أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - جواد البشيتي - -الأمن الغذائي- أوَّلاً!














المزيد.....

-الأمن الغذائي- أوَّلاً!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2289 - 2008 / 5 / 22 - 10:22
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


تقوم "العولمة الاقتصادية"، في وجه من وجوهها، على "تحرير التجارة"، والسعي من أجل مزيدٍ من هذا "التحرير"؛ ولكن، ما هي أهم النتائج التي تمخَّض عنها "تحرير التجارة" حتى الآن؟ مزيدٌ من "العبودية الاقتصادية" لشعوب الدول السابحة في فلك مراكز اقتصادية رأسمالية عالمية، تشبه "الثقوب السوداء" لجهة قدرتها على الاجتذاب الاقتصادي، وعلى ابتلاع وتحطيم "كل اقتصاد مداري فقير". وأحسب أنَّ هذه النتيجة، مع نتائج وعواقب أخرى، ستشدِّد الميل العالمي إلى تقييد تلك الحرية التجارية، التي تفعل في الاقتصاد العالمي الفقير فعل قنبلة هيروشيما الذرية في أهلها.

وفي هذا الصدد، سنورد مثالاً واحداً، يكفي أن نتأملَّه، وننظر في عواقبه، حتى يتأكَّد لنا، ويتَّضح، المعنى الحقيقي والجوهري لـ "تحرير التجارة".

الحكومات في الدول الأوروبية الغربية حرصت منذ زمن طويل على دعم وتقوية قطاع الزراعة من اقتصادها، وعلى تطويره بما لا يضر بالبيئة. لو أنَّ تلك الحكومات وقفت من مبدأ "تحرير التجارة"، والمقترن بمبدأ آخر لا يقل أهمية هو مبدأ "رفع يد الدولة عن الاقتصاد"، موقفاً مماثلاً لموقف الحكومات والدول عندنا، لانهار، عندها، قطاع الاقتصاد الزراعي، ولغدت شعوبها مستوردةً لكل ما تستهلك من مواد وبضائع غذائية.

لقد فهمت تلك الحكومات ما لـ "الأمن الغذائي"، و"الاستقلال الغذائي"، من أهمية كبرى في استراتيجية "الأمن القومي"، فدعمت مالياً، وبوسائل أخرى، المنتجين الزراعيين في بلدانها.

تلك الحكومات أرادت إنتاجاً زراعياً وفيراً، وجيداً في نوعيته، ومستوفياً لشروط سلامة البيئة وصحَّتها؛ وأرادت تثبيتاً لفئة واسعة من مواطنيها في هذا القطاع الاقتصادي الحيوي، واكتفاءً ذاتياً من الغذاء، ثم تصدير الفائض منه بأسعار رخيصة نسبياً حتى يملك من القدرة التنافسية في الأسواق الخارجية ما يمكِّنه من إضعاف وتقويض الزراعة والقطاعات الغذائية المنافسة له في البلدان الإفريقية والآسيوية واللاتينية الفقيرة.

وغني عن البيان أنَّ إنتاجاً زراعياً وغذائياً بهذه الخصائص لن يعود على صاحبه بربحٍ يمكن أن يغريه بالاستمرار فيه، فكان لا بدَّ، بالتالي، من الدعم الحكومي، المالي وغير المالي، لهذا المُنْتِج، الذي لا يضيره أن يظل مشتغلاً بالزراعة ما دامت تُدِرُّ عليه ربحاً وفيراً.

لقد تدَّخلت الدولة هناك في الاقتصاد الزراعي، منفقة أموالاً طائلة، متأتية من الضرائب، في سبيل "الأمن الغذائي" لمجتمعها، وفي سبيل إنتاج وتصدير فوائض زراعية وغذائية بأسعار تنافسية، فَجَمَعَت، بما يخدم مصالحها الاقتصادية، بين هذا التدخل للدولة والمنافي للاقتصاد الحر وبين الدعوة إلى "تحرير التجارة الدولية"، والذي انتهى إلى إلحاق الدمار بالزراعة والمزارعين في البلدان الفقيرة.

المزارعون عندنا هجروا الزراعة والريف وقراهم، وأخذوا يؤسِّسون لهم حياةً اقتصادية بائسة في المدن، وفي الأجهزة البيروقراطية للدولة، فتقوَّض "الأمن الغذائي والزراعي" لمجتمعاتنا، التي ازدادت، وتزداد، نسبة المستورَد من غذائها، والتي ينبغي لها الآن أن تشتري "الغذاء الأوروبي" الذي كان رخيصاً (قبل ومن أجل تدمير قطاعها الزراعي) فأصبح غالياً، وفي منتهى الغلاء.

وقبل أن تقع هذه الكارثة، تحوَّل جزء كبير من المزارعين في الدول الفقيرة إلى زراعة ما يلبِّي حاجة السوق العالمية للمخدِّرات. والآن، يتحوَّل جزء منهم إلى استخدام أراضيهم الزراعية في زراعة "الوقود الحيوي".

وحتى تظل البلدان الفقيرة في حالٍ دائمة من التبعية الغذائية والزراعية لتلك المراكز الرأسمالية العالمية بدأ السعي إلى التوسُّع في استخدام "الهندسة الوراثية" في تلك المراكز، توصُّلاً إلى زيادة إنتاج وتصدير الغذاء، ولو كان استهلاكه يعود بأضرار صحيَّة على مستهلكيه في البلدان الفقيرة.

وعليه، حان للحكومات عندنا أن تبدأ ثورة زراعية وغذائية، فتحيي وتعزِّز قطاع الزراعة، عبر معونات سخية، مالية وغير مالية، تقدِّمها للمزارعين، توصُّلاً إلى الاكتفاء الذاتي من المواد الزراعية والغذائية، الرخيصة بالنسبة إلى المستهلِك، والتي، مع ذلك، يعود بيعها في السوق المحلية على مُنْتِجها بربح يغريه بالاستمرار في عمله الزراعي، وبالبقاء في أرضه وقريته.. وتوصُّلاً إلى إنتاج فوائض زراعية وغذائية لبيعها في الأسواق الخارجية.

"الأمن الغذائي"، المتأتي من تطوير الإنتاج الزراعي والغذائي بما يحقِّق للمجتمع اكتفاءً ذاتياً في هذا المجال، ويُخفِّض أسعار الغذاء في سوقنا المحلية، إنَّما هو "مهمَّة الساعة" التي ينبغي للدولة عندنا أن تتوفَّر على إنجازها، فـ "حرية التجارة"، و"تدخل الدولة في الاقتصاد"، هما أمران يجب وزنهما بهذا الميزان فحسب.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القوميون العرب الجُدُد!
- عندما -يُعرِّف- الرئيس بوش الدول!
- سنة فلسطينية حاسمة!
- إنَّما -التعريب- كلمة يراد بها -التدويل-!
- ذاك انقلاب.. أمَّا هذا فلا!
- -قصة التيه- في نسختها اللبنانية!
- ليس صراعاً بين عليٍّ وعُمَر!
- كيف تُشْعَل الحروب.. لبنان مثالاً!
- لو كان اقتصادنا الحُرُّ.. حُرَّاً!
- -المسخ عبر التعريف- في مفاوضات سرية!
- حرب حكومية على -أفيون الفقراء-!
- فوضى الكلام عن السلام!
- أما حان لعمال العالم أن يتَّحِدوا؟!
- تعريف جديد ل -المرأة الزانية-!
- -حماس- تتحدَّث بلسانين!
- من بروكسل جاء الجواب!
- طوفان التصويب وأحزاب سفينة نوح!
- الكامن في شروط إسرائيل -غير التعجيزية-!
- -أحكام عرفية- ضدَّ -الغلاء-!
- مأساة تَحْبَل بانفجار!


المزيد.....




- بايدن يعلن إنتاج الولايات المتحدة أول 90 كغم من اليورانيوم ا ...
- واشنطن تتمسك بالعراق من بوابة الاقتصاد
- محافظ البنك المركزي العراقي يتحدث لـ-الحرة- عن إعادة هيكلة ...
- النفط يغلق على ارتفاع بعد تقليل إيران من شأن هجوم إسرائيلي
- وزير المالية القطري يجتمع مع نائب وزير الخزانة الأمريكية
- هل تكسب روسيا الحرب الاقتصادية؟
- سيلوانوف: فكرة مصادرة الأصول الروسية تقوض النظام النقدي والم ...
- يونايتد إيرلاينز تلغي رحلات لتل أبيب حتى 2 مايو لدواع أمنية ...
- أسهم أوروبا تقلص خسائرها مع انحسار التوتر في الشرق الأوسط
- اللجنة التوجيهية لصندوق النقد تقر بخطر الصراعات على الاقتصاد ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - جواد البشيتي - -الأمن الغذائي- أوَّلاً!