أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلال شاكر - أما اَن للشيعة ان ينتفضوا على غربتهم..!















المزيد.....


أما اَن للشيعة ان ينتفضوا على غربتهم..!


طلال شاكر

الحوار المتمدن-العدد: 2292 - 2008 / 5 / 25 - 03:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قد لايستوعب العنوان مضمون وغاية المقالة وأهدافها للتعقيد المركب الذي يواجهه الكاتب في معالجة موضوع يمتلك حساسية مفرطة في فهمه وتناوله ولااجد غضاضة في تناوب عناوين أخرى للتعبير عنه بمقاربة ملائمة، لكني أراهن على دلالة القصد التي اصطفاها العنوان...
.....


ظل الشيعة لقرون عديدة في العراق يعانون من العزلة والتهميش والقمع بوصفهم مارقين ومتمردين، وكانت ادوات السبي تلاحقهم كلما تململوا أوتحركوا ، وكان الموقف تتلبسه مديات متفاوتة من الجور والقهر بدءاً من الحكم الأموي حتى نهاية الحكم العباسي وبثمن مرهق ومكلف.. أبان التسلط العثماني اخذ الوضع بعداً مركباً بتعقيداته وتداعياته في الضغط على الشيعة وجوداً ومعتقداً، فعامل الصراع مع إيران الشيعية انذاك، كان يقرر الطريقة التي يعامل بها الشيعة، أثناء تلك الظروف العصيبة والضاغطة . في تلك الاحتدامات الملتهبة تجنب الشيعة خوض مواجهات متطرفة، وبقوا على اعتدالهم وعقلانيتهم التي رسمتها لهم مراجعهم ونخبهم، ووضعوا العامل الخارجي المتمثل بأيران الهاماً روحياً تشعه ترابطات المذهب، ولم يكونوا مطلقاً، جزءاً من مشروع سياسي لايران الشيعية القومية، لقد عرفوا قيمة الحذر وثقافة الاعتدال السياسي، وكيفوا وضعهم مع ظروف صعبة وتوازن قوى مختل ولم يستجيبوا لاستفزازات خصومهم النزقين، أن هذه الثقافة السياسية المتوازنة، هي تأسيسات لتجارب مكثفة وغنية مربها الشيعة منذ استشهاد الحسين وثورة المختار وغيرها، ورغم الانتفاضات المتلاحقة التي جرت بأسم آل البيت ومظلوميتهم أبان العهد العباسي، بقيت فكرة التوارث العقلاني تدير وتقود موقفهم السياسي وترسم علاقتهم بأنظمة الحكم وبالذات الفترة العباسية، تلك الفكرة بمنطوقها القائمم على توازن مرن أسسه وطوره ائمة الشيعة ومراجعهم تباعاً، بعد قراءة عميقة للواقع ومقتضياته، لقد تواصلت تلك الرؤية السياسة وخطابها المعتدل عند الشيعة بطريقة، مذهلة وسط أجمة وكمائن ملتبسة صنعها خصومهم المحليين والخارجيين للايقاع بهم، لقد تصابروا على الأذى والظلم، لكنهم ابقوا مسافة محسوبة بدقة، بينهم،وبين إغراءات المشروع السياسي وكلفته الباهظة لكنهم بذات الوقت لم يتصاغروا لظالم او يستجيبوا لاغرائه،واستنادا الى هذا الإرث واستخداماته الفعالة قلبوا موازين التناسب الاجتماعي المذهبي وانتشروا في وضع اجتماعي محكوم بقاعدة مذهبية غالبة، وفي ظل دولة سنية تحكم العراق هي الدولة العثمانية بماتملكه من تأثير محسوس في ركائزه المختلفة وكان لمظلوميتهم وخطابهم العقائدي المشحون بعاطفة التضامن والوقوف مع المظلوم والضحية الى جوانب عوامل اقتصادية كلها كانت سبباً في كسب توجههم العقائدي ونشره في ظروف لاتبدو في صالح الشيعة ومذهبهم وهذا في المحصلة يشير دوماً الى رؤية تملك النضج خارج مستلزمات التطرف والجنوح المنفلت وهوس الزهو ، وعندما واجهوا المشروع البريطاني لحكم العراق عام1914، بحملات الجهاد والتمرد والتضحيات، براية أسلامية رغم ارث التباين والتناقض والمرارة بينهم وبين السلطة العثمانية، ظهروا كمجاهدين إسلاميين انقياء دون حسابات مسبقة للربح والخسارة في المعيار السياسي، وفي انتفاضة ،1920..
ظهرت الوطنية العراقية في شكلها الجنيني محمولة على أكتاف شيعية تساندها بشكل بارز ومؤثر يتصدر خطابها ويقودها مراجع شيعة ورجال دين متنورين وزعماء محليين.. وعندما تأسست الدولة العراقية 1921ظهر النضج الشيعي وارجحيته في فهم متقدم للوطنية، ربما يعده البعض عليهم غفلة وجمود سياسي، عندما تركوا التاسيسات الأولية لمرتكزات الدولة العراقية تسير بدون عوائق يخلقونها في وجه بنائه التعاقبي وقيادته المستولدة من رحم ذات النظام المذهبي السالف الذي حكمهم، ولم يثرهم حكم ملك من انتماء مذهبي مختلف بل ساندوه واستقدموه .. في مختلف عقود الحكم الملكي لم يظهر الشيعة موقفاً متمرداً منه كتعبير عن نوازع طائفة شيعية تعاني من التهميش والظلم في دولة أولت الحذر المحسوب بدقة منهم ، لان الشيعة لم يختاروا العنوان الطائفي الضيق لمواجهة النظام بل أيضا جعلوا من العنوان الوطني مرة أخرى يحكم موقفهم رغم ترك النظام الملكي هامشاً تتحرك فيه نخب ووجوه شيعية وتجارية وسياسية وإقطاعية وتتقاسم جزءً من المسؤولية دون تجاوز الخطوط الحمراء، ولم تتقدم مرجعيتهم انذاك لقيادتهم نحو خلق توازن سياسي مفقود لشيعة مهمشين، كانت الأجندة والكفاح الوطني يدور في عناوين وأهداف أخرى، عن شعب عراقي مضطهد بكافة مكوناته يناضل ضد حكومة مستبدة أو عميلة، وفقاً لتلك المعايير السياسية السائدة انذاك وهذا ماجعل الهاجس الطائفي عند الدولة الملكية يتراجع نحو تحدي اكبر تواجهه من شعب عراقي لاينتمي الى طائفة اوقومية معينة. وبعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958 كانت كتلهم المختلفة تكتسح المد الجماهيري كوطنيين ويساريين ومؤيدين لليسار وعبد الكريم قاسم رغم تناقض مرجعية الشيعة المتمثلة بالسيد محسن الحكيم، مع المرتكزات السياسة الجديدة لثورة 14 تموز. بعد انقلاب شباط الفاشي 1963 والقمع الذي ناله الشيعة من حكومة الانقلابين ليس بوصفهم شيعة، بل لأنهم دافعوا عن حكومة قاسم الوطنية كعراقيين أحرار وكأنصار ومؤيدين للحزب الشيوعي العراقي،وبقوا طيلة حكم الأخوين عارف بين مد وجزرالضغط السياسي الحكومي ونظامها العسكري العشائري. أن الفترة التي حكم فيها حزب البعث 1968 وبخاصة صدام حسين 1979-2003 - كانت فترة استثنائية ومصيرية بالنسبة للشيعة كمذهب ومرجعية، تبلورت فيها مفاهيم فكرية وسياسية وخطاب مذهبي، كان للثورة الإيرانية دوراً ملهماً تجاوز سياق التعاطف المذهبي، فبدأ المفهوم السياسي للمذهب الشيعي بعناوين مختلفة أحزاب منظمات، شخصيات جماهير، يرسم مشروعه السياسي العريض ليخوض مواجهة دامية ومكلفة مع نظام لايريد حالة سياسية خارج سطوته مهما بدت، وكانت النتائج
موجعة ودامية كما يعرفها الجميع... عندما أسلط الضوء على المنجز العقلاني الناضج للنخب الشيعية ومراجعهم في ذلك الاحتدام التاريخي المصيري كرؤية وممارسة، فأنني أقف عند مرحلة راهنة بنت افتراقاً مع ذلك التراث عبر نزوع متطرف منغلق لايتعلق بطريقة الأداء السلطوي التي تدير بها القوى السياسية الشيعية المتنفذة الحكم فحسب..! بل فكرة الانعزال عن المشروع التحديثي المدني الوطني التي يجري فرضها على الشيعة في نطاق طائفي متخلف دون استدراك لمخاطرها على مستقبل الشيعة كعراقيين وهذا اكبر تحدي يواجهونه...!


لقد شكل التاسع من نيسان 2003 فصلاً تاريخياً نوعياً للعراق وبخاصة الشيعة.. لقد تبدلت الخارطة التاريخية السياسية للعراق بظهور الشيعة كقوة مقررة ومهيمنة على القرار السياسي فيه رغم أن الحديث عن تجانس سياسي شيعي حاكم يتكلم باسم الطائفة كناطق وممثل أوحد لها .. مازال بعيد عن الواقع والأصح هو الحديث عن قوة أغلبية شيعية متنفذة تهمين على القرار السياسي كتعبير ومفهوم سياسي بالنسبة للشيعة الحاكمين الذي يتوزع على أحزاب وكتل وتيارات.. الموضوع الشيعي بحد ذاته هو موضوع معقد ومركب ولايمكن تناوله دون تدقيق مسوؤل للمفاهيم والتوصيفات بعد أن أصبح التداخل بين المذهب والسياسة والحكم خياراً وارادة يتجاوز المنطوق العقائدي الشيعي وموقفه منهما .. لقد تغيرت المفاهيم وأغراضها، فالشيعة بالمفهوم الذي ذكرته يلعبون دوراً أساسيا في حكم العراق أليوم، فهم منذ التاسع من نيسان 2003 عملياً يقودون القرار السياسي العراقي بتجلياته وفاعليته الملموسة، وهم يتحملون مسؤولية تاريخية عن هذه المرحة بكل المعايير وهذه المسؤولية التاريخية تقف أمام مفترق طرق تاريخي حاسم أما أن يكونوا عراقيين شيعة أو يكونوا شيعة أمامية يعيشون في العراق ، وهذا يعني في المحصلة طرح و بناء وترسيخ الهوية المذهبية الشيعية في عراق كله كيانات مذهبية وعرقية تعيش في جغرافيات مغلقة ومعزولة وهم جزء من هذا الترتيب كماهوحاصل ألان ... أو يتجاوزوا ذلك نحو أفق الوطنية العراقية المفتوح والانخراط في مشروع سياسي مصيري يتعلق في بناء وترسيخ الدولة الوطنية العراقية كمرجعية للعراقيين دون أن تتأثر أوتمس هويتهم العقائدية بمضمونها الايماني ودون أن يكونوا مهمشين أو اعداداً مسلوبة بل بناة لدولة وطنية عراقية من طراز جديد، وهذا ماسأتناوله تركيزاً ... أن الفترة التي تلت التاسع من نيسان 2003 والتي .. تبوأ ت فيها الأحزاب والتيارات والمرجعيات الشيعية السلطة في العراق أفرزت جملة من المعطيات السياسية والعملية على الأرض أهمها هو الإخفاق في فهم وحل التداخل والتناقض بين ماهو وطني وماهو طائفي والتصور الخاطئ في القدرة على بناء الهوية العراقية المثلومة من خلال إخضاع المشروع المدني الديمقراطي بمختلف مؤسساته ومرتكزاته لصالح أجندة محكومة بمنطوق طائفي ضيق كما هو حاصل حالياً في رؤية ومواقف ألأحزاب والتيارات الشيعية وسياساتها، وهذا ليس اتهاماً جاهزاً بقدر ماهو حصيلة عملية للأداء السياسي المضطرب والمتناقض للعناوين الشيعة المختلفة ، والمشكلة هنا صعوبة الإحساس بموقف سياسي شيعي واضح بخصوص المشروع الوطني العراقي، رغم وجود ائتلاف شيعي يهيمن على البرلمان يحمل الورقة الوطنية ويلوح بها في كل مناسبة،لكن مع ذلك يمكن ملاحظة الاصراروالاتكاء على الورقة الطائفية والاستقواء بها في هيمنة الكتل الشيعية المختلفة على مفاصل الدولة المختلفة، وجعل الطقوس والولاء العقائدي للطائفة الشيعية، معبراً سياسياً مضموناً للحكم والنفوذ والسطوة دون تقدير واقعي لخطورة ذلك على أمكانية بقاء العراق موحداً أو على الأقل عراقاً متماسكاً وهذا اخطر مايواجه المشروع الوطني العراقي المنتظر، وهذا مانلاحظه بدون عناء في موقف اغلب المرجعيات الدينية والكتل السياسة المرتبطة بها أو المتأثرة بها، وهذا يجري كله في أجواء التناقض والاحتراب والصراع بين الكتل الشيعية المختلفة حول النفوذ والسطوة، فالكتلة الصدرية وحزب الفضيلة على تناقض كبير مع المجلس الإسلامي الأعلى في التوجه السياسي العقدي كالفدرالية ومركزية الدولة، ومفهوم البناء المؤسساتي الديمقراطي للدولة ناهيك عن الاختلاف مع حزب الدعوة في محاور مختلفة منها إقليم الجنوب والعلاقة مع ايران وكركوك، ضف الى ذلك أن فكرة ومفهوم العمل السياسي المدني بصيغته الحديثة لم تتبين معالمه داخل هذه الكتل والأحزاب وهذا جزء من الالتباس والإشكالية بين التأسيس الطائفي والحاجة الى مفهوم الكيان السياسي بصيغته العصرية والتي ينبغي أن تتوائم وتنسجم مع حالة ديمقراطية مؤسساتية منتظرة وهذا بدوره يعيق فك الارتباط بين ماهو طائفي مذهبي واستحقاق التأسيسات الوطنية في بلد تلاشت مرجعيته الوطنية أي الدولة، بمضمونها القديم، ويعني ذلك طرح مستقبل ومصير العمل السياسي بمضمونه وهويته بأحزابه وحركاته وتياراته وهل سيبقى في رداء الطائفة وجغرافيتها المحددة ام سيكون حالة سياسية عراقية فضاءها العراق بكل امتداداته وآفاقه متجاوزاً اطر الطائفة والاثنية ومنطقوها أم لا.. ؟ وهذا لاينطبق على الشيعة والسنة وحدهم بل أيضا على الأكراد والتركمان والآشوريين وباقي الجماعات القومية والأيام ستجيب على أي الخيارات ترسي الإرادة....؟،وإذا كان الخلل الوطني التاريخي كما تعتقد به النخب الشيعية جاء من خلال نشأة الدولة العراقية1921 وما تلاها وبخاصة بعد 1968 أذن أين العبرة في تكرار ذات الخطأ التاريخي في المنطوق والممارسة الراهنة للحكم ..؟. أن التأسيس الوطني الصحيح والعادل هو المعيار الذي بموجبه الحكم على مصداقية النخب العراقية الشيعية بأنها أخذت الدرس والعبرة من من خلل التكوين لأول دولة عراقية حديثة وتجاوزته برؤية وطنية صادقة، لااريد هنا استقطاع التحديات الهائلة التي واجهت النخب الشيعية الحاكمة ، كالإرهاب، والفساد، والمحاصصةالطائفية والاثنية والموقف السني المعارض، العزلة السياسية، التدخلات الخارجية والإقليمية، انعدام التنمية وتنامي الفقر والبطالة، الذي ترافق مع خبرة متواضعة في إدارة الحكم وفساد مشين استشرى في مؤسسات الدولة واحتراب شيعي سني، واحتراب، (شيعي ،شيعي) لكن مع كل ذلك كان بإمكان الرؤية والممارسة الشيعية نثر بذور موقف يتخطى المنطوق الطائفي المستفحل بخطوات عملية ملموسة ضد هذه التحديات من خلال رسالة أمان وطنية حقيقية تبدد دواعي الريبة والتمترس عند الآخرين لكننا بكل أسف لم نلمس اتجاهاً خارج منطوق الاحتكار السياسي وتحجيم الأخر، وهذا ماوضع الريبة والشك محل النوايا الحسنة... أو جعل من بناء جسور الثقة مع المعارضين والمعترضين ، مجرد خيار نظري لاغير...من ناحية أخرى. أن السنين التي حكم بها الشيعة بالتحالف مع الأحزاب الكردية، كشفت عن نزوع تطبيقي كثيف للأحزاب الشيعية (كأرادة البقاء) في الدائرة الطائفية الضيقة على حساب منافذ وطنية مطلوبة، وهذا مايلمسه المرء في تجليات الجغرافية الطائفية واستحكاماتها كامتدادات مقفلة (مدن) .. احياءً.. قطاعات.. وبخاصة العاصمة بغداد التي تستحكم فيها ميليشيات طائفية شرسة ناهيك عن أجهزة الدولة المختلفة وهذا لايعني غض البصر عن نظائرها في أماكن وجغرافيات اخرى من قبل الطرف الأخر سواءً كان سنياً أو كردياً، من ناحية أخرى يؤكد الاستغراق الهادف في جعل قدسية الطقوس التعبيرية المتأججة في وجدان الشيعة نحو معتقداتهم مستحكمات ومرتكزات سياسية تخدم الطائفية السياسية وترسخها بوصفه السلاح الأمضى في تثبيت سلطة الأحزاب الشيعية ونفوذها.. ففي ظل سطوة وسلطة هذه الأحزاب نمت ظواهر مهينة للروح البشرية مقترنة بأساليب ومناهج متخلفة في العلاقات الاجتماعية والدينية تمددت في ظلها الخرافات وتناهبت العقل بمختلف مستوياته المصادرة والتشتت، واستولدت مظاهر غريبة على مجتمعاتنا كمديات قصوى للتطرف الديني المتهاوي وانتشرت فضائيات ووسائل أعلام ودعاة طائفيون متخلفون وأشرار يروجون للخرافة والشعوذة ويحتقرون الدراية الإنسانية ، بتشجيع ورعاية قوى متنفذة داخل السلطة وحواليها، فأنتج ذلك المسارالظلامي ثقافة غيبية فجة وساذجة، حولت الوعي الشيعي العام الى مستودع للجنوح الغيبي الفارغ وحولت طقوسه، الى اهتياج، ولوعة موسمية منفرة، بعيدة كل البعد عن المعنى الحقيقي لذكرى عاشوراء وعبرتها التاريخية وفهمها، مما جعل فكرة توظيفها سياسياً ممارسة يومية لتعبئة حشود المؤمنين وشدهم الى استذابة منهكة في مصهر عقائدي متخلف لايقدم لهم الحقوق والمدنية كمواطنين عراقيين بل يراهن على استبقائهم رهائن لمشروع طائفي سياسي أدواته التضليل والارتكاز على قدسية ورمزية آل البيت ومأساة كربلاء ، لقد غابت فكرة المشروع السياسي الحر عن ذهن هذه الأحزاب بصيغته الحضارية متوارية خلف مظلومية الشيعة والمراهنة على مفهوم الأكثرية والأقلية في تكريس سطوتها وبقاءها، وجعل العنف وإقصاء الأخر ممارسة عادية ضف الى ذلك تنامي الفجوة الكبيرة التي نشأت خلال حكم الكتل والأحزاب الشيعية بين فقراء شيعة مستلبين وضائعين وأغنياء شيعة يزدادون ثراء وغنى وجاه وهو في كل الأحوال استعادة لجور وظلم الإقطاعيين الشيعة الذين كانوا يستعبدون الفلاحين من أبناء طائفتهم أبان العهود السالفة ، وهذا النوع من الهيمنة والجور الحالي هو صيغة معدلة ( وكشكل لدكتاتورية طائفية وإقطاع سياسي بصبغة شيعية) صنعته لعبة الدين والطائفة بتوظيف شعار (أتباع آل البيت) كمنفذ نحو التحكم والدكتاتورية والثراء الفاحش والاستحواذ يسخره سياسيون ورجال دين شيعة متنفذين وفاسدين...!، في ظل هذا الواقع المرير جرى استنساخ وتكريس روح الاسترقاق في نفوس الشيعة وحكمهم بخيار تسلطي طائفي، يعيد ذات الاستلاب الذي كابده المواطن العراقي أبان الدكتاتورية الصدامية التي نسفت فكرة المواطنة وروحها الحرة وكرامتها، عندما وضعت الإنسان العراقي في مصهر بعثي سقيم أحادي الرؤية والمصير وماذا كانت النتيجة....!، أن الفضاءات الحرة بخياراتها الإنسانية المفتوحة هي التي تصن الكرامة، وتجعل من شعار (هيهات منا الذلة) الذي واجه به الأمام الشهيد الحسين بن علي الطغاة والطغيان ضمانة لبقاء العراق موحداً حراً بمواطنية..... ولا طائل من التأسيسات الطائفية فأنها تستنفر المقابل وتحثه على المماثلة بالفعل وتسخير للرمزيات والعقائد الطائفية المتعصبة في تنافس عبثي فارغ وخطير، يكرس المحاصصة الاجتماعية كجغرافيات طائفية معزولة وهي الأخطر عندما تكون عنوان وتعبير عن تكونات طائفية متشددة ، كماهو جاري ألان... عندما أتحدث عن الشيعة تخصيصاً، فهذا لايعني تجاهل وغض البصر عن الإطراف الأخرى في تطرفها وعنفها واستفزازها ومسؤوليتها، قد يقول قائل.. أن هذا الوضع نتاج مرحلة انتقالية واثبات وجود فالطائفية والمحاصصة والهيمنة على أجهزة الدولة هي حاصل تحصيل تمسك به الجميع اضطراراً ولا توجد نبل ومثالية وأحلام في ظل هذا المنعطف المصيري وهونتاج واستحقاق لفوضى ومخاض التأسيس التي مرت بها مختلف الأمم..! أني أوافق على هذا الرأي عندما يتعلق الوضع بالأخطاء والاخفاقات التي ترافق بدايات التأسيس لكن الأمر يختلف عندما تصبح الممارسة الخاطئة خياراً تسبقه رؤية عقائدية وارادة سياسية نحو تكريس البناءات الخاطئة.. وبكل أسف هو ما يجري الآن.....الشيعة لأول مرة يتعرضون الى إقصاء تغريبي ومصادرة من قبل أولئك الذين يحكمون بأسمهم...... ولا مجال لاعادة التوازن لطائفة أخذت رهينة الا بانتفاضة على الذات يقوم بها الوطنيون الشيعة ضد الاستلاب والاغتراب الطائفي المهين والتحرر من رق النخاسين والطائفية السياسية ، أن الشيعة بحاجة الى ثورة تنويرية تعيد صياغة الوعي بمفهومه الشامل لتحطيم أغلال الوصاية والاستغلال الطائفي البغيض..إني اعرف أن الدرب طويل والحمل ثقيل لكن الثقة لم تفارقني بانبثاق إمكانية لدى القوى الحية والواعية من الشيعة لبناء وتأسيس ثقافة الاعتدال والعقلانية في الرؤية والممارسة لتتسامى الروح الوطنية العراقية وفكرتها النبيلة على فقه الانعزال والطائفة والتخلف أنها لحظة كتابة تاريخ العراق الجديد بوصفه تاريخاً لكل العراقيين دون نزوع استعلائي في مفهوم وخيلاء الأغلبية والأقلية الفج.. .. فأمام الجميع خيار الأغلبية الوطنية الكريم الذي هو أبقى وأمضى من الأغلبية الطائفية إذا مااريد للعراق أن يبقى واحداً موحداً حراً بمواطنيه، ربما أثير ضجر البعض في إلحاحي على .. العراقية .. والوطنية .. لكني على قناعة أن العراقيين لايمكن أن يستمروا بوطنية مثلومة وبعراق طائفي مشوه....أن الطائفية تؤسس (وطناً) مسخاً أما الوطنية فتبني وطناً أصيلا.......

ملاحظة: كتبت هذا المقال قبل خمسة أشهر


طلال شاكر كاتب وسياسي عراقي





#طلال_شاكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناقشة وتأمل في رؤية الامين العام للحزب الشيوعي العراقي وشعا ...
- القيادة الكردية... بين خلل الرؤية... وخطل الحسابات..!؟
- السيد مسعود البارزاني الحرب الاهلية الحقيقية ستندلع اذا جرى ...
- ألراي الحر.. لايستدع كل هذا التبرم والضيق من الدكتور كاظم حب ...
- رسالة الدكتور كاظم حبيب المفتوحة الى السيد مسعود البارزاني.. ...
- المادة..140 ..لاتحل مشكلة كركوك... بل المادة.... تفاهم عراقي ...
- الاحتلال.. والمقاومة.. والتحرير ..عناوين.. لخطاب سياسي متناق ...
- الاسلام العراقي يقود العراق نحو الهاوية
- القوة الصماء في عهدة قائد ملهم
- التاسع من نيسان 2003 تاًملات في اطلالة تاريخ
- حسن العلوي ابن حقيقته
- سر الرجولة التي أثبتها صدام للشيخ أحمد زكي يماني
- صالح المطلك ينوح على صروح الدكتاتور.
- حين توارى رئيس جمهوريتنا الطالباني في منتجع دوكان
- حداد القذافي علىصدام نفاق المستبدين ونخوتهم الكاذبة
- عندما يجعل عبد الباري عطوان.... صدام مرفوع الرأس .
- تقرير بيكر هاملتون وعقدة الاستعلاء الامريكي
- . !بقاء القوات الامريكية في عراقنا ضمانة ومصلحة وطنية
- اربع عوائل تتحكم بمصير العراق- القسم الثاني والاخير...
- أربع عوائل تتحكم بمصير العراق-القسم الاول


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلال شاكر - أما اَن للشيعة ان ينتفضوا على غربتهم..!