أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعد هجرس - هوامش على دفتر النكبة (3)















المزيد.....

هوامش على دفتر النكبة (3)


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2295 - 2008 / 5 / 28 - 08:29
المحور: القضية الفلسطينية
    


فى ذكرى مرور ستين عاماً على النكبة لم يعد معقولا أن نكتفى بالبكائيات، بل أصبح مطلوباً أن نبحث عن بدائل لهذه الأوضاع الفلسطينية والعربية البائسة التى أوصلتنا إلى نكبة أكبر من تلك التى ابتلينا بها منذ ستين عاماً.
وهذه البدائل ليست فى الأفكار والسياسات فقط، وإنما هى أيضاً على مستوى النخب.. لأن فاقد الشئ لا يعطيه، والنخب العتيقة التى قادت البلدان العربية إلى نكبة أخطر من نكبة 1948 هى جزء من المشكلة وبالتالى ليس متوقعاً أن تكون جزءاً من الحل.
وكخطوة متواضعة على هذا الطريق- الذي يبدو طويلاً وشاقاً- تفرض نفسها فرضية أساسية ، خلاصتها أن الهدف "الاستراتيجي" الذى تم وضعه منذ سنوات وعقود، وتم قبوله والترويج له على اعتبار أنه يوفر حلاً للصراع الفسلطينى – الإسرائيلي، يحتاج إلى إعادة نظر.
هذا الهدف الاستراتيجي هو "إقامة دولتين"، اى دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.
هذا الهدف قد تعثر كما رأينا ، ولم نستطيع التوصل إليه سواء بالكفاح المسلح أو عبر محاولات التسوية السياسية المتعددة سواء كانت هذه التسويات عن طريق الفلسطينيين والإسرائيليين منفردين ، مثلما حدث فى اتفاقات اوسلو، أو محاولات للتسوية فى سياق أوسع بمشاركة أطراف عربية ودولية مثلما حدث فى مدريد وواشنطن وغيرهما.
ويبدو أن هذا الإخفاق المتكرر ليس ناجماً عن مشاكل " فنية" فى المفاوضات، أو ناتجاً فقط من الاختلال فى توازن القوى (لصالح إسرائيل بالطبع)، أو راجعاً فقط إلى إهدار العرب لأوراقهم التفاوضية بصورة مذهلة، وإنما هو ناتج بالدرجة الأولى – وقبل ذلك كله- إلى استحالة الهدف فى ذاته.
وهى ليست استحالة " منطقية" وإنما استحالة " موضوعية " على الأرجح. ويكفى أن ننظر إلى الخريطة لنرى أن هناك عقبات ديموجرافية وجغرافية كثيرة تجعل التفكير فى قيام دولة فلسطينية " مستقلة" ضرباً من المستحيل.
ثم إن فكرة "السلطة الفلسطينية" هى وهم آخر، لأنها ليست سلطة باى معنى جدى، فضلاً عن إنها تنطوى على تناقض بين دور حركة التحرر الوطنى وبين دور " الدولة". ومن الطبيعى أن تفشل بالتالى بأى من الوظيفتين.
وعلى صعيد آخر .. فان استراتيجية "الدولتين" هى بنت عصر النظام الدولى ذو "القطبين" و"المعسكرين" . والآن انتهى هذا العصر وحل محله النظام الاحادى القطبية الذى تهيمن عليه – حتى الآن- قوة دولية واحدة هى الولايات المتحدة الأمريكية .
وهذه الملاحظة الأخيرة تقودنا مباشرة إلى خلل استراتيجي ثانى شاب الاستراتيجية "التحريرية" العربية، إلا وهو اعتبار الولايات المتحدة الأمريكية "حليفاً استراتيجياً" أو فى أحسن الأحوال " وسيطاً" بين الفلسطينيين و الإسرائيليين ، فى حين أن أمريكا إذا كانت حليفا استراتيجيا لأحد فى المنطقة فان هذا الأخر هو إسرائيل .. وإسرائيل فقط دون شريك.
وعندما يكون عدوك الرئيسى هو حليفك الاستراتيجي فلك أن تتصور ما يمكن أن ينجم عن هذا "الوهم الاستراتيجي" من كوارث ومصائب نراها بأعيننا على ارض الواقع.
***
خطأ استراتيجي ثالث هو الفصل بين قضية الاستقلال الوطنى وبين قضية الديموقراطية، بل وجعل الأولى على حساب الثانية فى معظم الأحيان.
هذا التناقض أدى عملياً إلى أن تتحول بعض فصائل حركة التحرر الوطنى فى عالمنا العربى، وفى فلسطين المحتلة، إلى جماعات تنافس عصابات قطاع الطرق فى أساليب عملها، وان توجه بعض هذه الفصائل قدراتها القتالية إلى حلفائها بل وأحيانا ضد جماهيرها بدلاً من أن تركز " نضالها" ضد إسرائيل..
ونتيجة لذلك، وبعد أن كان الدم الفلسطيني خطاً احمر، كما اشرنا فى السطور السابقة، أصبحت إراقة هذا الدم الفلسطيني بأيد فلسطينية – وبدم بارد بل ربما بتلذذ أيضا فى بعض الأحيان- ممارسة شائعة ومتكررة.
وتلك هى النكبة الأكبر من نكبة 1948، فليس هدف حركة التحرير الوطنى استبدال البطش الاستعمارى (والصهيوني) بقهر "وطنى"، أو استبدال جنرالات الاحتلال بأمراء حرب لهم وحشية الأعداء وسحنة الأهل وجنسية البلاد.
***
ويرتبط خطأ الفصل بين قضية الاستقلال وبين قضية الديموقراطية بخطأ استراتيجي رابع يتعلق بـ "طبيعة" الدولة التى ندافع عن استقلالها ونضحي بدمائنا من اجل هذا الاستقلال.
والإشكال هنا باختصار وبصورة لا تحتمل اللبس هو: هل تكون هذه الدولة مدنية أو دينية؟
علماً بأن مشروع الشرق الأوسط الكبير على وجه الخصوص يستهدف إقامة "شبكة أمان" للدولة اليهودية فى عموم المنطقة.
وأفضل طريقة لإقامة شبكة الأمان هذه هى تفتيت الدولة " الوطنية" الأساسية فى المنطقة وإعادة تشكيلها على أسس طائفية ومذهبية. وهذا بالضبط ما نرى "بروفة جنرال" له فى لبنان وفلسطين والسودان وأماكن أخرى من العالم العربى حاليا بعد أن رأينا ممارسة فعلية له فى العراق الذى تم تقسيمه – بالفعل- على أسس عرقية ومذهبية طائفية .
والعجيب أن هناك اتفاقاً ضمنياً بين الأمريكيين والإسرائيليين من جانب والأصوليين الفلسطينيين (والعرب) على هذا التوجه رغم أن كلا من الطرفين يلعن الطرف الأخر على المسبحة. فإخواننا الأصوليين يسعون بحماس شديد إلى تحويل الصراع إلى حرب دينية ويخدمون نفس الهدف الإمبريالي الصهيونى الرامى إلى إعادة رسم خريطة المنطقة على أسس مذهبية وعرقية !
وهذه نكبة اكبر من نكبة 1948
***
فإذا كنا نريد شيئا من مثل هذه الاجتماعات والفعاليات فى ذكرى مرور 60 عاماً على النكبة أكثر من البكائيات والمراثي ولطم الخدود وشق الجيوب ولعن الإمبرياليين والصهاينة والنخب العربية الحاكمة – التى سهلت مهمتهم حينا وتواطأت معهم أحيانا - فان الأمر المفيد هو أن نستخلص الدروس ونضع أيدينا على الأخطاء الاستراتيجية التى ارتكبناها وأوصلتنا إلى هذا النفق المظلم، باعتبار أن هذا النقد الذاتى هو الخطوة الأولى نحو بناء نظرية للتغيير، وخطاب جديد للتعامل مع القضية الوطنية.
مع التأكيد على أن "الزعامات" و "النخب" تموت وقد تنتحر لكن قضايا الشعوب لا تسقط بالتقادم، كما أن الأمم الحية قادرة– رغم كل شئ- على تجاوز النكسات والنكبات وإنجاب زعامات ونخب جديدة تستطيع انتشال الراية من الوحل وبراثن الهزيمة والانكسار واليأس.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة رئاسة مجلس الدولة: ضعف البصر له حل.. وعمى البصيرة ليس ل ...
- ثلاثية التراجعات
- اعتذار ل »دمياط«.. ورسالة حب ل »رأس البر«
- مطلوب تفسير من وزير الصحة
- هوامش على دفتر النكبة (2)
- دمياط تتحدى دافوس !
- هوامش على دفتر النكبة
- الفوضى -الهدامة-
- علاوة الأسعار (2)
- علاوة الاسعار !
- من جزارين إلي رشيد نقطة نظام
- هذا السونامى القادم .. يا حفيظ (2)
- ديموقراطية جديدة لمجتمع المعلومات (1)
- هذا السونامى القادم ... يا حفيظ!
- سيناء: ثنائية التحرير والتعمير
- محافظ دمياط... تعظيم سلام!
- لماذا يطالب الناس بالتغيير .. ثم يتحسرون على الماضى؟!
- -طالبان- مصريون فى 4 شارع عبدالخالق ثروت!
- مسئولية المجتمع (1)
- نقابات عثمانلية!


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعد هجرس - هوامش على دفتر النكبة (3)