أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عاصم بدرالدين - أخطئ سعد الحريري














المزيد.....

أخطئ سعد الحريري


عاصم بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 2286 - 2008 / 5 / 19 - 10:50
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


يخطئ النائب سعد الحريري، وكل إنسان يخطئ، حين يقول في مؤتمره الصحفي الذي عقده مؤخراً في قريطم :"ما حصل في لبنان اليوم هو أكبر خطر على كل لبناني. فماذا لو حصلت حرب من قبل إسرائيل لا سمح الله، إلى أين سيذهب أهل الجنوب؟ أليس إلى بيروت؟ من سيحتضنهم؟ كيف سنضمد الجراح اليوم؟ هل المسألة مسالة ربح المعركة على الأرض؟ هذا ما حصل ولكن ماذا بعد؟ كيف سيهدئون نفوس الناس؟ ماذا عن الشهداء الأبرياء الذين سقطوا اليوم وبالأمس وقبله من الطرفين؟ في النهاية "فلت الملق" وكانت الفوضى. كيف سنضمد هذه الجراح والى أين نحن ذاهبون؟ إلى أين يأخذون البلاد؟ أريد أن أفهم. هل نتحدث بالوحدة الإسلامية ونعمل ضدها؟ لا نتحدث مع تيار المستقبل ولا نتهجم إلا عليه؟ كيف أنت للمواطن اللبناني أن تنسى هذه الجراح؟".

خطأ فادح وخطير، يرتكبه النائب الحريري، في حق نفسه، وفي حق أهالي الجنوب، وبيروت المدينة المغتصبة. هذا الكلام لن يفيد، لا بل سيعمق الجراح أكثر، ويزيد من الشرخ المذهبي، الذي -أصلاً- قد وصل إلى أعلى المستويات والمراتب بعد الأحداث الأخيرة، حيث أصبح بمقدورنا أن نقول مع قليل من التحفظ الخجول، أننا وصلنا إلى اللاعودة، على الأقل على المستوى الشعبي المنفصل عن السياسي الملتزم بالتسويات شتى. أن يصدر هذا الكلام عن القيادات السياسية المعتبرة واعية ونبيهة وحاذقة، فهذه مشكلة. لا نفاجئ حين نسمع هذا النوع من الأحاديث في الشوارع، من حكي الناس العاديين أي المواطنين-أهالي بيروت. أما القيادات، والتي من المفترض أن تسعى لوأد أشكال الفتنة فلا يجوز أن تفكر، مجرد التفكير فيه.

يخطئ سعد الحريري ومن معه، وخاصة أن هذا الكلام تكرر كثيراً في الآونة الأخيرة. يخطئ حين يعتقد بأنه بهذا الكلام يخيف الناس -أهل الجنوب-، ويهدأ النفوس المشتعلة -أهل بيروت-. هذا الكلام المنطوق، يثير أهالي الجنوب والشيعة في شكل عام. ويدفعهم للإختباء سريعاً في جبة حزب الله، والوقوف مرصوصي الصفوف إلى جانبه كي يحتموا من خطر الأخر المتربص بهم. هذه كارثة، أن يقال هذا الكلام، لما يشكله من إهانة للشيعة ويزيد من تعصبهم ونفورهم وإلتحامهم تحت قيادة الحزب الإلهي، وهذا الأخير لن يتوانى أبداً عن الإستفادة من هذه الهفوة! مثلها، مثل فكرة الباخرة في حرب تموز 2006، حيث قيل حينئذ أنها ترسوا في عرض البحر لكي تأخذ الشيعة إلى أي مكان في العالم وربما لترميهم في عرضه. هو صراع طائفي دامي، لا يقتل إلا أهله والمدينة.

هذا الكلام، الذي قيل بإسم بيروت، يجهل بيروت وطبيعة بيروت وأهلها. بيروت لا ترد أحداً. لا تترك أحداً. بيروت حاضنة للجميع وكذلك أهلها، كما أنها ليست لأحد. في هذا الكلام الكثير من المبالغة، صحيح أن النفوس مجيشة وغاضبة، لكن في الأزمات تتوحد، أو على الأقل تعض على الجرح، حتى تنتهي. أما إذا تغيرت بيروت وسكانها، ولم نعلم بعد، فهذه كارثة حقيقية في حق مدنية بيروت وإنسانيتها وحضارتها الثقافية، ويتحمل مسؤولية هذا التبديل في طباعها أولاً وأخيراً، من يحملون إسم عاصمتنا ويدافعون عنها وعن أهلها.. وأولا وأخيراً حزب الله المجتاح للمدينة. السيد سعد الحريري في كلامه هذا، وكأنه يلمح لأهل بيروت كي يرفضوا الناس في حال حصول أي حرب. وفي الوقت عينه يخوِّف أهالي الجنوب بأن لا حامي ولا ملجأ لكم بعد الآن. وفي الحالين، وإن صحا، هناك إنعدام للحس الإنساني الذي تمتاز به بيروت. وهناك إحساس بالذل والإهانة لدى الجنوبيين.

المشكلة أن حزب الله يمسك برقاب العباد، وفي الأخص الشيعة. ويستغل هذا النفور الكلامي ويطوعه خدمةً له، من أجل تحقيق المزيد من التضامن والإلتفاف حوله، لأنه المستهدف بالتالي فإن الشيعة هم المستهدفون. حزب الله الحاكم في كل شيء، هو من يملك الأمن والمال والإجتماع والسياسة. والناس تخاف. تخاف من إسرائيل، ومنه (أي حزب الله)، والآن صارت تخاف من أهالي بيروت. يهدد الحريري بطريقة غير مباشرة أهالي الجنوب بالموت، فيزيد من خوفهم وبعدهم عن الكيان والإلتحام الوطني، ويؤكد لهم ويثبت بالأدلة اللفظية نظرية المؤامرة التي يتغنى ويستخدمها بشكل سافر وسافل وحقير حزب الله. في هذا الكلام، لم يسعَ الحريري إلى تهدأت النفوس بل إلى إشعالها أكثر فأكثر. وهذا يعود إلى خطأ تكتيكي، فهذا الكلام أتى رداً على سؤال صحفي، بالتالي لم يكن معداً سلفاً، والنائب الحريري حتى الآن لم يستطع أن يفهم اللعبة. هذه خطيئة!

الجنوب وأهله، وعموم أهالي الشيعة، ليسوا بالضرورة موافقين على ما يفعله حزب الله في إستباحته لبيروت والجبل والشمال، وجعله الوطن برمته على كفِ عفريت دون أن يأبه بالتوازن الطائفي المقيت. لذا على سعد الحريري الزعيم اللبناني، أن لا يصب الزيت على النار، وأن لا يحذو حذو حزب الله في الضرب على الوتر الغرائزي لدى مؤيده. على الحريري وهو الذي يدعي أنه يملك مشروعاً وطنياً جامعاً موروثاً عن والده، أن يعمل جاهداً على تأمين أليات إندماج الشيعة في الإجتماع اللبناني في ظل غياب السلطة الحقيقية التي من واجبها أن تقوم بهذا العمل، لا أن يرهبهم ويبعدهم. وهذا لن يحصل في ظل قوة حزب الله هذه، وفي ظل هذا الكلام السخيف الغبي.

الجنوب كجغرافيا وسكان، دفع أكثر من طاقته، وبإسم الجميع.. وفي قضايا لا تعنيه ولا تهمه وما زال حتى الآن الساحة التي يستخدمها حزب الله تلبيةً لحاجات سيِّديه الإيراني والسوري. ويأتي الحريري وقوى الرابع عشر من آذار من بعده، بكثير من البلاهة والسذاجة، ليدَّفع الجنوب وناسه المزيد من الفواتير والحسابات فيسقط الجنوبيّ في شباك حزب الله الأبدية. أخطئ سعد الحريري.. حقاً.



#عاصم_بدرالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وأيضاً سمير قصير؟
- لا تنسى
- نماذج علمانية تخريبية
- سقطوا
- فضائل النقد والمجتمعات الغيبية المقدسة
- كابوس
- الكذبة الحقيقية
- في شؤون -المحادل- والديمقراطية
- ساقطة.. ساقطة.. ساقطة
- شهداء مجانين
- بل بحبل مشنقة
- -الحسبة- والمواطن السعودي
- الله إلكترونياً: تسعيرات واضحة!
- تضامناً مع وفاء سلطان:ماذا عن الرأي الآخر؟
- هي لحظة
- ماذا عن ميشال سورا؟
- لا أريد أن أموت
- الزواج المدني: الخطوة الأولى
- بيروت،أدب وفن
- حالة حب (قصة قصيرة)


المزيد.....




- السعودية.. ظهور معتمر -عملاق- في الحرم المكي يشعل تفاعلا
- على الخريطة.. دول ستصوم 30 يوما في رمضان وأخرى 29 قبل عيد ال ...
- -آخر نكتة-.. علاء مبارك يعلق على تبني وقف إطلاق النار بغزة ف ...
- مقتل وإصابة مدنيين وعسكريين بقصف إسرائيلي على ريف حلب شمال غ ...
- ما هي الآثار الجانبية للموز؟
- عارض مفاجئ قد يكون علامة مبكرة على الإصابة بالخرف
- ما الذي يمكن أن تفعله درجة واحدة من الاحترار؟
- باحث سياسي يوضح موقف موسكو من الحوار مع الولايات المتحدة بشأ ...
- محتجون يقاطعون بايدن: -يداك ملطختان بالدماء- (فيديو)
- الجيش البريطاني يطلق لحى عسكرييه بعد قرن من حظرها


المزيد.....

- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد
- تشظي الهوية السورية بين ثالوث الاستبداد والفساد والعنف الهمج ... / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عاصم بدرالدين - أخطئ سعد الحريري