عزيز باكوش
إعلامي من المغرب
(Bakouch Azziz)
الحوار المتمدن-العدد: 2298 - 2008 / 5 / 31 - 09:47
المحور:
الادب والفن
قاعة العرض امتلأت عن آخرها, ورشحت بما فيها على الجنبات , بما في ذلك الممرات المخصصة للعبور , كانت الأفلام المعروضة لا تختلف في شكلها عن نمط ترسخ منذ عقود ، فيلمين الأول كراطي والثاني هندي ، وما بينهما شيئ فوق التصور .
ينبغي على الفرد أن يكون مفتونا بالشاشة ,حتى تلتهمه مثل هذه الطقوس والمزارات الملتبسة , أن يكون روحانيا كي يلبسه على الآخر طوفان السنما الجارف من العتمة الى الضجيج الباذخ .
اللعنة , اللعنة على هذا المكان الذي يقذف الذات إليه عشق الصورة مدعوما بشيطان الجوع الرجيم المآت من الشباب المارقين والمارقات الخارجين عن نطاق سيطرة القيم , يزجون بأنفسهم في أحضان بركان من الصخب والهمهمات الفائر .
تمطى هشام وتثاءب , ثم دفع الى الهواء خارج فضاء غرفته الكئيبة جسده النحيف المتهالك , من فرط العياء والتدخين طوال الليل قاصدا فرجته الأسبوعية .
في الخارج,الجو رائع , هادئ, شفاف منعش و يشد الروح, نسيم الزوال يسربل , الأجساد ,والأزهار, الأفكار والذكريات برداء من النشوة والحركة .
داخل قاعة السينما , وطن من ظلام ودخان , , يؤثثه صمت متهالك يلف الأشباح المنغرسة في أطياف انسيابية تبرز ثم تتوارى, فتبدو شبيهة بحقل أعشاب برية تحت قصف مطري فادح .
قبل انطلاق العرض بدقائق, اصطدم وجه هشام بصهد تأنفه الخياشيم , وتسربت الى أسماعه زفرات مخدر تجف لها المسام, سحب دخان كثيفة محورية , تمتطي صهوة فضاء رمادي شاحب, تلوحه, ترسم سياجات , تتفاعل ,وتتقاطع مع الحركات الزافرة هادرة دون يأس .
من جرح هذا السفر, حيث يتجانس الترقب الكسيح لبداية الفرجة , بالصخب الهادر, تتسلل موجة زعيق لا ينقطع, فرقعات لا تهدأ , إلا عند الانبطاح فوق كرسي مهترئ, كخيل صاهلة جموح.
باب السينما كبير ومطواع , لا يكف عن الالتفاف يمينا او يسارا, يسمح ببصيص ضوء على رأس الثانية, ومع كل ولوج , يتسلل ضوء خاطف, ما يلبث أن يتوارى, كي يغرق الفضاء من جديد في بحر عتيم . يشقه ضوء مصباح "الجلاسة" , يتفحص الأجسام التي تدلف , والتي تتباين قاماتها, أهواؤها ,ليقودها الى حيث تجلس , ملامح كسيحة منخورة هدها السأم, سحنات رفلاء سودتها أقبية بلا هواء بلا سخاء, شباب من كل الأعمار , يؤثث التسيب انتظاراتهم , وتشيد الفوضى أدراج مجدها الأزلي في سلوكاتهم من النظرة الى الجلوس ,مصحوبة بفرقعات الأصابع, وسلخ فضلات عباد الشمس , وتعديل القبعات حجت لتستمتع بعرضين مثيرين . هن أيضا شابات في عمر الزهور, كاعبات بقاماتهن الشهواء يرتدين ألبسة مشجرة , تعصر بقسوة ولذة سيقانهن المكتنزات , الملتهبات بالتلاحم والالتصاق. وهن يفرقعن أعلاكا من كل الأنواع,ويطردن بوهم كالح أنفاسا مفترضة دون كلل أو ملل. يتبع
عزيز باكوش
#عزيز_باكوش (هاشتاغ)
Bakouch__Azziz#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟