أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - في أزمة الشرعية















المزيد.....

في أزمة الشرعية


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2283 - 2008 / 5 / 16 - 08:42
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


ظل فقدان الشرعية أو ضعفها إحدى المشكلات الأساسية للأنظمة والمؤسسات والكيانات السياسية والمدنية. لذلك كانت هناك فجوة واسعة بين الحكام والمحكومين، بين قمة الهرم في المؤسسة وبين قاعدته، بين القيادة العليا والحلقات الدنيا.
ولهذا السبب أيضاً كانت الأنظمة والمؤسسات والكيانات ضعيفة أو فاقدة الشرعية، أو التي تعاني من هزالها غير قادرة على الانفتاح على المجتمع، وعلى مشاركته في اتخاذ القرار وتنفيذه ومحاسبة المسؤولين عن التقصير، الأمر الذي خلق هوّة سحيقة دفعت بالنخب المهيمنة إلى اتخاذ سلوك يتسم بالقسوة والتسلط إزاء الآخرين، أو السعي إلى استمالتهم بما في ذلك رشوتهم أحياناً فيما إذا اعتقدت أن بقاءها في السلطة مرهون بمثل هذا التصرف.
إن أحد أسباب الإقصاء والتهميش، وردود الفعل الحادة إزاء الآخرين وحجب حقهم في التعبير والمشاركة، أو استمالة بعض الفئات وتدجينها أو احتوائها، هو الخوف أو الشك بين هذه الأنظمة أو المؤسسات أو الكيانات وشعوبها أو الجهات والجماعات التي تمثلها. ولعل ذلك نابع من ضعف أو غياب الشرعية أو افتقارها إلى مكونات تجعلها مقبولة، وهو ما نطلق عليه أزمة الشرعية.
ولعل أزمة الشرعية هي إحدى أبرز إشكاليات ومشكلات الحكم في العالم العربي، وهي التي تفسر إلى حد كبير الطابع التسلطي للأنظمة السياسية، خصوصاً الشعور بالتهديد والخوف من التغيير والرغبة في الهيمنة واحتكار السلطة، وعدم إعطاء الفرصة للآخرين للتعبير وللمشاركة. وبقدر ما ينطبق ذلك على السلطة، فإنه ينطبق على معارضتها أحياناً، خصوصاً بافتقادها للشرعية الداخلية في حياتها، أو لانتهاجها أساليب تؤدي إلى إقصاء الآخرين.
إن العلاقة غير السليمة بين الحاكم والمحكوم، وتربص البعض بالآخر، يشكلان جوهر عدم استقرار الأنظمة الحاكمة، ويجعلها بالتالي عرضة للتشدد إزاء الداخل ومطالبه المشروعة بالإصلاح والدمقرطة، والخضوع للخارج وتقديم التنازلات السياسية والاقتصادية والعسكرية له، تلك التي تثلم من السيادة وتجعلها معوّمة أحياناً، وذلك تعويضاً عن ضعف أو غياب الشرعية.
إن هشاشة البنى والتراكيب السياسية، ناهيكم عن الممارسات التسلطية وعدم إجراء انتخابات دورية حرة ونزيهة وفي إطار التعددية لاختيار الشعب ممثليه، تجعل السلطة بلا سند شرعي أو بدون شرعية كافية، تلك التي لا يمكن استتباب السلم الأهلي والمجتمعي واستقرار الحكم بدونها، وبلغة جان جاك روسو بدون «عقد اجتماعي» بين الحاكم والمحكوم. فالأنظمة التي تكون محرومة من الشرعية تظل قلقة وخائفة، حتى وإن حاولت الانفتاح إلاّ أنها تظل بعيدة عن حق المشاركة، وقد تلجأ إلى وسائل استئصال للآخرين لاسيما المعارضين، في حين تسعى لممالأة فئات أخرى وتوظيفها في الصراع الدائر، لاسيما لكسب معركة الشرعية إذا جاز التعبير، والهدف هو البقاء في السلطة.
يستند الحكم على مكوّنات للشرعية يراها كل من وجهة نظره مقبولة. فالبعض يستند على الوراثة ويعتبرها أساس الحكم، خصوصاً وأنها تجنّب، إلى حدود غير قليلة، الانقلابات والتغييرات العاصفة، وتجعل الحكم أكثر استقراراً في إطار العائلة أو القبيلة. والبعض الآخر يستند إلى الإيديولوجيا، وقد يبرر الانقلاب الثوري لتغيير الحكم الضعيف الشرعية أو الذي يفتقد إليها استناداً إلى مبادئ الشرعية الثورية بتجاوز على الشرعية الدستورية التي لم تدخل ثقافتنا الحديثة بصورة مجردة حسب غسان سلامة، بل دخلت إليها وهي فعلاً أسيرة جو سياسي- ثقافي من جانب عدد من الفئات، وهو الأمر الذي دعاه إلى طرح فكرة عقد اجتماعي جديد طرفاه السلطة من جانب والمجتمع الأهلي من جانب آخر.
وهذه الإيديولوجيا تأخذ مبررات مختلفة، تارة قومية وأخرى ماركسية وغيرها، وتطرح مسوغات عديدة لتبرير شرعيتها من تحقيق الوحدة العربية إلى تحرير فلسطين إلى مصالح الكادحين وتحقيق المساواة وغير ذلك.
أما البعض الآخر فهو يستند إلى الدين أساساً لفرض شرعية الحكم باعتماد القرآن كتاباً كريماً أو دستوراً إلهياً، وتبرير القيام بإلغاء وإقصاء كل ما يتعارض مع الإسلام، مثلما يزعم الآخرون عند عزلهم الخصوم والمنافسين.
ولعل هذه الشرعيات جميعها التي حكمت العالم العربي، سواء كانت وراثية أم قومية أم اشتراكية ماركسية أم باسم الإسلام السياسي، أعطت لنفسها الحق في الكثير من الأحيان لقمع الآخر وحجب حقه في المشاركة والتعبير والتنظيم، الأمر الذي عصف بشرعياتها الناقصة والمبتورة، وعرضها إلى الاهتزاز، لاسيما في ظل غياب المجتمع المدني أو ضعفه وإضعاف مبادئ المواطنة القائمة على المساواة والحرية والعدالة واحترام حقوق الإنسان.
وبغض النظر عن طبيعة المبررات الإيديولوجية السياسية أو الدينية، فإن التطور الدولي، لاسيما بعد انهيار الكتلة الاشتراكية في أواخر الثمانينيات، قد نحى منحى آخر وإن جرت محاولات لتوظيف التغييرات التي حصلت بفرض لاعب واحد متسيّد في العلاقات الدولية، الأمر الذي قلّص من الشرعية المفترضة، وجعل فرص التكافؤ والمساواة في العلاقات الدولية شحيحة، بل إن السيادة جرى التجاوز عليها بحجج ومبررات مختلفة باسم العالم الحر والنظام الدولي الجديد، والحروب الاستباقية والوقائية، وفرض الديمقراطية والتعددية واحترام حقوق الإنسان وغير ذلك.
وإذا كان المسوّغات الإنسانية صحيحة، لاسيما إذا ما تعرضت شعوب وجماعات لانتهاكات جسيمة وخطيرة لحقوق الإنسان، إلاّ أن استخدامها بطريقة انتقائية وفي ظل ازدواجية المعايير جعلها عرضة للتشكيك، لاسيما وقد تم توظيفها سياسياً بالضد من جوهرها الإنساني، ناهيكم عن استغلالها بشكل يتجاوز على قواعد القانون الدولي المعاصر، وهو الأمر الذي حصل في غزو واحتلال أفغانستان والعراق وغيرهما.
كيف السبيل إلى حل أزمة الشرعية في بلد متعدد الميليشيات ومنقسم طائفياً بفعل أمراء الطوائف، ويجري الحديث عن تقاسم الثروة وقوانين للأقاليم تعوّم الدولة من الناحية الفعلية كما هو الدستور العراقي؟ رغم مرارة التجربة الشمولية الاستبدادية السابقة، فإن وجود ميليشيات وانفلات العنف والإرهاب ونهب المال العام جعل موضوع الشرعية مطروحاً على بساط البحث، وعلى نحو مركب.
فهل يمكن اعتبار تعريف ماكس فيبر للدولة مستوفياً لشروط فكرته حين يدعو إلى احتكار العنف والسلاح والسجون والإرادة في فرض الأمن والنظام وحماية ممتلكات المواطنين، كوظيفة لأية دولة، ما دامت السيادة مجروحة والقوات المسلحة هي تجمع واتحاد ميليشيات، الأمر الذي يجانب مبادئ الشرعية ناهيكم عن المساواة، خصوصاً في ظل انحيازات مسبقة مذهبية أو إثنية؟!
وبالقدر الذي يكون نزع سلاح الميليشيات مطلباً ملحاً وعاجلاً وعادلاً، فإنه ينبغي في الوقت نفسه وبالقدر ذاته، تخليص الجيش من ميليشياويته، والبلاد من سبب فقدان سيادته ونعني به الاحتلال، الأمر الذي يعيد الشرعية إلى الشعب مجدداً، تلك التي ظلت غائبة لعقود من الزمان!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المواطنة والفقر
- التشكيك بحقوق الإنسان!
- جدل المواطنة والهوية!
- مسيحيو العراق... قرابين على مذابح عيد الفصح!
- دمشق عاصمة الثقافة: شجون فلسطين والفكر العربي
- جدل قانوني أميركي!
- رحمة بالأبرياء العراقيين!
- بعيداً عن السياسة: سؤال الضحايا إلى أين؟
- الدولة والمواطنة «المنقوصة»!
- سلّة ساركوزي المتوسطية اتحاد أم شراكة؟!
- التسامح وأوروبا: فصل الخيط الأسود عن الخيط الأبيض!
- استحقاقات المواطنة «العضوية»
- حقوق الإنسان الصورة والظل!
- الثقافة الانتخابية... والمعايير الدولية!
- «ثقافة الاستقالة» في الفكر العربي السائد!
- ثقافة الانتخابات.. افتراض أم اعتراض؟
- علاقات واشنطن - طهران بين التصعيد والتجميد!!
- مسارات التدليس والتدنيس.. احتلال العراق في عامه السادس
- الميثاق العربي لحقوق الإنسان: السؤال والمآل!
- مجالس الصحوة ونظرية الضد النوعي


المزيد.....




- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة
- إجراء خطير.. الأمم المتحدة تعلق على منع إسرائيل وصول مساعدات ...
- فيديو خاص: أرقام مرعبة حول المجاعة في غزة!!
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بفتح المعابر لدخول المساعدات إلى غز ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - في أزمة الشرعية