أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - تاج السر عثمان - كيف تناول التقرير السياسي المنهج الماركسي















المزيد.....

كيف تناول التقرير السياسي المنهج الماركسي


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 2274 - 2008 / 5 / 7 - 11:10
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


أثار موضوع المنهج الماركسي الذي ورد في مشروع التقرير السياسي المقدم للمؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني لبسا لدي الكثير من القراء كما وضح من التعليقات التي برزت في الصحف السيارة ، علي سبيل المثال كما جاء في تعليق د. الطيب زين العابدين في صحيفة الصحافة بتاريخ 20/ابريل/2008م، وتهدف هذه المساهمة الي تسليط الضوء علي هذا الموضوع بما يسهم في توضيحه علي المستوى النظري والممارسة.
فكيف تناول مشروع التقرير السياسي المنهج الماركسي؟
جاء في مشروع التقرير السياسي المقدم للمؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني حول المنهج الماركسي ما يلي( ومن المعروف أن الماركسية ليست علما تطبيقيا، وانما هي منهج يتم الاسترشاد به لدراسة الواقع).
كما يرد في فقرة اخرى من المشروع (جوهر الماركسية هو منهجها الجدلي لدراسة الواقع).
كما يرد ايضا في فقرة أخرى من مشروع التقرير( والمنهج الماركسي لدراسة الواقع ، وصولا للقوانين العامة التي تتحكم في مسار هذا الواقع ، قادر علي تجديد نفسه علي الدوام، انه منهج قابل للتعديل حذفا واضافة وفق ما تمليه ضرورة تجدد الواقع وحصاد التجارب النضالية والتطورات في العلوم الطبيعية والانسانية).
وفي فقرة اخرى من مشروع التقرير يرد( والواقع أن المفاهيم الأساسية للماركسية غدت اليوم جزءا لايتجزأ من نسيج العلوم الاجتماعية المعاصرة ، فالمفهوم المادي للتاريخ مثلا قد اصبح أساسا للمدرسة الموضوعية في التاريخ بتيارها الكاسح الذي غمر كثيرا من الجامعات ومراكز البحث المتخصصة في جميع انحاء العالم، ويتزايد الاعتراف بأثر اسلوب الانتاج المادي علي البناء الفوقي ، وفي العلوم السياسية يتأكد أن العوامل الداخلية لها قصب السبق والصدارة في استقرار وتطور انظمة الحكم قبل العوامل الخارجية).
تثير هذه الفقرات التي تم اقتطافها من مشروع التقرير السياسي الارتباك للقراء ويتساءل الملمون بابجديات الماركسية، ما معنى أن المنهج الماركسي يتم الاشترساد به لدراسة الواقع؟ وماذا بعد دراسة الواقع؟ هناك مدارس بورجوازية تستخدم المنهج الماركسي وغيره لدراسة الواقع، فما الفرق بينها وبين دراسة الاحزاب الشيوعية للواقع؟. وما معنى أن المفهوم المادي للتاريخ مثلا قد اصبح أساسا للمدرسة الموضوعية في التاريخ بتيارها الكاسح الذي غمر كثيرا من الجامعات ومراكز البحث المتخصصة في جميع انحاء العالم، وماذا بعد؟ وماذا بعد دراسة الواقع والوصول الي القوانين العامة التي تتحكم في مسار هذا الواقع؟. وغير ذلك من الاسئلة الحائرة التي أثارتها صياغة المنهج الماركسي في مشروع التقرير السياسي.
معلوم أن ما يميز المنهج الماركسي(الديالكتيك المادي) عن بقية الفلسفات والمناهج السابقة لها أن المنهج الماركسي لا يسعى لفهم ودراسة الواقع فقط ، بل من اجل تغييره . يقول ماركس ( كل ما قام به الفلاسفة في السابق هو تفسير العالم بطرق مختلفة، بيد أن المطلوب تغييره)( ماركس : موضوعات عن فورباخ، رقم(6)). وبالتالى، فان الماركسية ومنهجها الديالتيكي المادي لاغنى عنها للمناضلين الثوريين الذين يستهدفون تغيير الواقع وتجديد مجتمعهم الي الافضل، بعد دراسة وفهم واقعهم.
وبالتالى، فان المنهج الماركسي يتوسل للتغيير بدراسة الواقع ، تلك الدراسة المنبثقة من الخبرة والممارسة والتنظيم والنشاط العملي ، فالنظرية ترشد الممارسة والممارسة تغني وتطور وتخصب النظرية.
والمنهج الديالكتيكي كما أشار ماركس في مقدمة الطبعة الثانية لمؤلفه (رأس المال)،الديالكتيك( يتضمن في شموله وحسمه ادراك الحالة القائمة للاشياء ، وفي الوقت نفسه ايضا ادراك معنى تغير هذه الحالة وزوالها الحتمي ، لأنه يعتبر كل شكل اجتماعي متطور تاريخيا في حركة دافقة ، وبذلك يضع في حسبانه طبيعته الانتقالية وبنفس الدرجة وجوده المؤقت ،لأنه لايترك شيئا يفرض عليه ، ولأنه في جوهره ثورى ونقدي).
هذا ويكمن كل الهجوم علي الماركسية في هذه النقطة حيث أشارت الماركسية الي أن التشكيلة الرأسمالية مرحلة عابرة في التاريخ، وأنه من احشاء المجتمع الرأسمالي سوف تبرز قوى التغيير والتي تتمثل في قوى الكدح العضلي والذهني والتي تتعرض للاستغلال الرأسمالي بامتصاص فائض القيمة منها، وأن التناقض الرئيسي في المجتمع الرأسمالي بين الطابع الاجتماعي للانتاج والتملك الفردى لوسائل الانتاج سوف يحل في المجتمع الاشتراكي الذي ينفي ديالكتيكيا الرأسمالية.
كما يشير انجلز في مؤلفه: (انتي دوهرينغ)( الديالكتيك يدرك الاشياء وصورها الذهنية ، الافكار، أساسا في علاقاتها المتبادلة ، في تتابعها ، في حركتها ، في ميلادها وفنائها).
كما يتعارض المنهج الماركسي مع الرأى القائل أن الانسان نتاج سلبي للبيئة، بل يؤثر فيها ويعمل علي تغييرها، يقول ماركس( ان المذهب المادي الذي يقول أن الناس نتاج ظروفهم وتربيتهم ، وبالتالى ، ان الظروف المتغيرة والتربية المتغيرة ستخلف اناسا متغيرين ، ان هذا المذهب ينسى أن الناس بالتحديد هو الذين يغيرون الظروف ، وان الذي يعلم يجب عليه أن يتعلم هو ايضا(ماركس: موضوعات عن فورباخ(3)).
كما يعطى المنهج الماركسي اهمية فائقة للعلاقة المتبادلة بين المادة والوعي( الواقع والفكر)، المادة تحدد الوعى ولكن للوعى استقلاله النسبي، ويعمل علي التأثير في الواقع ويعمل علي تغييره، ومن هنا جاء قول ماركس ( ان الافكار تصبح قوة مادية عندما تتملكها الجماهير). وبالتالي لم أفهم ما جاء في فقرة اخرى من مشروع التقرير السياسي حول اثر المنهج الماركسي( ولعل مأثرة الحزب الشيوعي السوداني تكمن في استطاعته عبر اجتهاداته المتواصلة ، ترجمة الماركسية الي لغة مفهومة لجماهير شعبنا رغم واقع التخلف وضعف الطبقة العاملة الصناعية…). لااعتقد أن الأمر كذلك( ترجمة الماركسية الي لغة مفهومة لجماهير شعبنا..)، ولكن الحزب تناول المنهج الماركسي باستقلال وفق خصائص وظروف البلاد وتصدى للقضايا التي واجهها شعبنا ، واسهم في ادخال الوعي في صفوف الجماهير بمصالحها ومطالبها ، حتى تملكتها الجماهير وانشأت تنظيماتها التي توسلت بها للدفاع عن مصالحها، وقد لخص عبد الخالق محجوب ذلك في سؤال نميري له اثناء محاكمته بعد احداث يوليو1971م: ماذا قدمت للشعب السوداني؟ وكان رد عبد الخالق: الوعي ما استطعت الي ذلك سبيلا.
كما توصل الحزب الشيوعي في مؤتمره الرابع في اكتوبر 1967م، الي صيغة التطبيق الخلاق والمستقل للماركسية علي واقع السودان من اجل دراسته وفهمه وتغييره ، باعتبار ذلك هو الذي يؤدى الي تحويل الحزب الشيوعي الي قوة جماهيرية ، وفي تنمية خطوطه السياسية والجماهيرية وفي اكتشاف الاشكال الملائمة للتنظيم.
والواقع أن المنهج الماركسي ينظر للظواهر بذهن مفتوح وبدون تصورات مسبقة ، وهو يعنى دراسة الاشياء كما هى عليه حقا، في علاقاتها المتداخلة وحركتها الحقيقية، أو كما يقول لينين: التحليل الملموس للواقع الملموس. وأن المنهج الديالكتيكي ما هو الا المنهج العلمي في أوسع معانية.
كون استخدام الحزب الشيوعي السوداني للمنهج الماركسي أو المنهج العلمي ، فان ذلك لايعصمه من الاخطاء، ولكن في حالة حدوث الاخطاء يتم تحليل الظروف والشروط التي ادت اليها ونقدها، وبالتالي فان منهج الديالكتيك نقدي وثوري ولايعرف الحقيقية النهائية. يقول د. الطيب زين العابدين في تعليقه علي مشروع التقرير السياسي( الصحافة: 20/4/2008م، العدد 5326) : ( الواقع التاريخي يشهد بأن المنهج الماركسي لم يعصم الحزب الشيوعي من ارتكاب اخطاء سياسية فادحة مثل معارضة اتفاقية الحكم الذاتي في 1953، وخوض انتخابات المجلس المركزي في عهد الجنرال عبود ، وتأييد انقلاب نميري في مايو 1969، ومحاولة الاستيلاء علي السلطة في انقلاب 19/يوليو/1971، لقد برهنت تلك الاخطاء أن المنهج الماركسي لايجعل الحزب الشيوعي فوق الاحزاب الاخرى سدادا في التحليل والاستنتاج السياسي ، بل لعله يقل عنها لأنه يدعى علمية خارقة لايأتيها الباطل بين يديها ، ويدل انهيار الاتحاد السوفيتي وكل دول الكتلة الشيوعية في شرق اوربا أن اخطاء قراءة الواقع السياسي الاجتماعي ليس وقفا علي الحزب الشيوعي وحده).
كما اشرت سابقا، في حالة الخطأ ، فان المنهج الماركسي يؤكد علي ضرورة الاعتراف بالخطأ وتحليل الاخطاء واستخلاص دروسها والتعلم منها بدلا من التستر عليها، وهذا هو الفرق بين المنهج الماركسي ومنهج الحركة الاسلامية التي لاتعترف بالاخطاء الجسام ناهيك عن نقدها، التي وقعت فيها مثل: مؤامرة حل الحزب الشيوعي السوداني عام 1965، وجرائم انقلاب يونيو 1989،..الخ، صحيح أن الحزب الشيوعي السوداني ارتكب اخطاء، ولكن انتقدها جماهيريا مثل: الموقف الخاطئ من اتفاقية 1953، وتقدير جانبها الايجابي من زاوية انها جاءت كنتاج لنضال الشعب السوداني، كما اصدر الحزب الشيوعي السوداني تقييمة لانقلاب 19/يوليو/1971م والذي يحتاج الي استكمال كما أشار التقرير السياسي. وفي مشروع التقرير السياسي الحالي نقد واضح لتأخير عقد المؤتمر الخامس 40 عاما.. الخ. وكون فشل النماذج الاشتراكية الستالينية في بلدان لاتحاد السوفيتي وشرق اوربا، فلا يعني ذلك فشل الماركسية، ولكن يتم استخدام المنهج الماركسي نفسه في تحليل وتوضيح اسباب الفشل واستخلاص الدروس اللازمة من ذلك، وهذا ما أشار اليه مشروع التقرير السياسي، وتعكف الاحزاب الشيوعية والاشتراكية في العالم علي دراسة تلك التجربة واستخلاص دروسها، لبناء نماذج اشتراكية انسانية تتوفر فيها الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
هذا اضافة الي أن المنهج الماركسي لايدعي أنه يمتلك الحقيقة النهائية والمطلقة، ولايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه كما أشار د. الطيب زين العابدين. فالمنهج الديالكتيكي أو الماركسي يتعارض مع فكرة الحقيقة النهائية أو المطلقة.فشأنه شأن المنهج العلمي تكون الاجتهادات دائمة التجدد والانفتاح لقبول التحديات والاستعداد للتخلي عن كل ماهو عتيق عند ظهور ما هو افضل منه.
والواقع أن اختزال( المادية الديالكتيكية) في الفترة الستالينية في نصوص ذات طابع علمي افرغت الواقع المادي من محتواه، بحيث حعلته في وحدة ثابتة نهائية، اضرت بالمنهج الماركسي وجردته من محتواه العلمي والنقدي، واصبح اداة لتبرير الواقع بدلا من نقده وتغييره الي الافضل.
علي أن جوهر المنهج الماركسي هو دراسة الواقع بهدف معرفته للتأثير فيه وتغييره. والواقع أن ماركس وانجلز لم يقدما بيانا منهجيا كاملا عن منهج الديالكتيك المادي أو المنهج الماركسي ، بل استخدما هذا المنهج خيطا هاديا ومرشدا في ابحاثهما ودراساتهما، وتوصل ماركس وانجلز في مؤلفهما( الايديولوجية الالمانية) الي اكتشاف المفهوم المادي للتاريخ، والذي وصفه انجلز على قبر ماركس: أنه مثلما اكتشف دارون قانون تطور الانواع بالانتخاب الطبيعي، اكتشف ماركس قانون تطور المجتمع البشري.
كما استخدم ماركس المنهج الديالكتيكي والمفهوم المادي للتاريخ في مؤلفه (رأس المال):وبعد دراسة باطنية شاقة وملموسة لتطور الرأسمالية في انجلترا والتي وصلت القمة في المجتمعات الرأسمالية يومئذ، اكتشف ماركس قانون فائض القيمة الذي وضح جوهر الاستغلال الرأسمالي. بهذين الاكتشافين تحولت الماركسية الي علم ، والعلم لايعرف الحقيقة النهائية. وبعد ماركس جاء اسهام لينين الذي فسر الظواهر الجديدة التي افرزتها الرأسمالية في المرحلة الاحتكارية، كما أسهم غرامشي في تطوير الماركسية من خلال التركيز علي دور البنية الفوقية واستقلالها النسبي، ودور العامل الثقافي في التغيير ..الخ.
واللبس ايضا جاء من حديث التقرير السياسي الكثير وغير الدقيق عن المنهج الماركسي وبطريقة دعائية دون استخدام هذا المنهج في تحليل التركيبة الاقتصادية والاجتماعية والطبقية التي نشأت في الفترة(1967- 2007)، وتوضيح المتغيرات التي نشأت في الواقع السوداني في هذه الفترة، رغم الدراسات الكثيرة التي انجزتها اللجنة الاقتصادية للحزب الشيوعي السوداني في هذه الفترة مثل: البنوك الاسلامية، النظام المصرفي، الزراعة الآلية واثرها علي الجفاف والتصحر، بروز الرأسمالية الطفيلية المايوية والاسلامية، البترول، قضايا الاصلاح الزراعي، اضافة للنقد السنوي للميزانية..الخ، اضافة لدراسات كثيرة انجزت حول المتغيرات في هذه الفترة مثل دراسة انجزها تاج السر عثمان خول المتغيرات منذ المؤتمر الرابع( الفترة:1967- 2005)، ونشرت في صحيفة الايام (الفترة:21/10/2007- 24/10/2007م)، واسهامات باحثين اقتصاديين مثل د.فاطمة بابكر ود. صدقي كبلو حول الرأسمالية الطفيلية علي سبيل المثال ، اضافة الي عشرات الدراسات الاخرى، اضافة الي ما جاء في التقرير السياسي لدورة أغسطس 2001 حول المتغيرات في تركيب الرأسمالية السودانية، ومارصدته التقارير السياسية للجنة المركزية بعد انقلاب 22/يوليو/1971..الخ. ولازال هذا الواجب قائما: واجب استكمال الدراسة الباطنية للمجتمع السوداني في هذه الفترة، في عملية واسعة تشترك فيها تنظيمات الحزب في المناطق لمعرفة المتغيرات في التركيب الاجتماعي والطبقي في البلاد، وذلك هو جوهر وثيقة الماركسية وقضايا الثورة السودانية( التقرير السياسي للمؤتمر الرابع للحزب الشيوعي السوداني، اكتوبر 1967)، والذي يوضح : النتائج العملية والملموسة لطريق التنمية الرأسمالية التي سارت عليه البلاد في هذه الفترة(1967- 2007)، ويوضح حقيقة الاوضاع الاقتصادية والتي تحدد ميادين الصراع وأشكاله الطبقية المختلفة، والمستجدات في اشكال الصراع الطبقي والذي يأخذ اشكال سياسية واقتصادية وثقافية ونظرية.وتوضيح البديل الذي يطرحه الحزب الشيوعي السوداني استنادا الي تلك الدراسة الباطنية، وهذا الواجب يظل قائما. وهذا هو جوهر المنهج الماركسي.
وكان من المتوقع أن يكثف التقرير الدراسة والنقد للفترة(1967-2007)، بدلا من الفترة(1956- 2007)، علما بأن الفترة(1956- 1967) غطاها التقرير السياسي للمؤتمر الرابع، وهذا خلل منهجي في التقرير، فالمطلوب متابعة المتغيرات منذ المؤتمر الرابع.
وبالتالي ، فان مشروع التقرير السياسي الحالي جاء فاقدا لعظم الظهر الذي يتمثل في نقد الاقتصاد السياسي للتنمية الرأسمالية التي سارت عليها البلاد في الفترة بين المؤتمرين الرابع والخامس، ومعرفة المتغيرات في التركيب الاقتصادي والاجتماعي والطبقي والثقافي والاثني والنوعي..الخ، التي حدثت في البلاد، ورسم خارطة الطريق للتغيير استنادا لتلك الدراسة الباطنية الملموسة.والواقع أنه ما كان التقرير السياسي في حاجة للحديث الكثير عن المنهج الماركسي لو تمت تلك الدراسة الباطنية، وتوضيح ذلك عن طريق البيان بالعمل.
قامت الماركسية علي نقد الرأسمالية، وطالما ظلت الرأسمالية قائمة بكل ركائزها، فان مشروعية النقد تظل قائمة، وبالتالي لايمكن تجاوز الماركسية لأن الظروف التي ولدتها مازالت قائمة ، كما كان يقول الفيلسوف الفرنسي سارتر، وبالتالي مهم تكثيف نقد الواقع الرأسمالي المشوه الذي نشأ في السودان، باحصاءات دقيقة، وتوضيح التفاوت في توزيع الثروة والتفاوت في التطور بين الاقاليم المختلفة والتفاوت في النوع ..الخ، كل ذلك ضروري من اجل التنمية المتوازنة بين اقاليم السودان المختلفة، والتوزيع العادل للسلطة والثروة، وتوفير احتياجات الناس الاساسية(تعليم، صحة، خدمات( مياه، كهرباء.. الخ)، وتحقيق المساواة الفعلية بين المرأة والرجل،.. الخ. فكلما كثفنا النقد للواقع الرأسمالي المؤلم في البلاد باحصاءات دقيقة ، كلما اقتربنا من جوهر المنهج الماركسي.
وخلاصة ما نود أن نقوله أن المنهج الماركسي أو منهج الديالكتيك المادي، يدرس الواقع من اجل فهمه واستيعابه وتغييره، وأنه يعتمد علي الدراسة الباطنية الملموسة، على الارض، للواقع، واستخلاص نتائج من الواقع لا من تصورات ذهنية مسبقة، ويتعامل مع الظواهر والمستجدات في الطبيعة والمجتمع بذهن مفتوح، ويتخصب بالحوار، دون الاستعلاء، مع التيارات السياسية والفكرية الاخري، وأنه في جوهره نقدي وثوري، كما أنه لايدعى الحقيقة المطلقة والنهائية، وهو ينظر للظواهر في شمولها وحركتها وتغيرها الدائم، وهو طريقة في البحث ، ويصل للحقائق من الواقع وبذهن مفتوح ، ولايخضع الواقع للنظرية، بل تخضع النظرية للواقع، النظرية ترشد الممارسة والممارسة تغنى وتخصب النظرية، كما يأخذ في الاعتبار الخصائص والظروف التاريخية لكل بلد في الاعتبار، وأن هذا المنهج يتم تطبيقه تطبيقا خلاقا ومستقلا حسب واقع وظروف كل بلد، بالتالي هو في جوهره المنهج العلمي في اوسع معانيه



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الستالينية وتجربة الحزب الشيوعي السوداني
- من تاريخ الفكر الاشتراكي في الذكري ال 160 لصدور البيان الشيو ...


المزيد.....




- نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا ...
- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - تاج السر عثمان - كيف تناول التقرير السياسي المنهج الماركسي