أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ثقافة الخوف والإرهاب!‏















المزيد.....

ثقافة الخوف والإرهاب!‏


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2289 - 2008 / 5 / 22 - 10:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل الإرهاب عدوّ؟ وإذا كان الجواب بـ «نعم»، فما ملامح هذا العدو، وما تركيبته، وما حدوده وكيف تتم ‏مجابهته؟ ثم كيف السبيل للقضاء عليه وتجفيف مصادره وقطع إمداداته؟ وهنا لا بدّ من الحديث عن أسبابه ‏الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، لاسيما الفقر وعدم التوزيع العادل للثروة، وسياسات إملاء الإرادة ‏والعدوان والاحتلال وغير ذلك.‏
لقد أرادت الولايات المتحدة بإعلانها «الحرب الدولية على الإرهاب» أن تصوّر الإرهاب عدواً قائماً ومحدداً، ‏مثلما كانت تتحدث عن النازية والفاشية بعد مهاجمة ميناء بيرل هاربر الأميركي وقتل نحو ثلاثة آلاف من ‏الجنود الأميركيين عام 1941، أو مثل ما كانت تتحدث عن خطر عدو أيديولوجي جبّار هو الشيوعية الدولية، ‏لاسيما بعد الحرب العالمية الثانية وبداية عهد الحرب الباردة التي أطلقها ونستون تشرشل عام 1947 ضدّ ‏الشيوعية.‏
لعل واشنطن أرادت تكريس ثقافة الخوف بإعلانها الحرب على الإرهاب، لاسيما بعد أحداث 11 سبتمبر ‏الإرهابية الإجرامية، على حدّ تعبير مستشار الأمن القومي الأسبق زيبغينيو بريجنسكي الذي اعتبر أن استخدام ‏تلك الذريعة قد أضعف من قدرة الولايات المتحدة على مواجهة التحديات الحقيقية التي يشكلها المتطرفون ‏الذين يستخدمون الإرهاب وسيلة ضدّ العدو، بل إنه يذهب أكثر من ذلك حين يعتبر أن الحرب على الإرهاب قد ‏أحدثت تأثيراً سلبياً على الديمقراطية الأميركية، وعلى المزاج النفسي لموقع الولايات المتحدة على الصعيد ‏الدولي.

يقول بريجنسكي: الإرهاب ليس عدواً، وإنما تكتيك من تكتيكات الحرب يستهدف الترويض السياسي عبر قتل ‏أناس عُزّل ومدنيين وغير مقاتلين. وإذا كان هدف الدعاية التي روّجت لمسألة الحرب الدولية على الإرهاب ‏تحريك الجمهور وحشده لصالح الاستراتيجية الأميركية، لاسيما في خيار احتلال أفغانستان والحرب على ‏العراق خصوصاً. وقد كانت أحداث 11 سبتمبر قد دفعت الأمور بهذا الاتجاه، يوم منح الكونغرس تفويضه لشن ‏الحرب على العراق بادعاء علاقته بالإرهاب الدولي ووجود أسلحة دمار شامل، الأمر الذي استغله قادة البيت ‏الأبيض، لاسيما الرئيس بوش الذي وجه الأنظار إلى الخارج، باعتبار أن «الأمة في حالة حرب»، وبالتالي ‏استهدف حصوله على ولاية انتخابية جديدة في عام 2004، إذ لا يمكن تغيير ربان السفينة وهي في عرض ‏البحر كما يقال!‏
إن ثقافة الخوف -وإنْ كانت من خطر غير محدد ومن جهة غير معروفة- هي التي دفعت بصنّاع السياسة ‏الأميركيين، لاسيما الصقور منهم أمثال بوش ورامسفيلد وبول وولفويتز وكوندوليزا رايس وغيرهم، إلى ‏تسويغ فكرة الحرب الاستباقية الوقائية ضد الخطر الوشيك الوقوع والمحتمل، بتسويق رواية زائفة حول ‏الإرهاب، ولعلّ تلك الاختلاقات بشأن تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن كانت أقرب إلى مكانة قيادة هتلر لألمانيا ‏وقيادة ستالين للاتحاد السوفييتي والزعامة التي تبعته.‏
قد تكون فكرة التصعيد الحالية بشأن الإرهاب واستهداف إيران باعتبارها تمثل الخطر الإرهابي الأول في العالم، ‏كما جاء في تقرير وزارة الخارجية الأميركية، للتمهيد لشن ضربة عسكرية على إيران، الأمر الذي تغذّيه ‏سياسة ثقافة الخوف وتجعل الولايات المتحدة في صراع مُمتد من العراق إلى إيران وأفغانستان وصولا إلى ‏باكستان، وهو الأمر الذي دعا بريجنسكي (مقالته في صحيفة واشنطن بوست بعنوان: ثلاث كلمات أفضت إلى ‏إضعاف الولايات المتحدة) أن يعتبر تلك الثقافة أشبه بالجنّي أو العفريت الذي يطلق من الزجاجة.‏
لقد أفضت سياسة الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب إلى إلحاق ضرر جسيم بسمعة الولايات المتحدة ‏على المستوى الدولي، لاسيما في البلدان العربية والإسلامية والبلدان النامية بشكل عام في آسيا وإفريقيا ‏وأميركا اللاتينية، خصوصاً أن العالم أخذ ينظر باستنكار إلى ما يقوم به الجيش الأميركي في أفغانستان ‏والعراق. ولعل تجربة سجن أبو غريب وسجن غوانتانامو والسجون السرية الطائرة (في أوروبا) كانت وصمة ‏عار حقيقية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، الأمر الذي وسّع من مشاعر العداء وحرّض على مواجهة الولايات ‏المتحدة ومقاومة سياساتها العدوانية في المنطقة، خصوصاً وهي حامية لإسرائيل لما ترتكبه من مجازر يومية ‏ضد الشعب الفلسطيني، ناهيكم عن تنكّرها لحقوقه العادلة والمشروعة وفي المقدمة منها حقه في تقرير ‏المصير.‏
إن إعادة تقسيم العالم إلى معسكرين أو محورين: معسكر الخير والحرية ومعسكر الشرّ والإرهاب، هو الوجه ‏الآخر لتقسيم أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة العالم إلى فسطاطين: عالم الكفر وعالم الإيمان، عالم المستضعفين ‏وعالم المستكبرين، الأمر الذي يجعل الصدام والاستئصال حتمياً. ولعل هذا يعني صبّ الزيت على النار لإبقاء ‏ثقافة الخوف قائمة ومستمرة، تحت مبررات وذرائع مختلفة.‏
لم يخطئ الرئيس بوش، ولم تكن تلك زلّة لسان عندما اعتبر الحرب على الإرهاب امتدادا للحرب الصليبية، ‏وليس سهواً عندما تحدث عن «الفاشية الإسلامية» أثناء الغزو الإسرائيلي للبنان عام 2006، بل جاء ذلك في ‏ترويجه للقضاء على الإرهاب وبناء مشروع الشرق الأوسط الجديد، بعد مشروع الشرق الأوسط الكبير، وهو ‏تعبير عن تصميم واعٍ لنمط التفكير السائد من قبل المحافظين اليمينيين الجدد، لاسيما في إطار ثقافة الخوف ‏التي عبّر عنها لتبرير مأزق الولايات المتحدة في العراق وعدم رغبتها في تحديد جدول زمني للانسحاب ‏‏»خشية أن تعبر القاعدة المحيط الأطلسي لتطلق حرباً إرهابية هنا في الولايات المتحدة»!‏
إن التطرف والتعصب والغلو والعنف والإرهاب ليست صفات خاصة بدين معين أو لصيقة بأمة أو شعب أو ‏مجتمع أو جنسية أو قومية أو جماعة بشرية دون غيرها، ولأن الإرهاب ظاهرة سياسية وثقافية، ولها أسبابها ‏الاجتماعية والاقتصادية، فهو لا دين له ولا هوية ولا وطن ولا لغة ولا جنسية، فقد وجد ضالته عند عدد من ‏المتطرفين والمتعصبين والأصوليين المتشددين، سواءً كانوا مسيحيين أم يهودا أم مسلمين، كما اعتمدته ‏جماعات سياسية من اتجاهات شتى، ماركسية وقومية حداثية وغير حداثية، علمانية أو دينية، إذ وجدت فيه ‏وسيلة لتحقيق أهدافها، سواءً كان إرهاباً فردياً أو جماعياً أو دولياً.‏
ولعل مثل هذا الوصف الشامل يجعل الأديان السماوية وغير السماوية خارج دائرة الاتهام بالإرهاب، حتى وإن ‏انخرط أو تورّط بعض الذين يتم حسابهم على ملاك هذا الدين أو ذاك، أو هذه الدولة أو تلك أو هذه الأمة أو ‏غيرها، لأن الأمر سيكون خارج دائرة القانون، فضلاً عن كونه خارج السياق الأخلاقي والمعايير الإنسانية ‏والحقوقية، وهذا ما يجعل هدف التعميم لثقافة الخوف والاتهامات المسبقة، أمراً غير عادل وبالتالي غير ‏إنساني حين يؤخذ البريء بجريرة الجاني، في حين يحاول المرتكب أو المذنب التملص أو الإفلات من يد ‏العدالة!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في أزمة الشرعية
- المواطنة والفقر
- التشكيك بحقوق الإنسان!
- جدل المواطنة والهوية!
- مسيحيو العراق... قرابين على مذابح عيد الفصح!
- دمشق عاصمة الثقافة: شجون فلسطين والفكر العربي
- جدل قانوني أميركي!
- رحمة بالأبرياء العراقيين!
- بعيداً عن السياسة: سؤال الضحايا إلى أين؟
- الدولة والمواطنة «المنقوصة»!
- سلّة ساركوزي المتوسطية اتحاد أم شراكة؟!
- التسامح وأوروبا: فصل الخيط الأسود عن الخيط الأبيض!
- استحقاقات المواطنة «العضوية»
- حقوق الإنسان الصورة والظل!
- الثقافة الانتخابية... والمعايير الدولية!
- «ثقافة الاستقالة» في الفكر العربي السائد!
- ثقافة الانتخابات.. افتراض أم اعتراض؟
- علاقات واشنطن - طهران بين التصعيد والتجميد!!
- مسارات التدليس والتدنيس.. احتلال العراق في عامه السادس
- الميثاق العربي لحقوق الإنسان: السؤال والمآل!


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ثقافة الخوف والإرهاب!‏