أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيوسي - صباحكم أجمل/ سفر بليلة ريح














المزيد.....

صباحكم أجمل/ سفر بليلة ريح


زياد جيوسي
كاتب واعلامي


الحوار المتمدن-العدد: 2297 - 2008 / 5 / 30 - 10:39
المحور: الادب والفن
    


الأربعاء,أيار 28, 2008
صباح آخر لرام الله، صباح أكثر جمالا وبهجة، صباح ياسمينات تتبرعم وتتعربش الجدران، تعبق الدروب بعبقها والجمال، نسمات الغرب تداعب مني الروح والجسد، عشقي الخاص، فصباحك اشراقة شمس يا رام الله.. يا حبيبتي.. أحن إليك فأقطف زهرة ياسمين أزرعها مفرق شعرك، كل يوم أكتب إليك، فهل يا ترى سيكفي الورق لكتابة قصة عشقنا الضاربة الجذور، معا نحن، إلى الأبد يدا بيد، قلبا بقلب، انصهار أرواح، إدنغام إلى درجة الذوبان، رقة الحبيب، دمعة تسكن المآقي أخشى عليها من الانفلات، فابقي معي نواصل ما فاتنا في سنوات الغياب، عشق روحي يسكننا فلا نمتلك للمشاعر دفعا، دعيني التقيك بلا فراق، أمسك بيدك تحت ظلال القمر، أداعب شعرك الناعم المنسدل على الكتفين، نتذاكر قصص العشاق، فهل من عشاق رسموا قصة عشق كقصتنا؟
صباحك أجمل يا مدينتي، صباحك أجمل وأنا أجول متأملا كل ما أراه فيك، أهمس بأذنك: أحبك كما يليق بك أن تُحَبي، كمليكة الجمال على عرشها، يا مليكة البراعم والياسمين والصنوبر، يا حبيبة الماضي والحاضر والمستقبل، معا أبدا.
ما زال عيسى يحتل زاويته، ينادي بصوته الأجش على الكرز والجرانق، العم إيليا يجلس إلى مقعده يتمتع بالشمس، التوأم يخرجون بضاعتهم للشمس، التقط بعض حبات الكرز بعد إلحاح عيسى، أتذوقها بهدوء، فأنا لم أتناول فنجان قهوتي بعد، فقد صحوت مبكرا وخرجت لأرافق حبيبتي الناعسة صحوة الفجر، أتنشق نسماتها البكر، فكالعادة لا يمكنني أن أترك الشمس تفتقدني بلحظة نزعها سدل العتمة، ولا يمكنني أن لا أشارك المدينة صباحها قبل أن تنفلت عيون المارة من نومها.
أيامي ورام الله لم تخلو من أمسيات جمال طيبة في الأيام الماضية، ففي مساء الخميس الماضي كنت أحضر مسرحية ابن خلدون في القصبة، والسبت وفي نادي القراءة في بلدية البيرة، كنت في مناقشة أدبية جميلة لرواية ذاكرة زيتونة للكاتبة سهاد عبد الهادي، وكانت جلسة حوار جميلة، أجادت السيدة سهاد العرض والمناقشة، فأضافت للرواية جمال آخر بالعرض والحوار، وفي مساء الاثنين تنقلت من معرض الزيتون في المركز الثقافي الفرنسي الألماني، بدعوة من اتحاد المزارعين الفلسطينيين، فإلى دعوة من دار الشروق لحضور لقاء مع الكاتب والروائي الكبير، الصديق يحي يخلف وتقديم روايته "ماء السماء"، لأجول بعدها مع صديقي القديم الكاتب آصف قزموز في المدينة بعد أن قدمنا واجب عزاء، وأعود لصومعتي وأقرأ في الرواية حتى غفوت وأنا أحتضن "ماء السماء"، وما أن جاء مساء الأمس حتى كنت قد التهمت من الرواية كل الحروف، فذاكرتي بكتابات يحي يخلف تمتد جذورها إلى روايته التي لا تنسى "نجران تحت الصفر"، لأتناول بعدها مباشرة مجموعة قصصية للكاتبة الصديقة مليحة مسلماني، تحمل اسما غريبا هو 1 2 3 ، أهدتني إياها مذيلة بأناقة حرفها، فأتمتع بهذا العدد من القصص القصير جدا، والذي يحمل بصمات مليحة التي لا تخفى على عين قارئ.
لا أعرف ما الذي يجعلني كلما سرت في دروب رام الله أذكر الماضي وأخوض ببعض من شذراته، فاذكر عمان الهوى والجمال وتلك الفترة من عمري، فترة تلت حرب حزيران والهزيمة، وتلت معركة الكرامة والانتصار، واستقرارنا بذلك الحي من الاشرفية لسنوات، فكانت بداية النمو في العمر والانتقال من الطفولة للشباب، ولعل انتسابي للثورة في ذلك العمر المبكر لعب دوره في نمو شخصيتي، وما زلت أذكر أول محاضرة لنا في مكان غير معلن تحت عنوان: الثورة أخلاق، وإن ذهب بعدها الكثيرون بالثورة وبالأخلاق معا، فبدأت أقضي وقتي بالقراءة المكثفة، وتفتحت عيناي على شعر سميح القاسم ومحمود درويش، وكنت أنسخ ما يصلني من شعر بدفتر ما زلت أحتفظ به، فلم أكن أملك ما يكفي لشراء كل ما أريده من الكتب، فأنسخ الشعر لأنه الأقل حجما، وأشتري بمقدار ما يتوفر معي، فقد كنت الجأ للقيام ببعض الأعمال للحصول على بعض من المال، أجمعه وأشتري به كتابا، متحملا النـزول لوسط المدينة والعودة سيرا على الأقدام، أجلس في شرفة المنـزل أقرأ وأقرأ، فكان شعر نزار يتملكني، وروايات الأدب العالمي والعربي تجتاح مني روحي الطفلة، وأنا ما زلت في الإعدادية، متنقلا من مدرسة إعدادية الاشرفية إلى مدرسة صلاح الدين، وكانت ليست بالبعيدة عن البيت الذي اكتراه والدي من رجل طيب رحمه الله، وفي تلك الفترة تفتحت روحي على قصة حب عشتها ببراءة وجمال، تركت في الروح ما تركت من أثر، فأذكر ولا أنسى تلك الشقراء الناعمة التي قدمت لها أول زهرات الياسمين، أقرأ على مسامعها الشِعر، حتى فرقنا الزمان، وفي تلك الفترة بدأت عمان تعيش بعض من أسوء الفترات في تاريخها، فالمظاهر المسلحة بدأت تملأ شوارع المدينة وأحيائها، وبين الوقت والآخر ينفلت عقال الجنون، فيترك ما يتركه من ضحايا بريئة، منهم أصدقاء وأقران بالعمر، فأصبحت الحياة مضطربة، وبدأت تبرز مظاهر سلبية تعكس نفسها على المجتمع ككل، وقد بدأ يلوح في الأفق نُذر الشر وسيطرة الجنون.
أعود للصومعة أهمس لها: ليكن صباحك هديل حمام وبوح ياسمين، أتصفح صحيفة الصباح، أعد فنجان قهوتي، أتمتع بزقزقة العصافير الفرحة، أتأمل رسما لحروف خمسة، فأنت أنا كلانا عشق تجاوز الزمان والمكان، شدو فيروز يرافق صباحي:
"هيلا يا واسع، مركبك راجع، بسمتك ليلة، عبستك ليلة، سافر بليلة ريح، ودار الدفة جنوبية، حنت عليه الريح، وصل عا المينا الغجرية، وانقظت ليلة وأشرقت ليلة، شد الشراع وسير، بلد الحبايب ما هي بعيدة، بحر و قول يا كبير و تبقى سفريتنا سعيدة".
صباحكم أجمل.

زياد جيوسي
رام الله المحتلة – الأربعاء 28-5-2008
http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/
مدونة أطياف متمردة



#زياد_جيوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابن خلدون ينهض من سباته
- رؤى
- صباحكم أجمل / مدينة القمر
- سراب: محطات في الذاكرة
- صباحكم أجمل أعود..
- صباحكم أجمل تداعيات الهوى
- صباحكم أجمل زهرة الجنوب
- صباحكم أجمل/ حديث الربى
- اختطاف زهرة
- صباحكم أجمل قهوة في روابي عمان
- صباحكم أجمل- يوم تبكي سمانا
- صباحكم أجمل شجر لا يرحل
- صباحكم أجمل الكرامة غضب والمحبة غضب
- صباحكم أجمل ذاكرة الهوى والانتظار
- صباحكم أجمل أرض العالي تعلا
- مع ناصر الريماوي وقصته: صباح ممطر.. يوم قاحل
- صباحكم أجمل غِمار الزهر
- صباحكم أجمل رام الله بتحلى أكثر بشجرها الأخضر
- صباحكم أجمل ثلج ثلج
- -العشاء الأخير في فلسطين-


المزيد.....




- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيوسي - صباحكم أجمل/ سفر بليلة ريح