أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ميسون البياتي - بريماكوف بلياتشو من مسرح البولشوي















المزيد.....

بريماكوف بلياتشو من مسرح البولشوي


ميسون البياتي

الحوار المتمدن-العدد: 2286 - 2008 / 5 / 19 - 10:56
المحور: سيرة ذاتية
    


الأدب الواقعي من أعظم ما أنتجته لنا الحياة الأدبية في زمن روسيا القيصرية , وهكذا بدأنا نقرا روايات ومسرحيات لم يعرفها الأدب العالمي من قبل , تتكلم عن حياة الإنسان اليومية وهمومه الواقعية , تطرحها كما هي , ودون أن تضع لها حلولا أو تطرح عنها بدائل , من أجل شحذ تفكير القاريء أو المشاهد , ليبحث هو عن خلاصه بطريقته الخاصة .
في ذلك الزمان لم تكن هناك إذاعة أو تلفزيون , كان هناك المطبوع , قصة أو رواية أو قصيدة , وكان هناك المسرح الذي عرض روائع مسرحيات واقعية روسية أوصلتها الى ذروة تألقها طريقة ستانزلافسكي في التمثيل المسرحي , والتي تلقفها عنه المسرحي الفرنسي انطونين آرتو ليقدم طريقة مبتكرة اخرى في تقديم العرض المسرحي , أعقبتها تجارب عديدة ليس آخرها طريقة بريخت أو مايرهولد أو كروتوفسكي . بينما تلقف الأدب العالمي الواقعية الروسية , فتفرعت الى فروع شتى : الواقعية العبثية وواقعية اللامعقول والواقعية الوجودية , والواقعية الحقة ( السوريالية ) , والواقعية الفنطازية ( الخيالية ) ... وهكذا .
بنفس الطريقة التي أنكرت المسيحية , كل ما سبقها من ثقافة وعلوم موغلة في القدم , وإعتبرتها ثقافة وعلوما وثنية , يحرم تداولها , ووعدت بثقافة وعلوم مسيحية لكنها لم تفلح بتقديمها .
وبنفس الطريقة التي أنكر بها الإسلام كل ما سبقه من ثقافة وأدب وشعر بإعتباره تراثا جاهليا , لكنه لم يفلح ايضا في الإتيان بأدب وعلم وشعر إسلامي , مما أدى بعد عقود من الزمان الى عودة الشاعر العربي للكتابة بنفس أوزان وقوافي ومواضيع الشعر الجاهلي الذي حرم من قبل .
كذلك يؤشر الماركسيون , أن الثورة البلشفية في روسيا , والتي يتقاطعون معها في أكثر من نقطة , قد حرمت الكثير مما قبلها بإعتباره تراثا قيصريا ينبغي قبره , وعودا الى موضوع الواقعية الذي بدأنا به الحديث , فقد إبتدع لنا البلاشفة , طريقة جديدة في الواقعية تدعى : الواقعية الإشتراكية , أو واقعية طرح البدائل . تقوم هذه الواقعية بتمجيد البلشفي الذي قاد الثورة في روسيا وأطاح بالقيصر . وتزدري عقل المتلقي بإعتباره ( من وجهة نظرها ) عقلا قاصرا لا يستطيع الإستدلال على وسيلة لحل مشاكله ... لذلك فهي حين تطرح مشكلة , تعطيه معها البديل أو الحل ... بعد عقود من الزمان صار المواطن آلة بيد الدولة .. حين تعطيه أمرأ فعليها تعليمه طريقة تنفيذه , وتحول الشعب الى ما يشبه القطيع .
كذلك إزدرت البلشفية ( ثقافة النخبة ) , وهي الثقافة المتخصصة جدا التي ينتجها مثقفون متخصصون جدا موجهة الى شريحة محدودة من المثقفين بإعتبارهم ( هم ) قادة الحركات الإجتماعية ومنظري تحولاتها الحياتية المهمة , فما فائدة ثقافة النخبة إذا صار ( الرفيق ) هو منظر قطيع ( الشغيلة ) ؟ وضمن هذه التصورات تمت تصفية العديد من الرموز والأسماء التي تشكل خطرا على الطرح البلشفي . ولكن بكل ما أوتيت الثورة البلشفية من قوة , فإنها لم تستطع تنسية المواطن الروسي مجد وجمال وحلاوة المسرح الروسي العظيم .. ولهذا عمدت الى إفراغ هذا المسرح من محتواه الفكري وقيمته الإنسانية وسعيه لتحريك الأفكار والشعوب , عن طريق إبتداع مسرح البولشوي , مسرح السيرك , والأكروبات , والبهلوانات , والحواة , والمهرجين , ومروضي الوحوش , والقافزين على الحبال , وصار المواطن السوفيتي يدخل الى مسرح البولشوي ليفغر فمه مع كل حركة تقدم أمامه.. لكنه حين يغادر المسرح فلا معلومة مهمة تبقى في ذهنه .
ولم تكتف البلشفية بتخريج ( فنانين ) بولشوي , بل خرجت أيضا ( سياسيين ) بولشوي .. وهاكم : يفغيني بريماكوف واحدا منهم .
ولد يفغيني بريماكوف في مدينة كييف الأوكرانية سنة 1929 وتخرج من معهد موسكو للدراسات الشرقية سنة 1956 وحصل على الدكتوراه في الإقتصاد عام 1959 . عمل في راديو روسيا في قسم البلدان الأجنبية , تعلم العربية وأجادها بطلاقة , وأمضى 30 عاما في صفوف الحزب الشيوعي الروسي .
تعرف على عبد الناصر عن قرب , وأمضى سنوات عديدة خلال الستينات في المنطقة العربية مراسلا لإذاعته ومراسلا لصحيفة برافدا .. وجاسوسا لبلده لصالح الإستخبارات الروسية ( كي جي بي ) .
تعرف على صدام حسين ومعمر القذافي وأنشأ علاقات طيبة معهما , وعند عودته من المنطقة العربية عين مديرا لمعهد الدراسات الشرقية في موسكو , وفي العام 1990 إختاره غورباتشوف ليكون عونا له في ما عرف وقتها بالبريستوريكا والدياغنوست .. أي سياسة الإصلاح والإنفتاح . عينه الرئيس الروسي السابق يلتسين وزيرا للخارجية سنة 1996 ثم رئيسا للوزراء عام 1998 , وهو حاليا يشغل وظيفة رئيس غرفة التجارة والصناعة في روسيا الإتحادية .
بريماكوف هذا كان عراب محرقة ملجا العامرية .. يومها كان مبعوثا من قبل الولايات المتحدة الى صدام للتفاوض على الإنسحاب من الكويت رغم الفعاليات العسكرية الدائرة , ومن المؤكد أنه هو الذي كان يوصل لصدام رسائل مزدوجة تحثه على الإنسحاب لكنها تعزز في نفسه فكره العناد والمقاومة , وهكذا راح في ملجأ العامرية ما يقرب من ألفي بشر من العراقيين تفحما .
وقد شاهدناه بأعيننا برفقة صدام عند باب ملجأ العامرية ساعة قصفه , ولم نسمع ذلك من الأخبار , بعد يومين أعطى صدام إيعاز الإنسحاب غير المنظم من الكويت , فتمت بوساطة بريماكوف غير الحميدة .. أقذر مجزرة بشرية في القرن العشرين .
وبريماكوف هذا كان كلما زار العراق بعد إحتلال الكويت علت نبرة صدام أن أرض الكويت للعراقيين بعد أن يجف نفطها ويتركها الكوايتة الى غير رجعة .
من تصريحات بريماكوف بعد تقطيع أوصال يوغسلافيا .. ثم تقطيع أوصال صربيا الى : صربيا , وإقليم كوسوفو تحت إدارة الأمم المتحدة بسبب مصادر الثروات التي يتمتع بها الإقليم , وبحجة إضطهاد الألبان المسلمين الموجودين في إقليم كوسوفو الصربي ..... يقول بريماكوف (( من حق الصرب القاطنين في كوسوفو إعلان إستقلالهم )) . فأي تقطيع هذا لبلد كان الى ما قبل عشر سنوات بلدا واحدا من المؤمل بعد هذه النصيحة الغالية أن يتحول الى 8 دول !!؟
يوم 11 من الشهر الجاري زار بريماكوف كردستان العراق وصرح بنفس الجملة التي كان يهمسها في إذن صديقه صدام عن أرض الكويت ونفط الكويت , لكنه غير التسمية هذه المرة الى كركوك ونفط كركوك فقال في مؤتمر صحفي عقد في أربيل : (( كركوك يجب أن تكون جزءا من إقليم كردستان وهذا يجب أن لا يؤثر في العلاقات الكردية العربية في العراق كما يجب عدم وضع النفط في الإعتبار عند بحث مسألة كركوك لأن النفط ربما يجف وستكون هناك مناطق اخرى غنية بالنفط )) .
لسنا بصدد الإعتراض على حق قد يناله شعبنا الكردي اذا ثبت صحة عائدية هذا الحق له , لكننا بصدد فضح هذا البلياتشو الروسي الذي إرتضى لنفسه أن يشتغل بوظيفة مرسال أمريكي الى عند صدام من أجل إحراق العراق برمته , وشهادتنا عليه فجر الحريق الأسود لملجأ العامرية خير إدانة , ما الذي كلفه به الأمريكان من جديد ليجعله يدلي بهذا التصريح عن كركوك ؟
اذا جاز لنا أن نطبق ما حصل في يوغسلافيا على ما سيحصل في العراق , فالمخطط الأمريكي سيقطع اوصال العراق بأجمعه .. وستبقى الورقة الأخيرة هي ورقة كركوك ... سيتم فصلها عن أي كيان هي ملتحقة به , كما تم فصل إقليم كوسوفو عن صربيا .. لا توجد سياسة غبية في العالم يمكن أن تمنح نفط كركوك لا لعرب العراق ولا لكردهم ولا لتركمانهم .. وليذهب بريماكوف بلياتشو السياسة هو وكراته وقروده والحبال التي يتقافزعليها منذ أن كان مذيعا حتى قفزه الى حبل رئيس وزراء وصولا الى تراجعه الى حبل رئيس غرفة التجارة والصناعة في روسيا الإتحادية الحالية .. وهي واحدة من دول الكومون ويلث حالها من حال أي من جمهوريات الإتحاد السوفيتي السابق التي حين غادرت الإتحاد المنهار فقد إنضوت تحت خيمة الكومون ويلث لمداواة خرابها الإقتصادي .. وحين يلهث إقتصادها خلف الجنيه الإسترليني .. فلم لا يلهث رجالها !!



#ميسون_البياتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخصوصية الحضارية في عصر العولمة
- التناص الأمريكي في إسقاط شاه ايران وصدام العراق
- برهان المفتي والموت الفجائي
- تباٍّ للمستحيل
- أخلاقيات النشر على الأنترنيت
- المطر الأسود
- رفع علم الإنسانية
- أنا كملكة على العراق
- الدكتورة ميسون البياتي : أطالب بإعادة إسمي المسروق
- أثر العصبة على الدولة عند إبن خلدون
- إنشطار يوغسلافيا سبع دول في عشر سنوات
- مهزلة العلم في زمن الديمقراطية
- ايران في العراق
- حكايتي مع بدرخان السندي
- كيف تحولت أفغانستان الى حاضنة إرهاب ؟
- لماذا يكذب الرؤساء الأمريكيون ؟
- تعلولة بغدادية
- رفقا بالحق والحقيقة..


المزيد.....




- رئيسة جامعة كولومبيا توجه -رسالة- إلى الطلاب المعتصمين
- أردوغان يشعل جدلا بتدوينة عن بغداد وما وصفها به خلال زيارته ...
- البرازيل تعلن مقتل أو فقدان 4 من مواطنيها المرتزقة في أوكران ...
- مباشر: 200 يوم على حرب بلا هوادة بين إسرائيل وحماس في غزة
- مجلس الشيوخ الأمريكي يقر بأغلبية ساحقة مشروع قانون مساعدات ل ...
- محكمة بريطانية تنظر في طعن يتعلق بتصدير الأسلحة لإسرائيل
- بعد 200 يوم.. تساؤلات حول قدرة إسرائيل على إخراج حماس من غزة ...
- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ميسون البياتي - بريماكوف بلياتشو من مسرح البولشوي