أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منصور الطورة - هل يجوز تعرضي للضرب في المسجد















المزيد.....

هل يجوز تعرضي للضرب في المسجد


منصور الطورة

الحوار المتمدن-العدد: 2279 - 2008 / 5 / 12 - 11:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في صلاة الجمعة قبل يومين وفي مسجد الصالحين في ضاحية الرابية في عمان والواقع بجانب السفارة الاسرائيلية الكريهة ، كان السيد فرح طه امام المسجد المذكور يلقي أمام أكثر من الف مصل خطبة سنأتي على ذكر بعض تفاصيلها الآن بعد التأكيد على استخدامي تسمية السيد عوضا عن تسمية الشيخ المتداولة اصرارا مني على روح الاسلام كما أفهم بانه دين لا وجود لطبقة رجال الدين فيه من حيث أنه دين للناس وليس دين لطبقة من المتكسبين به أو العاملين علية ، وحتى وان كان بعض المسلمين يصر على أنه ( شيخ) ويلبس زيا يوحي بذلك ويتمظهر بمظهر رجال الدين ، فأن هذا غير مقبول في الاسلام وأن من يصر على هذا فأنه لا يغدو عن كونه متكبرا على الناس ورجل يقف خارج الزمان والعرف ، هناك على بوابة هذا العصر دون أن يقبل بالدخول اليه والانضمام والتفاعل متخذا من نفسه نبيا خارج عقد الأنبياء ووصيا على ما هو ليس له وانما لله وللناس....

وفي تلك الخطبة المذكورة ، كان السيد فرح طه يؤكد على كفر أهل الشيعة ، وأنهم رافضة لهم تاريخ من الكيد والعداء للمسلمين وحاضر يؤكد ذلك ، واستشهادا منه بكلمة لللعين شارون في مذكراته والقائل فيها بان الشيعة في لبنان يظهرون قدرا مريحا من التعاون والعمالة بما يوجب على الصهاينة من بعده أن يحافظوا على هذه العلاقة وأن يمدو شيعة لبنان بالأسلحة والدعم فأنه كان قد أسرف في تكفير وتخوين الشيعة العرب ، وكانت هذه الكلمات من الامام كفيلة بجعل أحد المصلين يقف مستنكرا هذا الاتهام ، الا أن الامام عاجله بالتأكيد عليه بأنه وأمثاله ضحية للأعلام ، ثم عاد الامام للحديث عن العراق ، مؤكدا أن شيعة العراق هم من قاموا بقتل الأبرياء هناك وتهديم واهانة المساجد ، ثم أوغل أكثر في تأكيد سوئهم عبر موقف الفقه الشيعي من الصحابة رضوان الله عليهم ومن السيدة عائشة ، ومن ثم في تأكيد عداء الشيعة في لبنان للعرب كما ظهر ذلك في هتاف بعضهم المعادي للعرب ابان مذابح صبرا وشاتيلا ،وطالت الخطبة وتفرعت موحية ومؤكدة بأن الصراع الحالي انما هو بين المسلمين السنة وبين الكفار الرافضة الشيعة ، واستمر السيد فرح في كيل السب واللعنات على الذين يراهم أعداؤه التاريخيين والحاليين وصولا الى الدعاء من قبله في آخر الخطبة لله وبشكل مثير للشفقة وللسخرية بأن يبعدنا الله سبحانه ويحمينا من الطائفة والطائفيين ....؟!!!!!!

اذا السيد فرح ، كان يلقي خطبة سياسية بامتياز ، هل أنا ضد ذلك ؟ بالتأكيد لا ، فالاسلام هو دين للكرامة ولشعور الفرد بذاته ووجوده وأثرة ، وهو كعقيدة ، ليس مجرد طقوس درويشية وثنية ، وانما سلوك وثقافة وموقف وسياسة، لكنما أي عقيدة وأي اسلام هو الذي نعني في ظل هذه التقسيمات العجيبة له لمذاهب وطوائف وأتباع وشيوخ وطرق ؟

يقول الله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتمتت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ) ، بعد هذه الآية ، كل ما أضيف للاسلام تشويها وتحريفا وتأويلا هو ليس من الاسلام ، وأي اتباع وتقديس لشخصية تضفى عليها هالة العصمة والانتقاء السماوي أو النزاهة أو الاتكال أو تتبع شركا مع الله هو كله ليس من الاسلام بشيئ ،وحتى الرسول محمد (ص) وهو آخر الرسل ، هو بشر وليس مقدس بمنزلة الله أو بالشراكة معه سبحانة وأنما بشر نتبع نهجه عليه السلام دون أن نتكل عليه أو نعبده ، ويقول عنه الله سبحانة ( وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل ..) وأيضا آيات أخرى تتحدث عن بشريته مع العصمة ، بالارتكاز على هكذا فهم تقدمي للأسلام ، يمكنني أن أتبع الاسلام وأن أبقى له وعليه ، أما والله ، وبعد أن كثرت المذاهب وكثر المقدسين من دون الله ، فأنني لا أرى ذلك الا خروجا عن الاسلام ،الذي سأتمسك في فهمه كما فهمه السلف الراشدين مبعدا نفسي عن كل فقيه يتاجر بهذه التفاهات الطائفية ويحرض عليها ، لأنه بنظري لا يعدو عن كونه مسلما ضد المسلمين ، وشخص يتاجر ويتكسب ويتأله هو أو من يتبع باسلام هو في حقيقته ضد الاسلام نفسه..

في التحليل السياسي مما نراه من واقع وبما نفهم من مصالح للغزاة وأجندة في الخفاء ، فانه من اليسر بمكان أن ندرك جيدا أن أعمال القتل واهانة المساجد في العراق انما تتم على أيدي فرق موت نغروبنتي الأمريكية أو فرق الموت البريطانية أو الاسرائيلية أو الايرانية ، وكل هؤلاء هم أعداء للعراق فرادى عبر بعض الأوقات أو مجتمعين عبر المئة سنة الماضية وصولا لهذا الواقع المؤلم ، وان كان شيعة العراق متهمين وفقا لصمت المرجعية العميلة على قتل أهل السنة ، فان هذا الصمت يظهر الآن ازاء قتل الشيعة سواءا في الجنوب أو في مدينة الصدر ، بما لا يدع مجالا للشك بأن فقهاء الشيعة الصامتين ، يصمتون على كل ما يريد المحتل أو ما تريد ايران ، ولا يصمتون لأنهم شيعه و بما يتواءم مع فقههم المرفوض أصلا وأنما الصمت أساسه الموقف السياسي ، وأن أردنا أن نكون انسانيين ومسلمين حقا ، فيجب أن نميز ما بين المرجعيات وفكرهم وبين الناس الذين هم شيعة لأنهم ولدوا شيعة ولأنهم مظللين بواسطة فقه يقابله فقه ضلالي آخر لدى الوهابيين والسلفيين، وهؤلاء الشيعة العرب هم مسلمون وحسب وليسو بدعاة لموقف أولئك السادات المعممين ولا بمسؤولين عن مواقفهم وأفعالهم.

ان الاسلام ، انقسم منذ زمن بعيد لاسلامين ، اسلام للفقهاء واسلام للناس ، وسأسوق اليكم المثال التالي ، فالكثير من فقهاء المسلمين يعتبرون أن وفاة الرسول عليه السلام هي أعظم مصيبة حلت بالاسلام عبر كل تاريخه وتراهم يبكون لذلك ويتألمون ، رغم أن وفاته عليه السلام أمر طبيعي لأنه بشر ، وأمر عادي وليس بأعظم المصائب اذا ما قورنت بوقوف الشعراوي لجانب الرئيس مبارك محللا اشتراك العرب المصريين في قتل العرب العراقيين على أيدي قوات التحالف الصهيوني الاستعماري العالمي ، وليس بمصيبة ازاء موقف فقهاء السلاطين الذين حللوا اتفاقيات السلام مع اسرائيل متغاضين عن حرمة دم الناس في فلسطين وقداسة الأراضي المقدسة وقداسة حياة الناس المظلومة هناك ، متذرعين يآية تقول (ان جنحوا للسلم فاجنح له ) ، مفسرينها تفسير الهوى ، كما كان بعضهم عبر تاريخ الدول الاسلامية يأتون بشجرة نسب لكل خليفة تثبت أنه من أحفاد الرسول عليه السلام مضفين عليه شرعية لا يرتضيها الله ولو كان ، لأرزق محمدا بالأبناء الذكور وجعلهم وأحفادهم أسيادا للناس طول التاريخ كله ، هؤلاء الفقهاء ذاتهم وان كان بعضهم ليسوا من فقهاء السلاطين ، هم من جاؤوا بالمذاهب وان كانت نيتهم الحسنة وحدها لا تغفر ازاء ما أدى كثرة المذاهب من تفتت وطائفية ، فلدى أهل السنة مثلا أربعة منها تركز على المعاملات والشكلي والاجرائي من الاسلام ، ليأتي فقهاء من بعدهم يعظمون هذا الشكلي على حساب الجوهري ويعظمون البروتوكول على حساب الايمان متناسيين أن الله لا ينظر للصور والأشكال وانما ينظر للقلوب التي في الصدور..

هذا الجوهري الذي نتحدث عنه ، هو ما أسمية الآن وسماه الفيلسوف الصادق النيهوم من قبل بدين الناس ، حيث الناس تعبد اله واحدا اسمه الله وتقرأ كتابا واحدا اسمه القرآن ،و تؤمن بكل رسل وأنبياء الله وآخرهم الرسول محمد ، الناس هذه تؤمن بأركان الايمان الخمس وتؤدي أركان الاسلام الستة وتريد أن تعبد الله وأن تحيا حياة خيرة مثمرة فيها اعمارا للأرض واحقاقا للعدل ، هؤلاء الناس لا يميزون بين سنة وشيعة وغيرها من الطوائف ولا ينتسبون لشيئ منها ذهنيا وقلبيا حتى وأن حسبو وفصلوا عليها ومن ضمنها ، هؤلاء لا يشترون كتابا مذهبيا طائفيا بمليم ، يعبدون الله كمسلمين ، ومسلمين فقط ، ويشعرون بالمواطنة الكاملة مع أخيهم في الانسانية أو الوطن سواءا أكان مسيحيا أو أو صابئيا أو ملحدا، سنيا أو شيعيا أو علويا أو اسماعيليا أو أيا كان ،كل هذا ببساطة لأن صاروخ الكروز في بغداد لا يميز بين ضحاياه ان كانوا سنة أو شيعة أو كرد ، وأن الطيران الاسرائيلي حين كان يحرث الجبهات العربيه ، لم يكن يميز بين المسلم او المسيحي أو الملحد او العلماني ، هؤلاء الناس لا ينتظرون مهديا سيأتي ويبدأ بقتل تسعة أعشار العرب ، والذي يريد أن يعم الموت والدمار الأرض كي يتفضل بالحضور ، وهؤلاء الناس لا يرون في معاوية الا رجلا ومات ، ولا يرون في يزيد الا وارث لسلطة امبراطورية على حساب الناس والشورى ، وهذا اليزيد الذي يتحدثون عنه كثيرا ، له اله سيحاسبة ، وأما الحسين رضي الله عنه وان كان سيد شباب الجنة ، الا أنه ليس بمنزلة الرسول ، ولا يجوز أن يقال له يا حسين ، بينما الله يأمر بألا نستعين بأحد غيرة أو نتوكل عليه ، وهو رضي الله عنه قتل ظلما ، وهو شهيد مثلما عمر بن الخطاب قتيلا شهيدا ، وعموما في دين الناس كل هؤلاء الصحابة والرجال ، هم بشر وماتوا وانتهوا الى ما أنتهو اليه عند رب رحيم عادل ، ويبقى منهم ولهم الاحترام والتقدير ، ولا يبقى في دين الناس الا ما ينفع الناس لا ما يقتلهم ويلهيهم ببعضهم عوضا عن الغزاة الذين يستبيحونهم واوطانهم وحرماتهم.

وأما الشيعة في لبنان الذين شكك بهم السيد فرح ، فلنا أن نسأل ، هل حرب المقاومة الطويلة كانت فيلما سينمائيا ، هل حرب تموز كانت هزل بين أصدقاء ، كل هذا هراء ، وأن ما يحدث من صراع في لبنان انما هو صراع سياسي بحت بين تنظيمات لبعض المسيحين والشيعة ازاء تنظيمات لبعض الدروز والسنة ، وهذا الصراع السياسي ليس مرده أنه صراع بين طوائف وانما صراع بين ارادات ، ارادة المقاومة والاستقلال والصمود من جهه ، وارادة العمالة والتغاضي والاستسلام والتبعية من جهة أخرى ، وأن أي تفسير غير ذلك كالذي أتى به السيد فرح أنما هو تشويه للحق في بيت الحق ، وخدمة مجانية للأعداء يبتسم لسماعها السفير الاسرائيلي المجاور للمسجد ، وربما يوصي من يأتي من بعده بالحفاظ على السيد فرح في منصبه ومده بكل الكتب التي تبقيه على هذا الموقف الضلالي العميل حتى وان لم يقصد ( وأنا أعلم بحسن طويته وأنه لا يقصد )

انتهت الخطبة المذكورة ، وكان يصلي بجانبي أحد الأصدقاء الشيعة وكنت قد رأيت التأثر والخيبة في عينيه ، وسألته هل يوجد شيعة غيره في المسجد هنا ، فقال ان الكثير من المصلين هنا هم شيعة وهم يصمتون لأنهم غرباء ويخافون ، ورغم أنه في المذهب الشيعي لا تجوز الصلاة الا خلف الامام الذي تصبغ عليه المرجعية هذا اللقب ، الا أن هؤلاء الأخوة المصلين من الشيعة هم ببساطة مسلمون يسمعون نداء الله فيأتون للصلاة دون أن يهتمو لفقه المراجع ، في صورة تظهر التناقض والتباين الكبيرين بين دين الفقهاء ودين الناس..

بطبيعتي المبادرة وبدمي الحار نهضت باتجاه السيد فرح مباشرة بعد انتهاء الصلاة وكان جالسا على سجاده وبيني وبينه صف من المصلين وقلت له مع ابتسامة تفرضها أخلاقيات الاسلام وحرمة بيوت الله ( تقبل الله ، لو سمحت فأني أعتقد أنه لا يجوز ان تتهجم على الشيعة خصوصا أن صديقي الشيعي يصلي بجانبي وخلفك بعد أن استمع لخطبتك ، انكم الفقهاء يجب أن لا تخربوا الاسلام) ، بالطبع كان هذا الكلام قد جرى في صوت منخفض بيني وبين الامام وبهدوء و بثوان معدودة ما ان انتهت وقبل أن أتفوه بأي شيئ آخر حتى هجم علي مجموعة من المصلين في الصفوف الأمامية ليضربني أحدهم على رأسي بما كاد أن يفقدني وعيي ، ليأخذني بعض المصلين الآخرين في حمايتهم ويجروني خارج المسجد وأنا أحاول أن أتوقف وأن أعود لهؤلاء المصلين الذين ضربوني الا أن من كان يحميني كان أيضا يمنعني عنهم ويأخذ بجري بالقوة خارجا ، وان كنت أحاول التوقف والنظر للخلف أجد أن الذين هاجموني لا زالو مستمرين في اعتدائهم ويحاولون الوصول الي ، يتطاير شرر الكراهية من عيونهم ويسبوني ، وربما لو قيض لهم الامساك بي فأنهم ربما لم يكتفو بضربي ، فقد ضربوني في المرة الأولى ولم يكتفوا ،الى أن طردت خارج المسجد لا أفهم لماذا جرى لي ذلك ولا أعرف من قام بالاعتداء علي ، وليبدو هذا العالم في نظري حذاء ضيق قذر ،أشمئز كليا منه وممن فيه تملأني الرغبة بقتل هؤلاء الذين اعتدوا علي وشرب دمائهم ...

ذهبت لمركز أمن الشميساني وقدمت شكوى ، وهناك كنت أسمع القرآن بصوت عبدالباسط يملأ أجواء المركز الأمني في صورة أخرى من صور اسلام الناس ، وكان الملازم أول محمد البطوش ، شاب في غاية الثقافة والرقي والأدب ، يأخذ أقوالي متأسفا بأن الطائفية نتنة فلماذا لا يتركوها، وقدمت شكواي ضد الأشخاص الذين ضربوني والذين لا أعرفهم وضد السيد فرح بصفته الرسمية بوصفة اماما ومديرا للمسجد وموظف لدى الشعب الأردني بهذه الوظيفة هو ووزير أوقافه .

بعد ساعتين من ذلك تم الاتصال بي للحضور للمركز الأمني ، حيث وجدت السيد فرح وثلاث رجال آخرين من لجان المسجد ،حيث حلفوا بالله بأنهم لا يعرفون من تهجم علي ولا يعلمون أسمائهم ، وقد تأسفوا مني بشدة وأدب ، لأكتفي بالقول بان حسبي الله ونعم الوكيل ، ولأسقط شكواي بعد أن ( أسدلت الستارة وقيدت القضية ضد مجهول...).

لماذا قام أؤلئك الأشخاص بالأعتداء علي ؟، التفسير الممكن الوحيد أن هؤلاء كانوا قد أعتقدوا بأنني شيعي وأن كلامي مع السيد فرح هو هجوم علية ، ولأن السيد فرح كان قد أفهمهم عبر الساعة الماضية بأنهم سنة وبأن الشيعة كفرة وأعداء في عملية غسيل دماغ واضحة ، فأنهم باسم الله قاموا بضربي وبالتهجم علي أنا القادم للأمام منتخيا لاسم الله أيضا ، في صورة تظهر مدى قابلية هؤلاء للاستفزاز وللتعبئة العمياء ، وفي صورة تظهر التعصب وغياب العقل والدين والرجولة ، ذلك لأن الاعتداء على انسان ما في بيت الله ، هو اغضاب لله ،وانا الذي كنت طوال عمري أعتقد أن هذا البيت هو ملجأ لمن لا ملجأ له ، ولو كان العشرات يلاحقوني لقتلي ، فأني أتوقع أن أجد الحماية والأمن في بيت الله ، الا أن ظني كان رومانسيا حالما ، وأن الحقيقة أن المساجد في الأردن هي اما مساجد للحكومة يتحدث فيها الامام عن نواقض الوضوء بينما الأرض تشتعل تحت أقدام المظلومين في غير مكان ، أو مساجد للأخوان المسلمين ، يعتقدون أنهم وحدهم من يمتلك الحق والحقيقة وبأن الاسلام لهم وبان الله سبحانه هو الههم من دون الناس وبأنهم شعبه المختار ، أو مساجد يقودها أعضاء حزب التحرير والسلفيين ، وهذه ربما يرى البعض فيها أن من يضع الجل على شعر رأسه أو من يحلق ذقنه مجرد متوسم وكافر ربما يودون ارضاء الله بقتله .

هل كنت أشعر بأني في بيئة معادية عندما ذهبت باتجاه الامام ؟، بالطبع لا ، فأنا وأهلي واصدقائي نصلي في هذا المسجد من سنوات عدة ، وكنت قد تبرعت بعيادتي قبل سنتين للجنة المسجد لمعالجة المرضى المعوزين ان هم أرادوا ارسالهم لي ، وأعرف السيد فرح الذي لا يعرفني واسمعه من سنين فهو رغم انشغاله العابر أحيانا بمسألة الشيعة الا أن له العديد من الخطب التي تنير الطريق ، وأعرف الكثير من الوجوه هناك ،والأهم أني في بيت الله الذي هو حرمة وأمان، الا أن كل هذا لم يشأ بأن يحميني من الأعتداء والأهانة ، وان كنت قد غضبت في البدء ، الا أني آثرت أن أهدأ ليومين قبل أن أكتب عن هذه الحادثة ، كي أكتب بعقلانية ورجولة ، وبما يرضي الله ، وأني اذ أكتب عن هذه الحادثة الغريبة واللاأخلاقية الآن ، لا لشيئ والله ، الا لكي آخذ واياكم يا أصدقائي العبرة ، فكم من ظن هو ظن آثم ،وكم من غضبة ، هي غضبة للشر والجهل ، ولنعلم جيدا أن الدين لله وليس للفقهاء ، وأن الفقيه الذي يحض على الطائفية بطريقة أو بأخرى فانه يعبئ الناس ضد بعضها ، وأنه يزرع فتنة نائمة يلعن الله على الدوام من يوقظها ، ولنعلم أيضا أن ما وصلنا اليه كأفراد في مجتمعنا من عصبية زائدة ومن عدم احترام ومن فقدان ثقة ، انما هو ضد ديننا وضد أخلاق وعادات اسلافنا المبنية على التراحم والأخذ بالخاطر ، فها نحن نسمع عن رجل يقتل في النزهة في عمان اثر خلاف على موقف سيارة ليس الا ، أو عن أخ ظالم ، تأخذه العزة بالأثم فيقتل أخته اغراقا في البحر الميت ، كل هذا يحدث متناسيين أننا في بلد الجامعات والعلم والثقافة ،ومتناسيين أن الشعوب العربية تتعرض لغزو عسكري غاشم واحتلالات عسكرية واقتصادية وسياسية ،نتناسى الصراع الرئيسي وننجر بوعي وبغير وعي أحيانا نحو ما يريد لنا عدونا وبما يؤمي له السيطرة الطويلة المدى علينا وعلى أحفادنا ..

لنتذكر جميعا أن الأرض لله ، وأن الوطن للجميع ، ويكفينا جميعا هنا في الوطن العربي أن لنا الحاضر والمصير المشترك ، أن أي رصاصة في هذا الوقت ليست ضد اسرائيل وأمريكا هي رصاصة مشبوهة ، وأن ايران دولة عدوة ، لكنها في المقام الثاني بعد عدائنا للصوص الغزاة هؤلاء ، ومعركتها مؤجله لكنها آتيت لا ريب ، وهي طفيليات ظهرت بشكل انتهازي ، وان كان الغرب الاستعماري قد ألهى العرب بها عن اسرائيل في حرب الثمانينيات ، وألهى العرب بحرب الاتحاد السوفيتتي في أفغانستان ،فأن جيلنا الحالي يجب أن ينتبه لاتجاه الجبهة ،مقدسا الله وحياة الناس المظلومين ومعليا من كرامته وحريته فوق كل كيد أو فتنة أو دسائس ...

أرجو المعذرة على الاطالة ، وأود أن أذكر بهذا البيت للمتنبي ،حيث أضعه دائما – ما أستطعت – نصب عيني:

وتكبر في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم

[email protected]









#منصور_الطورة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تزاحم أفكار


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منصور الطورة - هل يجوز تعرضي للضرب في المسجد