أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ياسر العدل - أنا عاوز أتجٌوًز














المزيد.....

أنا عاوز أتجٌوًز


ياسر العدل

الحوار المتمدن-العدد: 2282 - 2008 / 5 / 15 - 10:16
المحور: كتابات ساخرة
    


دروب حياتى الرائعة أوصلتنى إلى علاقة أقمتها مع نصف صديق، أحيانا أمارس معه علاقة نصف صديق وأحيانا أمارس معه علاقة نصف عدو، انه موظف حكومى يقاربنى سنا ومن أهل حينا، لقيته على عربة الفول المدمس الرابضة على أول شارع بيتنا العامر، على مدى شهور من اضطهاد زوجاتنا وطردنا خارج البيت دون إفطار تناولت مع هذا الموظف عشرات من أطباق الفول مع البصل والباذنجان المخلل والخبز البلدى وقصص الثورة وفلسطين والمرتبات وفساد الأنظمة، هكذا اجتمعت فى هذا الموظف الجميل الكئابة ملامح نصف الصديق ونصف العدو.

صباح أمس وعلى ناصية الشارع التالى لبيتنا العامر لقيت هذا النصف صديق هاما بالسير متجها إلى عربة الفول كى يحصل على مكانة المفضل على طرفها الأيمن الغربى فى مواجهة شمس الصباح وبجوار وعاء البصل والفلفل الأخضر، مشية نصف الصديق لا تخفى بعض آلام الساقين ومشيتى لا تخفى بعض آلام الظهر والكتفين، وحين لحقت به أخبرته بأننى بدأت منذ يومين فقط العام الواحد والستين من عمرى المديد، عندها جاملنى بمجاملة باردة:

- كل سنه وإنت طيب يا باشا0

كان واضحا أن الصورة تتطلب أبدو سعيدا بمناسبة عيد ميلادى العظيم، لذلك أكدت لنصف الصديق إننى أرجو لكل إنسان كل الصحة وطول العمر وأن تمر أيامنا على خير، ثم أردفت مجاملا:

- وإنت بألف خير وسعادة.

انتبه نصف الصديق فجأة على أننى مشروع صديق له، وأننى أخبرته بحدث ميلادى العظيم، وأن شهر ميلادى ضم كثيرا من حوادث الميلاد المفزعة لزعماء وأفاقين وعلماء ومصلحين وبعض الراقصات، فأبطأ الخطى واستدار نحوى ليظهر بعضا من الكرم والبشاشة تجاهى، طوح بكفه اليسرى يهز بعضا من وسطه ويخرق بإصبعه الوسطى هواء الكون المحيط بنا وقال :

- أرجو لك أن تصل للثمانين يا باشا 00 هه هه

نظر لى الموظف الحكومى نصف الصديق بعين متوجسة كمن يتحسس صلاحيتى للحياة أصلا، وبانت حركاته أمامى حركات نصف عدو، فأخذت نصف هواء العالم ازفره فى وجهه وحين شعر بأنفاسى تتحرك قال متهكما:

- بيقولوا الدهن فى العتاقى!!

طوحت له مؤكدا باسطا كفى اليمنى وعلقت على طبقة صوتى نبرة تحدى فاجعة وقلت:

- طبعا يا باشا00 الحمد لله الصحة تمام.

اقترب منى وحط عينه فى عينى ووضع يده اليسرى على خصره ثم مال بأذنه نحوى قاصدا الاستماع إلى سر خطير، وتسائل بصوت واطئ:

- تمام التمام !!

لم يترك لى فرصة للرد على تسائله بل أسرع يهز بعضا من وسطه ويطرح كفيه ورسغيه خلفا ويهز صدره كراقصه شعبية فى مولد عشوائى، ثم لوح بقبضه يده اليمنى وغمز بعينه اليسرى قائلا بصوت عال:

- تمام التمام؟ 00 يا باشا !!

التقطت أنفاسى من متابعة حركاته وأجبته مؤكدا:

- تمام التمام ، وعاوز أتجوز.

صوب عينيه داخل عينى ووضع سبابته مشيرا إلى وجهى ثم مط وجهه وتسائل مستنكرا:

- إنت عاوز تتجوز؟

قلت له واثقا وكل وجهى ابتسامات تنم على التحدى:

- آه 00 عاوز أتجوز 00 ( أعنى بالعربى طالب زواج)

انتظر برهة هز فيها جزءا من أسفل وسطه ثم أدار إصبعه تجاه شحمة أذنه متراجعا برأسه للخلف وابتسم ابتسامه خبيثة وقال:

- قل لى بصراحة00 إنت عاوز تتجوز؟ 00 وإلا عاوز تتجوز؟.

فى هذا الصباح نظرت للوحة كاملة رسمتها الحياة أمام عينى، نصف الصديق تتقاطع أجزاءه فى حركات مع الطريق والسيارات والبشر ويتناثر فى اللوحة ضوء الشمس والإضرابات وأخبار الجميلات وارتفاع الأسعار وصحراء الملوك وأزمة الغذاء العالمى وخطوات وئيدة لحمار صغير يسير بجوار حمار كبير ويجران معا عربة لجمع مخلفات البيوت، وتنتهى علاقات اللوحة عند أول الشارع حيث عربة الفول المدمس، فجأة تحوطتنى نظرات نصف الصديق وانثناءات خصره وتهكماته فقررت أن أرفع عقيرتى بمجون الواثق قائلا:

- آه .. عاوز أتجوز.

نظر نصف الصديق إلى عينى وانفتح فمه عن ابتسامات تتشفى بمعرفة الأسرار قائلا:

- يا لئـيم.

توقفنا عن الكلام والابتسام ولم يجهد احدنا الأخر فى بتفسير ما هو اللؤم المقصود فى عبارة نصف الصديق، وانطلقنا متجاورين لنصل إلى عربة فول المدمس متأخرين فلم يصب نصف الصديق موقعة على العربة، حالت آلام الروماتيزم فى أصابعى بينى وبين كسر فحل البصل براحة بيدى، وتناول نصف الصديق طبق الفول المدمس خاليا من الشطة بعد إصابته بقرحة المعدة، هكذا تناولنا إفطارنا الشهى وسط جبل متوهج من النكات الفاضحة للأخلاق عن الرؤساء والخبز والحكومات والفول والحمير وأهل الشمال وأهل الجنوب والنساء اللائى يمارسن الدلال كل هؤلاء، وفى النهاية حبسنا طعامنا بكوبين من الشاى المغلى.

حين تأكدت من اختفاء نصف الصديق عن ناظرى، أصابنى إحساس فاضل بحرية الكلام والحلم فانطلقت فى الشوارع مبتسما وضاحكا وضاجا وهازا كتفى وصدرى وكثيرا من أجزاء جسدى أبحث عن مشاريع الأصدقاء وبعض الأعداء لأطرح عليهم سؤالى العبقرى:

- إنت عاوز تتجوز؟ 00 وإلا إنت عاوز تتجوز؟

ودون أن اترك لأحد فرصة للإجابة على السؤال الأول أو حتى التفكير فى السؤال الثانى أباغت المسئول بمحاولة الالتفاف حوله لأضع أصبعى الوسطى فى جنبه وأدغدغه قائلا:

- يا لـئـيم.



#ياسر_العدل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنهم يأكلون سذاجة
- أولاد العم تاج
- رجل غراب ..وخُف جمل
- أنا شاهد وكنت يقظا
- بعض الكتبة مزعجون .. وأنا أيضا
- بعض الكتبة مزعجون
- جدل التمييز الدينى والدولة المدنية
- ديمشلت 00 دعوة لجمع التراث
- اللغة العربية والتفاعل الحضارى
- سياسة التعليم وخرابنا القومى !!
- موظفون يفسدون عيد الدقهلية
- رواتب الولاء00!!
- مشروعنا النووى 00 مطالب!!
- شهادة البنت 00 نوسه!!
- نحن لها 00 يا سيادة الرئيس!!
- سيناء 00 أرض التيه!!
- إسترعاء 00 واستبراء
- أولادنا الجدد فى الجامعة
- إفطار جماعى .. !!
- موٌلد 00 سيدى كشكش بيه


المزيد.....




- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ياسر العدل - أنا عاوز أتجٌوًز