أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناس حدهوم أحمد - البسيط والهيئة العليا - 12 - سيرة















المزيد.....

البسيط والهيئة العليا - 12 - سيرة


ناس حدهوم أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 2299 - 2008 / 6 / 1 - 09:06
المحور: الادب والفن
    



هيأت نفسي للسفر والعودة إلى إسبانيا من جديد . نحن الآن في الشهر الثاني أو الثالث من سنة 1968 فلربما إنفرجت
الأوضاع الإقتصادية ولعلني أجد عملا أنقد به الظرف الراهن ولو مؤقتا وأساعد أسرتي . إن الشخص الذي أرسلني إليه المبعوث الثقافي من سفارة المغرب بإسبانيا لم يقم بالمطلوب بل صار يماطلني إلى أن تأكدت من عدم
جدوى الإتصال به .
كان علي أن أتدبر مصاريف السفر بطريقتي الخاصة . وكانت حينذاك مائة درهم توصلك إلى حدود إسبانيا مع فرنسا
فلمجرد أن تحول المائة درهم تلك إلى العملة الإسبانية تصبح ألفي بسيطة . وقد رافقني خلال هذه الرحلة صديق ملقب ب ( تمودة ) وآخر يسمى ( محمد الطويل ) هذا الأخير رفقته ستنتهي بمدينة سبتة ويعود أدراجه. بينما ( تمودة ) سيواصل المشوار معي . وصلنا نقطة الحدود الإسبانية فوجدنا طابورا من العابرين يقفون مصطفين للوصول واحدا واحدا لشباك مراقبة الجوازات وكانوا خليطا من الاجناس المختلفة . لاحظت أن المغاربة لوحدهم يشيرون عليهم بالوقوف
أمام حائط المكتب ريثما ينظرون في أمرهم بينما الأجناس الأخرى يتم ختم جوازهم فيعبرون بطريقة طبيعية . أحسست بالدم يغلي في عروقي إنه تمييز عنصري سافر ومبالغ فيه ولم يسبق لي أن رأيت مثله . لم أكن قد حددت رد فعلي
على هذه الإهانة لكنني لما وصلت الشباك وأدليت بالجواز المغربي أشار علي بالمثل .كان رد فعلي متهورا فقد رميت
بالجواز على وجه رجل الأمن الإسباني وقلت له باللغة الإسبانية ( sillalo ) قام من مكانه فسقط الكرسي خلفه وأحدث
جلبة خرج على إثرها من المكتب من باب خلفي مسرعا والتحق بي وأخذني من يدي فأسقطتها وقلت له غاضبا بلغته
( no me toques ) ثم أطلقت وابلا من الشتائم باللغة الإسبانية على كل مقدساتهم – وكان ذلك جاريا به العمل من طرف الإسبان نفسهم فهم لما يغضبون يشتمون مقدساتهم وكان ذلك عندهم أمر عادي - لم أكن لأسيطر على أعصابي
وتابعت قائلا ( ألسنا نحن كهؤلاء ؟ – وأشرت إلى الأجناس الأخرى – فإذا كان هذا الجواز غير صالح فعليكم أن تخبروا
سلطتنا بذلك . نحن نعاملكم بالحسنى ببلادنا وأنتم دائما تهينوننا . هذا الأسلوب العنصري يجب أن يتوقف . ) .
وقف رجال الأمن مشدوهين مبهورين أمام غضبي ولم أكن أتوقع ردهم المفاجيء بتلك الطريقة التي حدثت . فقد أخذوا
منا جوازاتنا وتم ختمها وسمحوا لنا بالمرور كسائر الأجناس الأخرى ودون أن ينبسوا ببنت شفة . لكن المؤامرة كانت تحاك داخل سبتة السليبة . وصلنا الميناء وكان علينا أن نودع ودائعنا بالمكان المخصص لذلك كالعادة (la consigna ) لأن الباخرة سوف تقلع بعد ساعة أو ساعتين وعلينا أن ندخل حانة لنشرب بعض المشروبات . كان محل إيداع الودائع ليس كعادته . كان هناك طفل مغربي صغير يبلغ نحو 12 سنة . كان يعبث بمفاتيح بيده ولما طلبنا منه
خدمتنا امتنع وهم بإقفال المحل . ثارت ثائرتي لكنني كتمت غيضي . عدنا للجلوس على كراسي خشبية موجودة بالباحة
الواسعة . وبعد برهة رأيت الطفل المغربي يستلم من بعض الإنجليز ودائعهم وأغراضهم فلحقت به فأعاد الكرة معنا مرة
ثانية وهو يعبث بالمفاتيح ويقول ( مقفول ) فلم أشعر – وكانت غلطة – أخدته من أذنه وقرصتها بلا رحمة فصرخ
الطفل من شدة الألم .فخرج عدد من الإسبان من مكاتبهم – مصلحة الصرف ومكتب حراسة للشرطة – وتحلقوا حولي محتجين فأظهر لي أحدهم بطاقة الشرطة ورافقتهم إلى مكتب الأمن الذي كان على بعد أمتار . وما أن أصبحت بالداخل
حتى بادروا إلى ضربي بلكمات وصفعات خفيفة فكان رد فعلي مضاعف وأصبت أحدهم في وجهه بلكمة قوية . وأحدثت جلبة كالصاعقة موجها شتائم بالإسبانية إليهم جميعا ( cobardes desgraciados ) واجتمع المسافرون خارج مسرح الأحداث وأصبحت الباحة مليئة بالناس إسبان وأجانب . توقف كل شيء . خرجت مسرعا في طلب رفيقي
- تمودة ومحمد الطويل - لكنهم هرعوا ورائي وأعادوني دون أن يسمحوا لهما بالدخول حتى لا يصبحا شاهدين .
للتو وبسرعة البرق تم إحضار والد الطفل المغربي . نهضت من مكاني ووجهت سؤالي إلى الوالد المغربي بلغتنا
( أأنت مغربي ؟ ) قال الرجل ( لست مغربيا ) إبتسمت ساخرا في وجهه وقلت له باللغة الإسبانية ليفهم الجميع
( aunque tienes la nacionalidad espanola siempre siguiras un puto moro y ellos te trataran
Como un hijo de puta moro ) .كانت هذه الجملة كفيلة لكي ينقلب الرجل المغربي ضد الأمن . فالتقط يد إبنه وقال لهم سآخذ إبني لا أريد شيئا من هذا الرجل – أي يتخلى عن متابعتي – قالها بالإسبانية وخرج
بإبنه . بقيت وجها لوجه أمام البوليس الإسباني فبادرني أحدهم قائلا ( ؟ a que hora sale su barco ) عرفت حينئذ
أنهم تخلوا عن متابعتي فقد أصبحت بدون تهمة . لكنني صدمتهم بجوابي ( no salgo en ningun barco es que me quedo con vosotro porque me habeis gustado ) فأصيبوا بالغضب من سخريتي اللاذعة
فقام أحدهم وتناول أوراقا وبدأ في كتابة المحضر على الآلة الكاتبة .
كنت جالسا أفكر في ما يحدث لي. وبدا لي العالم دنيئا في كل مكان . تذكرت الماضي الجميل وتذكرت غدر الزمن
ووالدي الطيب . وقبل أن تنهمر العبرات من عيني واريت وجهي بين كفي الإثنتين وبكيت في صمت وهدوء .
أحسست بيد حطت على كتفي برفق شديد فرفعت وجهي المبلل فخاطبني - وكان رئيسهم - (؟ has repentido
قلت ( no )
قال ( إذن لماذا تبكي ) قلت له ( أيهمك أن تعرف لماذا أبكي ) قال الرجل ( نعم يهمني كثيرا ياسيدي )
كلمة سيدي كان وقعها دافئا وجميلا على قلبي . أحسست بأنهم تعاطفوا معي وفهموا بأنني إنسان مثلهم ثم تابعت( إنني أبكي فقط لأنني مغربي إذ لو كنت إنجليزيا أو أمريكيا لما حدث لي ما حدث )
سمعت الرجل يقول لي بلغته الإسبانية ( que salga usted cuando pueda ) .



#ناس_حدهوم_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البسيط والهيئة العليا - 11 - سيرة
- البسيط والهيئة العليا -10- سيرة
- مثلا
- البسيط والهيئة العليا - 9 - سيرة
- البسيط والهيئة العليا -8- سيرة
- البسيط والهيئة العليا - 7 - سيرة
- لحظة ضعف
- أبو الهول
- البسيط والهيئة العليا - 6 - سيرة
- سأكتب قصيدة
- البسيط والهيئة العليا - 5 - سيرة
- اللغو
- البسيط والهيئة العليا - 4 - سيرة
- البسيط والهيئة العليا - 3 - سيرة
- أوتار الكمنجة
- البسيط والهيئة العليا - 2 - سيرة -
- تيه ومتاهة
- للاعربية
- نفاق عل سهول المرآة
- وادي الزمن الأخير


المزيد.....




- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناس حدهوم أحمد - البسيط والهيئة العليا - 12 - سيرة