أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالوهاب عزاوي - على درب الدونكيشوت














المزيد.....

على درب الدونكيشوت


عبدالوهاب عزاوي

الحوار المتمدن-العدد: 2273 - 2008 / 5 / 6 - 06:43
المحور: الادب والفن
    



طفرة الشعر العربي.. محمد الماغوط، موهبةٌ فذةٌ وجارحة، صراخٌ خافت يشبه الصلاة وآخرُ متوحشٌ قبيل حربٍ لن تقع، غضبٌ صافٍ، وجنونٌ لا حدود له يتجلى في قسوة الصورة ودهشتها وبساطتها وتفرعها من جسد القصيدة أو النص لتشكل قصيدةً صغيرةً وحدها، والأهم دائماً صدقها الفذّ ولعل هذا من أصعب الأمور في الشعر فلطالما كان أعذب الشعر أكذبه..
تأثر معظم جيلنا من الشعراء الشباب بحيوية الماغوط وتمرده على معادلات الشعر العربي والصراعات فيه فظل نسراً خارج السرب حتى عندما دخل فيها جزئياً عبر مجلة شعر، يكتب بمزيج من التواضع والاعتداد بالنفس مع كبرياءٍ جريحة وساخرة ليخلق من الشعر "جيفةً خالدة" كما يقول هو نفسه، ولعل هذا ما جعله يهرب من التنظير في الأسئلة الكبيرة ليجيب بدلاً من ذلك في إحدى مقابلاته "اسألني عن البلاليع فهذا ما أفهم فيه"
ظل يتنقل في الأدب كالدونكيشوت ورمحه شعره، وفرسه أحلامٌ شرسة وذاكرةٌ تنزُّ، وأملٌ ضجرَ مع الزمن، وهذا ما يدهشني، فلا أذكر شاعراً كتب عن التمرد والثورة والأسنان القاطعة والعيون الناتئة كالمسامير، والقذى فيها، وعن عرق الناس، وشقوق أرجلهم ..كالماغوط، وكل ذلك وهو يختار العزلة بإرادته في النهاية بعد أن فرضت عليه في البداية كما ترى رفيقة دربه الشاعرة سنية صالح.
أتساءل عن كم الإحباط واليأس الخانقين ليأخذ هذا الخيار، ألم يتحول الشعر هنا لحالةٍ من الدفاع عن الروح، أو محاولةٍ لخلق توازن نفسي كما يرى فرويد، محاولةٍ لخلق عالمٍ والعيش فيه في مواجهة العالم الآخر الخارجي، مساحة داخلية وعرة وعصية على الاختراق، والزاد فيها.. تبغٌ وويسكي ودفترٌ وقلمٌ فاخر وركبةٌ يتوكأ عليها.
أتساءل عن حجم اليأس الذي يُقطّرهُ سخريةً حادة ومؤلمة، وعن فقدان الثقة بالمشاريع كافة ليكون شعره فوق كل الأحزاب وليبقى الإبداع مشروعاً صادقاً بالحد الأدنى قد يقدر على الحياة. أتساءل عن الشعر الذي كتبه ولم ينشره وعن الشعر الذي حلم به ولم يكتبه، أقول هذا لأني مقتنعٌ بأن شعر الماغوط في بداياته أهم منه في مراحله الأخيرة، بل وأجرؤ أن أقول كمحبٍ للماغوط إن عدداً كبيراً من نصوصه الأخيرة ضعيفٌ ومترهلٌ مقارنةً بجنون "غرفةٍ بملايين الجدران"، ولعل مقالاته الأدبية تحولت لنوعٍ من "القفشات" المتوقعة والمكرورة..لم تعد تملك غليانها القديم.
أحلم بذلك الدونكيشوت الذي اختار العزلة، حتى وصل به الأمر إلى رفض زيارات عدد من الأصدقاء والذي جاء تكريمه في المراحل الأخيرة ،كرقعةٍ باهتة ترتق ثوب الثقافة المهترئ.
وأفكر في كمّ اليأس والحزن الذي أثقل كاهلك أيها المحارب، في صدأ المفاصل، وغبار الحنجرة، وفي قلبك الواهن الثقيل الذي تمنيت أن أحمله معك لنسير في نفس الدرب ونقتسم هواء الطريق.
عن جريدة قاسيون




#عبدالوهاب_عزاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملف / ملامح دمشق في أرواح الشعراء الشباب /مجلة عشتروت
- حكاية ماقبل النوم .. مهداة إلى فاتح جاموس الذي أعيد إلى المع ...
- قصيدة اريد أن
- الطوفان أو جنازة في فوضى الأوان
- كفن كامد
- ملامح وعرة/ ديوان شعر مشترك بين عبدالوهاب عزاوي- ممدوح رزق - ...
- قصيدة الفجر
- قصيدة العتم
- قراءة في أزمة الشعر


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالوهاب عزاوي - على درب الدونكيشوت