أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف ابو الفوز - سيناريو ــ هوامش يابانية















المزيد.....



سيناريو ــ هوامش يابانية


يوسف ابو الفوز

الحوار المتمدن-العدد: 712 - 2004 / 1 / 13 - 05:26
المحور: الادب والفن
    


كل يوم
مثل كل مرة ، مثل كل صباح مثلج ، مظلم ، شمال القطب ، عند سقف العالم ، تحت السماء الغريبة ،  ما ان حلق ذقنه وغسل يديه ، حتى حمل كوب الشاي ، وهرع إلى شاشة الكومبيوتر، ليركض بين صفحات الصحف ، يتابع أخبار العالم ، وتحديدا ، أخبار العراق ، وفي رأسه ، المكتظ بألف سؤال وسؤال ، يواصل الرنين ، وبإيقاع عال ، السؤال اليومي  لكل عراقي :
ــ ما الجديد ؟
ومثل كل يوم  صاحت زوجته ، من المطبخ ،  بغيظ لا يخلو من محبة :
 ـ تعال خذ لك لقمة !
ومثل كل مرة ، لم يستجب لطلبها. كان يسمعها تدمدم وهي تتحرك هنا وهناك ، وتهيأ نفسها للذهاب إلى العمل :
 ـ تبدو اليوم كأنك مفيد الجزائري أو ...
والتفت إليها. من موقعها  لمحت حركته السريعة. ضحكت :
 ـ أقصد وزير الثقافة لا يبدو مشغولا مثلك ، أكل لك لقمة افضل من الذهاب إلى العمل بمعدة خاوية !
ومتجاهلا تهكم زوجته ، التي تلسعه به كلما تجاهل طلباتها، راح يتابع ما تنقله الوكالات . سألها  بجدية :
ــ ماذا تعتقدين ، ترى ما هي العلاقة بين السماوة واليابان ؟
نظرت زوجته إليه بعينين ماكرتين ، باسمتين ، ونقرت بطرف سبابتها على جبينها ، وقالت :
ـ أنتَ !  
وكررت ، بإلحاح ، النقر على جبينها .
ارتشف ما بقي من شاي في الفنجان ، رمى بقطعة بسكويت في حقيبته وهرع للحاق بالحافلة ، وهو يتساءل مع نفسه :
ــ صحيح أنا من مواليد مدينة السماوة ، لكني لم أزر اليابان يوما في حياتي ، رغم كوني أفنيت سنينا من عمري ، كالسندباد البحري ، أدور بين مدن غريبة ، ابحث لي تحت سماواتها عن سقف آمن ! يا ترى هل ان زوجتي صادقة في جوابها لي أم انها كانت تواصل التهكم ؟
نخيل وكرز
صور قريبة لأغصان شجرة الساكورا (الكرز) اليابانية متشابكة مع سعفات نخيل خضراء. الحان موسيقية متداخلة، تبدأ بالتصاعد التدريجي.عزف على آلة السيسمن اليابانية مع عزف عراقي للناي . كل ذلك يتداخل مع صوت عجلات قطار يسير بإيقاع بطئ ، رتيب ( هل هو قطار الموت ؟ ) . صوت آذان من بعيد ، وصوت همهمة كأنه كاهن بوذي يردد صلواته. تخفت الأصوات قليلا ، ثم تدريجيا يعلو، بوضوح ، صوت الشاعر سعدي يوسف . نرى وجه الشاعر المتعب ، بعيونه الناعسة ، على صدره تتدلى بخيط رفيع خرزة زرقاء . سعدي يوسف يرتل بصوت عميق :
 توهمت
أوهمت ان نخل السماوة
نخل السماوات
ومن بعيد نسمع الشاعر ناظم السماوي ، دون ان تظهر صورته ، ينشد بحزن :
" ودعت السماوة بليل
وهزني الشوك بالحسرة...
أسافر لا صديج وياي بس جدمي النكل صبره "
يستمر صوت عجلات القطار، ثم تعلو الألحان الموسيقية متداخلة ، ولكنا من خلال ذلك كله نبدأ بسماع أصوات أمواج بحر ودوي الريح .
فلاش باك
على صخرة ، عند خاصرة جبل ، تحت شجرة بلوط ، متزنرا بمخازن الرصاص ، وهو ينظف بندقيته الكلاشينكوف ، يجلس يستمع إلى ابن مدينته ، النصير الشاعر إسماعيل محمد إسماعيل ، وهو يحدثه عن الشعر ونقرة السلمان وقطار الموت ، وسعدي يوسف و ناظم السماوي ، وكانا للتو قد انهيا حديثا حاولا فيه معا صقل الإجابة على سؤال تردد حولهما كثيرا في  العديد من القرى التي زارتها مفارز الأنصار :
ــ هل يمكن لبنادق الأنصار ان تسقط  نظام ديكتاتوري شوفيني يحكم بالحديد والدم ، ويحظى بدعم الأنظمة العربية والكثير من القوى الغربية والشرقية ؟
كانا يدركان ان بنادق الأنصار ليس إلا شرارة لتحرق السهل كله. وكان إسماعيل محمد إسماعيل ينشد قصائده بثقة عالية :
" يا شعب انهض ، ليل الدم ساعاته اكصار
واحنه بشمســــك علـّـينا وضوّينا انصــار
وفجّرنا شواجير الأوف         من عيون الكلاشنكوف
نلاوي الظلمه ونسكَيها من الموت اعصار
يا شعب انهض "
لقطة 1
5 كانون الأول 2003
* أكد هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي ان مخابرات الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين هم الذين يقفون وراء عملية اغتيال الدبلوماسيين اليابانيين ، التي حدثت   يوم السبت  29 تشرين الثاني 3003 .
* ... وقتل الدبلوماسيان اليابانيان كاتسوهيكو اوكو ، 45 عاما، وماساموري انو، 30 عاما، بالقرب من تكريت مسقط رأس صدام حسين ، في أول حادث قتل يتعرض له اليابانيون في العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في آذار 2003 .
*... وذكرت وكالة الأنباء اليابانية كيودو ان الحكومة اليابانية واستنادا إلى تقرير بعثة التقييم اليابانية التي زارت العراق ان الوضع في مدينة السماوة في جنوب العراق آمن ، وان الحكومة اليابانية ستوافق خلال اجتماع لمجلس الوزراء ، على "خطة أساسية" لمرابطة عسكريين يابانيين في السماوة .
" فوميا " والسندباد
تعارفا في مدينة موسكو، في عام انهيار الاتحاد السوفياتي، وكانت لهما ذات الصدمة جراء  فشل تجربة البناء الاشتراكي وزوال إمبراطورية امتدت على سدس الكرة الأرضية. تابعا معا الآثار التي تركها الانهيار على مصائر الحياة الفكرية والاقتصادية لدول ومؤسسات وأفراد في كل مكان من العالم . كان كل منهما يحمل ذات الأحلام ، ويدور في مدارات البحث عن مستقبل افضل للبشرية ، ورغم كل ما سببه زلزال الانهيار، إلا انهما كانا يلتقيان في تمسكهما ببريق الحلم الإنساني والسعي الدائب نحو مجتمع اكثر عدالة وإنسانية. كانا بعمر واحد، ويسكنان في ذات البناية ، ليس بعيدا عن الساحة الحمراء وأجراس الكرملين ، مما جعلهما يلتقيان باستمرار، ويتسكعان  قريبا من نصب الجندي المجهول ، وتحدثه عن ولعها بالشعر وقصائد الهايكو، وكثيرا ما تكون بمعيتهم صديقتها " توماكو " ، التي حاولت ان تعلمه الاوريجامي . كانت فوميا تدرس اللغة الروسية في موسكو، وكان يواصل رحلة السندباد العراقي الهارب من جحيم الديكتاتورية والباحث عن سقف آمن. أخبرته " فوميا " ان اسمها يعني وردة صفراء يعشقها اليابانيون ، ولطالما تغزلت بها قصائد الهايكو. لفترة ظن انها تقصد وردة الخزامى ، ولكن فوميا قربت له الصورة بأن قالت انها وردة تنمو في اليابان تشبه وردة " الغوليساري" التي تنمو في دول آسيا الوسطى" ومنها قرغيزيا موطن طفولة وشباب الكاتب "جنكيز ايتماتوف" ، الذي منها استلهم اسم بطل روايته الشهيرة " وداعا يا غوليساري " ، حيث حمل الحصان ، بطل الرواية ، لان  لونه يميل إلى الأصفر قليلا ، اسم الوردة غوليساري . كانت فوميا قصيرة مثل معظم اليابانيين ، ونحيفة لها رقة الورد وشذاه ، واضحة ، مباشرة ومنسجمة مع نفسها مثل قصيدة هايكو، وكانت طموحة ، مترعة بالأمل والحياة ، فيها شئ من آلهة الشمس" أماتيراسو"،  كانت متخصصة في شؤون حقوق الإنسان ، تطمح لإكمال دراستها العليا في الأعلام ، وأيام لقاءه بها كانت عاكفة على وضع كتاب حقوقي تعليمي للأطفال . بين أوراقه لا زال يحتفظ بأوراق بخط فوميا الناعم الدقيق ، حيث بقلمها الرصاص خطت ــ الأصح انها " رسمت " ــ اسمه بحروف الكانجي اليابانية ، وأيضا كلمات عديدة  منها :
كيف حالك ؟      :  هاجميماشتي ؟
صباح الخير      :  أوهايو  غوزايماس
شكرا             :  أريجاتوا
مبروك           : سي اواسه
...               : ...
هايكو عراقية
* جبار خضير عباس ، ولد في مدينة السماوة عام 1956 ، واغتاله عفالقة العراق المجرمين  بظروف غامضة عام 1982 . في صحيفة  " طريق الشعب " بتاريخ 22 /8 /1977 ، كتب يوما :
سأبقى جسورا كما الريح ،
كما الصبح ،
كما العهد
بيني وبينك يا غابة للنخيل .
* عبد الكريم هداد ، ولد في السماوة عام 1961 ، واضطر لمغادرة العراق في عام استشهاد جبار خضير عباس ، مقيم حاليا في السويد ، في واحد من دواوينه الشعرية ، ( جنوبا ... هي تلك المدينة  ... تلك الأناشيد ) ، الصادر عام 2001 عن دار ورد ،  يقول :
 في الموعد الأخير
وحده النور المغموس بانتعاشة
سيدة النخيل ... ينتظرني
قطع  1
تتفق كتب الشعر بان جوهر فكرة قصيدة الهايكو اليابانية هو التمسك باللحظة الجمالية ، التي يشرق فيها اكتشاف الإنسان لكينونة الأشياء . وشكل الهايكو يدل على فلسفة رؤى معينة ، وهي بهذا  قصيدة عارية ، واضحة ، تتمسك بالموضوع مباشرة . وبينما تكون وحدة الوزن العربية هي التفعيلة ، تعتمد قصيدة الهايكو على المقطع ، وهي تندرج في سلسلة مقاطع ، كل مقطع من ثلاثة سطور، فيها يسعى الشاعر الياباني لاسر السماء والأرض والآمال الإنسانية في قفص الشكل . بين الدروع الفولاذية الثقيلة لمقاتل ساموراي ، عثر على قصاصة حملت قصيدة هايكو تقول :
آه يا شجرة الخوخ التي أمام بيتي
لن أعود أبدا
لكنك لن تنسي ان تزهري
مرة أخرى في الربيع
فاصل
حسين نعمه يشدو بشجن :
" نخل السماوة يقول طرتني سمرا
 سعف وكرب ظليت ما بيه تمرا "
من السماوة
يوما، وقبل سقوط نظام القتلة في العراق بسنين، ويتذكر هذا جيدا، إذ ورد في فيلم وثائقي عرضته القناة الأولى في التلفزيون الفنلندي ، ورواه الصحفي الفنلندي" كالي كويتنين" ، صديق الشعب العراقي ونضاله من اجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، قام السيد كويتنين ، ومن باب الفضول وبحثه عن مزيد من المعلومات، بتوجيه سؤال محدد ومباشر، في حلقة دردشة على الانترنيت ، حول وجود الانترنيت في العراق. سريعا جاءه الجواب من شاب من الباكستان :
ـ هل أنت مجنون . انترنيت في العراق ! كيف تلتقي الديكتاتورية والانترنيت ؟
وهاهو السينمائي الشاب السماوي هادي ماهود ، وفي اخر يوم من عيد رمضان ، الذي هو أول عيد يحتفل به العراقيون ، بعد زوال كابوس الديكتاتورية ، يظهر اسمه على لوحة برنامج المحادثة " الماسينجر " في الانترنيت ليقول كتابة وباختصار :
 ـ أكتب لك من السماوة !
تمنى ان يكون كالي كوينين إلى جانبه ليشهد فرحته.
كيف له ان يقرأ هذه الجملة ؟
ولو كان ذاك الباكستاني الطيب إلى جانبه لصرخ :
ــ يمكن قراءة هذه الجملة كالتالي : رحلت الديكتاتورية ووصل الانترنيت !
 هادي ماهود يواصل القول كتابة :
ـ لك تحيات من سامي مشاري ، هو في هذه اللحظة يجلس إلى جانبي ويرى حروفك !
ياااااااااه  !
 وهو في منفاه الاجباري ،  معلقا عند سقف العالم ، في سماوة القطب ، وعبر دهاليز قنوات شبكة الانترنيت العجيبة، وبعد ربع قرن من اللوعة والحزن والدموع والموت والدمار والدم والنفي والآمال والعمل والشهداء والخيبات والاسى والأحلام والصبر والتحمل والخسارات و…و…و... ، هاهو اسم جميل ، مترع بذكريات الصبا ، يطل عليه من تلك الأيام التي صارت بعيدة ... بعيدة ، وكأنه قادم من دهاليز التاريخ !
بفرح غامر ، وتمنى لو كل العالم يسمعه ، صاح بصوت عال :
ــ يا سامي يا بن مشاري هاجميماشتي ؟
حصان
عام 1974 ، نظم ( اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي ) معرضا تشكيليا سريا، ساهم فيه فنانون تشكيلون شباب من مدينة السماوة ، كل فنان ساهم بلوحة أو لوحتين . وحوّل الشبيبة جدران حوش بيت أهله ، الواقع ، في تلك الأيام ، في طرف المدينة إلى صالة عرض حقيقية . غطوا طابوق الجدران العاري بالقماش الأبيض، وثبتوا فوقها اللوحات. وبدأ الزوار بالتوافد ، قال أهله للجيران انهم يحتفلون بترفيع أبنهم المهندس. وكان على أمه ان تبذل جهدا كبيرا لاقناع جاراتها بحكاية الترفيع . استمر المعرض ثلاثة أيام . ساهم سامي مشاري ، وكان في بداية مشواره الفني ، بلوحة رسمها مباشرة في حوش البيت ــ صالة المعرض ، وبليلة قبل افتتاح المعرض، وظل ساهرا مع اللوحة حتى الصباح. رسم  لوحة حملت عنوانا مستقبليا ، كان فيها لمسات من  فن جواد سليم . هكذا كان إحساسه يومها ، ربما بسبب ان حصانا هائجا احتل معظم قماشة اللوحة، وكانت اكبر اللوحات المعروضة، بحيث كانوا محتارين ، فيما لو داهم رجال الأمن المعرض ، أين سيخبئون" حصان سامي مشاري "؟ !
كان سامي مشاري واحدا من مجموعة فنانين شباب تجدهم ، تلك الأيام البعيدة ، تقريبا كل يوم في " مقهى السماوة " ، التي يسميها اليساريون "مقهى الشبيبة " ، حيث لا احد تقريبا يقرب لعبة الدومينو  ولا طاولة نرد ، ولكن الغالبية يتنافسون في لعبة الشطرنج ، وسط حماس النقاشات المتقاطعة حول كل المواضيع الثقافية والسياسية ، وحيث لو رغبت بكأس شاي عليك بتطبيق مبدأ " اخدم نفسك بنفسك ". كان بعض التشكيليين الشباب يصلون إلى مقهى الشبيبة ، وملابسهم ملطخة بالأصباغ ، بل ويمكن ملاحظة لطخة لون ما على جبين أو خد أحدهم ، ولا أحد يدري هل ان كان ذلك أمرا عفويا أم مفتعلا ؟  لكنه كان يثير التعليقات والمزاح وأحيانا الزعل ، لكن النقاشات التي كانت لا تنتهي ، لا تجعل مكانا للزعل الطويل. كان اكثر هؤلاء  التشكيليون الشباب هدوءا واقلهم كلاما ، ومقل بزياراته إلى المقهى ، شاب بقوام رياضي ، وعينين ذكيتين، اسمه : مظهر هاني !
صاروخ
في مدينة طفولته وصباه ، السماوة ، عمل لفترة مع هاني مظهر في دكان بقال في حيهم . كان مظهر هاني يكبره بعام واحد. ويوما ، وإذ ضاق صاحب العمل ، كما يبدو ، بتكاليف عمل صبيين ، قرر التخلص من واحد منهم ، وكان ذلك من نصيب مظهر، الذي زعل يومها ربما لاعتقاده ان صاحبه هو السبب في ذلك ، ولكن صحبتهما استمرت ، إذ كانت تجمعهما ، إضافة إلى العلاقة الطيبة بين عائلتيهما ، والتي جاءت أساسا من علاقة الصداقة بين الاخوة الأكبر ، كانت له ولمظهر اهتمامات متقاربة ، وإذ انغمر مظهر بالألوان والرسم انغمر هو في عالم الكتب والكلمة ، ومظهر هو الذي خط  له بشكل جميل عناوين أول بحث  أدبي كتبه في حياته ، وكان عن حياة الشاعر المتنبي ، حين كان لا يزال طالبا في الصف الرابع الإعدادي . ودارت بهما الأيام ، وصار كل واحد منهما تحت نجمة. كان يتابع أخبار مظهر ورحلته مع اللون واللوحة وما يكتب أحيانا في شؤون الثقافة. وتسعده جدا أخبار معارضه، وما يسجله من نجاحات وحضورا فنيا ، ويشار له في اكثر من مكان بأنه يعد من أوائل الفنانين الذي تعاملوا مع تقنية الكمبيوتر في رسم اللوحة التشكيل . وها هو أخيرا يقرأ انه وللمرة الثانية توجه لمظهر هاني الدعوة لاقامة معرضه الشخصي لرسومه وسط العاصمة اليابانية طوكيو.
يوما ، وعلى سطح  دار مظهر ، ليس بعيدا عن دار أهله ، كان مظهر مشغولا ، في صنع كرات من الأسمنت محاولا ان تكون متشابهة ومتساوية ، ويجهد لوصلها بساق خشبي لتكون أداة للتمارين الرياضية لصقل قوامه. وفورا وقبل ان يتبين ما بيديه سأله :
ـ ماذا  تصنع يا مظهر ؟
فرد ساخرا  : صاروخ !
هاهو مظهر هاني ، بعد ربع قرن من تلك الأيام يصنع صاروخا من الألوان يطير به ومباشرة إلى  اليابان !
ومن كل قبله أراد ان يصرخ  : مظهر يا صديقي سي اواسه !
الخلود
لا يتذكر أين  ومتى قرأ ذلك ، ولكن بين أوراقه ثمة قصاصة تحمل ماقاله الكاتب الياباني" ميزو كامي " عن الموت :
ـ ان الموت لا يقول لنا أبداً متى يأتي ليأخذنا إلى العتمة الأبدية، ويبدوا لي أن هناك مشهدا قاتما يمتد أمامي وهذا يرعبني كثيرا. و اعتقد أنه من الأفضل أن أتحدث في نهاية مسيرتي الإبداعية عن هذا الخوف الكبير أمام الموت !
قبله بقرون بعيدة ، توقف جلجاميش مليا أمام الخوف من الموت ، يوم توفي صاحبه وخليله انكيدو ، بعد ان صرعا معا خمبابا وحش الغابة. ليس بعيدا عن السماوة ، تقع أطلال مدينة اوروك التي  حكمها وطغى فيها جلجاميش ، ثم وبعد موت انكيدوا منها انطلق بحثا عن سر الخلود ، بعد ان  أرعبه سؤال الموت . ورغم صيحات التحذير من  سيدوري ، فتاة الحانة :
إلى أين يا جلجامش ،
 ان الحياة تلتي تبحث عنها لن تجدها .
بعد لقاء جلجاميش مع الحكيم  اتونابشتم ،  الذي دله على عشبة الخلود ، وسرقة الأفعى لها ، عاد جلجاميش إلى اوروك ليكون حاكما عادلا ، منصفا لشعبه ، وبعد ان فهم ان سر الخلود في العمل الصالح والعدل والعمل من اجل  الاخرين.
هل سيصل اليابانيون ، من تلاميذ بوذا وكونفوشيوس ، لاعمار مدينة كلكاميش ، وليزرعوا نبتة جديدة للخلود ، وليمدوا سيقانهم النحيفة في مقاهي المدينة غير عابئين  بصيحات سيدوري ؟
لقطة 2
وافقت الحكومة اليابانية الثلاثاء 9 كانون الأول 2003 على إرسال قوات غير مقاتلة إلى العراق. وصرح وزير الدفاع الياباني(شيكيرو يشيبا) في مؤتمر صحفي ان مهمة طوكيو في العراق هي مهمة إنسانية بحتة، وان التواجد العسكري الياباني في العراق لهذا الغرض فحسب، وجاء في تصريح الوزير الياباني لوسائل الأعلام"ان سبب وجودنا في العراق هو توفير المساعدة الطبية وترميم المدارس وتوفير المياه الصالحة للشرب، والقوات اليابانية الموجودة في العراق لديها القدرة والإمكانية على جعل هذه المساعدات حيز التنفيذ ".
الساموراي في ... السماوا
في مدينة السماوة ، حين تدلع أم عراقية ولدها ، الذي يحمل اسم سمير ، تناديه :
ــ  " سموري " !
هل سيظن اليابانيون ان هذه الام تناديهم ، وتقصد كلمة : ساموراي ؟!
السامواري اولئك الفرسان الاسطوريون ، أصحاب النزعة إلى الكمال والمثالية ، الذين تدفعهم قيم الشهامة والبسالة والكرامة للانتحار بطريقة "الهاراكيري" عندما يرتكب أحدهم خطأ فادحا ؟
ماذا يفعل أحفاد الساموراي على ضفاف بحيرة ساوة ؟
هل سيكون اسم السماوة عند اليابانيون : سماوا ؟
ماذا يفعل اليابانيون في صحراء السماوة القاحلة ، وهم الذين جاؤا من بلد ثمانون بالمائة من مساحته ، جبال بركانية خضراء ؟
ماذا يفعل اليابانيون ، الذين جاؤا من بلاد الزلازل والبراكين ، في بساتين السماوة ؟ هل جاؤا ليتذوقوا حلاوة تمر " الاسطة عمران " و " حلوة حاج عباس " ؟
هل جاؤا ليكونوا شهودا على جرائم النظام الديكتاتوري المقبور ، وليكشفوا مقابرا جماعية جديدة ، من غير التي اكتشفت في أطراف السماوة ؟
هل جاؤا ليزوروا بحيرة ساوة ، الغريبة بموقعها المرتفع وسط الصحراء ومياهها المالحة ، الخالية من الأسماك الطبيعية ؟ أيظنون انهم يستطيعون هناك ممارسة هوايتهم في صيد السمك ؟
هل جاؤا ليعلموا ربات البيوت  طبخة كباب الياكنتوري الياباني ، أو طبق السوكياكي ؟
هل جاؤا ليراقبوا اهل السماوة ، وهم يتبادلون المصافحة والعناق والقبلات الحارة عند اللقاء والتحية ، وليعلموهم التحية اليابانية المهذبة بألاكتفاء بأحناء القامة  الى الأمام بهدوء واجلال ؟
هل جاؤا ليقضوا في السماوة احتفالات رأس السنة الجديدة المسماة عندهم بالأوشوجاتسو ؟ أم جاؤا ليعلموا أطفال السماوة  الأوريجامي؟
قطع 2
 الأوريجامي تسلية يابانية تقليدية، حيث يصنع من الورق أشكال جميلة من الحيوانات والطيور والنباتات الجميلة. ويتسلى اليابانيون بهذه اللعبة التي لها شعبية كبيرة ، والتي يتم تعليمها للأطفال في المدرسة الابتدائية ، وأيضا في البيوت .
اغتصاب
في جلسة ضمت عراقيين ، وهم يتبادلون أخبار تطورات الأوضاع في العراق ، قال خبيث نكرة ،  وهو يتلبس حالة المزاح :
ـ   بعد سنين ، سيكون عيون أطفال السماوة ، طولية ومشقوقة مثل اليابانيين !
لم يكن حاضرا ليرد على هذه الإشارة الخبيثة والتلميح الفج . ولا يستطيع التكهن كيف كان يمكن ان يكون أسلوبه في الرد على نكرة ومتاجر بالوطنية ، ولكنه كان متأكدا انه سيسمعه ما لا يرضيه. وقد تشاجر مع من روى له ما حدث ، حين عرف ان بعض الجالسين اعتبروا الأمر مجرد نكتة .  قال  له :
ــ هذا من تربية عفالقة العراق ، يدس السم بالعسل ، وأنت حضرتك تلطع !
يعرف جيدا هذا النكرة ، الرقيع والخبيث . غادر العراق ليس هربا من ظلم أو ملاحقة ، بقدر ما تأسيس لوضع وحال اقتصادي افضل . لم يقل في حياته يوما كلمة " لا "  لاحد ، وعلى حد تعبير أحد أبناء مدينته  ، " ولا حتى لزوجته " ، التي كانت وراء تركه بلاده غيرة من اختها المقيمة في أوربا ، التي اغتنت وزوجها ، من تجارة الأدوية مع العراق تحت ستار مقاومة الحصار الاقتصادي ومساعدة الشعب العراقي. استغل هذا الرقيع الخبيث هروب آلاف العراقيين ممن اشتركوا في أحداث انتفاضة آذار 1991، ليغادر معهم إلى مخيمات الصحراء في العربية السعودية ، وهناك تمسكن وحاول ان يبني لنفسه تأريخا جديدا ، ولكنه ظل يحن لسوابقه في كتابة التقارير وزرع الفتن بين الآخرين والتشكيك بنضالات شخصيات محترمة وأحزاب سياسية وطنية عريقة ، مما جعل كثيرين يتجنبوه ، ورغم ادعاءه تركه لصفوف حزب العفالقة بعد ان ندم على عمله معهم ، إلا ان كثيرين ظلوا يحسبونه على ملاك أجهزة النظام المخابراتية. في أوربا أجاد تماما أسلوب الطعن في الاخرين ، ووجد له مآزرون  من طينته ، مما دفع أحد ضحاياه  للقول :
ــ كان الأجدر بهم اختيار "المقص " شعارا لتجمعهم !
 لهذا كله وغيره ، منعه من دخول بيته ، بل وخاصم بعض المعارف ممن تحت ستار" البزنس" ظلوا على علاقات وطيدة معه. كثيرون سيعرفون مباشرة المقصود حين يسمعون عنه، ولذلك لم يشأ يوما ان يعطيه اسما، فليكن مثلما هو مجرد نكرة وسافل، رقيع وخبيث. وإذ ان العراق، ورغم ثقل جراحه، يسير قدما نحو صباحات لا اجمل منها. صباحات العراق الجديدة ، صباحات الديمقراطية والفيدرالية. وإذ يتفق كثير من أبناء العراق على ان وجود قوات الاحتلال نغصت على العراقيين الفرحة بزوال نظام الطغيان ، وهذا النكرة ، الرقيع والخبيث ، واذ يرى في وجود اليابانيين انتقاص من سيادة العراق ، ومثلما يستغل كل مناسبة للتعريض بنضالات المخلصين ، هاهو يحاول النيل بشكل رخيص من شرف العراقيين ، وبما انه يجد نفسه ليس ميالا للسوقية في كلامه وردوده للآخرين ، رغم كل مباشرته ، ولكنه تسائل ساعتها وبصوت عال :
 ــ أين كان هذا النكرة المغرض ، السافل ، والرقيع الخبيث حين كان السفاح المجرم صدام حسين كل يوم يكشف عجيزة العراق ويغتصبه جهارا ؟
شعر بالاسف لان فوميا لم تعلمه كيف تكون كلمة " تف " باللغة اليابانية !
Made in Samawa ٍ
في كافتريا موقع العمل ، وبدلا من تحية الصباح بلغة البلد ، قال لزملائه :
ــ " أوهايو  غوزايماس " !
هذا جعلهم أولا يعبرون عن دهشتهم ، ثم وحين استمعوا إلى تفسيراته اليابانية ، راحوا  يتحدثون اليه وبجدية :
ـ اعتقد انكم في العراق لو أجدتم الاستفادة من تجربة اليابان قادرون على النهوض من بعد الدمار قوة جديدة !
ـ بعد سنين ، ربما ستجد ان اليابانيين قد زرعوا في بلادك ،  في ظلال أشجار النخيل ، أشجار الساكورا  !
ــ ستهدر في شوارع السماوة محركات رافعات تادانو، وإليكترونيات سوني وسيارات تويوتا ومعدات لا حصر لها تحمل عبارة :  Made in Japan
 ــ هل سمعت بالمثل الياباني : " لا تعطني سمكة، ولكني علمني كيف اصطاد " ن هذا ما سيحصل عندكم !
ــ الا تظن ان اليابانيون سيستثمرون ما أخبرتنا عنه من ثروات طبيعية في مدينتك ، مثل مناجم الملح وغابات النخيل والثروة السمكية والحجر الجيري وغير ذلك ولتكون هناك صناعات وبضائع تحمل عبارة : Made in Samawa  ؟
كنت يستمع لهم بأنشراح وسرور ، ولكنه سرح مع نفسه :
ــ سينتهي الاحتلال وسيرحل الأمريكان والبريطانيون والأسبان واليابانيون وغيرهم ولن يبقى سوى وجه العراق المشرق . العراق الجميل ، حصان غوليساري الجامح ، الذي حاولوا إخصائه ، ولكنه نزل من جدارية جواد سليم ليملأ البلاد صهيلا .
وفكر بمحبة :
ــ لو عدت إلى السماوة ، ومعي زوجتي ، هل سنجد فوميا ، مرتدية الكيمونو ، تقف عند باب مقر منظمة إنسانية يابانية ، توزع للأطفال كتبا عن  السعادة والحرية ؟ وهل سيجد توماكو تتوسط حلقة أطفال  تعلمهم الاوريجامي ؟
صهيل
وجه زوجته يبتسم بفرح . قماشة كبيرة على مسند رسم. سعدي يوسف يتفيأ نخله ويخط حروفا على ورق ( أهي قصيدة جديدة ؟ ) . عزف عود . فوميا تنسق باقة ورد عند حافة نافذة. صوت عمال بناء. أطفال في باحة مدرسة "أبناء الشهداء" يلهون بالاوريجامي. أطراف أصابع تمرر بمهل فرشاة على قماشة الألوان ، ونرى تشكل ملامح أولية راس حصان. على خشبة مسرح عبد الكريم هداد يهيأ نفسه لالقاء قصيدة. هادي ماهود يضبط عدسة كاميرا محمولة. ناظم السماوي يصفق بحرارة. وجه هاني مظهر يتسم برصانة تحت اضوية الكاميرات. وجه وعنق الحصان يكتمل على اللوحة. فتاة عراقية ترشد فريق سياحي ياباني إلى مدخل مدينة اوروك. فنادق سياحية عند بحيرة ساوة. عضلات جسم الحصان تبرز اكثر وضربات الفرشاة أقوى. ضربات قوية من عزف عود. صوت جرار ومكائن وصيحات متداخلة .إعلان تلفزيوني عن موعد جلسة البرلمان القادمة. مجموعة أطفال يتقافزون ويغنون " ماجينة ... يا ماجينة ". صوت صهيل .
أغنية
يا شعب انهض بجروحك  ، الجروح تصيح
طاح الظالــم ، كل ظالــم بذنوبـــــه يطيـــح
تتوحـّد يا شعبي وشوف        تدًك معول بأسوار الخوف
وكل سور أيشيده الظالم بالدم ، ينهـــــار
يا شعب انهض


سماوة القطب
كانون الأول 2003

 



#يوسف_ابو_الفوز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تكون في الشمال لن يكون هناك اتجاه نحو الشمال !
- على حافة الشعر
- هل أتاك نبأ المحلل السياسي الجديد ؟!
- حقا ... من هو - الآخر - ؟
- من يقف خلف الدعوة المشبوهة للحوار مع فلول النظام المقبور؟
- رسالة مفتوحة إلى الأستاذ زهير كاظم عبود
- من اجل سمو الكلمة المسؤولة و إعلاء شأنها
- يا أهلنا ... عيدكم مبارك !
- عن الخيانة والشماتة ، وما حول ذلك !
- تحويل العرس إلى مآتم ، وما بعده !
- أفكار في العمل السياسي في العراق
- على هامش بدء العام الدراسي الجديد أليس بالإمكان ان يكون لنا ...
- الورقة العراقية - تجهز على زعيمة حزب الوسط في فنلندا
- إلى الشهيدة رضية السعداوي
- صفحة الطريق أربع أعوام مجيدة من العمل المثابر
- كريم كطافة في ليالي ابن زوال
- أفلام وثائقية للفنلندي ميكو فالتاساري عن العراق
- كتاب الانهيار للفنان احمد النعمان : مساهمة في البحث عن عالم ...
- في فنلندا تظاهرة في هلسنكي تضامنا مع شعب كردستان
- " تسو ـ تفو " يا أستاذ عوعو !


المزيد.....




- قصة علم النَّحو.. نشأته وأعلامه ومدارسه وتطوّره
- قريبه يكشف.. كيف دخل صلاح السعدني عالم التمثيل؟
- بالأرقام.. 4 أفلام مصرية تنافس من حيث الإيرادات في موسم عيد ...
- الموسيقى الحزينة قد تفيد صحتك.. ألبوم تايلور سويفت الجديد مث ...
- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف ابو الفوز - سيناريو ــ هوامش يابانية