|
بحيرة الأيرة البيضاء - 6 -
غريب عسقلاني
الحوار المتمدن-العدد: 2298 - 2008 / 5 / 31 - 09:47
المحور:
الادب والفن
رواية قصيرة للفتيان
اكتمل القمر وصار بدراً وانطلقت كائنات الغابة نحو البحيرة والبساتين والأدغال المحيطة بها ، وصلت الثعلبة الطيبة مبكراً لتكون أول من يستقبل موكب الأميرة , وغيرت الحية جلدها بجلد أبيض ، وانتظرت بين الأعشاب في دغل يطل على الشاطئ ، أما الطاووس فلم يتوقف عن الطيران فوق سطح البحيرة . ولم يهبط القرد الرقاص عن شجرة جوز الهند كما أمره الحكيم . رفرف الطاووس وأصدر صهيلاً في الفضاء ، فظهر موكب الأميرة تتقدمه اللبوة العجوز ، فأسرعت الذئبة الطيبة لاستقبال ، فنهرتها اللبوة العجوز: ـ ابتعدي عن الطريق أيتها الثعلبة الماكرة . حزنت الثعلبة فأسرعت الأميرة إليها مرحبة ـ أهلاً بالثعلبة الطيبة وأخذتها إلى جانبها ، فلم يعجب الأمر الوصيفات وأخذن يتهامسن قالت إحداهن : ـ كيف يضم موكب بنات الأسود ثعلبة حقيرة ؟! نظرت إليها الأميرة بغضب فلاذت الوصيفة بالصمت قالت الأميرة : ـ الثعلبة الطيبة علمتني الوفاء والاخلاص والمحبة . وقبل أن تنزل الأميرة ورفيقاتها إلى الماء ، أشارت أحدى الوصيفات إلى ضوئين يلمعان في العشب ضحكت الأميرة ونادت : ـ تقدمي يا صديقتي الألفية خرجت الحية من عشب الدغل ، فدهشت الأميرة من بياض جلودها ، انتصبت الحية على ذيلها وأدت التحية ، ذعرت الوصيفات فقالت الأميرة : ـ لا تخفن فالألفية لا تلدغ غدراً سألت الأميرة الحية : ما سر ثوبك الجميل أيتها الألفية قالت الألفية فرحة : ـ نحن معشر الحيات نغير جلدنا مرة في العام ، ونختار اللون الذي يعجبنا ، حسب أيامنا وأحوالنا ، فإذا كانت الواحدة منا حزينة لبست جلداً قاتماً وإذا كانت سعيدة لبست الأبيض اللامع . استمعت الوصيفات إلى حديث الألفية بإعجاب ، لا يصدقن أن حية بمثل هذه الطيبة ، قالت وصيفة منهن : ـ وما سر قرنيك الذهبيين؟ ظهر السرور والرضى على الحية وقالت : ـ عندما تبلغ الألف تنام عاماً كاملاً يزورها القمر ، ويأخذ قرنيها اللحميين ويزرع مكانهما قرنيين ذهبيين ، وعندما تصحو من نومها ، تعرف أنها بلغت الألف وأنها تعلم ما لا تعلمه غيرها من بنات جنسها . تحركت الحية إلى العشب وتركت مكاناً للطاووس يفرد ذيله ويصهل ويلاعب عرفه . ضحكت الأميرة وسألته : ـ ماذا أصابك أيها الجميل المختال ؟ قال الطاووس : ـ الليلة أزف سيدتي وأميرتي همست الأميرة في اذن الطاووس : ـ ماذا يفعل سيدك الأمير ؟ همس في أذنها مراوغاً : ـ يبحث عن سر القمر ـ وهل أعطاه القمر سره طار الطاووس وهبط على شجرة البلوط حيث يجلس القرد الرقاص، وأشارت الأميرة للوصيفات أن ينزلن الماء ويبدأن الغناء ، كان القمر يضيء الكون والبحيرة صارت مرآة فضة ، تردد في الغابة صوت يشبه عبور الريح في القصب ، هدأت الغابة وتوقفت اللبوات عن الغناء ، ولكن الصوت العذب عاد قوياً ومتواصلاً ، سألت الأميرة وصيفاتها : ـهل تسمعن ما أسمع ؟ قلن وبلسان واحد . ـ نسمع يا أميرة . ودعتهن وقالت : ـ القمر يزفني الليلة إلى زوجي الأمير ترددت في الغابة صوت الأسد يا أميرتي البيضاء . خرجت الأميرة من الماء ، كان الأسد ينتظرها على الشاطئ ، جثا أمامها على ركبتيه احتراماً وقال : ـ هل ترافقيني إلى عريني ؟ ردت الأميرة مسرورة : ـ سمعاً وطاعة يا زوجي وملكي ـ هبط القرد الرقاص عن شجرة جوز الهند وأخذ يمارس ألعابه البهلوانية حتى أضحك الأميرة والأمير ، وقدم لهما ثمرة جوز الهند الغريبة قائلاً : هذه هدية القمر وسره وتحدث سكان الغابة عن أجمل عرس شاركت فيه جميع الكائنات الطيبة ، وتفتحت فيه الأزهار وأطلقت روائحها ، واكتست صغار الطيور ريشاً أجمل من ريش الطاووس ، وسجل القرد الحكيم فصلاً من تاريخ الغابات وسيرة الحياة فيها .
#غريب_عسقلاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بحيرة الأميرة البيضاء - 5 -
-
بحيرة الأميرة البيضاء - 4 -
-
بحيرة الأميرة البيضاء - 3 -
-
بحيرة الأميرة البيضاء
-
بحيرة الأميرة البيضاء - 1 -
-
مقامات غزية - 7 -
-
مقامات غزية - 6 -
-
مقامات غزية - 5 -
-
في مقام غزة - 4 -
-
مقامات غزية - 4 -
-
في مقام غزة - 3 -
-
مقامات غزية - 3 -
-
كائنات ليل سرمدي - مقاربات نقدية
-
غريب عسقلاني - قصص قصيرجداً - 2 -
-
حكاية بنت اسمها عبلة
-
في مقام العقل - قصص قصيرة جداً
-
في مقام غزة - قصص قصيرة جدا - 1 -
-
رسائل الزاجل الأسير إلى سهير المصادفة
-
ضفاف البوح - 8 - القصل الأخير
-
ضفاف البوح - 7 -
المزيد.....
-
تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
-
انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
-
الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح
...
-
في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
-
وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز
...
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
-
فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
-
بنتُ السراب
-
مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا
...
-
-الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم -
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|