أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - تاج السر عثمان - المتغيرات في الاوضاع المحلية والعالمية بعد المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي السوداني(اكتوبر 1967)















المزيد.....



المتغيرات في الاوضاع المحلية والعالمية بعد المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي السوداني(اكتوبر 1967)


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 2303 - 2008 / 6 / 5 - 10:24
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


اولا:المتغيرات في الوضع الدولي.
مضت 40 سنة على انعقاد المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي السوداني، الذي صدرت عنه وثيقة ( الماركسية وقضايا الثورة السودانية) ، وهو عنوان تقرير المؤتمر الذي غطى الفترة : 1956- 1967 ، تناول التقرير المشاكل التى واجهت الحركة الثورية السودانية على الصعيدين المحلي والعالمي في تلك الفترة ، وبطبيعة الحال ، لايمكن النظر لوثيقة ( الماركسية وقضايا الثورة السودانية) خارج السياق التاريخي ، فقد تناولت قضايا شاخت وتخطاها الزمن ، ولكن يبقي منهجها الايجابي الناقد الذي تناولت به احداث تلك الفترة ، فكما هو معلوم ، فان الجديد لاينفى القديم عدميا ، ولكنه يستند على أفضل ما في القديم ، وفي تطور حلزوني ، كل حلقة جديدة فيه تستند على ايجابيات الحلقات السابقة.
الظروف التى صدرت فيها الوثيقة كانت على الصعيد الدولي تتميز بالمواجهة بين النظامين الرأسمالي والاشتراكي والنهوض في حركات التحرر الوطني ، وبروز ظاهرة البلدان المتحررة والمستقلة واتجاهها للسير في طريق مستقل ، كما شهدت تلك الفترة نمو وتطور ظاهرة الاستعمار الحديث بعد ان أفل نجم الاستعمار القديم وشكله البشع لاستغلال واضطهاد الشعوب ، وفي ظروف تزايدت فيها عدوانية الاستعمار الامريكي (الحديث) وتصدير الثورات المضادة للبلدان حديثة الاستغلال ، وفي ظروف واجه فيها المعسكر الاشتراكي انقساما قاده الحزب الشيوعي الصيني ضد السوفيت ، وانعكس على الحركة الشيوعية العالمية وقتها .وبطبيعة الحال ، من المتغيرات تجاوز تحليل المؤتمر الرابع لطبيعة العصر والذي اشارت اليه الوثيقة( ان محتوى العصر هو الانتقال من الرأسمالية الى الاشتراكية)، وبعد انهيار التجارب الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي وبلدان شرق اوربا في اوائل التسعينيات من القرن الماضي.
على أن الوثيقة لاحظت الدور الذي لعبه النظام الاشتراكي الذي برز من تناقضات الرأسمالية وانفصل وشكل نظاما جديدا مناقضا أو سار في طريق مختلف وقدرته وقومته تقويما ايجابياوباعتباره كان مكسبا للحركة الثورية العالمية ، وكان يحفظ التوازن الدولي ويغل يد امريكا في الهيمنة علي العالم ، اضافة للمكاسب التي حققتها لشعوبه مثل: الحق في التعليم ، العلاج ، الضمان الاجتماعي،... الخ. كما أشارت الوثيقة الى التباين في علاقة النظام الاشتراكي والرأسمالي بدون العالم الثالث ، وضرورة استفادة دول العالم الثالث من الفرص التى يتيحها وجود المعسكر الاشتراكي والشروط العالة في التعامل والقروض لتخفيف سيطرة السوق الرأسمالية العالمية.
أشارت الوثيقة الى أزمة النظام الرأسمالي ، لكنها طرحت ضرورة عدم التناول السطحي لهذه الأزمة واعتبار الراسمالية نمورا من ورق ، وأشارت الى ضرورة ( الدارسة العلمية الدقيقة للقوانين الباطنية ايضا لكل من النظامين – الرأسمالي والاشتراكي- ومدى تأثيرهما على السياسة الدولية) ( الماركسية وقضايا الثورة السودانية ، 1987 ، ص 19 ).
أشارت الوثيقة الى أن النظام الرأسمالي رغم تفككه ونيل بلدان كثيرة لاستقلالها السياسي ، الا أن انحسار السوق الرأسمالية لم يكن مطلقا ، فقد استطاع وبفضل التكنيك الاحتكاري أن يحقق نموا نسبيا ويستعيد بعض قوته – نمو الاحتكارات اليابانية ، تطور الاحتكارات الألمانية وميلها لامتلاك الأسلحة الذرية).
من جهة اخرى أشارت الوثيقة الى ان التناقضات ناجمة من اتجاه امريكا للهيمنة على اوربا ، وقد تجلت تلك التناقضات في : شعار اوربا للاوربيين ، تكوين السوق الاوربية المشتركة ورفض اشراك بريطانيا حليفة امريكا وشق فرنسا عصا الطاعة على امريكا... الخ.
أشارت الوثيقة الى أن هذا التناقض بين الدول الرأسمالية ( يوفر أمام البلدان الحديثة التعاون الاقتصادي بشروط أفضل) ( ص 20).
كما شددت الوثيقة على أهمية السلم العالمي ودرء خطر حرب عالمية والتعايش السلمي بين الشعوب.
كما رفضت الوثيقة الاستنتاج القائل بضرورة توحيد استراتيجية الثورة استنادا على قاعدة النضال المسلح باعتباره الشكل المطلق في كل الظروف نتيجة لعدوانية الاستعمار ، وأشارت الى أن الثورة لاتصنع بالطلب ولا وفق الرغبات الذاتية ، ولكن تتحقق بتوفر شروطهاالخاصة ولتباين ظروف التطور لمختلف البلدان تتخذ سماتها الخاصة بها.
كما أشارت الوثيقة الى استنتاج الاحزاب الشيوعية حول الانتقال السلمي للاشتراكية خطوة متقدمة ( ص 26) (تطرح الاحزاب الشيوعية امكانية البرلمان ضمن طرق الانتقال السلمي ، فليس هناك ما يمنع في حالة احراز اغلبية ثورية لقيادة الحزب الشيوعي من الانتقال السلمي للاشتراكية). كما أشارت الوثيقة في الوقت ذاته الى ضرورة رد العنف المضاد بعد الانتقال السلمي ، ( ومن العسير وغير السليم رسم اشكال انتقال بعينها للثورة الاشتراكية طالما كانت الثورة الاجتماعية في واقع معين هي انعكاس لذلك الواقع بكل خصائصه المميزة ومؤسساته السياسية الخاصة ومستوى الصراع الطبقي.. الخ).
أشارت الوثيقة الي أن ( تنمية روح النضال بين الشعوب ضد العنف الاستعماري ومواجهة هذا العنف عملية ثورية اكثر تعقيدا والمسألة الأساسية فيها هى تكوين الجيش السياسي القادر على النضال بكافة الميادين السياسية والاقتصادية والايدلوجية وتعبئة قوى الشعب حول قضية الثورة الاجتماعية ، وهذه المهمة تقتضى العمل بين الجماهير والاستناد اليها وتدريبها وتعليمها مختلف اشكال النضال الثوري ، وعندما تنضج الشروط الموضوعية الذاتية ستجد الثورة التعبير الملائم لها في هذا الشكل أو ذلك من اشكال النضال(ص 28).
تناول الباب الثاني من الوثيقة العالم العربي ، اشارت الوثيقة الى ضرورة وحدة القوى الثورية العربية لتأمين سير الثورة الاجتماعية ولتجميع كافة الشعوب العربية لمواجهة الاستعمار الحديث ، وان عدم اكتمال هذه الوحدة كان من أسباب هزيمة 1967م.
كما عالجت الوثيقة معالجة متميزة العامل القومي والبعث القومي للشعوب العربية ، وأشارت الى أنه لن يتم بدون استكمال تحررها السياسي وتطورها الاجتماعي.
وحول الوجود الاسرائيلي أشارت الوثيقة الى الآتي:
- اعادة النظر في قرار تقسيم فلسطين عام 1947م.
- اقامة الدولة الديمقراطية في أرض فلسطين يصحح الوضع الشاذ الذي نشأ منذ عام 1948م.
من نقاط ضعف الوثيقة انها لم تتناول بالدراسة والتحليل الاوضاع في افريقيا ، وكأن السودان فقط جزء من العالم العربي!!.
عالجت الوثيقة دور الديمقراطيين الثوريين من زاوية الثأثير الايجابي ، ولكنها لم تتعرض للجوانب السلبية في تلك التجارب التى تمت بقيادتهم مثل مصادرة الحقوق والحريات الديمقراطية باسم الاشتراكية ،والاستناد على اجهزة الأمن والمخابرات في الحكم بدلا من الاعتماد على الجماهير ، وكان ذلك من اسباب هزيمة نظام عبد الناصر في يونيو 1967 مثلا.
كما اشارت الوثيقة الى اتساع الفكر الاشتراكي في السودان ، والى ضرورة اختلاف مستويات التنظيم لتستطيع كل قوى ان تتطور في حدود امكانياتها ، كما انتقدت الوثيقة فكرة دمج الحزب الشيوعي والقوى الاشتراكية الأخرى واشارت ( أن فكرة الدمج بين الحزب الشيوعي والقوى الاشتراكية الأخرى لاتعنى سوى تذويب الحزب ، اى اغراق دور الطبقة العاملة بين تيارات البورجوازية الصغيرة وحرمان الحركة الجماهيرية من الطليعة السياسية المجربه )( ص 53).
كما أشارت الوثيقة الى اشكال مختلفة لوحدة القوى الاشتراكية في السودان مثل:مع وجود الحزب الشيوعي المستقل وكذلك القوى الاشتراكية الاخرى يتم التنظيم في عمل جماهيري اضافة للجبهة الوطنية الديمقراطية.
كما أشارت الوثيقة الى التحولات في منطقة التحرر الوطني مثل: تفكك النظام الاستعماري القديم ، ظاهرة الحياد الايجابي ( مؤتمر باندونق)، كما اشارت الى انتكاسات هنا وهناك وانتصارات في مواقع اخرى.
أشارت الوثيقة الى ان العلاقة مع النظام الاشتراكي لايعنى دمج البلدان المستقلة بالنظام الاشتراكي ، ولابد من اعتبار التفاوت في الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية (ص56).
كما أشارت الوثيقة الى الفهم الخاطئ والقائل ان المعسكر الاشتراكي يقوم بالبناء الاقتصادي في تلك البلدان نيابة عن شعوبها ، وان ذلك في النهاية تحميل الاتحاد السوفيتي البلدان الاشتراكية ما فوق طاقتها( ص 64).
تلك كانت اهم النقاط التى تناولتها وثيقة الماركسية وقضايا الثورة السودانية حول الوضع الدولى ، وفي الحلقة القادمة سوف نتناول أهم المتغيرات في الاوضاع الدولية وأهم سمات الرأسمالية المعاصرة ( العولمة) ، والتى يجب أن يأخذها في الاعتبار المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني ويعالجها من مختلف الزوايا والابعاد.
بعد المؤتمر الرابع ، تابعت وثائق الحزب مثل دورة ل.م يوليو 1977 م المتغيرات في الاوضاع الدولية ، أشارت دورة ل.م 1977 م الى أن ( أزمة الرأسمالية لايعنى أن الرأسمالية بلغت نهاية طريقها المسدود أو أنها ستنفجر تلقائيا أو أنها ستعلن مختارة تصفية نظامها المتعفن فمازال لديها احتياطيات يمكن أن تلجأ اليها ، تتمثل في المزيد من الاستخدام المرشد للثورة العلمية التكنولوجية في التعدين والصناعة والزراعة وتخفيض تكلفة الانتاج مع التوسع في تصدير رأس المال وفرض الطريق الرأسمالي على البلدان النامية وتوسيع العلاقات الاقتصادية مع البلدان الاشتراكية وبين احتياطياتها الهامة المزيد من عسكرة الاقتصاد وتطوير صناعة السلاح وتوسع اسواقه)(ص 7).
كما أشارت الدورة الى أدوات الاستعمار الحديث التى تتشكل من الشركات المتعددة الجنسية ومجموعة (الكونسورتيوم) التى تتكون من المصارف والاحتكارات الصناعية والتجارية .
على أن اهم المتغيرات كان انهيار التجارب الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي وبلدان شرق اوربا ودخول الرأسمالية المعاصرة مرحلة جديدة هى امبريالية العولمة واصبحت مراكز العالم الرأسمالي تكون من امريكا ، اليابان ، أوربا وأدوات هذه المراكز هى : منظمة التجارة العالمية التى تقدم الحماية لاحتكارات ( المراكز) ، كما يمثل صندوق النقد الدولي السلطة النقدية ، والبنك الدولي السلطة التنفيذية لمجموعة السبعة الكبار G7 ، كما يلعب حلف الاطلنطى الدور السياسي والعسكري ، اما امريكا فتمثل الرقيب العسكري على العالم ( سمير امين: شيخوخة الرأسمالية ، قضايا فكرية ، يناير 2005).
كما أن من اهم سمات الرأسمالية اعادة انتاج الفقر ( الفقر الدمار) ، على سبيل المثال:
- 1,3 مليار شخص في العالم لايتعدى دخلهم دولار واحد في اليوم ولايحصلون على مياه صالحة للشرب ولا على الحدود الدنيا من العلاج.
- 850 مليون من الاميين.
- 800 مليون يعانون من سوء التغذية.
- 210 مليون طفل في العالم يتم استغلال قوة عملهم .
- تدهور الوضع البيئي في العالم ، ومعلوم أن اصل أزمة البيئة هذه هو نمط الانتاج الرأسمالي لذي يسير دون أى معيار ، سوى تحقيق اقصى قدر من الارباح لرأس المال ، كما ان من افرازات الرأسمالية المعاصرة ( العولمة) : الديون على الدول الفقيرة ، التهديد بالاسلحة النووية ، بيع الاعضاء البشرية ( اسبيرات بشرية)، شبكات الدعاره الكبيرة للنساء والاطفال ، تجارة المخدرات ، غسيل الاموال ، انتشار وتفشى ظاهرة الفساد ... الخ.
من السمات ايضا للرأسمالية المعاصرة سيطرة الشركات العابرة للقارات على ثلث الاصول الانتاجية في العالم ، وعلى سبيل المثال في الفترة ما بين : 1982 – 1992 م ، كان نصيب اكبر 200 شركة عالمية يصل الى 26,8% من الناتج العالمي بايرادات تصل 6 ترليون دولار( الترليون يساوى 1000 مليار) ( تقرير الانكتاد 1993).
- هناك 20% من دول العلم تستحوذ على 85% من الناتج العالمي وعلى 84% من التجارة العالمية ويمتلك سكانها 85% من مجموع المدخرات العالمية (فخ العولمة، 1998، ص 11).
كما ان من نتائج العولمة تصفية مكتسبات العاملين والفئات الوسطى وزيادة البطاله وانخفاض الاجور وتدهور مستويات الخدمات الاجتماعية التى تقدمها الدولة ، واطلاق آليات السوق ، وابتعاد الحكومات عن التدخل في النشاط والاقتصاد وتفاقم وابتعاد الحكومات عن التدخل في النشاط والاقتصاد وتفاقم التفاوت في توزيع الدخل والثروة بين المواطنين .
كان من سمات الرأسمالية تصدير نمط الانتاج الرأسمالي لبلدان المستعمرات أو العالم الثالث ، وبالتالى تسهم في اعادة انتاج اللامساواة واللاتكافؤ بين المركز والاطراف وتعمل على دمج الاطراف بالسوق الرأسمالي العالمي.
اما سمات الرأسمالية المعاصرة ( العولمة) فهى تأخذ ولاتعطى ويصف سمير امين الرأسمالية بأنها صارت امبريالية جماعية مكونه من الولايات المتحدة ، اليابان ، أوربا.
كما أن من سمات امبريالية العولمة هى قلة تدفق رأس المال الى البلدان المتخلفه ، هذا اضافة للحرب والغزو المباشر ( مثال : احتلال العراق ، افغانستان ،... الخ) ، في حرب دافعها الأساسي البترول ، ..وبالتالى اصبحت الرأسمالية تتميز بالشراسة .
كما اصبحت الزراعة في مراكز العالم الرأسمالي والتي تعتمد على منجزات الثورة العلمية والهندسة الوراثية تقف حجر عثرة في تطور القطاع الزراعي في البلدان النامية ، وبالتالى تعمل الزراعة الرأسمالية على استبعاد حوالى 3 مليار من المزارعين من الزراعة المعيشية ( التقليدية) وتضيفهم الى جيش البطالة .
ومن الجانب الآخر ، ورغم نتائج العولمة السالبة مثل : ازدياد البطاله والتبادل غير المتكافئ مع بلدان العالم الثالث والديون الثقيلة ، الا اننا نلمس تصاعد الحركات الجماهيرية والديمقراطية المطالبة بالغاء الديون الثقيلة على بلدان العالم الثالث وضد منظمة التجارة العالمية ، ومن اجل حماية البيئة ونزع اسلحة الدمار الشامل ومحاربة الامراض الفتاكة ( الايدز) والدفاع عن حقوق الانسان وللاقليات القومية والدفاع عن حقوق المراة والنضال من اجل تحسين أوضاع العاملين المعيشية والاجتماعية والثقافية ومن اجل الديمقراطية الحقيقية .. الخ.
اما الفيلسوف الفرنسي جورج لابيكا فيرى أن ( الرأسمالية ظلت على طبيعتها منذ رأس المال حتى تحولها الى الامبريالية التى من خلال التقلبات الهائلة وايقاعها السريع التى غير رؤيتنا للعالم ، واكدت مثالب الرأسمالية لدرجة وصلت فيها الى مرحلة ملحة ، مرحلة حيوية في حقيقتها ، الا وهى ضرورة التغيير ).
أشارت وثيقة الماركسية وقضايا الثورة السودانية الى بروز نجم الاستعمار الحديث بقيادة امريكا وافول نجم الاستعمار القديم بقيادة بريطانيا ، وفي مرحلة العولمة الحالية تحلم امريكا بالسيطرة الاقتصادية والعسكرية على العالم من خلال : السيطرة على النظام المصرفي العالمي للسيطرة على العملات الحرة القوية : السيطرة على اسواق المال العالمية ، التدخل العسكري الكثيف ، السيطرة على ممرات البحار ، السيطرة على البحث والتكنولوجيا المتقدمة ، الهيمنة على القضاء ، الهيمنة على صناعة الاسلحة النتطور والمتقدمة تكنولوجيا ، السيطرة على مصادر النفط والطاقة .. الخ.
على أنه بات معلوما أن الاقتصاد الامريكي يعاني من تفاقم العجز التجاري على سبيل المثال : كان العجز عام 1989 100 مليار دولار وارتفع الى 450 مليار دولار في عام 2000 ، وعلى حد تعبير سمير امين ( لن تستطيع الولايات المتحدة على الارجح كسب المعركة في مواجهة اوربا واليابان فيما يتعلق بالمنتجات عالية التقنية ، وفي مواجهة الصين وكوريا والدول الأخري الصناعية في آسيا وامريكا اللاتينية فيما يخص المنتجات الصناعية العادية ، وفي مواجهة المخروط الجنوبي لامريكا اللاتينية بالنسبة للزراعة دون اللجوء الى وسائل اقتصادية استثنائية تخالف مبادئ الليبرالية المفروضة على المنافسين ( سمير امين: المرجع السابق) ، على أن امريكا لاتستفيد من المزايا النسبية الثابتة ، الا في قطاع المعدات الحربية بالتحديد ، لأن هذا القطاع يفلت بدرجة كبيرة من قواعد السوق ، وينتفع من حماية الدولة.
كما أصبح الاقتصاد الامريكي متطفلا على حساب شركائه في النظام العالمي ( سمير امين، المرجع السابق).
كما اصبح الخيار العسكري من قبل الولايات المتحدة يهدد جميع الشعوب .
ومن الجانب الاخر يستمر وسوف يستمر نضال الشعوب من اجل سيادتها واستقلالها الوطني وحقها في السيطرة على مواردها الطبيعية كما هو الآن في ثورات امريكا اللاتينية التى اورثتها العولمة الفقر والدمار ، وسوف يتصاعد نضال شعوب العالم بما فيها مراكز العالم الرأسمالي كما هو حادث الآن من اجل التوزيع العادل للثروة وضد الطريق الرأسمالي المسدود وضد الحرب وسباق التسلح ، وبالتالى من المهم أن يكون شعب السودان جزءا من الحركة العالمية المطالبة بالسلام والعدالة الاجتماعية وضد العولمة التى تستهدف المسخ الاقتصادي والثقافي للشعوب ، وبالتالى ، من المهم متابعة المتغيرات في الاوضاع الدولية والتى لها انعكاس مباشر على الاوضاع الداخلية.



ثانيا: المتغيرات في الاوضاع الداخلية

منذ انعقاد المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي السوداني، حدثت متغيرات في المجتمع السوداني ، لابد من أخذها في الاعتبار في التقرير السياسي وعند صياغة البرنامج الجديد للحزب. ويمكن تقسيم الفترة ( 1967 – 2005 م ) إلى الفترات التالية : -
1 – الفترة: ( 1967 – 1985 ).
2 – الفترة: ( 1985 – 1989 ).
3 – الفترة: ( 1989 – 2005 ).
1- الفترة : ( 1967 – 1985 ) :
كان من أبرز ملامح هذه الفترة انقلاب 25 مايو 1969، وما أحدثه من تغيرات كبيرة في المجتمع السوداني وأوضاعه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويمكن أن نشير إلى أبرز تلك المتغيرات في الآتي: -
عندما اندلعت انتفاضة مارس – أبريل 1985، ورثت البلاد تركة اقتصادية اجتماعية مثقلة بالخراب والتدهور يمكن أن نلخصها في الآتي: -
+ كان القطاع الزراعي متدهورا نتيجة للنقص في الوقود وعدم توفر مدخلات الإنتاج ( السماد ، المبيدات ، .. الخ ) ، انعدام الصيانة ، النقص في قطع الغيار ، عدم تحوط الحكومة للكوارث الطبيعية والاستعداد الكافي لها ، هذا إضافة لإهمال الحكومة للقطاع الزراعي رغم أنه المصدر الأساسي للفائض الاقتصادي اللازم للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ، فقد كان الصرف على التنمية في القطاع الزراعي لا يتجاوز 22 % من جملة الصرف ، هذا إضافة لفتح الباب على مصراعيه للاستثمار في القطاع المطري وبشكل عشوائي ودون ضوابط ، مما أدى لتدمير البيئة وانهاك التربة والجفاف والتصحر من جراء القطع العشوائي للغابات .
وبدلا من تحقيق الشعار الذي كان مرفوعا : أن يتحول السودان إلى سلة غذاء العالم اجتاحته مجاعة 83 / 1984 ، وأصبح يطلب الغذاء من العالم !! .
كما ظلت صادرات السودان الأساسية مواد زراعية أولية ( القطن، السمسم، الفول السوداني، الذرة، الجلود، الماشية.... الخ )، و75 % من السكان يعملون بالزراعة، كما أن 90 % من المنشآت الصناعية كانت تستخدم المنتجات الزراعية كمواد أولية.
كما ساهم القطاع الزراعي – القطاع الرئيسي في الاقتصاد السوداني بحوالي 40 % من إجمالي الناتج القومي ، وظل القطن يمثل حوالي 60 % من قيمة الصادرات والحبوب الزيتية حوالي 20 % منها .
+ ظل القطاع الصناعي ، كما كان عليه الحال عام 1956 يساهم بحوالي 9 % من أجمالي الناتج القومي ، كما ظلت الصناعة في مراحلها البدائية ، وهي أساسا بدائل للسلع الاستهلاكية المستوردة وتحتل الصناعات الغذائية المرتبة الأولى في تركيب القطاع الصناعي ( حوالي 50 % من جملة الإنتاج ) ، كما تدهورت وتعمقت مشاكل الصناعات مثل : صناعة السكر ، الأسمنت ، الغزل والنسيج ، الزيوت ، الجلود ، الصناعات الغذائية .... الخ . هذا إضافة لتركز هذه الصناعات في الخرطوم والإقليم الأوسط ( مثلث الخرطوم – سنار – كوستي ) كما أوضح المسح الصناعي للعام 81/1982 ، فقد كانت 56,4 % من الصناعات بها 79 % من العاملين تبلغ مرتباتهم 80,9 % توجد في الخرطوم والإقليم الأوسط ، كما نلاحظ ضعف التعليم الفني اللازم للتنمية الصناعية والزراعية ، فقد كانت نسبة الطلاب في المدارس الفنية لا تتجاوز 20 % من مجموع الطلاب في التعليم العام ، كما أنها لا تتجاوز أيضا 21 % في التعليم العالي .
+ من حيث تركيب القوى العاملة ، كان 71,6 % يعملون في القطاع الزراعي ، والعاملون في مجالات الإنتاج غير الزراعي 12,6 % ، العاملون في الخدمات 7,6 % ، العاملون في البيع 4,5 % ( العرض الاقتصادي 76 /1977 ) .
+ كما شهدت هذه الفترة هجرة داخلية إلى المدن وهجرة إلى خارج السودان نتيجة لتدهور الأوضاع الاقتصادية ، وأشارت الإحصاءات إلى أن اكثر من 40 ألف باحث ومتخصص قد هجر السودان وفقا لإحصاء أجري عام 1984 ، وبالتالي حدث استنزاف للعقول السودانية من جراء هجرة العلماء والأطباء والمهندسين والمعلمين وغيرهم .
+ كما ارتفعت تكاليف المعيشة بشكل كبير في هذه الفترة بشكل لا يتناسب مع الأجور ، على سبيل المثال في عام 1985 ، كان الحد الأدنى للأجور 60 حنيها ، بينما كان الحد الأدنى لتكاليف المعيشة 536,326 جنية حسب دراسة قامت بها الجبهة النقابية .
+ تدهور قطاع الخدمات بشكل غير مسبوق ، فقد انهارت البنيات التحتية التي خلفها المستعمر والتي كانت تعمل بشكل جيد مثل : السكك الحديدية ، النقل النهري ، الخطوط الجوية السودانية ، كما تفاقمت مشاكل الطاقة ( البترول ، الكهرباء ) نتيجة للفساد وسوء الإدارة . كما تدهورت خدمات الصحة والتعليم من جراء هجرة المعلمين والأطباء وضعف ميزانية خدمات الصحة والتعليم فعلى سبيل المثال كان الإنفاق على الصحة لا يتجاوز 9 % من جملة الإنفاق العام والإنفاق على التعليم لا يتجاوز 10 % من جملة الإنفاق العام ، بينما كان الإنفاق على الأمن والدفاع حوالي 21 % من جملة الإنفاق العام .
كما كانت نسبة التلاميذ الذين بلغوا سن التعليم الابتدائي الذين يقبلون في المدارس 52 % بينما يذهب 48 % إضافة لجيش الأمية . وحسب إحصاء 1983، كانت نسبة الأمية 64 % ( 52,9 % للذكور ، 74,6 % للإناث ) .
كما تفاقمت أزمة التعليم العالي وعدم توافق التعليم مع احتياجات التنمية مما أدى إلى نسبة عالية للعطالة وسط الخريجين على سبيل المثال عام 1980 كان نسبة العطالة وسط خريجي الكليات النظرية 36 % من إجمالي المسجلين ، ونسبة العطالة بين المهندسين 33 % ، وخريجي الكليات المهنية الطبية 10 % ( د . محمد ادهم على : توجهات الطلاب في التعليم العالي ، يونيو 1987 ) .
+ كما زادت تبعية السودان للنظام الرأسمالي العالمي وعلائق التبادل غير المتكافئة مع الدول الرأسمالية ( تصدير مواد أولية واستيراد سلع رأسمالية ومواد خام ، كيماويات ، آلات ومعدات ووسائل نقل ) ، والتي من نتاجها إعادة إنتاج التخلف .
ونتيجة لتدهور الميزان التجاري والعجز المتزايد والمستمر فيه تفاقم العجز في ميزان المدفوعات ولجأ النظام إلى الاستدانة لتلبية حاجات الاستهلاك والتنمية ، وفي نهاية هذه الفترة بلغت ديون السودان 9 مليار دولار .
لقد فتحت القروض للشركات متعددة الجنسيات والبنوك الأجنبية ( التي عادت منذ بداية النصف الثاني من السبعينيات من القرن الماضي بعد قرارات التأميم عام 1970 ) الباب لدخول السوق السوداني ( لورنرو – شيفرون – ترياد .. الخ ) ، التي أنهكت الاقتصاد السوداني بارتفاع تكلفة إنشاء المشروعات ( كنانة ارتفع من 120 مليون دولار إلى حوالي مليار دولار ) إضافة للفوائد العالية للقروض التي وصلت أحيانا إلى 16 % وما تبعها من فساد وعمولات ، كما ساعدت على نمو طبقة رأسمالية طفيلية استفادت من الارتباط الكثيف بالسوق الرأسمالي العالمي ، كما نالت الشركات والبنوك الأجنبية امتيازات عديدة متمثلة في قوانين تشجيع الاستثمار الصناعي والزراعي والخدمي .
+ وفي الفترة 78 /1979 – 84 / 1985 ، خضعت الحكومة تماما لتوصيات أو روشتة صندوق النقد الدولي ، وتم إجراء خمسة تخفيضات في قيمة الجنية السوداني ، ورغم ذلك فقد تدهور الميزان التجاري ، كما زادت حدة التضخم ( بلغ المتوسط 37 % في الفترة : 78 / 1979 – 84 / 1985 ، بينما كان المتوسط 22 % في الفترة 70 / 71 – 77 / 1978 ) . ( د . عبد المحسن مصطفي صالح : صندوق النقد الدولي في السودان ، الكويت فبراير 1988 ) .
+ كما شهدت الفترة : 78 / 1979 – 84 /1985 اكبر عملية تهريب لروؤس الأموال السودانية إلى الخارج ( تصدير الفائض الاقتصادي للخارج ) . وتم تقدير رأس المال الهارب بحسابات مختلفة 19 مليار دولار ، 16 مليار دولار ، 11 مليار دولار ، ومهما يكن من أمر إذا أخذنا المتوسط 15 مليار دولار ، نلاحظ أن رأس المال الهارب للخارج كان ضخما . وحسب د . على عبد القادر ً إن القطع المصرفي السوداني يقف متهما بتمويل عملية تهريب رأس المال من خلال تمويله لعمليات السوق السوداء للنقد الأجنبي ، ونلاحظ سريعا ، أن القطاع المصرفي مملوك للدولة بنسبة 60 % !!! . ( د . على عبد القادر على: حول سياسات التصحيح وهروب رأس المال، الكويت فبراير 1988 ).
وخلاصة الأمر ، في نهاية هذه الفترة استفحلت الأزمة الاقتصادية وفقد السودان استقلاله الاقتصادي وسيادته الوطنية ، فنجده يشترك في مناورات قوات النجم الساطع ، ويشترك رموز النظام في جريمة ترحيل الفلاشا ، ودفن النفايات النووية وغير ذلك من الهوان الذي ألحقه حكم الفرد بالسودان .
+ من حيث التركيب الطبقي تراجعت في هذه الفترة الرأسمالية التي نشأت بفضل مشاريع الإدارة البريطانية في النصف الأول من القرن الماضي ، بأقسامها المختلفة وبدرجات متفاوتة والتي تتلخص في الشركات الأجنبية والشركات المحلية من أصل أجنبي والرأسمالية السودانية ( آل أبو العلا ، البربري ، آل عبد المنعم ، .... الخ ) . وخاصة بعد قرارات التأميم والمصادرة في عام 1970.
ومن الجانب الآخر صعدت فئات جديدة من الرأسمالية المدنية والعسكرية ، وكان من أهم مصادر تراكم هذه الفئة هي : -
1 – العائد السريع من النشاط الطفيلي ( تخزين ، سوق سوداء ، ... الخ )
2 – التسهيلات التي كانت تلقاها من البنوك التجارية ولتجارة السوق السوداء والعملات، وبناء العقارات، ودعم تجارة الصادر والوارد.. الخ.
3 – الدخول العالية والعمولات التي كانت تستحوذ عليها من خلال إدارتها للدولة.
4 – دخول أعداد كبيرة من قيادات الخدمة المدنية والعسكرية بعد انتهائهم من الخدمة إلى ميدان الزراعة الآلية، وبالتالي حققوا أرباحا هائلة من هذه العملية.
ونلاحظ أن النشاط الطفيلي أصبح هو الغالب في هذه الفترة ، وفي الوقت نفسه تراجعت الرأسمالية الوطنية التي كانت تعمل في ميدان الإنتاج الزراعي والصناعي نتيجة لارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج ، أزمة الوقود والطاقة ، وانخفاض قيمة الجنية السوداني ... الخ.
وبالتالي سيطر النشاط الطفيلي على مختلف أوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية ، وظهرت فئات السماسرة التي تعيش على العمولات ووكلاء البنوك الأجنبية والإسلامية والشركات الأجنبية ورؤوس الأموال البترولية . كما تدهورت أوضاع الفئات الوسطى المعيشية والاجتماعية ويتجلي ذلك من موجة الإضرابات التي نفذتها تلك الفئات خلال تلك الفترة ( الأطباء ، المعلمين ، المهندسين ، الفنيين ، القضاء ، ... الخ ) .
كما تميز تطور الطبقة العاملة في تلك الفترة بتدهور أوضاعها المعيشية ، مما أدى إلى هجرة الآلاف من العمال المهرة إلى بلدان الخليج إضافة لتدهور الإنتاج الصناعي وإغلاق العديد من المصانع أو العمل بنصف طاقتها أو ثلث طاقتها ، كما انضم إلى صفوفها آلاف المهاجرين من الريف من ذوى الوعي المنخفض ، هذا إضافة لتشريد وهجرة مئات النقابيين المتمرسين ، وأصبح اتحاد العمال جزءا من الدولة أو رافدا من روافد الاتحاد الاشتراكي ، وتمت مصادرة حق الإضراب .
كما تدهورت أوضاع المزارعين وخاصة الفقراء والمتوسطين نتيجة لتدهور القطاع الزراعي.
• هكذا كان حصاد نظام مايو الشمولي الذي بدأ بشعارات يسارية وانتهى بشعارات إسلامية عندما طبق قوانين سبتمبر 1983 بهدف وقف المقاومة والمعارضة الواسعة لنظامه وبهدف استكمال مصادرة الحقوق والحريات الديمقراطية باسم الإسلام. وكانت القوانين امتدادا لترسانة القوانين المقيدة للحريات منذ بداية دكتاتورية مايو 1969: الأوامر الجمهورية – قانون أمن الدولة – قانون ممارسة الحقوق السياسية 1974 – تعديلات الدستور في 1974، وأخيرا قوانين سبتمبر 1983.
كما واجه انقلاب مايو مقاومة عسكرية وجماهيرية عميقة ، عكست شمول وعمق الحركة الجماهيرية والسياسية السودانية المطالبة بالديمقراطية وإنهاء الديكتاتورية والتسلط وحكم الفرد ، وكان من عوامل ضعف الحركة السياسية والجماهيرية هو تشتتها ، ولم تتوحد إلا في أبريل 1985 ، أي في اللحظات الأخيرة لنهاية نظام مايو في ميثاق التجمع الوطني الديمقراطي لإنقاذ الوطن .
كما انقلب نميرى على دستور 1973 وخرق دستوره بنفسه ، ومزّق اتفاقية أديس أبابا مما أدى إلى اشتعال نيران التمرد من جديد وازدادت هذه النيران اشتعالا بعد إعلان قوانين سبتمبر 1983 .
لقد أكدت تجربة ديكتاتورية مايو أن الديمقراطية هي المفتاح للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحل السلمي لمشكلة الجنوب ومشاكل الاقليات الأخرى ، وضمان وحدة وسيادة البلاد .
2 : فترة الديمقراطية الثالثة ( 1985 – 1989 ) :
تميزت هذه الفترة بالسمات الآتية : -
1 – انعقاد المؤتمر الاقتصادي في عام 1986 والذي خرج بتوصيات تتلخص في الآتي: -
أ – إعادة تعمير وتأهيل المؤسسات والمشاريع الإنتاجية والخدمية في القطاعين العام والخاص ، واعادة تعمير المناطق التي تأثرت بالجفاف والمجاعة .
ب – إصلاح النظام المصرفي وتصفية النشاط الطفيلي.
ج – إشاعة الديمقراطية واشراك العاملين في المؤسسات الإنتاجية .
د – تحسين أجور ومرتبات العاملين والمنتجين على أن يرتبط ذلك بزيادة الإنتاجية وتوفير مدخلات الإنتاج بالنسبة لمؤسسات القطاع العام والخاص الإنتاجية .
ه – إصلاح وتحسين خدمات التعليم والصحة.
و – لجم وسائل التضخم وتخفيض أسعار السلع الرئيسية واصلاح قنوات التوزيع .
ز – وضع خطة اقتصادية لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي تخضع جميع السياسات الاقتصادية والمالية بهدف الاستغلال الكامل للطاقات الإنتاجية المتاحة واصلاح مسار الاقتصاد السوداني .
2 – رغم قرارات وتوصيات المؤتمر الاقتصادي ، إلا أن السياسات التي سارت عليها حكومات تلك الفترة أدت إلى استمرار مظاهر الأزمة الاقتصادية التي تتلخص في الآتي : -
أ – ركود الإنتاج السلعي ( زراعة – صناعة ) وتضخم قطاع خدمات المال والتجارة ، أي أن وزن الطبقات الطفيلية الإسلامية والمايوية كان مؤثرا في النشاط الاقتصادي ، الشيء الذي عرقل محاولة أي إصلاح ، وبالتالي انعكس ذلك على النشاط السياسي وإجهاض الانتفاضة وتقويض الديمقراطية .
ب – استفحال المديونية الخارجية التي بلغت 14 مليار دولار .
ج – عجز مقيم في الموازنة الداخلية وميزان المدفوعات.
د – تزايد معدلات التضخم إذ بلغ اكثر من 45 % .
ه – تدهور متواصل في سعر صرف الجنية السوداني .
و – تزايد معدلات استهلاك الفئات الطفيلية، وارتفاع معدلات الاستيراد وانكماش الصادرات وتزايد المنصرفات.
كما استمرت حكومات ما بعد الانتفاضة في السياسة التقليدية التي تسببت في الأزمة الاقتصادية مثل: تقليص دور الدولة، إلغاء الضوابط على حركة المبلغ والسلع والتخلص غير المدروس والتدريجي من القطاع العام خاصة في مجال البنوك والتأمين والتجارة.
ز – التشجيع المفرط للقطاع الخاص المحلي والمختلط والأجنبي دون اعتبار للأولويات والسيادة الوطنية ، وذلك بالإعفاءات والتغاضي عن التهرب الضريبي .
ح – إطلاق العنان لقوى السوق بافتراض أن ذلك يساوى بين الأسعار وتكلفة الإنتاج ويقربها من مستويات الأسعار العالمية مما أدخل البلاد في حلقة تعديلات سعر الصرف دون تحقيق الأهداف المطلوبة.
ط – التوجه الخارجي للاقتصاد السوداني والاعتماد شبه الكامل على العون الخارجي ، فعلى سبيل المثال في الفترة : ( 1986 – 1989 ) ، تم تحقيق تمويل تنموي ( عن طريق العون الخارجي ) بلغ مجموعه 7 مليار دولار لتمويل التنمية والبترول والسلع التموينية والاستهلاكية ومعدات عسكرية كان تفاصيلها كالآتي : 3 مليار دولار للتمويل التنموي ، مليار دولار لسد العجز في كل سنة بعضه بترول وبعضه دعم سلعي ، 3 مليار دولار للمعدات العسكرية . _ الصادق المهدى : تحديات التسعينيات ، 1990 ) .
3 – تفاقم حرب الجنوب التي كانت تكلف 3 ملايين من الجنيهات يوميا ، إضافة للخسائر في الأرواح والمعدات والمجاعات وتوقف التنمية في الجنوب ، وبذلت محاولات كثيرة من قيادات الأحزاب والتجمع والنقابات والشخصيات الوطنية في شكل مبادرات وندوات حتى كللت هذه المحاولات بتوقيع اتفاقية الميرغني – قر نق التي أجهضها انقلاب 30 يونيو 1989 .
4 – ظلت مصادر الخطر على الديمقراطية موجودة كما حددها الحزب الشيوعي والتي تتلخص في الآتي :
أ – التخلي عن شعارات الانتفاضة بعدم تصفية أثار مايو .
ب – الإبقاء على القوانين المقيدة للحريات ( قوانين سبتمبر 1983 ) ، قوانين النقابات وغيرها من القوانين .
ج – عدم الجدية منذ بداية الانتفاضة في الحل السلمي لمشكلة الجنوب.
د – مغازلة الحزبين الكبيرين ( الأمة والاتحادي الديمقراطي ) للجبهة الإسلامية رغم موقفها المعادى للديمقراطية، حتى انقلبت على الديمقراطية وعضت اليد التي أحسنت إليها.
ه – قانون الانتخابات الهزيل الذي حرم القوى الحديثة من التمثيل . هذا إضافة لتواتر ظاهرة الإضرابات بسبب تدهور الأوضاع المعيشية .
5 – كما صدر في هذه الفترة الدستور الانتقالي ، وقانون الصحافة والمطبوعات وقانون الجامعة ، وقامت انتخابات 1986 بقانون انتخابي هزيل ، وتكونت حكومة ائتلافية بين الأمة والاتحادي الديمقراطي والأحزاب الجنوبية ولم تستمر طويلا ، وفشلت في حل قضايا الاقتصاد والجنوب وترسيخ الديمقراطية وتم تكوين حكومة ائتلافية أخرى في مايو 1988 من حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي والجبهة الإسلامية ، إلا أن تلك الحكومة أيضا فشلت في حل مشاكل البلاد .
وفي ديسمبر 1988 حدث الإضراب السياسي العام ضد زيادة الأسعار ، وبعد الإضراب ومذكرة القوات المسلحة التي خلقت جوا انقلابيا ، تم تكوين حكومة واسعة التمثيل ، وبعد تكوين الحكومة الموسعة ونجاح مبادرة الميرغني – قر نق لحل مشكلة الجنوب انعزلت الجبهة الإسلامية والتي رفضت التوقيع على ميثاق الدفاع عن الديمقراطية وكانت تسعى للحل العسكري والانقلاب على الديمقراطية ، وبعد تكوين الحكومة الموسعة ، كانت مواكب الجبهة الإسلامية تجوب الشوارع من أجل حكم الشريعة ، وقبل ذلك كانت مواكب الجبهة الإسلامية حول أمان السودان وتحت ستار دعم القوات المسلحة ، وكان د . حسن الترابي في لقاءاته الجماهيرية يدعوا علنا لقلب نظام الحكم ، وتواترت المعلومات لقيادات الأحزاب والحكومة عن تخطيط الجبهة الإسلامية لانقلاب عسكري ، وبسبب الغفلة والتهاون وقع انقلاب الجبهة الإسلامية في 30 يونيو 1989 .
3 : حصاد الفترة : يونيو 1989 – يونيو 2005 م
مضت 16 سنة على انقلاب 30 يونيو 1989 ، دخلت البلاد فيها في تجربة للتنمية في ظل نظام شمولي ، لم تخرج عن الطريق التقليدي الرأسمالي ، بل بأكثر الأساليب وحشية ، فهي تنمية رأسمالية رغم رفع الشعارات شعارات الإسلام ، مستندة على الفكر التنموي الغربي ( تحرير الاقتصاد والأسعار ، اقتصاد السوق ، الخصخصة أو تصفية مؤسسات القطاع العام ، لتخفيضات المتوالية للجنية السوداني ... الخ ) ولا يغير من ذلك كثيرا إدخال نظم مثل السلم في الزراعة والزكاة وتجربة البنوك الإسلامية وشركات الاستثمار الإسلامية ، فالبنوك الإسلامية كما يقول الصادق المهدي : استغلت الشعار الإسلامي للحصول على سيولة كبيرة اُستخدمت في صفقات تجارية قصيرة المدى بأسلوب المرابحة ، ولم تساعد الاستثمار ولم تقدم بديلا وظيفيا لسعر الفائدة .
فما هي حصيلة تجربة الإنقاذ ؟

1 – القطاع الزراعي:
تدهور القطاع الزراعي في هذه الفترة نتيجة لمشاكل المياه والرى في المشاريع المروية ونقص مدخلات الإنتاج والنقص في الجازولين والطاقة الكهربائية والقرار الخاطئ بالتوسع في زراعة القمح في مشروع الجزيرة على حساب القطن الشيء الذي أدى إلى فقدان البلاد لعائد كبير من العملات الصعبة باعتبار أن القطن محصول نقدي هام ، هذا إضافة لعدم استعداد الحكومة لمكافحة الآفات ( الجراد ، الفئران ، ... الخ ) كما ارتفعت تكلفة الإنتاج ( ارتفاع أسعار الماء والأرض والحصاد ) ، إضافة لمشاكل التسويق ، ومشكل التخزين ، وانخفض عائد المزارع بسبب الجبايات من المزارع التي فاقت جبايات العهد التركي ، كما انفض الإنتاج وتقلصت المساحات المزروعة وأصبحت البلاد على شفا المجاعة التي ضربت البلاد في الجنوب وشمال دار فور وشمال كردفان ... الخ، حتى أصبحنا نستورد الذرة من الهند مما يذكرنا بمجاعة عام 1914 التي استوردت فيها الحكومة الذرة من الهند.
كما تدهورت الغابات وتم استنزاف الثروة الحيوانية دون الاهتمام بمشاكلها وتنميتها وتوفير الخدمات البيطرية وغيرها ، كما انخفض العائد من الصمغ نتيجة للجفاف والتصحر وانتشار الجراد ( ساري الليل ) الذي أثر على أشجار الهشاب والطلح .
ورغم ذلك ظل القطاع الزراعي يساهم بنسبة 45,6 % في الناتج المحلي الإجمالي ( تقرير بنك السودان 2003 ) ، وتدهور القطاع الزراعي نلمسه في تراجع القطن الذي شكل نسبة 3 % من الصادر ، والسمسم 4 % والحيوانات 6 % ، أما البترول فقد شكل 78 % من الصادر ( تقرير بنك السودان 2003 ) ، وهذا يوضح تقلص المساحات المزروعة ، إضافة لمشاكل القطاع الزراعي الأخرى التي أفاض المتخصصون والزراعيون والمزارعون في مناقشتها في الصحف والندوات والسمنارات .
وسيظل القطاع الزراعي المصدر الأساسي للفائض الاقتصادي اللازم للتنمية رغم تدفق البترول، والذي يجب أن تخصص جزء من عائداته لدعم القطاع الزراعي .
2 – القطاع الصناعي:
نلاحظ ظهور قطاعات جديدة في الصناعة مثل قطاع البترول والتعدين ، ومدينة جياد الصناعية في مضمار الصناعة التحويلية الذي يشمل قطاع صناعة المتحركات ( ورش وستة خطوط لتجميع التراكتورات ووسائل النقل المختلفة ) وقطاع الصناعات المعدنية الذي يشمل مصنع الحديد والصلب ، مصنع الألمنيوم والنحاس والكوابل ومصنع المواسير ومجمع سارية الصناعي ( الذي بدأ بمصانع الأحذية والبطاريات والملبوسات الجاهزة وتحولت ملكية المجمع للقطاع الخاص ، وبدأ في إنتاج سلع مثل مصنع الأجهزة الكهربائية ، مصنع البلاستيك ومصنع التغليف ) .
رغم هذه التطورات الجديدة في القطاع الصناعي، إلا أنه ظل يعاني من مشاكل مثل: مشاكل الطاقة، ضعف القدرات التسويقية، مشاكل متعلقة بالتمويل سواء المكون المحلي أو الأجنبي لتوفير قطع الغيار، مشاكل القوانين المتعلقة بالاستثمار...الخ. .
كما أشار المسح الصناعي الأخير ( 2001 ) إلى توقف 644 منشأة صناعية ، ومن الأمثلة لتدهور بعض الصناعات : * صناعة الزيوت والصابون عملت بنسبة 16 % من طاقتها التصميمية ( تقرير بنك السودان 2003 ) * والمثال الآخر صناعة الغزل والنسيج : بلغ عدد مصانع الغزل 15 مصنعا ، العامل منها 6 مصانع فقط ، كما بلغ عدد مصانع النسيج 56 مصنعا ، العامل منها 4 مصانع فقط ، كما تعمل مصانع الغزل بنسبة 5,4 % بينما تعمل مصانع النسيج بنسبة 5 % من إجمالي الطاقة الإنتاجية ( تقرير بنك السودان 2003 ) .
هكذا نصل إلى حقيقة تدهور القطاع الصناعي بسبب تلك المشاكل وعجز الحكومة تماما عن مواجهتها ، رغم ذلك فقد ساهم القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 24,1 % وهذا يعود إلى ارتفاع نسبة البترول والتعدين التي بلغت 9,6 % في الناتج المحلي الإجمالي ( تقرير بنك السودان 2003 )
وبتدهور قطاعي الزراعة والصناعة تمت هزيمة الشعارات التي رفعتها الإنقاذ في أيامها الأولى ً نأكل مما نزرع ً ، ً نلبس مما نصنع ً .
3 – تصفية مؤسسات القطاع العام:
كما اتجهت الحكومة إلى تصفية مؤسسات القطاع العام أو خصخصتها ، وتم التخلص منها إما بالبيع أو بيع حصص من ملكية الدولة فيها أو تحويلها إلى شركات مساهمة عامة يشارك فيها القطاع الخاص المحلي والأجنبي أو بتأجير أصولها ، ومن السلبيات ، أنه تمت خصخصة معظم مؤسسات القطاع العام قبل أن تقام سوق للأوراق المالية تعرض فيها أسهم المؤسسات التي خصخصت للجمهور مما خفض أسعار البيع إلى نسبة ضئيلة ( د . محمد هاشم عوض : الأيام 11 / 7 / 2005 ) ، وعلى سبيل المثال مؤسسة المواصلات السلكية واللاسلكية التي قدرت أصولها ب 300 مليون دولار ، تم بيعها ب 60 مليون دولار ، كما تمت خصخصة مؤسسات ناجحة مثل مصنع أسمنت عطبرة ، كما صدر قانون لخصخصة مشروع الجزيرة . كما تم تقليص قطاعات النقل الأساسية مثل السكة الحديد التي تدهورت وأصبحت تعمل على أسس تجارية والنقل النهري والنقل الميكانيكي ... الخ.
4 – تدهور قطاع الخدمات :
تدهورت في هذه الفترة خدمات التعليم والصحة بسبب هجرة آلاف المعلمين والأطباء نتيجة لتدهور الأوضاع المعيشية ، وضعف نسبة ميزانية التعليم والصحة ، إضافة لخصخصة التعليم والصحة حتى أصبحت تلك الخدمات للقادرين ، كما تم تشريد آلاف الأطباء والأساتذة في التعليم العام والعالي لأسباب سياسية .
كما تم التوسع في أعداد المقبولين للتعليم العالي بدون التوسع في توفير مقومات التعليم العالي ( أساتذة، مكتبات، قاعات مراجع، معامل... الخ ).
ورغم تدفق البترول وتمزيق الدولة لفاتورة وارد البترول الذي يشكل حوالي 400 مليون دولار ( 80 % من قيمة الصادر ) ، إلا أنه ارتفعت أسعار المواد البترولية وتدهورت خدمات النقل والمواصلات وارتفعت تكاليفها ، كما ارتفعت أسعار خدمات الكهرباء والمياه ... الخ.
5 – القطاع التجاري:
رغم استخراج البترول وتصديره ، استمر العجز في الميزان التجاري ، على سبيل المثال بلغ العجز في الميزان التجاري في العامين 2002 ، 2003 : 497,3 ، 339,7 مليون دولار على التوالي ، كما استمر العجز في ميزان المدفوعات .
كما نلاحظ تراجع النسبة المئوية للقطن في الصادر الذي بلغ 44,6 % عام 1989 ليصل إلى 3 % في عام 2003 م ( تقرير بنك السودان ) ، كما نلاحظ أن البترول احتل 78 % من الصادرات ( تقرير بنك السودان ) ، ورغم ارتفاع عائداته التي بلغت 1,5 مليار دولار على التوالي في العامين 2002 ، 2003 ، إلا أته لم ينعكس على دعم الزراعة والصناعة والخدمات ( التعليم ، الصحة ، المواصلات ، الكهرباء ، المياه ، ... الخ ).
أما عن التوزيع الجغرافي للصادرات فقد حدثت متغيرات في هذا الجانب حيث شكلت مجموعة الدول الآسيوية غير العربية اكثر الأسواق لصادرات السودان ( في معظمها سلعة البترول ) خلال عام 2003 حيث بلغت 2,057 مليون دولار بنسبة 80,9 % من إجمالي الصادرات مقارنة نسبة 73,7 % من العام 2002 ( تقرير بنك السودان 2003 ) .
كما تعتبر الصين الشعبية اكبر مستورد للصادرات السودانية حيث بلغت 1,761,9 مليون دولار بنسبة 69,3 % من إجمالي الصادرات تليها اليابان بقيمة 167,7 مليون دولار بنسبة 6,6 % ( المصدر السابق ) .
كما شكلت مجموعة الدول العربية اكبر مصدر لواردات السودان في عان 2003 حيث بلغت 1,146,4 مليون دولار بنسبة 39,8 % من إجمالي الواردات ( تقرير بنك السودان 2003 ) .

6 – ديون السودان :
بلغت جملة ديون السودان حوالي 25 مليار دولار ، علما بأن أصل الدين 12 مليار دولار ، والزيادة عبارة عن فوائد تعاقدية وفوائد جزائية .
7 – تدهور سعر صرف الجنية السوداني:
في يونيو 1989 كان سعر الصرف 12 جنية، والآن بلغ سعر الصرف 2,650 جنية .
8 – الإيرادات والمنصرفات:
شكلت الإيرادات الضريبية عام 2003 م 37,9 % وغير الضريبية نسبة 62,1 % ( تقرير بنك السودان 2003 ) ، وفي المنصرفات يشكل الدفاع والأمن نصيب الأسد ( 60 % من الإيرادات العامة ) ، والصرف على الحكم الفدرالي والحزب الحاكم وتنظيماته يصل إلى 25 % من الموازنة العامة ( مشروع موازنة 2004 ) .
كما ازداد الفساد واختلاس المال العام ، على سبيل المثال بلغت جملة الأموال المختلسة من الوحدات الحكومية 160 مليار جنية عام 2003 ، بعد أن كانت 80 مليار جنية عام 2002 ( بزيادة 100 % ) .
9 – تزايد الفقر :
تمدد الفقر ليشمل 95 % من السكان ، إضافة للبطالة مع استمرار تشريد العاملين من وظائفهم ليصل العدد الكلي من المشردين اكثر من 122 ألف من 58 مؤسسة وشركة ، ولازال التشريد مستمرا ، هذا إضافة لضعف الأجور وعدم تناسبها مع تكاليف المعيشة التي ارتفعت ارتفاعا كبيرا . وعلى سبيل المثال : كان سعر رغيفة الخبز زنة 140 جرام عام 1989 : 14 قرشا ، الآن سعر الرغيفة زنة 70 جراما 175 جنية ، سعر جالون البنزين كان عام 1989 4,5 جنية ، الآن أصبح 5,500 جنية . كما زاد سعر رطل اسكر من 125 قرشا عام 1989 إلى 1400 جنية حاليا. وقس على ذلك بقية السلع والزيادة بالنسب المئوية الهائلة .
نخلص مما سبق إلى أن حصيلة فترة الإنقاذ في الجانب الاقتصادي :
أ – عجز في الميزان التجاري رغم تصدير البترول و الذهب ، وعجز في ميزان المدفوعات .
ب – تدهور قيمة الجنية السوداني وتفاقم التضخم والغلاء .
ج - تدهور الإنتاج الزراعي والصناعي وتفاقم النشاط الطفيلي والفساد .
ه – تبديد الفائض الاقتصادي في الصرف البذخي والاستهلاكي والاستفزازي وتهريب الأموال للخارج ، وتفاقم المضاربة في العقارات والأراضي والثراء الفاحش من قطاع الدولة والعمولات .



10 – المتغيرات في التركيب الطبقي :
الرأسمالية الطفيلية الإسلامية:
في هذه الفترة هيمنت الفئات الغنية من طفيلية الجبهة الإسلامية على مفاتيح الاقتصاد الوطني ، وتجمعت لدي هذه الفئة ثروات ضخمة ، ومن المهم ونحن نحلل هذه الفئة أن نتناولها في تطورها التاريخي باعتبارها أحد روافد الرأسمالية السودانية التي تطورت خلال سنوات نظام النميري ، ويشير د . حيدر طه في كتابه ً الأخوان والعسكر ً ( القاهرة 1993 ) ، ص 55 إلى أن الأخوان المسلمين ً يملكون حوالي 500 شركة من كبيرة وصغيرة في عام 1980 ، وتصل حجم روؤس أموالهم لأكثر من 500 مليون دولار متداولة بين هذه الشركات في الداخل ً .
وترجع أصول أغلب قادة هذه الفئة أو أصحاب الثروات منها إلى خريجي الجامعات والمعاد العليا والمدارس الثانوية ، والذين أسسو تنظيم الأخوان المسلمين في أوائل الخمسينيات في جامعة الخرطوم والمداس الثانوية وبقية المعاهد التعليمية ، وبعد التخرج عملوا في جهاز الدولة والخدمة المدنية ، وبعد انقلاب 25 مايو 1969 ، تم تشريد بعض أفرادها ، وهاجر بعضهم إلى دول الخليج وولجوا ميدان العمل الاستثماري في التجارة وتجارة العملات ، كما كدسوا الأموال التي كانت تصلهم وهم في المعارضة في الخارج ، كما اشتركوا في محاولات انقلابية مثل : محاولة انقلاب سبتمبر 1975 ، وأحداث 2 يوليو 1976 ، كما هاجر بعضهم إلى أمريكا ودول الغرب الرأسمالي وتأهل بعضهم علميا في تلك البلدان ( ماجستير ، دكتوراه .. ) ، وعمل بعضهم في النشاط التجاري في يوغندا وبعض بلدان شرق افر يقيا ، واكتسبوا خبرات وتجارب في المهجر والعمل المعارض في الخارج .
وبعد المصالحة الوطنية ( 1977 ) ، عادوا للسودان وشاركوا في مؤسسات وحكومات نظام النميري ( مجلس الوزراء ، الاتحاد الاشتراكي ، مجلس الشعب ، ... الخ ) ، وتوسعوا في ميدان العمل التجاري والاستثماري وأسهموا في إدارة البنوك الإسلامية وشركات التأمين الإسلامية ومؤسسات الاستثمار الإسلامية ، كما تغير اسم التنظيم تبعا لتطور الحياة السياسية ، واتخذ اسم الأخوان المسلمين في الخمسينيات من القرن الماضي ، وجبهة الميثاق الإسلامي بعد ثورة اكتو بر 1964 ، والجبهة القومية الإسلامية منذ أواخر النظام المايوي ، ثم المؤتمر الوطني الذي انشطر عام 1999 إلى وطني وشعبي .
لقد كانت مؤسسات وبنوك وشركات التنظيم هي التي مولت كل نشاطاته وصرفه الكبير خلال فترة الديمقراطية الثالثة ( الانتخابات، شراء الأصوات.... الخ ) ، وكانت تلك المؤسسات وراء خلق الأزمات الاقتصادية والأزمات في المواد التموينية من اجل نسف استقرار النظام الديمقراطي ، وكانت وراء تخزين قوت الناس في مجاعة 83 / 1984 ، كما تغلغلوا وسط الجيش باسم دعم القوات المسلحة خلال فترة الديمقراطية الثالثة حتى نفذوا انقلاب 30 يونيو 1989 بالتحالف مع مليشيات الجبهة الإسلامية بعد تكوين الحكومة الموسعة والاقتراب من الحل السلمي لمشكلة الجنوب بع اتفاق الميرغني - قر نق .
وبعد انقلاب 30 يونيو 1989 تضاعفت ثروات هذه الفئة، ويمكن تلخيص أهم مصادر تراكم هذه الفئة في الآتي:
أ – نهب أصول القطاع العام عن طريق البيع أو الإيجار أو المنح بأسعار بخسة لأغنياء الجبهة أو لمنظماتها أو الأقمار التابعة لها، والتي كونت أكثر من 600 شركة تجارية تابعة لها ولمؤسساتها.
ب – إصدار قانون النظام المصرفي لعام 1991 م والذي مكن لتجار الجبهة ولمؤسساتها من الهيمنة على قمم الاقتصاد الوطني وامتصاص الفائض مما أدى إلى فقدان الثقة في النظام المصرفي ، إضافة لإجراءات تبديل العملة وتحميل المودعين التكلفة بخصم 2 % من أرصدتهم وحجز 20 % من كل رصيد يزيد عن 100 ألف جنية امتدت اكثر من عام وانتهاك قانون وأعراف سرية النظام المصرفي وكشف القدرات المالية لكبار رجال الأعمال أمام تجار الجبهة الإسلامية ( دورة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني ، أغسطس 2001 ) .
ج – التسهيلات والرخص التجارية من وزارة التجارة والبنوك التجارية والإعفاء من الضرائب .
د – الاستيلاء على شركات التوزيع الأساسية وتمليكها لتجار وشركات الجبهة الإسلامية .
ه – المضاربة في العقارات والأراضي والاستثمار في مشاريع الزراعة الآلية والثروة الحيوانية واستيلاء شركات ومؤسسات الجبهة الإسلامية على مؤسسات تسويق الماشية.
و – من مصادر التراكم الرأسمالي لهذه الفئة أيضا عائدات البترول والذهب.
ز – من الأمثلة للنهب : طريق الإنقاذ الغربي الذي وصل قمة النهب ، وإفقار المزارعين عن طريق نظام السلم أو الشيل والضرائب والجبايات التي لم يعرفها الشعب السوداني إلا في العهد التركي .
ح – من مصادر التراكم والدعم لهذه الفئة رأس المال الإسلامي العلمي الذي دخل البلاد في التسعينيات من القرن الماضي والذي قدرته بعض المصادر ب 6 مليار دولار وأسهم في دعم النظام ومؤسساته الاقتصادية والمالية والحربية .
• الشاهد أن هذه المصادر جاءت نتيجة للنهب الاقتصادي والقمع السياسي ، وعاشت هذه الفئة الطفيلية في ترف وبذخ في الأفراح والاتراح وأقامت غابات الأسمنت محل الأراضي الزراعية .
• ومن الجانب الآخر تدهورت أوضاع الفئات الشعبية نتيجة للفقر والبؤس ، وانتشرت الرشوة والفساد في المجتمع وغير ذلك من التحلل الخلقي والاجتماعي الذي فرضه نظام الجبهة الإسلامية .
• كما تدهورت أوضاع الفئات الوسطى التي تشمل ( الموظفين ، المهنيين ، المعلمين ، الأطباء ، ضباط الجيش ، الحرفيين ، .... الخ ) ، وتفاقمت مشكلة البطالة ، وتم تشريد الآلاف من العمل ، وزادت وتائر الهجرة للخارج ، كما زادت الهجرة الداخلية إلى المدن بسب المجاعات وظاهرة الجفاف والتصحر وتدهور الإنتاج الزراعي والحيواني ، والنزاعات القبلية وحرب الجنوب ، والحرب في دار فور والشرق ، كما طرحت جماهير المناطق المهمشة مطالبها في التنمية والتعليم والصحة والخدمات واقتسام السلطة والثروة . هذا إضافة لتمركز الصناعات في المدن وخدمات التعليم والصحة ، فقد أوضح المسح الصناعي الأخير أن 64 % من المنشآت الصناعية الكبيرة في الخرطوم ( المسح الصناعي 2001 ) .
11 – وعن طبيعة نظام الجبهة الذي بدأ بانقلاب 30 يونيو 1989 ، فقد بدأ بحل الجمعية التأسيسية ومجلس رأس الدولة وحل الأحزاب السياسية والنقابات ولجنة الانتخابات وكل المؤسسات الدستورية التي كانت قائمة قبل انقلاب 30 يونيو 1989 ، وتم تكوين مجلس ثورة ( سلطة تشريعية ) ومجلس وزراء ( سلطة تنفيذية ) ، وتم اعتقال قادة المعرضة مع مسرحية اعتقال د . حسن الترابي ، وتم تشريد الآلاف من المعارضين السياسيين . كما تم مصادرة الحقوق والحريات الأساسية : حرية الصحافة والتعبير والنشر ومنع المواكب والمظاهرات والإضرابات ، وفرضت مراسيم جمهورية حددت عقوبات معرضة أو مقاومة النظام ( إضرابات ) بالسجن الطويل أو الإعدام ، كما تم عقد مؤتمرات كانت الدعوة فيها تتم على أسس فردية ومن الإذاعة مثل مؤتمرات الصحافة والإعلام والحوار الوطني .... الخ، كما تم إقامة نظام شمولي ( نظام المؤتمرات الشعبية ) مع روافد له ( الشباب، النساء، السلام، المجلس الوطني الانتقالي.... ) ، وكلها تنظيمات تابعة للدولة ، كما تمت مصادرة جميع مظاهر النشاط الثقافي المستقل عن السلطة ، والتزم بيان البشير في يونيو 1989 بالآتي :
أ – رفع المعاناة عن الجماهير ب – فك عزلة السودان الخارجية ج – تحقيق السلام د – دعم القوات المسلحة .
وبعد 16 عاما زادت المعاناة على الجماهير ، وازداد لهيب نيران الحرب في الجنوب والتي اتسعت لتشمل دار فور وشرق السودان ، حتى تم توقيع اتفاق السلام في نيفاشا يوم 9 / 1 / 2005 م ، وحدث التدخل الدولي بقرار الأمم المتحدة بتواجد اكثر من 10 ألف جندي لحماية اتفاق السلام ، واصبح السودان تحت وصاية الأمم المتحدة .
ومن جانب آخر اتسعت المعارضة الجماهيرية والعسكرية للنظام ، وتم توقيع ميثاق التجمع الوطني الديمقراطي في اكتو بر 1989 ، وكانت إضرابات عمال السكة الحديد 90 / 1991 ، وإضراب الأطباء في نوفمبر 1989 ، ومقاومة الطلاب التي بلغت ذروتها في انتفاضة سبتمبر 1995 ، وسبتمبر 1996 ، وانتفاضات المدن ومقاومة إرسال الطلاب إلى محرقة الحرب .. الخ.
وكان من نتائج المقاومة الداخلية وضغط المجتمع الدولي، إرغام الحكومة على توقيع اتفاقات السلام، لتبدأ معركة جديدة من أجل التحول الديمقراطي الشامل والتنمية والوحدة والسلام وتحسين أحوال الناس المعيشية.




برنامج إسعافي عاجل :
من العرض السابق للتركيبة الاقتصادية والاجتماعية التي نشأت وتمخضت عن نظام الإنقاذ ، نلاحظ التركة المثقلة بالخراب والدمار والتشوهات التي حدثت في المجتمع السوداني في كل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأخلاقية . فالحزب الشيوعي عندما طرح برنامجه عام 1967 ، كان ينطلق من أرضية ثابتة في الاقتصاد السوداني ، وكان يطالب بالإصلاح والتطوير انطلاقا من تلك الأرضية : كان يوجد مشروع الجزيرة والمشاريع الزراعية الأخرى التي تسهم في توفير الغذاء ، وكان محصول القطن يشكل 60 % من الصادر إضافة للمحاصيل والصادرات الأخرى ، وكانت هناك بنيات تحتية ، صحيح كان لها مشاكلها ، مثل السكة الحديد ، النقل النهري ، الخطوط الجوية السودانية ، وكان هناك نظام تعليم مجاني وخدمات صحة صحية متوفرة للناس ... الخ. أما الآن، فإن الصورة قد تغيرت تماما، فقد انهارت المشاريع الزراعية بدلا من تطويرها باعتبارها الركيزة الهامة لتوفير الغذاء، والانطلاق نحو التصنيع، كما انهارت السكة الحديد والنقل النهري والجوى، وتدهورت خدمات التعليم والصحة. ولذلك ، فإننا نبدأ من نقطة متخلفة ، تتطلب برنامجا إسعافيا عاجل يتطلب إنجازه وحدة كل القوى السياسية والوطنية بمختلف أطيافها ومشاربها من أجل : -
1 – إعادة تأهيل القطاع الزراعي بحل مشاكل المياه والرى ومدخلات الإنتاج وتوفير الجازولين والطاقة الكهربائية ، واستعداد الحكومة لمكافحة الآفات ( الجراد ، الفئران ، الآفات الزراعية الأخرى ) ، وتقليل تكلفة الإنتاج ( تخفيض أسعار الماء والأرض والحصاد ) ، وحل مشاكل التسويق وتقليل تكلفة الترحيل ومشاكل التخزين ، ورفع تدخل الدولة وإلغاء الضرائب والجبايات التي تمحق عائد المزارع وتنفره من العمل بالزراعة ، وضمان توفير الغذاء . هذا إضافة إلى ضرورة إعادة الغطاء النباتي ونثر البذور حتى نحمى البيئة ونكافح الجفاف والتصحر ، التوسع في المساحات المزروعة ، رفع نسبة القطاع الزراعي في الصادر ، الاهتمام بالثروة الحيوانية وتنميتها وتوفير الخدمات البيطرية والمراعى والمياه وخدمات التعليم والصحة للرعاه ، هذا إضافة لضرورة إلغاء نظام الشيل وقيام بنك زراعي يخصص سقفا معلوما لتمويل صغار المزارعين بفوائد زهيدة حتى نتخلص من لعنة رمى المزارعين في السجون بسبب عدم تسديد السلفيات ، هذا إضافة لإنشاء بنك تعاوني تودع فيه الجمعيات التعاونية أرصدتها ويمدها بسلفيات زهيدة الفائدة .
2 – إعادة تأهيل القطاع الصناعي بتوفير الطاقة بأسعار زهيدة وحماية الصناعة الوطنية حتى نرفع القدرات التسويقية ، حل مشاكل التمويل والسلفيات بفوائد زهيدة لتوفير قطع الغيار وحتى تعمل المصانع بطاقتها الكاملة ، وتدب الحياة في المصانع التي توقفت ، هذا إضافة للتوسع في الرقعة الزراعية للحبوب الزيتية ( السمسم ، الفول ، القطن ، عباد الشمس ، .... الخ ) حتى تنتعش مصانع الزيوت والصابون ، والتوسع في زراعة القطن لمواجهة احيتاجات صناعة النسيج ، ...الخ. .
3 – إعادة النظر في كل المؤسسات التي تمت خصخصتها بهدف مراجعة كل التجاوزات القانونية التي تمت فيها، ورد ممتلكات الشعب إليه، ويتم ذلك أيضا بالنسبة لكل الشركات والمؤسسات والبنوك التي تم تأسيسها بعد انقلاب الجبهة.
4 – المطالبة بالشفافية في عائدات البترول والذهب، وتخصيص جزء منها لتنمية المناطق الأكثر تخلفا، ودعم القطاعين الزراعي والصناعي وخدمات التعليم والصحة والكهرباء والمياه وحماية البيئة، والتعويض العادل للذين تم تهجيرهم من مناطق البترول... الخ.
5 – إعادة تأهيل السكة الحديد، النقل النهري، الخطوط الجوية السودانية، ودعم وتطوير وتوسيع شبكة الطرق الداخلية..
6 – إعادة تأهيل نظام التعليم باعتباره استثمار مستقبلي وركيزة هامة لنهضة البلاد وهذا يتطلب ديمقراطية ومجانية التعليم العام فعلا لاقولا وتوفيره لكل مناطق السودان وبغض النظر عن النوع والعرق ، وتوفير مقومات التعليم الأساسية : مناهج قومية ، المعلم المؤهل والمستقر ماديا ، المدرسة الشاملة التي تلبي احتياجات التلاميذ الأكاديمية والثقافية والرياضية والفنية ، وتوفير المكتبات المدرسية التي تشجع التلاميذ على الدراسة من المهد إلى اللحد . وهذا يتطلب رفع ميزانية التعليم وإعادة النظر في خصخصة التعليم العام ومحاربة طريقة الحشو والتلقين الحالية التي تقتل روح الخلق والإبداع المستقل عند التلاميذ ، ورفع نسبة التعليم الفني في التعليم العام ، وضرورة المدرسة الشاملة التي تجمع بين التعليم الأكاديمي والفني ... الخ.
في التعليم العالي : فتحت حكومة الإنقاذ اكثر من 26 جامعة وكلية دون توفير مقومات التعليم العالي : أساتذة مؤهلين ، مكتبات ، قاعات معامل ، مراجع ، ميادين رياضية وقاعات للمنا شط الثقافية والاجتماعية ... الخ . وهذا يتطلب معالجة هذه المشاكل حتى يرتبط التعليم باحتياجات البلاد التنموية .
7 - في مجال الصحة : رفع ميزانية الصحة ، إعادة تأهيل المستشفيات ، تحسين شروط خدمة الأطباء والفنيين والممرضين والعاملين في القطاع الصحي باعتباره استثمار هام ، ولا يمكن الحديث عن تنمية بدون خدمات صحية وأجساد وعقول معافاة ، وهذا يتطلب توفير الدواء ووقف خصخصة الخدمات الصحية حتى لا يصبح العلاج للقادرين فقط ، وتوفير الخدمات الصحية المتوازنة بين أقاليم السودان المختلفة .
8 – إعادة تأهيل القطاعين الزراعي والصناعي يسهم في حل مشكلة العجز في الميزان التجاري وميزان المدفوعات ، ويسهم في التنويع الاقتصادي وحتى لا نعود إلي المربع الأول بالاعتماد على سلعة واحدة ( البترول الذي اصبح يشكل 80 % من الصادر ) ، علما بأن البترول ثروة ناضبة .
9 – إعادة التوازن في علاقاتنا التجارية الخارجية حيث تشكل الدول الآسيوية غير العربية نسبة 80,9 % من إجمالي الصادرات عام 2003 م ، كانت 73,7 % عام 2002 ، وتقليل الواردات الاستهلاكية البذخية من الدول العربية وأغلبها مواد استهلاكية غذائية .
10 – معالجة الديون الخارجية وإعادة التفاوض حولها مع الدائنين والشفافية ، والاشتراك بنشاط في الحملة العالمية المطالبة بإلغاء الديون الثقيلة على الدول الفقيرة ، فكل دولار تمنحه المؤسسات المالية العالمية والمؤسسات متعددة الجنسيات يعود عليها ب 2دولار على الأقل ، مما يجهض التنمية ويكرس التخلف في البلدان الفقيرة .
11 – تقليل الصرف البذخي على جهاز الدولة وتقليل الفساد إلى أقصي حد وكشفه ومحاربته ، وكذلك تقليل حجم جهاز الدولة وتحديد الوظائف والمناصب على ضوء احتياجات البلاد الفعلية ، وإعادة النظر في تقسيم الولايات والرجوع لنظام المديريات السابق :المديرية الشمالية ، مديرية كردفان ، دار فور ، الخرطوم ، الأوسط ( النيل الأزرق سابقا ) ، البحر الأحمر ، الاستوائية ، بحر الغزال ، أعالي النيل . وضمان الحكم الذاتي والمحلي في كل مديرية .
12 – حل مشكلة الفقر الذي أصبح نسبته تشكل 95 % من الشعب السوداني ، بتوفير فرص العمل للعاطلين وتسوية أوضاع المفصولين تعسفيا وكل من تم تشريده باسم الصالح العام ، ورد المظالم ومحاسبة كل الذين ارتكبوا جرائم في حق الوطن والمواطن .
13 – تحسين الأحوال المعيشية، وإعادة النظر في الأجور حتى تتناسب مع تكليف المعيشة، ودعم السلع الأساسية ( الكهرباء، الماء، الدقيق... الخ ) ، وتسديد ديون واستحقاقات العاملين .
14 – الاهتمام بالتنمية المتوازنة بين أقاليم السودان المختلفة ، ورصد مبالغ معقولة للتنمية .
15 – إلغاء القوانين الاستثنائية مثل : قانون الأمن الوطني ، قانون الأحزاب والتوالي ، قانون الصحافة والمطبوعات ، قانون النقابات ، قانون الإثبات ، قانون العقوبات ، قانون الجمعيات الأهلية ، وإصدار قوانين ديمقراطية بديلة لها ، وبينها إصدار قانون ديمقراطي ولائحة لتنظيم عمل النقابات ، وتشكيل لجان قومية لمراجعة كل القوانين الأخرى في البلاد بهدف إزالة كل المواد المقيدة للحريات وتتعارض مع المواثيق الدولية .
16 – قيام الانتخابات العامة في موعدها الذي حددته الاتفاقية في نهاية السنة الثالثة، بقيام لجنة قومية تضع كل الخطوات اللازمة لنزاهتها ونجاحها، وان تجرى الانتخابات بحضور وإشراف دولي.
17 – بذل كل الجهود والتضحيات كيلا تعود البلاد مرة أخرى للحرب الأهلية في أى جزء منها ، تلك الحرب التي قضت على الأخضر واليابس ، وكانت على حساب التنمية وتحسين أحوال الشعب .
18 – ضرورة خلق أوسع جبهة من أجل توحيد البلاد وبناء الدولة المدنية الديمقراطية التي تضمن تلك الوحدة ، ومخاطبة قضايا الجماهير ، والصراع السياسي والفكري ضد جماعات الهوس والتطرف الديني والإرهاب التي تهدد وحدة البلاد ، ومعالجة الثغرات في اتفاقية السلام ( سياسيا وفكريا ) مثل تطبيق الشريعة في الشمال ( والتي يجب ألا يحتكر تفسيرها تنظيم واحد ) ، ووجود نظامين مصرفيين واقتسام الثروة ووجود جيشين واقتسام السلطة في المركز والمناطق المهمشة .
19 – الاهتمام بالتنمية فعلا لا قولا في المناطق المهمشة .
20 – بعد حوالي خمسين عاما من الاستقلال تدهورت الأوضاع في السودان وتعمقت الحرب حتى أصبحت البلاد تحت حماية الأمم المتحدة ، وتم تحديد مهام ووظائف هذه القوات التي تقدر ب 10 ألف ، وتكلف هذه القوات سنويا مليار دولار قابلة للزيادة ، أي أن التكلفة في السبع سنوات القادمة ستكون على الأقل 7 مليارات ، ورغم تقدير جهد ودور المجتمع الدولي في مساعدة السودان في استتباب السلام واستعادة الديمقراطية وحماية الوحدة ، إلا أن هناك تخوفات لها ما يبررها من الآثار المالية والاجتماعية والصحية والأخلاقية ( تجربة الكونغو ) ، لهذا الثقل الكثيف للوجود الأجنبي في السودان ، وتجارب يوغسلافيا والصومال الفاشلة ما زالت ماثلة في الأذهان . ما العمل مع هذه القوات ؟
خلق أوسع جبهة من أجل جلاء الوجود الأجنبي من السودان في أسرع وقت ممكن ، وهذا يتطلب :
• ترسيخ وتعميق التحول الديمقراطي في البلاد.
• تصفية المليشيات في الشمال والجنوب وإطفاء نيران الحرب في الشرق والغرب .. الخ .
• منع تجدد الحرب حتى لا يكون هناك مبرر للبقاء لفترة أطول.
• الضغط لتقليص العدد كلما تحسنت الأحوال حتى الجلاء الكامل واستعادة الديمقراطية والسيادة الوطنية .
• أن يصمم أهل السودان ويعقدوا العزم على حل مشاكلهم بأنفسهم ، ومهما تصاعد الوجود الأجنبي ، فأنه لايغني عن الوحدة لحل مشاكلنا .
21 – تصعيد النشاط السياسي الجماهيري المستقل للأحزاب ، فالعمل الجماهيري المثابر هو العامل الحاسم في قلب موازين الصراع السياسي لمصلحة الشعب .
22 – ضرورة تحويل اتفاقيات السلام من ثنائية ( أو ثلاثية ) ، إلى اتفاق شامل ، باستكمال التفاوض مع جبهتي دار فور ومؤتمر البجا والأسود الحرة في الشرق ، والتفاوض مع حزبي الأمة والمؤتمر الشعبي ، حتى يتم تحويل الاتفاق من ثلاثي إلى شامل .
23 – المساواة الفعلية بين المرأة والرجل، وضرورة تمثيل المرأة العادل حسب ثقلها ووزنها وكفاءتها في أجهزة الدولة ( ( السلطة التشريعية، التنفيذية، .... الخ ) ، وفي الأحزاب السياسية والمنظمات الأخرى .
24 – خلق أوسع تحالف انتخابي لمواجهة مخاطر الفترة القادمة والتي تتطلب الإجماع الوطني الذي يشكل الضمانة الأساسية لاجتياز هده المرحلة بنجاح والضمان الوحيد لتحقيق السلام الدائم والشامل والتحول الديمقراطي والاستقرار والتنمية والوحدة.



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماركسية وقضايا المناطق المهمشة في السودان
- الاثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لنشأة وتطور سكك حديد ...
- حول قرار عبد الواحد بفتح مكتب لحركته داخل اسرائيل
- الرحلة من موسكو الي منسك
- حول تجربة مشاركة التجمع في السلطة التشريعية والتنفيذية
- وثيقة الحقوق في الدستور الانتقالي لعام 2005م: التناقض بين ال ...
- ملاحظات نقدية علي برامج الحركات الاقليمية والجهوية(3)
- ملاحظات نقدية علي برامج الحركات الاقليمية والجهوية(2)
- حول قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية لسنة 2004م
- ملاحظات نقدية علي برامج الحركات الاقليمية والجهوية(1)
- حول ابعاد اتفاق حزب الامة مع المؤتمر الوطني
- تاريخ أول انقسام في الحزب الشيوعي السوداني
- تاريخ الانقسام الثاني في الحزب الشيوعي السوداني: اغسطس 1964م
- وداعا زين العابدين صديق البشير
- في الذكري الثالثة لتوقيع اتفاقية نيفاشا: المآلات وحصاد الهشي ...
- ما هي طبيعة وحدود الحركات الاقليمية والجهوية؟
- دروس احداث امدرمان
- هل اصبحت الماركسية في ذمة التاريخ؟
- وداعا البروفيسور محمد سعيد القدال
- حول تجربة المناقشة العامة في الحزب الشيوعي السوداني


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - تاج السر عثمان - المتغيرات في الاوضاع المحلية والعالمية بعد المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي السوداني(اكتوبر 1967)