج


عبدالنبي العكري

الحوار المتمدن-العدد: 715 - 2004 / 1 / 16 - 07:57
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


قاومت الأنظمة الخليجية الحاكمة قيام قوى اجتماعية مستقلة عن الدولة، فحرّمت الأحزاب السياسية والنقابات، باستثناء الكويت  التي شرّعت للنقابات من ضمن متطلبات قيام دولة الاستقلال والبحرين  مؤخرا بعد عملية الانفتاح (1)، وحتى الآن فان الأحزاب ممنوعة قانونا وعندما تعاطى الحكم في البحرين مع التنظيمات الحزبية، كأمر واقع شرع لها كجمعيات نفع عام وليس كأحزاب(2).


يستند الحكم على قاعدة هذه التضامنيات التقليدية  الممثلة في مؤسسات الدولة ويعتمد قوة حضورها على قربها أو بعدها من الأسرة الحاكمة وتشكل التضامنيات القبلية أهمية خاصة في المؤسسة العسكرية والأمنية والتي هي سند النظام الأساسي والأخير لفرض سيطرته بعد استنفاذ الوسائل الأخرى، وفي أوقات الأزمات.
ونلاحظ أن الأنظمة الخليجية تقيم وتحافظ على توازن قلق ما بين مختلف التضامنيات وتشجعها على التنافس في التقرب إلى النظام دون أن تسمح لأي منها تجاوز دورها.(3)
1- اختيار وتوظيف القيادات السياسية والإدارية من بين التضامنيات في المراتب العليا مع توظيف الكفاءات في المراكز الوسطى.
2- إغواء قيادات المعارضة واحتوائها في ترتيبات الوضع القائم بمنحها بعض المراكز القيادية   أو فتح مجالات الأثرا على حساب الدولة.
3- التحالفات المؤقتة التي تعدها الأسر الحاكمة أو أعطاء الحضوة بعض القوى مقابل حرمان القوى الأخرى.
 
التقليدية والمؤسسات الديمقراطية
مع تسليمنا أن المؤسسات الحديثة وهي المؤسسات التي يستند إليها النظام الديمقراطي من أحزاب ونقابات وجمعيات ومجالس تمثلية (برلمانية وبلدية وغيرها)، منبثقة من ا لتركبية التقليدية للمجتمع وان كانت تطرح برامج وأهداف التجاوز هذا الواقع. إلا أننا نلاحظ أنه غالبا ما تخترق هذه التضامنيات التقليدية هذه المؤسسات وتتكرس تحالفات داخلها.
إن أقدم أشكال المؤسسات الحديثة في المجتمع الخليجي هي الأندية، وقد بدأت الأندية أدبية-دينية، ثم تطورت إلى جمعيات أندية ثقافية ورياضية، وبعضها تخصصية (الخريجين، النساء...الخ)، ثم تداخلت معها في مرحلة ثانية بتشكل الجمعيات بمختلف أنواعها (المهنية، والنسائية، والتخصصية).
ونلاحظ في عدد من الحالات هيمنة فئة مذهبية أو قبلية أو اثنية معينة على ناد أو جمعية، كما نلاحظ تنافسا بين هذه المجموعات داخل المؤسسة الواحدة وإذا كانت الأندية والجمعيات قد لعبت دورا مهما في الدمج الاجتماعي فإنها بعضها لم تتجاوز التقسيمات المذهبية والقبلية.
بالنسبة للتنظيمات الحزبية فقد كانت ـ باستثناء التنظيمات الإسلامية فإنها كانت ـ محرمة، وتعمل تحت الأرض ونخبوية، وباستثناء فترات قصيرة، وفي بلدان محددة، حركة الاتحاد الوطني في البحرين (54-1955م) وحركة القوميين العرب في الكويت (62-1967) فان التنظميات الحزبية لم تكن جماهيرية.
ويمكننا القول أن الأحزاب، بغض النظر عن اتجاهاتها قد أسهمت في بلورة الوعي الجديد للطبقات الاجتماعية الجديدة ومحاولة وتجاوز البنية والفكر التقليدي، ولكن إلى حين فمع دخول حقبة السبعينات وتراجع المد القومي واليساري، مترافقا مع ما عرف بالفورة النفطية، فقد شجعت الأنظمة الخليجية نمو التيار الإسلامي الذي أقام مؤسسات متفرعة مثل الجمعيات والصناديق الخيرية، والمدارس والمعاهد، وتغلغل في المجتمع والدولة. بل أن الأنظمة الخليجية غضت النظر عن وجود تنظيمات إسلامية سياسية كالإخوان المسلمين والسلف، والأخوان الجدد، انتصار الثورة الإيرانية نشط التيار الإسلامي الشيعي في الخليج، وكان في وضع مزدوج من حيث طموح تيار منه لإقامة جمهورية إسلامية على غرار إيران وتيار تقليدي آخر يعمل لتعزيز وضع الشيعة في المعادلة السياسية ومنذ ذلك الحين ونحن نشهد تأطيراً للطوائف والمذاهب في تنظيمات حزبية، تتركز في الجمعيات وهو الشكل المسموح به في الكويت والبحرين وان كانت البحرين قد خطت خطوة أخرى بالسماح بالجمعيات السياسية وأضحى للطوائف والمذاهب جمعيات دينية وجمعيات سياسية.(4)
 
الاستقطابات الطائفية والقبلية في المؤسسات البرلمانية
عكست الاستقطابات القبلية والطائفية والاثنية نفسها في بناء المؤسسة الديمقراطية الأهم البرلمان وكذلك في المجالس البلدية، ففي الكويت وهي الأقدم في التجربة البرلمانية والمجلس البلدي المنتخب تخاض الانتخابات ليس من قبل مجموعات سياسية حديثة بل في غالبيتها من قبل تضامنيات تقليدية. وهناك تقليد أضحى راسخاً وهو إجرء الانتخابات الفرعية من قبل ناخبي القبيلة، لتصفية المنتافسين وتبني القبيلة لمرشح واحد في الدائرة المعنية. ورغم تحريم ذلك قانونا إلا انه واقع معاش وحسب د. خلدون النقيب([1]) فان الكتل النيابية في مجلس الأمة الخامس (81-1984) تتوزع على التضامنيات التقليدية كما يلي:
1- المؤسسة القبيلة 27 نائبا (العوازم، مطير، العجمان، الرشيد، العنوز، الطفير، الفضول).
2- التجار 14 نائبا للتيارين المحافظ والإصلاحي.
3- التيار الديني الشيعي 5 نواب (للشيعة المعتدل والمتشدد).
4-  التيار الديني السني 4 نواب مناصفة للإخوان المسلمين والسلفيين.
5- الطبقة الوسطى 6 فازوا بصفتهم القبيلية.
6- العمال: لا أحد.
 
معارضة الإسلام بالديمقراطية
دأبت المؤسسة الدينية في منطقتنا بطرح تعارض الإسلام بالديمقراطية باعتبار الأخيرة مستوردة من الغرب. وعلى ضد من التحالف بين المؤسسة الحاكمة والمؤسسة الدينية، فقد وجدت المؤسسة الحاكمة في هذا الطرح تبريرا شرعيا،لتغييب الديمقراطية وتسويفاً لها في استبدادها، كما أن الطرفين استخدما في هذا الطرح في مواجهة تيار التحديث وقوى الديمقراطية.
لكن حدوث تطورات وبروز ظروف اقتضت تطوير النظام السياسي بتبني الديمقراطية الشكلية وفي ذات الوقت ، فقد طورت المؤسسة الدينية في هذه البلدان أطروحتها في تبني ديمقراطية انتقائية تتفاوت من بلد لأخر ومن تيار ديني لأخر وأهمها:
أ) أضحى التيار الديني، السني يقبل بالنظام الديمقراطي ولكن بمرجعية إسلامية كما يفهما.
التيار السلفي وهو يعتبر الخيار الديمقراطي القبول بضرر اصغر لدفع ضرر اكبر وفي هذا الصدد فان التيار السلفي في البحرين والكويت يحرم مشاركة المراة في الانتخاب والترشيح للانتخابات البرلمانية، والبلدية والحزبية أو تسنم مسؤولية في المؤسسات الأهلية مثل الجمعيات. 
تيار آخر (الأخوان المسلمون مثلا) يقبل بالنظام الديمقراطي بمشاركة المراة السياسية ولكن ليس إلى حد ترشيحها للانتخابات البرلمانية أو البلدية ، ومع توظيف مشاركتها في الانتخابات لإنجاح مرشحي التيار من الرجال.
التيار الثالث وهو يضم المتنورين ويقبل بمشاركة المراة في الانتخاب ولكن البرلمانية والبلدية والجمعيات الأهلية. وما يجمع هذه التيارات جميعاً، هو معارضتها للقوانين الوضعية خصوصا المتعلقة بالأحوال الشخصية وتقنين الحقوق، واشتراطها أن تكون الشريعة هي مصدر التشريع وأن تتوافق جميع القوانين معها.
 
ب) التيار الديني ( الشيعي)
ويلاحظ أنه في ضوء التمييز ضد الشيعة في المنطقة فأبهم أكثر ميلا إلى قبول النظام الديمقراطي، والتحالف مع القوى الديمقراطية، ومشاركة المراة، وتظل المرجعية الدينية هي مرجعيتهم في النظام السياسي وفي ضوء التجربة الإيرانية، فان نظام الدولة الإسلامي كما يتصورونه يعطى للمراجع الدينية الكلمة النهائية في القرارات وفي بينة الدولة وقياداتها وكذلك في القرارات المهمة من قبل تنظيمات هذا التيار.
وفي الوقت الذي تبنى فيه تيار الإسلام السياسي المرونة في التعاطي مع النظام الحاكم وانطلاقا من مقولة " وأطيعوا أولي الأمر منكم" فإنهم لا يبدون تسامحا مع القوى الديمقراطية وخصوصا اليسارية، تغليباً للخلاف العقائدي، إلى حد اعتبارهم ملاحده وكفرة. ان المعضلة الأساسية في التعاطي مع هذا التيار، هو استناده في مرجعيته إلى المراجع الدينية وليس الإرادة الشعبية، وهذا لب الصراع الدائر حاليا في إيران.
 
خطر الرأسمال والأعلام على الديمقراطية
يشكل التجار (قطاع رجال الاعمال) قوة اقتصادية وسياسية كبيرة لها مؤسساتها الفاعلة طوال عقود وتتمثل في غرف التجارة والصناعة وعلاقات الشراكة التجارية والسياسية مع الأسر الحاكمة. ومما يضاعف من قوتهم، تحريم العمل السياسي وضعف تنظيم قوى المجتمع. من هنا فإنه عند إجراء انتخابات نيابية أو بلدية كما في الكويت والبحرين وقطر (بلدية فقط) يحصل التجار على  نصيب الأسد في هذه المجالس.
وإذا كانت الدولة في منطقتنا هي القوة الأولى واللاعب الأساسي المقرر في مسيره الديمقراطية والتمثيل في مؤسساتها ( المجلس النيابي، المجلس البلدي، وغيره) فأن التوجه العام في عصر العولمة، هو تخلي الدولة عن تقديم العديد من الخدمات للمواطن وإرخاء قبضتها على توجيه الاقتصاد وخصخصة قطاعات ومؤسسات تابعة للدولة. إن ذلك يقود فعليا إلى تقوية قوى الرأسمال الخاص (التجار والصناعيين) . وحيث أن معظم وأقوى المؤسسات التجارية والصناعية في منطقة الخليج هي شركات (مقفلة وعائلية) ومع خصخصة الأعلام الحكومي فإن الذي يتمكن ويسيطر عليه هو الرأسمال الخاص،لذى فمن المتوقع أن يكتسب رجال الأعمال نفوذا سياسيا أكبر من ذي قبل. ويبرز خطر تحول الديمقراطية إلى نظام شكلي في جوهره خدمة مصالح الرأسمال الخاص المحلي والأجنبي، خصوصا في ظل نظام العولمة، وليس التوفيق بين مصالح مختلف الفئات الاجتماعية ومراعاتها.
 
الديمقراطية المقفلة
وهو النظام الديمقراطي المحدده أطره مسبقا، وهامش اللعب فيه، والديمقراطية المطبقة في كل من الكويت والبحرين هي بهذا الشكل، فقد جرى وضع دساتير تجعل السلطة التشريعية المنتخبة أضعف حلقة في هذا النظام (الوضع أسوأ في البحرين) وتقييد ممارسة الحقوق للأفراد والجماعات المنصوص عليها في الدستور بقوانين منظمة لها و غالبا ما تأتي هذه القوانين لتسلب هذه الحقوق أو تقزمها.
كما كرست الأنظمة الخليجية أعرافا ليست وارد في الدساتير أو الأنظمة الأساسية وتقوم على إعطاء الأسر الحاكمة دورا متميزا في الحكم والسلطة وحصرت ما يعرف بوزارات السيادة بأفراد هذه الأسر، وحصّنت الوزراء من المحاكمة واعتبرت راس السلطة (ذاتا مصونة) من المساءلة أو حتى النقد في حين أنه على خلاف الديمقراطيات الغربية فانه يتدخل في كل صغيرة وكبيرة في الحكم، وعلى خلاف المفهوم الإسلامي في اعتبار الأرض غير المملوكة مشاعة للناس  أو المفهوم الحديث باعتبارها أرضا للدولة، فقد اعتبرها ملكا للأسرة الحاكمة.
لا ادعي أن لدي وصفة سحرية للخروج من مجتمع الاستلاب إلى دولة الكرامة ومن دولة الاستبداد إلى دولة الحرية ومن النظام الأبوي إلى النظام الديمقراطي المتكافي، ومن انتهاك حقوق الإنسان إلى احترام حقوق الإنسان، ولكن يمكن طرح بعض الأفكار في ضوء تجربة التحول الديمقراطي المحدودة في الكويت والبحرين، والإرهاصات في باقي دول مجلس التعاون.
لاشك أن النضال من أجل الديمقراطية قديم ويعيدها البعض إلى حركة 1938م الإصلاحية والتي أطلق عليها حركة مجالس الشورى المتزامنة في الكويت والبحرين ودبي والتي أجهضت لأسباب عديدة أهمها كونها نخبوية دون سند جماهيري.
وقد تتابعت الحركات التي رفعت شعارات الثورة أو الإصلاح وفشلت الثورة أو التغبير الجذري أو الانقلاب في أكثر من ساحة، ولكنها تركت أثرا على الحاكم وعلى القائمين بها.
وهكذا فان حركة الإصلاح والتي تأتي استجابة من الحاكم لتحرك نخبوي أو جماهيري وحتى اثر ثورة أو انقلاب لم ينجح،قد حققت بعض النجاحات وأن لم تصل إلى مستوى الذي يرقي إلى تطلعات الجماهير والنخب  .
 
أولا: دساتير وأنظمة حكم
إن من أهم الإنجازات في هذا الصدد هو إصدار دساتير في كل من الكويت والبحرين والامارات. إن دستور الكويت لعام 1962 ودستور البحرين لعام 1973، الذي يعتبر نسخة من دستور الكويت، هما ثمرة نضال طويل وتضحيات جليلة، كما أنها دستوران تعاقدين أي ثمرة توافق الأسرة الحاكمة والشعب من خلال ممثليه المنتخبين الذين شاركوا في صياغة هذين الدستورين. أما دستور دولة الامارات العربية المتحدة والنظام الاساس لدولة قطر فهما من استحقاقات الاستقلال في عام 1971م، وبالنسبة للسعودية فقد صدر النظام الأساسي ونظام الامارات في عام 1994م ردا على الحركة المطالبة بالإصلاح السياسي إثر حرب الخليج الثانية.
وبالنسبة لعمان فقد أصدر السلطان قابوس النظام الأساسي لسلطنة عمان والذي يتضمن ونظام الدولة وتقسيم الولايات مجلس الشورى ومجلس عمان واللذان يشكلان عند اجتماعهما المشترك مجلس الدولة.
 
ثانيا: المجالس النيابية 
أما الإنجاز الثاني فهو قيام تجربة برلمانية مستقرة نسبيا في دولة الكويت بدأت بانتخاب المجلس التأسيس في 1962 وهو الذي صاغ الدستور، والذي على أساسه تجري انتخابات مجلس الأمة ( 50 عضوا منتخبا يضاف اليهم الوزراء) بدءا من 1963 كل أربع سنوات، وقد جرى حل المجلس وتعليقه خلال الفترة من (1976-1980) ثم جرى حل المجلس عام 1987م، وتشكل المجلس الوطني محله والذي قاطعه الشعب، ثم جاءت كارثة الغزو العراقي للكويت في عام 1990م، وما ترتب على ذلك من استحقاقات وفي مقدمتها عودة انتخابات مجلس الامة في 1993.
وبالنسبة للبحرين فقد كان دستور دولة البحرين ينص على قيام مجلس نيابي شبيه بمجلس الأمة الكويتي، وهو المجلس الوطني والذي يتكون من 30 عضوا منتخبا في الدور التشريعي الأول ثم 40 عضوا وبدءا بالدور التشريعي الثاني يضاف إليهم الوزراء بحيث لا يزيد عددهم عن 14 وزيرا.
وقد انقطعت التجربة البرلمانية القصيرة في البحرين في 26 أغسطس 1975م، عندما جرى حل المجلس الوطني، وتعليق الانتخابات النيابية لأجل غير محدود واستمر تعطيل الحياة النيابية، حتى العهد الجديد للشيخ حمد بي عيسي آل خليفة في 1999 والذي باشر مشروعه الإصلاحي، وفي  أطار الخطوات الانتقالية العودة إلى الحياة النيابية جرى الاستفتاء على ميثاق العمل الوطني في 14 ـ 15 فبراير 2001 والذي حظى بأغلبية 98.4% و الذي يتضمن في باب التوجهات المستقبلية تعديلات دستورية بحيث تتشكل السلطة التشريعية من مجلسين مجلس منتخب (البرلمان) ويختص بالتشريع ومجلسي الشورى (ويختص بالمشورة) وتغيير مسمى الدولة بما يتوافق عليه الأمير والشعب.
ولقد تسببت الصياغة الغامضة، رغم تأكيدات كبار المسؤولين بعدم المس بمتكسبات دستور 1973م، أن أقدم جلالة الملك على إصدار دستور مملكة البحرين في 14 فبراير 2002م، والذي تعتبره غالبية القوى السياسية بانه تراجع عن مكتسبات دستور 1973م. ومن ابرز هذه التراجعات كون المجلسين: المنتخب والمعين متساويين في العدد والصلاحيات التشريعية وهو ما يعتبر أضعافا لسلطة الشعب ودوره في إدارة شئون البلاد، وتدخلا من السلطة التنفيذية في  السلطة التشريعية، وإخلالا بمبدأ فصل السلطات واستقلالها. وانطلاقا من ذلك وإضافة إلى صدور العديد من مراسيم بقوانين يعتبر بعضها يحد من الحقوق الدستورية والحريات العامة، فقد قاطعت أربع جمعيات سياسية رئيسية والعديد من المستقلين الانتخابات النيابية بموجب دستور 2002 والتي تمت في  اكتوبر23 والإعادة في 30 أكتوبر 2003م.
جرت الانتخابات النيابية على أساس نائب واحد عن دائرة واحدة يتوجب أن يكون المرشح من  سكنة الدائرة. وعلى خلاف انتخابات 1973م، فقد شاركت النساء إلى جانب الرجال في الانتخاب والترشيح. إن ابرز سمات برلمان 2003 ما يلي:
بسبب رسم الدوائر والمقاطعة، فان تركبية البرلمان لا تعكس التركيبة السكانية والسياسية للبلاد.
غياب المراة تماما عن مجلس النيابي.
غلبة التيار الديني السلفي على المجلس.
إن إجراء انتخابات نيابية  في كل من الكويت والبحرين تقليد مهم لإرساء نظام ديمقراطي كما أن البرلمان هو من المؤسسات الدستورية المهمة في النظام الديمقراطي، ولذا يراهن على استمرار ورسوخ التجربة البرلمانية وإقامة البنية القانونية والمؤسساتيية للنظام الديمقراطي وتعزره من خلال الممارسة ذاتها و إرساء التقاليد الديمقراطية   وبالمقابل فان تدخل الدولة في رسم وتوزيع الدوائر الانتخابية وسياسة التجنيس بهدف التأثير في كتلة الناخبين، ومحاربة التيار الديمقراطي الليبرالي مقابل دعم التيار الإسلام السياسي، وغض النظر عن الانتخابات القبلية التمهيدية في الكويت وعدم حبادية الدولة في المعركة الانتخابية، وغض النظر عن تطبيق  قانون الانتخابات ذاته قد افرز مجلس نيابي (سواء في الكويت أو في البحرين) لا يمثل الشعب بشكل سوي ولا بشكل سلطة تشريعية ورقابية حقيقية  توازن السلطة التنفيذية، كما افرز ظواهر مرضية أخرى مثل ظاهرة نواب الخدمات في الكويت ونواب الصدفة في البحرين.
بالنسبة لقطر فقد جرى الاستفتاء على دستور وضعته لجنة معنية من قبل الأمير يتنظر تصديق الأمير عليه، وتجرى على أساسها انتخابات نيابية مرتقية وقد سبق لقطر أن أجرت انتخابات بلدية شاركت فيها المراة في الانتخاب والترشيح وهو متوقع أيضا في الانتخابات النيابية المرتقبة، علما بأن أي امرأة لم تفز في الانتخابات البلدية.
بالنسبة لسلطنة عمان فقد تطورت تجربة مجلس الشورى في عمان والذي كان يطلق عليه المجلس الاستشاري يستند التمثيل في مجلس الشورى على الولايات حيث قسمت البلاد إلى 39 ولاية لكن مسقط تعتبر محافظة تضم عدة ولايات وكذلك الأمر بالنسبة لظفار ويمثل كل ولاية عضوين، حيث أن مجموع أعضاء مجلس الشورى هو.
أما طريقة اختيار أعضاء المجلس فقد تطورت بدورها، فقد كانت في السابق تتم باختبار السلطان قابوس لأعضاء المجلس، ولكنه جرى تدريجيا إشراك مجموعة مختارة يحددها الوالي في انتخاب أربعة من بين المرشحين، ثم يقوم السلطان قابوس باختيار اثنين من الأربعة.
أما بالنسبة لمجلس الشورى الحالي، وقد أجريت انتخابات عامة ضمت الرجال والنساء وترشيح له الرجال والنساء وبدون تدخل حكومي، فقد فازت امرأتان في عضويته لكن الإقبال على الانتخاب والترشيح كان ضعفيا بسبب عدم حماس الناخبين لمجلس محدود الصلاحيات. 
من الملاحظ في هذا السياق أن إذا كان السلطان قد عمد إلى تعيين نساء في الدورات الأولى  المجلس الشورى، فإن النساء  المعينات في الدورتين الاخريتين خضن فعلا الانتخابات المحدودة ونجحت فيها وهن أربع،
كما تطورت صلاحيات المجلس من مجرد إبداء الرأي فيما تعرض الحكومة إلى استجواب بعض الوزراء .
 
السعودية
استنادا إلى النظام الأساسي للملكة فقد انشأ في المملكة العربية السعودية مجلس شورى يأتي أفراده من مختلف امارات المملكة وعددهم ثمانون، ويتم تعينيهم إضافة إلى رئيس المجلس بمرسوم ملكي وتقتصر صلاحيات المجلس في مناقشة وإبداء الرأي فيما تعرضه عليه الحكومة.
 
الامارات العربية المتحدة
بموجب الدستور المؤقت لدولة الامارات العربية الصادر في 3 نوفمبر 1971م والذي يجرى تمديد العمل به كل أربع سنوات، أقيم المجلس الوطني والذي يضم ممثلي الامارات الست حسب كوتا معنية (أبو ظبي9،  دبي7،  الشارقة5، رأس الخمية 4، أم القيومين 3، الفجيرة 3).
ويتم تعيين الأعضاء ورئيس المجلس بمرسوم في حين يتم انتخاب نواب المجلس وأمانته العامة من قبل الأعضاء.  ويناقش المجلس ما يحال اليه من قبل الحكومة من قوانين وغيرها ويصدر التوصيات بشأنها لكنها غير ملزمة للحكومة.
لقد ساد التفكير الرسمي لدول مجلس التعاون الخليجي (باستثناء الكويت) أن مجالس الشورى هي المناسبة لطبيعة المجتمع والنظام السياسي في بلدانها. وتطوير هذه المجالس تدريجيا كما حدث في عمان. وبالمقابل فإن السائد في تفكير النخب السياسية والثقافية وتنظيمات وشخصيات المعارضة هو المطالبة بمجالس نيابية منتخبة من قبل جميع المواطنين رجالا ونساء!
وإذا القينا نظرة سريعة فإننا نلاحظ أنه حتى بالنسبة للكويت والتي تعتبر طليعية في تبنيها النظام البرلماني، فقد وضعت قيود على الناخبين والمرشحين حيث حرمت المراة من حق التشريح والانتخاب، وحصر الترشيح والانتخاب في الكويتين من الدرجة الأولى أي حرم المتجسنون أي مواطني الدرجة الثانية من هذا الحق ولا يزال الأمر كذلك. وبالنسبة للبحرين والتي أقامت تجربة برلمانية قصيرة (ديسمبر 1973-أغسطس 1975)، فقد حرمت المراة حق الترشيح والانتخاب.
وبعد حل للمجلس الوطني المنتخب في 1975، أقدم الحكم في ديسمبر 1992 على تشكيل مجلس الشورى المعين بالكامل (40عضوا) وظلت طروحات الحكم تستند إلى تطوير مجلس الشورى. وحتى بعد طرح المشروع الإصلاحي لجلالة الملك  فإن المجلس الوطني المشكل من كل من مجلس النواب  ومجلس الشورى هو فعلا تطوير وليس قطيعة مع مجلس الشورى، خصوصا أن رئيس مجلس الشورى هو الذي يرأس الاجتماع المشترك للمجلسين في صيغة المجلس الوطني.
ويبدو أن صيغ مجلس الشورى والمجالس المختلطة من غرفتين ومجلس النواب المختلط (نواب منتخبون ووزراء نواب) ستستمر في التعايش حتى تحسم الأمور
 
مجلس التعاون الخليجي
بناء على قرار قمة لرؤساء دول مجلس التعاون في تشكل المجلس الاستشاري جرى تشكليه من ستة ممثلين لكل دولة، يتم اختيارهم من قبل دولهم ولمدة أربع سنوات، ويقتصر دور المجلس على إبداء الرأي فيما يحال له من الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي  لا يملك مقرا دائما ولا يجتمع دوريا، بل يعقد اجتماعاته بناءا على التشاور وبدعوة من الأمانة العامة لمجلس التعاون التي تحيل إليه ما تراه مناسبا ليناقشه ويبدي الرأي فيه ولكن ليست قرارته ليست ملزمة.
هناك مطالب متزايدة من قبل النخبة السياسية والثقافية بتطوير وضعية المجلس الاستشاري بحيث يتم انتخاب ممثلي كل بلد من قبل مجلس الشورى أو البرلمان الموجودة في ذلك البلد كمرحلة انتقالية.
وهناك من القوى والشخصيات السياسية من يطرح ضرورة قيام مجالس نيابية منتخبة بالكامل في جميع دول مجلس التعاون، وانبثاق مجلس نيابي خليجي عنها والطموح هو الإقتداء بالبرلمان الأوربي الذي تتمثل فيه الدولة العضو حسب ثقلها السكاني، ويتم انتخاب أعضائه في انتخابات حره مباشرة في البلدان الأعضاء  في فترات متقاربة وتجرى كل أربع سنوات.
 
 
* عضو جمعية العمل الوطني الديمقراطي / عضو الجمعية البحرينية للحقوق الإنسان
 



#عبدالنبي_العكري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التنظيمات اليسارية في الخليج
- الأنظمة الاستبدادية ترفض الانضمام للمحكمة...
- أمريكا دولة خارجة على القانون الدولي
- الجمعيات والمؤسسات الأهلية والخروج من دوامة الصراعات


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - عبدالنبي العكري - الديمقراطية المعاقة في الخليج