أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهير قاسم - ما زالت تروي قصة أرض لم تعش فيها!!!














المزيد.....

ما زالت تروي قصة أرض لم تعش فيها!!!


سهير قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2292 - 2008 / 5 / 25 - 04:49
المحور: الادب والفن
    


ولدت عام النكبة كما يقولون، نسبوا إليها الاسم حتى التصق بها والتصقت به، كثيراً ما لقبت "بالنكبة". كانت طفلة، نعتوها بالكثير من الصفات، هي الابنة الصغرى التي لم يفرحوا بولادتها، وجّهوا إليها النقد والتهم. كانت تحسّ بغصّة من سماع الروايات والقصص من ذويها عن التهجير والتشريد والقتل والخراب في المدينة التي عاشوا فيها سنوات طويلة من عمرهم، أما هي فلم تعش أكثر من شهر، هجّرت رضيعة، وشرّدت وشرّدوا جميعاً مخلّفين وراءهم مدينة حيفا، تركوا البيّارة والمحاصيل. أما الدموع فكانت ملاذهم، فهل من رجوع!
ستون عاماً على الرحيل، ما زالت رائحة الأرض تسكن قلوبهم قبل أنوفهم، ما زالت الصور منحوتة في عقولهم ومخيلاتهم، مهما مضت سنوات وعقود. حملت روايتها عن والدتها وجدتها، لم تفرّط بتلك المقولات التي تحمل تراث شعب وهمّ قضية. تناقلتها مثل غيرها من الأطفال المشردين، صاغتها حكايات وألحان جميلة للأحفاد، نسجت لهم قصص أولئك القوم العابثين الذين سكنوا بجوارهم، لكنهم سرعان ما كشفوا عن نواياهم الخبيثة الاحتلالية، ذهبوا بعيداً في جشعهم، نهبوا الأرض، بنوا البيوت التي استوردوها فكانت دخيلة على الأرض، كأنها مصنوعة من الكبريت، هدموا البيوت القديمة التي غرست في الأرض منذ زمن بعيد، اقتلعوا الشجر والحجر، قتلوا الطفل والشيخ والرضيع، إنهم الوافدون الآخرون من بقاع الأرض، جاءوا باحثين لهم عن حياة لا يهمهم على حساب من تكون، حتى لو قتلوا وطردوا الأبرياء من البشر.
إنها أم العبد التي لم تتوان يوماً أو تقصّر عن سرد رواياتها، تقارن بين الحياة التي تعيشها الآن في مدينة نابلس، وحياتها في الماضي التي لم تعشها في مسقط رأسها، لكن عاشتها من نسيج قصص الأجداد والجدات، أحست برائحتها تخترق أعضاء جسدها، شتان ما بين القمح الذي كانت تجمعه والدتها وتخبزه بيدها، القهوة التي تحتسيها كانت من صنع يدها. بحسرة ولهفة تقول "أين الماضي وأيام العز، أين أيام زمان"! لا تتردد في الإجابة عن سؤال حفيدها، أين سكنت يا جدة وأنت طفلة؟ هل لعبت مثل الأطفال الآخرين؟ أين الزيت الذي طالما تذكريه لنا؟ كانت تجيبه "نعم يا بني لكن كنت غريبة بعيدة عن بلدي، هناك في حيفا جاء اليهود احتلوا الأرض، أجبروا أجدادك على ترك كل شيء".
يعيد الطفل السؤال ببراءة، هل سنعود يا جدة لنحضر الزيت والقمح من هناك؟ لا تفكر في الإجابة، حتماً سنحضر كل شيء، هناك الأرض والبيت، لا بد من العودة يوماً"؟؟؟
كلمة من أربعة حروف تساق على اللسان، لكنها تحمل في مضمونها جوهر كبير أو تحمل في ثناياها مأساة شعب وهمّ كبير، إنها كلمة نكبة التي لها مذاق ومردود كبير على كل فلسطيني.
أما الآخرون الغرباء فهم سعداء بالأرض، إنها موعد ونصر وهميّ لهم، إعلان لدولة لا جذور لها. تلك القضية ليست من باب النزاع، لكنه الصراع الأدبي على الحياة، الصراع بين شعبين: الأول يباد وينكّل به ويشرّد، الآخر غاصب محتل في زمن يدّعي الحضارة والتقدّم والتحرر من العبودية. مع كل ذلك تستمر أم العبد في رواية قصص الأجداد لأحفادها، قصة أرض لم ترها، لكنها اشتمت رائحتها، قصة شعب لم ولن يقهر، فجأة تكفّ الدموع، تتجمد في العيون، إنها رسالة أم العبد للجميع، "لن نبكي بعد الآن، سنكون نحن رغماً عنهم، وسيزول الآخرين".
النكبة لما تنته بعد!!!
ستون عاماً أو يزيد على اقتلاع وتهجير شعب من أرضه، وما زالت النكبات مستمرة ومتجددة بصور مختلفة، فمن مرحلة التهجير والتشريد والاقتلاع من الأرض، لم يتركوا الأطفال أو الشيوخ بكل ما يملكون قاوموا، لكنهم
النكبة ستون عام
تدور الأيام وتصاغ النكبة بحروف أخرى، حروف من دم، النكبة التي نسجها الاحتلال باحكام . هذه المرة كانت مختلفة عن التهجير والذبح والقتل والدمار، كانت من مذاق خاص، فقبل قرابة نصف قرن طرد اليهود وشرد الفلسطينين من مدنهم وقراهم، سلبوا أرضهم كان تعرف النكبة واضح وجلي لكن هذه المرة لم يكن واضحاً فنكبتنا أصبحت في ذاتنا الفلسطينية وهويتنا، كان الاحتلال بارعاً هذه المرة استطاع ان يوجه خططه نحو ما يريد وأن يجعل من الأرض مثار للقتال بين ابناء الجسد الواحد، كانت الخطوات سريعة وناجحة، نعم قرروا القضاء على الثورة والثوار، ولكن بأيد داخلية من ابناءها.
يبحث الفلسطينية الىن لنفسه عن مكان لا يجد حتى على أرضه



#سهير_قاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة الفساد
- في ذكرى الثورة الفلسطينية؟
- بلا حدود!!!
- من يرد لهم طفولتهم!!!
- عذراً فلسطين تاهت بنا السبل!!!
- من أنتم حتى تبددون القضية؟؟؟
- الاعلام الموجه وثقافة فوق القانون!!!
- الثانوية العامة في مهب الريح!!!
- وطن يباع ويشترى وتصيح فليحيا الوطن!!!
- أيها الماضي لا تعيرنا كلما ابتعدنا عنك
- أرواح تزهق ثمناً لمؤامرات رخيصة
- الوطن الجريح سيحاسبكم
- سرقتم منا القضية
- الموظفون لا يستطيعون تسديد التزاماتهم والجهات الرسمية لا تكت ...
- صرخة المرأة العاملة
- واقع التعليم بين الماضي والمستقبل؟؟؟
- طفولة معذبة
- إبعاد جهاد وموت الأم
- مأساة منى
- تراشق الاتهامات ... بعيدا عن الموضوعية


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهير قاسم - ما زالت تروي قصة أرض لم تعش فيها!!!