الفكر الفرعوني والتخلف المجنوني !

فيليب عطية

الحوار المتمدن-العدد: 2278 - 2008 / 5 / 11 - 01:25
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

منتدي فكري يملك اصحابه علي اقل تقدير قدرة التمييز بين الفكر والذكر، خرج علينا اخيرا بفكرة مذهلة تثير السخرية والاحتقار اذ بدأت تسأل السادة القراء: ما رأيكم في الفكر الفرعوني ؟ اما ماهو مفهوم هذا الفكر في نظر طارح السؤال فهو التكبر والتعالي والانانية والجور والفسق ....الي آخر تلك المفردات التي تملأ روزنامة كاملة ولاتخرج عن قوله تعالي "اما فرعون فبغي وتكبر وكان من الظالمين " ؟!
تخلص العالم من براز اليهود ولصوص الصحراء الذي جثم علي فكر العالم لعدة قرون حتي خرجت لنا البحوث والمكتشفات الحديثة لتقول لنا ان تلك الفكرة بالذات محض هراء ، وان الفكر الفرعوني بالمعني الاصيل لكلمة الفكر لايقل في اصالته وعمقه عن الفكر الاغريقي أو اللاتيني او الهندوسي او الصيني التي شكلت اروع منجزات الانسان الحضارية ومازالت تمارس تأثيرها الي اليوم .
ولم يكن مجئ افلاطون الي أون (عين شمس الحالية ) ليتتلمذ علي يد كهنتها مجرد قضاء عطلة صيفية ، بل رغبة محترمة لواحد من اعظم فلاسفة الفكر الانساني في البحث والتقصي ، وعندما عاد الي اثينا لم يملأ الدنيا عواء وصراخا عن ظلم الفراعنة كما فعل لصوص الكلمات .
توافر لنا اليوم عدد معقول من انجازات المصريين القدماء الفكرية رغم الكم الهائل الذي ضاع واندثر مع توالي الازمان ، ونعلم ألآن ان نشيد الانشاد مثلا نقل بالمسطرة لانشودة حب فرعونية ، والاخطر من ذلك ان اللأهوت المصري القديم يتخطي بجسارة كل خزعبلات اليهود والعرب ، وافكاركخلود الروح ، والثواب والعقاب ،والجنة والنار من الافكار المصرية الاصيلة التي نجدها في كتاب "برت ام هرو " الذي اشتهر باسم كتاب الموتي .
اما بالنسبة للعدل الاجتماعي فلاندري هل توجد وثيقة في تراث اليهود والاعراب تضاهي محاورة الفلاح الفصيح ، وهي مترجمة وموجودة في اي كتاب يتناول الادب الفرعوني .
فتح الله علي صاحب سؤال المنتدي بأن فرعون (بر - عون ) تعني البيت العالي وهذا معناه ان الفرعون كان يسكن العلالي ولاعلاقة له بالناس !!! ولكن ماعلاقة كلمات الاحترام والتفخيم بالبغي والجور .ايحق لنا ان نضع كل خلفاء الباب العالي من العثمانيين في الجحيم بسبب هذا الاسم ؟
يتصور الكثيرون ان بناء مجتمع وحضارة في ارض فيضية تعتمد علي النهر أمر سهل ، وتعالوا يارجالة نجني الخيرات ونقتسمها دون تدخل ملك ولا فرعون ولايحزنون ، وما ابعد هذا التصور الساذج عن الواقع . احتاجت الارض والنهر الي جهود مئات الالوف لتهذيبها وترويضها ،ولم يكن هذا ممكنا الا في وجود السلطة المركزية لتنظيم وضبط تلك الالوف -بل الملايين ، وحتي لايطول بنا الحديث لن نتحدث عن واجبات السلطة في الضبط الاجتماعي وحماية المجتمع نفسه من الاعداء والمغيرين ، لهذا لم يكن عجيبا ان ينظر الفلاح الي الفرعون كملك واله ، وان يقدم له كل واجبات الاحترام والتبجيل مادام يقوم بدوره في الحماية والرعاية .

#فيليب_عطية (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات