أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الاستثناء العربي والمرجعية الدولية للديمقراطية















المزيد.....

الاستثناء العربي والمرجعية الدولية للديمقراطية


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2294 - 2008 / 5 / 27 - 09:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بادرت الأمم المتحدة للاجابة عن سؤال مهم وملح يتعلق بالنموذج المنشود للإصلاح والديمقراطية، فجاء قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 81 الصادر في 8 كانون الأول/ ديسمبر عام 2000 حول “تعزيز الديمقراطية وتوطيدها” واضحاً حين أكد على ثلاث قضايا مهمة وذات طبيعة استراتيجية:

* الأولى، لا وجود لنموذج عالمي واحد للديمقراطية.

* الثانية، أن الديمقراطية لها طبيعة غنية ومتنوعة تنجم عن معتقدات وتقاليد اجتماعية وثقافية ودينية للامم والشعوب.

* الثالثة، أن جميع الديمقراطيات تتقاسمها خاصيات مشتركة، أي انها تقوم على اساس المشترك الانساني للتجربة البشرية الكونية.

ويعتبر هذا القرار إطاراً عاماً مرجعياً لمسألة الديمقراطية على المستوى العالمي، خصوصاً وأنه حظي بموافقة المجتمع الدولي، بما فيه البلدان العربية.

ويتميّز هذا القرار الذي سبق احداث 11 ايلول/ سبتمبر و”خطط” الإصلاح “ومشاريع” الديمقراطية التي أعلن عنها لاحقاً سواء المشروع الأمريكي للشرق الأوسط الكبير أو “الجديد” لاحقاً أو المشروع الفرنسي الألماني أو غيره من المشاريع الدولية، بالعمق والوضوح والتوازن، خصوصاً أنه حدد الطبيعة الغنيّة والمتنوعة التي تتسم بها الديمقراطية، أي العلاقة الجدلية بين العام والخاص وبين الكونية والشمولية من جهة، والمحلية والخصوصية من جهة أخرى.

وأكد القرار الأهمية الحاسمة لمشاركة المجتمع المدني ودعا إلى تعزيز التعددية وحماية حقوق الإنسان والحق في التنمية والحق في حرية الفكر وحقوق الأقليات القومية والإثنية والدينية واللغوية وحرية التعبير والحفاظ على الهوية. كما أكد المساواة بين الجنسين بهدف تحقيق مساواة تامة بين الرجال والنساء، وشدد على إلغاء جميع أشكال العنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب وما يتصل بها من تعصب.

جدير بالذكر أن الطريق للوصول الى تحقيق ذلك يمرّ عبر سيادة القانون والمساواة وحق الأفراد في الحرية والأمان واللجوء إلى العدالة والحق في المحاكمة العادلة وتعزيز استقلال القضاء، وإجراء انتخابات دورية حرة ونزيهة وضمان حق كل فرد في المشاركة بواسطة حرية التصويت والترشيح.

إن دلالة القرار الأممي مهمة لعالمنا العربي، فجميع البلدان العربية لم تتحفظ عليه، ورغم أنه أقرب إلى التوصية بحكم طبيعة قرارات الجمعية العامة الاّ أن عدم التحفظ عليه يعطيه قوة معنوية، لاسيما وأن مسألة الديمقراطية أصبحت استحقاقاً شاملاً لا يقبل التأجيل لجميع بلدان العالم وليس حكراً أو حصراً على دولة أو شعب أو منطقة ؛ بل أن التنوع والخصوصية عنصر رفد لأشكال وأنماط من الديمقراطية، وإن لهذين المفهومين خاصّيات وسمات مشتركة لجميع التجارب، لجهة المساواة والتعددية والمساءلة والمشاركة والحريات وفصل السلطات وتأمين استقلال القضاء واحترام حقوق الإنسان وغيرها.

يمكنني القول إن معظم الدساتير العربية ارتكزت على بناء قانوني عام أخذ بنظر الاعتبار بعض المبادىء العصرية، حيث أكدّت على بعض أسس الديمقراطية واحترام حقوق المواطن وحرياته العامة والخاصة، لكن الواقع الفعلي والممارسة السياسية جعلا مسألة الديمقراطية بعيدة في ضوء المقاييس الدولية، خصوصاً لجهة تداول السلطة أو المساءلة أو الشفافية أو المشاركة في إدارة الشؤون العامة وحق توّلي المناصب العليا، عبر انتخابات دورية أو في قضايا حق التعبير والتنظيم والاعتقاد، إضافة إلى مبدأ المساواة واستقلال القضاء الأساس في النظام الديمقراطي.

ولا بدّ هنا من الاشارة الى ظاهرة ايجابية هي اعتراف عدد من البلدان العربية الى حدود معينة بالتعددية، كما أنها أجرت انتخابات وأعطت هامشاً للحريات وبخاصة حرية التعبير منذ اواخر الثمانينات ومطلع التسعينات وما بعدها، لكن ذلك لا يصل الى مستوى المعايير الدولية المعترف بها من جانب الأمم المتحدة.

وإذ خطت بعض البلدان العربية خطوات ملموسة للمصالحة ما بين الدولة والمجتمع وتحقيق قدر من الإصلاحات، فإن بلداناً أخرى ظلت مترددة بين المضي في ديناميكية الإصلاح أو مراجعة اسلوب ادارة الشأن العام كما أن بعضها تراجع عن بعض الخطوات الايجابية التي تحققت بحجة مكافحة الارهاب.

وبشكل عام فإن العالم العربي يعتبر من المناطق الأدنى حظاً في العالم، التي لم تباشر بالإصلاح بمفهومه الشامل، وبالأخص الشروع بالإصلاح السياسي. وقد فتح هذا “الاستثناء العربي” قياساً بدول اوروبا الشرقية وامريكا الجنوبية ودول افريقية الباب على مصراعيه امام إضعاف مقوّمات السيادة الوطنية وفسح في المجال للتدخل الخارجي بما فيه الاحتلال المباشر.

ولعل من المفارقة ان رياح التغيير التي هبّت على العالم في اواخر الثمانينات ومطلع التسعينات كانت قد انكسرت عند شواطئ البحر المتوسط لاسباب لم تكن بعيدة عن مصالح وحسابات القوى الدولية المتنفذة وبهذا المعنى فان العامل الخارجي لعب دوراً سلبياً خطيراً آنذاك في كبح جماح الإصلاح والتحول الديمقراطي.

وتعتبر هذه الحقوق والحريات، وبخاصة حرية التعبير، حقوقاً مصانة في الدول العصرية ذات التوجه الديمقراطي وبالتالي يمكن تأشير التجاوزات بسهولة ناهيكم عن وجود رأي عام قوي ومؤثر ووجود تقاليد ديمقراطية متراكمة، لكنها للأسف الشديد تتعرض إلى الانتهاك الشديد في معظم البلدان العربية، ناهيكم عن محاولات الكبح تارة باسم “الدين” وأخرى باسم “الشرعية الثورية” سواء كانت قومية أو طبقية، وثالثة باسم “المصلحة العامة” أو “مصلحة الوطن العليا” ولعلها مؤخرا باسم “مكافحة الارهاب” وغير ذلك.

وقد كشفت تقارير التنمية الانسانية العربية، عن النقص الفادح في الحريات في العالم العربي، خصوصاً الحريات السياسية والمدنية، وأبدت مخاوفها إزاء الانتهاكات التي تصبح أكثر قسوة عندما تتعلق بجماعات فرعية، دينية أو اثنية، تُقصى خارج المواطنة أو خارج الحقوق.

يمكن القول إن ثمن حقبة الجمود والتنكر للديمقراطية وحقوق الانسان كان غالياً سواء بحجة الكوابح الخارجية أو المعوّقات الداخلية التي أدت الى تأجيل أو مقايضة خطط التنمية والإصلاح تحت ذرائع مختلفة، ورغم ذلك فما زال البعض يعتقد الآن ان المطالبة بالإصلاح والديمقراطية تصبّ في طاحونة القوى المتسيّدة وستكون عاملاً في انهيار الدول واشعال الحرب الأهلية والتدخل الخارجي والاحتلال.

إن مسألة “فرض الإصلاح” أو بعبارة أوضح التدخل الخارجي والوسائل الحربية، التي قد تصل الى الاحتلال لا يجمعها جامع بالإصلاح، فتلك مسألة تتعلق بالهيمنة وفرض الاستتباع، وليس الإصلاح مهما كانت الادعاءات أو الذرائع.
إن طريق الإصلاح لا بدّ له ان يعتمد الأساليب السلمية والتطور التدريجي والتراكم الحقيقي ولهذا فإن البدء الفعلي بالإصلاح بدلاً من الوعود والادعاءات سيجنّب بلداننا وشعوبنا هذه الطريق الخطيرة والضارة، إذ إن أي تأخير أو تأجيل أو تسويف للإصلاح سيؤدي الى مخاضات قد تكون ولاداتها عسيرة ولا تحمد عقباها، لذلك اقتضى الأمر الشروع بالإصلاح وتلك مسؤوليات القابضين على زمام السلطة السياسية، الذين بإمكانهم تدريجيا ولكن على نحو حازم وفعّال السير في طريق الإصلاح والديمقراطية.
ولا يمكن إعفاء بعض مؤسسات المجتمع المدني التي هي الأخرى بحاجة الى إصلاح وتجديد وتداولية وعدم التشبث بالمواقع أو اللهاث وراء مكاسب ضيقة على حساب المصلحة الوطنية أو المعايير المهنية والحقوقية من مسؤوليتها إزاء قضية الإصلاح والديمقراطية ومن القيام بواجبها الوطني على هذا الصعيد.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعاهدة الأميركية - العراقية: ابتزاز أم أمر واقع؟!
- جدلية الإصلاح العربي: الساكن والمتحرك!
- ثقافة الخوف والإرهاب!‏
- في أزمة الشرعية
- المواطنة والفقر
- التشكيك بحقوق الإنسان!
- جدل المواطنة والهوية!
- مسيحيو العراق... قرابين على مذابح عيد الفصح!
- دمشق عاصمة الثقافة: شجون فلسطين والفكر العربي
- جدل قانوني أميركي!
- رحمة بالأبرياء العراقيين!
- بعيداً عن السياسة: سؤال الضحايا إلى أين؟
- الدولة والمواطنة «المنقوصة»!
- سلّة ساركوزي المتوسطية اتحاد أم شراكة؟!
- التسامح وأوروبا: فصل الخيط الأسود عن الخيط الأبيض!
- استحقاقات المواطنة «العضوية»
- حقوق الإنسان الصورة والظل!
- الثقافة الانتخابية... والمعايير الدولية!
- «ثقافة الاستقالة» في الفكر العربي السائد!
- ثقافة الانتخابات.. افتراض أم اعتراض؟


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الاستثناء العربي والمرجعية الدولية للديمقراطية