أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - بحيرة الأميرة البيضاء















المزيد.....

بحيرة الأميرة البيضاء


غريب عسقلاني

الحوار المتمدن-العدد: 2293 - 2008 / 5 / 26 - 10:21
المحور: الادب والفن
    


رواية قصيرة للفتيان

خرج الأسد الأمير يتمشى على شاطئ البحيرة ليلاً ، كانت الغابة ساكنة والقمر يضيء الكون ، تسقط أشعته على سطح البحيرة ، فيلمع مثل مرآة كبيرة من الفضة
أرهف الأسد السمع ، فتناهى إليه أصوات لبوات تخرج من البحيرة ، نظر باتجاه الصوت ، فرأى لبوة بيضاء تسبح ، يحيط بها عدد من اللبوات يرقصن ويرسلن الغناء ، تعجب الأسد وتساءل ، هل يوجد بين إناث الأسود لبوة بيضاء ؟!
جلس الأسد الأمير على الشاطئ ينتظر خروج اللبوة البيضاء ، ليراها عن قرب ويتأمل جمالها الفريد وشعرها الذي يعكس ضوء القمر .
انتصف الليل فنادت البيضاء على رفيقاتها ، بصوت يختلف عن صوت أناث الأسود ، خرجت من الماء تتبعها اللبوات ويحطن بها أطلق الأسد زئيراً قوياً ولكنه ليس غاضباً وقال :
ـ اقتربي أيتها اللبوة البيضاء
مشت اللبوة البيضاء إليه ، حتى اقتربت منه ، توقفت وأخذت تتأمله قالت :
ـ ابتعد أيها الشاب ولا تفسد علينا نزهتنا ، نحن لا نحب أن ينظر إلينا أحد عندما نجفف شعرنا في ضوء القمر .
سحره صوتها ، وأخذه جمال شعرها المبلول ، وبريق عينيها قال :
ـ اتبعيني إلى عريني ، أنت لي منذ اللحظة
ردت بثقة :
ـ أنت مغرور ، كيف تطلب شيئاً لا تملكه ؟!
توتر الأسد وعجز عن مجاراة منطقها قال متصنعاً الغضب :
ـ أنا الأمير ابن ملك الغابة الشرقية
ردت هازئة مستخفة به :
ـ وهل من أخلاق أولاد الملوك ، أن يملكوا قلوباً قد لا تحبهم ، اذهب لشأنك أيها الأمير .
وعادت إلى رفيقاتها ، وأخذت يجففن شعورهن وأجسادهن في ضوء القمر ، وظل الأسد محتاراً غاضباً من جرأة اللبوة الجميلة ، يسأل نفسه هل انتصرت عليه؟ وكيف تملك أنثى مثل هذه الجرأة في حضرة ابن ملك !
وفيما هو يفكر ، اقتربت منه لبوة عجوز يبدو عليها الإرهاق قالت تتوسل إليه :
ـ اذهب لشأنك أيها الأمير
رد حانقاً .
ـ لن أذهب قبل أن آخذها إلى عريني .
بكت اللبوة العجوز وقالت :
ـ اذهب يا سيدي كي لا يغضب عليك القمر .
أشفق الأمير على العجوز ، ومسح شعر رأسها الأشيب وقال :
ـ إذن رافقيني إلى الربوة وحدثيني بأخبار اللبوة البيضاء ؟
ـ وتعاهدني أن يبقى الأمر سراً بيننا .
ـ أعاهدك فأنا أمير ابن ملك ، لا أكذب وأصدق العهد .
كان سطح البحيرة مثل قرص الفضة يلمع في ضوء القمر ، وكانت اللبوات يسبحن على ظهورهن ، فتضيء أجسادهن الشابة ، أما اللبوة البيضاء فيشع منها ضوءً خاص .
الهدوء يحيط بالغابة ، إلا من اللبوات اللاهيات ، أرهف الأسد السمع ، فميز صوت يشبه عبور الريح في عيدان القصب ، صوت يبعث في النفس الطمأنينة والراحة سأل اللبوة العجوز :
ـ هل تسمعين صوتاً غريباً ؟
ابتسمت العجوز وقالت :
ـ هذا الصوت تطلقه اللبوة البيضاء ليلة يكتمل القمر
ـ ولكنه صوت لا يصدر عن جنس الأسود !!
ـ تقول البيضاء أنها ترد على تحية القمر عندما يناديها . بعد أن تتخلص وصيفاتها من الأحزان يعد أن يغتسلن بماء البحيرة ..
ـ ولماذا الوصيفات حزينات ؟!
ـ يا سيدي الأمير ، الوصيفات أميرات أو ملكات قتل ملك الغابة الجنوبية آباءهن أو أزواجهن وأخذهن سبايا وزوجهن من أسود غابته ، وصار عليهن تقبيل يده كل صباح ، لذلك يقضين بقية النهار باكيات حزينات .
استغرب الأمير سلوك اللبوات ، فالقتل يحدث في الغابات كل لحظة ألا يعرفن قانون الغابة قال :
ـ ألا يعرفن أن القتل شريعة الغابة ؟!
انهمرت دموع اللبوة وقالت :
ـ بنات الملوك لا يقبلن بالذل يا سيدي
فكر الأسد في اللبوة البيضاء التي أخذت من الأسود قوة البدن ، ومن الغزال جمال الوجه ، ومن الزرافة طول العنق وضمور الوركين ، ومن الماعز الجيلي بياض الشعر ، هل وقع في حبها ؟ وما الذي يجذبه إليها ، أهو اختـلافها عن بنات الأسود ؟ ولماذا يراها الأجمل بين اللبوات .
نظر صوب البحيرة ، كانت اللبوات يحطن بالأميرة وقد جففن أجسادهن في ضوء القمر ، وتمنى لو يطول الليل ، شعر بالغابة تحنو عليه ، وتنزع من قلبه الحقد والبغضاء ، فلم يعد غاضباً من اللبوة البيضاء ، وخيل له أن الماء يتصاعد من شعر اللبوات والأميرة ويتجمع في الهواء سحباً تصعد إلى قمم الأشجار ثم تهطل قطرات ماء تلتقطها صغار الطير الراقدة في الأعشاش .
أفاق من أفكاره ، كانت اللبوة العجوز ما زالت تبكي عند قدميه . قالت :
ـ جاء موعد العودة إلى الغابة الجنوبية ، يجب أن نصل قبل طلوع الفجر
قال الأسد :
ـ ساعديني أيتها العجوز الطيبة للوصول إلى قلب الأميرة البيضاء
قالت اللبوة العجوز مسرورة :
ـ فعل القمر فعله فيك يا سيدي الأمير
قال الأسد مندهشاً
ـ وما شأن القمر بي ؟!
ـ القمر يحب من يحبون الحياة
ـ ومن لا يحب الحياة !
الذين لا يعرفون معنى الحياة . لا تغضب يا سيدي ، انتظر حتى يكتمل القمر في الشهر القادم .
وكيف أعرف متى يكتمل القمر .
اسأل حكيم غابتكم يا سيدي ، وداعاً .
وانطلقت العجوز لتلتحق بموكب الأميرة الذي تحرك باتجاه الجنوب ، وظل الأسد في مكانه على الربوة حتى طلوع الفجر ، ورأى بزوغ الشمس ، وتأمل في قرصها البرتقالي المتوهج مثل قرص النار ، وراح يفكر في الشمس والقمر ، فالشمس تولد في الفجر وتموت آخر النهار أما القمر فيبدأ أول الشهر هلالا تم يكتمل في منتصف الشهر ثم يأخذ بالضمور حتى يموت آخر الشهر .
شعر الأسد بالإرهاق من طول التفكير والسهر ، فعاد إلى عرينه ونام نوماً طويلاً، وحلم أن القمر يهبط إلى الأرض ، ويمشي إليه ويرقد في حضنه مثل طفل رضيع شبع من حليب أمه ، أخذ القمر يضحك ويصدر أصواتاً تشبه أصوات أطفال الأغنام والغزلان ، والأسود والنمور وصغار الأفاعي ، وكأن أطفال الغابة قد تجمعوا في العرين يلعبون ويلهون ، والقمر يصدر صوتا يشبه الصوت الذي صدر عن اللبوة ، فإذا باللبوة البيضاء تقف عند باب العرين نادى عليها :
ـ أدخلي يا أميرتي
قال القمر :
ـ هل ترغب في البيضاء أيها الأمير
صحا الأسد من نومه فجأة ، كانت الشمس تتوسط السماء ، والكلب الوفي يصدر نباحاً حزيناً ويحدث نفسه :
ـ سيدي الأمير لم يتناول إفطاره ، لحم الفريسة قد برد وفسد .
نادى عليه الأمير :
ـ أيها الكلب الوفي ، انطلق إلى القرد الحكيم واحضره في الحال .



#غريب_عسقلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بحيرة الأميرة البيضاء - 1 -
- مقامات غزية - 7 -
- مقامات غزية - 6 -
- مقامات غزية - 5 -
- في مقام غزة - 4 -
- مقامات غزية - 4 -
- في مقام غزة - 3 -
- مقامات غزية - 3 -
- كائنات ليل سرمدي - مقاربات نقدية
- غريب عسقلاني - قصص قصيرجداً - 2 -
- حكاية بنت اسمها عبلة
- في مقام العقل - قصص قصيرة جداً
- في مقام غزة - قصص قصيرة جدا - 1 -
- رسائل الزاجل الأسير إلى سهير المصادفة
- ضفاف البوح - 8 - القصل الأخير
- ضفاف البوح - 7 -
- ضفاف البوح - 6 -
- ضفاف البوح - 5 -
- ضفاف البوح - 4 -
- ضفاف اليوح - 3 -


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - بحيرة الأميرة البيضاء