أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - العلمانية.. هل تصلح لمجتمعاتنا؟ (1-2)














المزيد.....

العلمانية.. هل تصلح لمجتمعاتنا؟ (1-2)


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 2302 - 2008 / 6 / 4 - 10:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


العلمانية مفهوم حديث في التاريخ الغربي لايتعدى عمره القرنين، حيث برز أول مرة في فرنسا أثناء مصادرة الحكومة لأموال الكنيسة، وقد وُصفت تلك العملية بالعلمنة.
ومعروف أن التعريف التقليدي للعلمانية هو فصل الدين عن الدولة أو عن السياسة، في حين يشدد مخالفو العلمانية على المزج بين الدين والسياسة، وبالذات الإسلاميون الذين يعتقدون أن الدين الإسلامي يختلف عن الأديان الأخرى التي لاتولي أهمية للسلطة والسياسة، كالمسيحية واليهودية، ويؤكدون على أن الإسلام دين سياسي، وبأن السياسة تندرج في ذات الدين، وأن المسلم لايستطيع إلا أن يكون سياسيا. فنبي الإسلام، باعتقادهم، وهو اعتقاد صحيح، كان يتمتع بشخصية سياسية متكاملة لأنه مارس السياسة بكل أبعادها، لذلك شكل أمة إسلامية سياسية وبنى مجتمع المدينة/الدولة. على هذا الأساس نجدهم يشددون على لزوم الاقتداء بالنبي وإتباع طريقه الديني - السياسي، وأي دعوة لفصل الدين عن السياسة بالنسبة إليهم هي دعوة مذمومة لايجوز تنفيذها.
إن العلمانية لاتعني فحسب فصل الدين عن السياسة، بل ذلك ليس سوى نتيجة من نتائجها، إنما هي تستند إلى علاقة وطيدة مع عالم الطبيعة والمادة وتبتعد ما أمكن عن عالم ما بعد الطبيعة. هي توصي بعدم الإشارة إلى دور الدين في القضايا المتعلقة بالحياة الطبيعية، لأنها تعتبر الدين أحد عناصر ما بعد الطبيعة. بمعنى أنها تؤكد على إبعاد دور الدين عن الشأن العام، أي عن السياسة والاقتصاد والتعليم وغيره من المسائل. والشاهد على ذلك أن العصر الحديث شهد جهدا بشريا كبيرا في هذا الطريق، أي في طريق فصل مسائل الطبيعة عن مسائل ما بعد الطبيعة.
وفي الكويت، حينما كان مرشحو انتخابات مجلس الأمة يترددون على الديوانيات للحصول على دعم روادها، كانت العبارة التي يودّع بها أهل الديوانية المرشح هي "عسى الله يوفقك في الانتخابات"، أي أن العبارة المستخدمة مع المرشح كانت دينية تنتمي إلى عالم ما بعد الطبيعة (العالم غير العلماني) من أجل التعاطي مع أمر طبيعي مادي وبشري (أمر علماني). وهذا يعني بأننا لا نزال نتعاطى مع الشأن الطبيعي استنادا إلى الإطار ما بعد الطبيعي، وأن لغتنا لا تزال لغة غير علمانية، في حين أن العلمانية تُفصل الشأن الطبيعي عن الشأن ما بعد الطبيعي، وتستخدم لغة طبيعة للقضايا الطبيعية المادية البشرية، وتتعاطى مع مسائل ما بعد الطبيعة بلغة تصب في الاتجاه ما بعد الطبيعي. فاللغة دليل على علمانية أو عدم علمانية أي شخص. فهناك فرق في أن يودّع إنسانا صديقه بجملة "نراك غدا" العلماني بدلا من جملة "في أمان الله" الديني غير العلماني، إذ اللغة تشهد على أن صاحبها قد يؤمن بالعلمانية أو إنه قد لا يؤمن بها ولا يزال بعيدا عن أصلها.
إن عالم ما بعد الطبيعة، الذي ينتمي إليه الدين الإسلامي، يتدخل بصورة كبيرة في حياة المسلم ويساهم في تشكيل صورة الحياة ويبث الروح فيها وفي أسبابها وعللها. وبما أن الإنسان هو مجموعة من الأفكار والأسباب، فإنه عادة ما يتبع الأسباب، التي فيما لو كانت دينية فإنه سيصبح إنسانا دينيا، أما إذا ما كانت غير دينية فسيصبح إنسانا علمانيا. وهذا الأمر ينطبق كذلك على أفراد المجتمع في أن يوصفوا بالمتدينين أو بالعلمانيين. على هذا الأساس يوصف إنسان العصر الحديث بالعلماني لأنه استبدل أسباب الحياة الدينية بأسباب أخرى غير دينية، أي بأسباب علمانية. فعلى سبيل المثال، من أسباب نظافة الإنسان المسلم اتباعه الحديث النبوي الذي يقول "النظافة من الإيمان"، أي بسبب ارتباط النظافة بالإيمان لابد أن يكون المسلم نظيفا. في حين أن العلماني لايبحث عن أسباب النظافة في الحديث النبوي أو في النص الديني إنما يبحث عنه عن طريق العقل الطبيعي الذي من شأنه أن يوصله إلى هذه النتيجة حتى لو لم يتوفر في الدين ما يحث على ذلك.
إن مختلف صور الحياة ومختلف مؤسسات المجتمع، الرسمية وغير الرسمية، من سياسية واقتصادية واجتماعية وخدماتية وتعليمية وغيرها، الموجودة في المجتمعات الدينية موجودة أيضا في المجتمعات العلمانية. إذن ما الفرق بين الأثنين؟ بمعنى أنه ما الذي يجب أن يميز المجتمع الديني عن المجتمع غير الديني؟ إن الذي يجب أن يميز أحدهما عن الآخر لابد أن يتعلق بالأسباب أو بالعلل. بمعنى أن الإثنين، العلماني والديني، يتوصلان إلى نتائج متشابهة بشأن معظم قضايا الحياة ومسائلها، لكن الأول ينفذ أفكاره وأهدافه إنطلاقا مما يمليه عليه العقل البشري من أسباب دون النظر إلى رضى الله أو عدم رضاه، في حين أن الثاني ينطلق في تنفيذ أهدافه وأفكاره استنادا إلى دواعي رضى الله لا غير.
لكن هناك فرقا كبيرا بين المشروع الديني والمشروع العلماني، إذ الأول يعتقد، غصبا وزورا ومن دون أي دليل عقلي أو نصّي، بأن الدين يملك مشروعا متكاملا للحياة، بمعنى أن الدين الإسلامي بالنسبة لأنصاره هو "دين ودنيا". في حين يعتقد الثاني عكس ما يعتقد الأول، إنه يستند إلى العقل لا إلى النص الديني في رسم صورة الحياة المادية الطبيعية العقلية وفي تطوير مختلف جوانبها. وفي الانتخابات البرلمانية في الكويت اتجهت جماعات الإسلام السياسي في الدعاية لمرشحيها انطلاقا من عبارة "التكليف الشرعي"، حيث امتنعت عن التصويت للمرشحين غير الدينيين، وبالذات للعلمانيين والليبراليين والمرأة، وأكدت على "حرمة" التصويت لهؤلاء لما فيه من "إثم ومعصية" و"نشر للفسق والفجور" و"تعدّ على شرع الله". بمعنى أن تلك الجماعات دخلت ساحة الانتخابات والتصويت من بوابة المشروع الديني وأدبياته ومن خلال الأسباب والعلل الدينية المتصلة برضى الله. في المقابل نجد أن الجماعات غير الدينية، العلمانية والليبرالية، استندت في ذلك إلى العقل والمصلحة والواقع، أي إلى الأسباب العقلية الطبيعية غير الدينية لا إلى المشروع الديني والأسباب الدينية والنص الديني.

كاتب كويتي



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين معيار الحقيقة.. ومعيار الحرية
- الإنسان.. وفصل الدين عن السياسة
- في صراع الدين والحداثة
- لنُسقط العمامة المسيّسة
- الإسلاميون غير تواقين للديموقراطية
- المرأة.. قاصرة.. متبوعة.. غير حرة
- الليبراليون.. وإصلاح الدين
- في نقد الخطاب الليبرالي الكويتي
- يفخخ المجتمع.. ثم يتبرأ من تبعات الانفجار
- الزرقاوي ومغنية.. وسؤال الطائفية
- حزب الله.. والفكر الوصائي لنظام التقليد
- حزب الله.. ومغنية.. والكويت
- الدين والدنيا
- الخطاب الأسطوري.. والتديّن العقلاني
- التفسير الأسطوري.. ومفهوم التعددية الإيمانية
- التفسير الأسطوري.. وكربلاء.. والحياة الحديثة
- في نقد التفسير الأسطوري لحادثة عاشوراء
- أعداء المرأة
- الخطاب الديني.. والأخلاق.. وحقوق الإنسان
- قضايا الأمة أهم من حقوق الإنسان


المزيد.....




- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - العلمانية.. هل تصلح لمجتمعاتنا؟ (1-2)