أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - هوشنك بروكا - كردستان الحاضرة الغائبة، إيزيدياً(9)















المزيد.....


كردستان الحاضرة الغائبة، إيزيدياً(9)


هوشنك بروكا

الحوار المتمدن-العدد: 2271 - 2008 / 5 / 4 - 10:35
المحور: المجتمع المدني
    


كردستان الغائبة إيزيدياً: من يغيِّب من؟
V. الفوق الكردي المسؤول والواقع الإيزيدي معكوساً
مما تقدم، يمكن القول أننا أمام واقع إيزيدي(كجزء أصيل من الواقع الكردستاني) مستفحل، ومتقيّح، على أكثر من صعيد: حقوق غائبة أو مغيّبة؛ سخط على مستوى عامة الجمهور الإيزيدي ونخبته؛ فسادٌ وإفساد مؤسساتي؛ اختزال حقوق كل الإيزيديين في بعض المؤسسات الإيزيدية المدعاة ل"الثقافة"(بحسب تعبير البعض)؛ اختزال حقوق الإيزيديين في مزاج وسلوكيات بضعة إيزيديين، يُقال أنهم مقرّبين من بعض الجهات المسؤولة المتنفذة في "كردستان الرسمية"؛ خروج إيزيدي إرتدادي ملحوظ على كردستان و"نهجها" الكردي الراهن(شنكال نموذجاً)؛ حدوث شرخ بين الفوق الكردي المسؤول الممثل لكردستان والتحت الإيزيدي المختزل عملياً إلى بضعة رؤوس، ليس لها أي همّ أو "مشروع" سوى تقديم "كتاب شفوي" إلى هذه الجهة، وآخر إلى تلك، لقبض "ربت" إضافي، أو "نثرية إضافية"، أو "دفتر أخضر"، إضافي، تحت هذه الحجة أو تلك.
إزاء واقعٍ كهذا الذي يعيشه الإيزيديون راهناً، بات هناك سؤالٌ مفصليٌّ يفرض نفسه، وهو: هل يُنقل واقع حال الراهن الإيزيدي، بالفعل، على حقيقته الراهنة، كواقعٍ "مزرٍ"، "خارجٍ" على مستقبل كردستان القادمة، إلى كردستان القرار الراهن، والحكم الراهن، والنظام الراهن، وقياداتها الراهنة، كما يعتقد البعض، أم أنه يُنقل معكوساً ومقلوباً، حسبما تقتضيه "كلمة السر" الروتينية المعروفة، بين الفوق "القائد" وهمزات وصله، مع التحت المنساق ل"كل شيء تمام سيدي"، كما يقول آخرون؟
هل كردستان الفوق "تجهل" بالفعل حقيقة الواقع الإيزيدي "المتدهور"، حسبما يرى البعض، أم أنها "تتجاهله"، كما يقول بعضٌ آخر؟

عند قراءة الآراء المستطلعة، تبيّن لي أن الجواب على السؤالين السابقين، يمكن تقسيمه إلى أربعة آراء أو فرضياتٍ مختلفة:

الأولى:
كردستان، حيث حال الإيزيديين، هو من حالها، يبشر بخيرٍ كثير، وعليه يمكن القول أنّ كردستان الفوق، لا هي بجاهلة لحقيقة الراهن الإيزيدي، ولا هي بمتجاهلة. على صعيد هذا الرأي، إذن، يمكن قراءة "مركز لالش" كلسان حال "أمين"، لنقل صورة الواقع الإيزيدي، ك"ممثل شرعي" حامل لهموم الإيزيديين وقضاياهم، بما يقوم من "خدمات كبيرة في مصلحة كلٍّ من الإيزيدياتي والكردياتي"، و"مجمع شاريا" هو خير مثالٍ على "الخير الكثير"، ل"كردستان الكثيرة"، على الإيزيديين، أسوةً بسائر مكونات شعب كردستان(يُنظر رأي رئيس مركز لالش بألمانيا الكاتب مراد مادو).
وفي السياق ذاته(علاقة الفوق الكردي بالتحت الإيزيدي)، يرى الكاتب أديب جه لكي، بأن حال الإيزيدي هو من حال كل مواطني كردستان، ف"في حدود ادارة الاقلیم الحالیة، یستطیع جمیع المواطنین، علی اختلاف ادیانهم ومذاهبهم ان یطالبوا بکامل حقوقهم المشروعة دون قید او شرط. حیث یکفل دستور اقلیم کردستان – المعد منذ سنین والمقرر ان یجد النور هذا العام – حقوق الجمیع بصورة متساویة".

الثانية:
حال الإيزيديين ليس بخير، وينحدر نحو الأسوأ، لأن الصورة المنقولة عن الواقع الإيزيدي، إلى القيادات الكردية، هي صورة مقلوبة/ معكوسة، والسبب الأساس وراء هذا "القلب المتقصد" للواقع وحقيقته، هو استخدام "همزات الوصل الإيزيدية" ل"الثقة الصح"، التي منحتها القيادات الكردية إياها، في "المكان الغلط"، و"الزمان الغلط"، و"الوظيفة الغلط"، لأجل "الهدف الغلط".
الظاهر من بعض الآراء المستطلعة، هو أنّ الفوق الكردي المسؤول يغني للإيزيدية وحقوقها المفترضة في وادٍ، فيما القائمون على شئون الفوق الإيزيدي ومراكزهم، يرقصون ويلتهون على هواهم، كيفما يشاؤون، في وادٍ آخر.

فالإيزيديون، بحسب رأي الناشط السياسي ناظم ختاري، لا يشكلون رقماً ذي أي وزنٍ يُذكر، في معادلة السلطة، الممثلة بالأحزاب الكردية الحاكمة. هم في نظر هذه الأخيرة، وقياداتها "أناس ثانويون، وهامشيون"، فيقول: "إنّ أبناء المجتمع الأيزيدي بنظر مخططي السياسات الكوردستانية ، أناس ثانويون لا يجدون نفعاً ، وعلى هذا الأساس لا يخطئون حتى عن طريق الصدفة بشمولهم بخطط للتنمية والأعمار وما يحصلون عليه من لقمة معجنة بعرق جبين شبيبتهم وخوفهم الذي يطوقهم من كل صوب هو ما يتناسب مع ثانويتهم، ناهيك عن وجودهم الطارئ في السياسة ، لذا فإن الهوامش الغير فاعلة جدا هي المكان الطبيعي لهم ".

أما الوزير السابق د. ممو عثمان فيرى بأنّ العلة الأساس، هي في همزات الوصل الإيزيدية، التي "تنادي بالإيزيدياتي وتعمل بعكسها"، فيقول: "في الوقت الذي يقول فيه رئيس إقليم كوردستان كاك مسعود البرزاني، ويؤكد على أن كافة الأقليات الدينية والأثنية متمثلة الآن في هذه الحكومة(الموحدة)، فليعملوا الآن لخدمة اقليتهم الدينية او الأثنية داخل الحكومة، بدلاً من ان يلوموها من الخارخ، (...)، (ترى) ماذا عمل المعنيون المنادون بإسم الآيزيدياتي، والقائمون على شئونها ليل نهار؟".

"شيوخ" همزات الوصل الإيزيدية(مركز لالش نموذجاً) كما يقول د. خليل جندي، مستعدون ل"إفشال" أي مشروع لا يعبر من بوابتهم. ف"هم" أفشلوا مشروع "مؤتمر شنكال 2007" مثلاً، لأنهم "أقنعوا" مراكز القرار الكردي، من خلال "تلفيقاتهم"، ب"أن المعدين للمؤتمر ومشجعيه من الايزيديين، هم الذين يطرحون فكرة الاصلاحات وإزالة الطبقات، وفي حال ذهاب هؤلاء الى شنكال فأن أهاليها سينتفضون عليهم ويقفون ضد الحزب، ويؤثر ذلك سلباً على الاستفتاء لصالح المادة 140!! (...) وإذا كان هم أو غيرهم يعتقدون أن عملهم وتصرفاتهم تلك، هي في صالح الحكومة الكوردية والحزب وفي صالح الايزيديين، فإنهم لم يقرأوا الواقع الايزيدي بشكل جيد!. "(د. خليل جندي).
في الجانب الآخر، يحمّل د. خليل جندي قسطاً كبيراً من مسؤولية "تهميش" الإيزيديين و"لاسماع" أو "إسماع" صوت شارعهم، إلى ما سماه ب"غرور بعض المسؤولين في الحزب الديمقراطي الكردستاني(يشير د. جندي اليه فقط لأنه يعتبره الحزب الأم والقوة الفعلية على الساحة الكوردستانية)، وبعض منظماته وكوادره"، لذا فهو، "يرجو من أجل المصلحة القومية الكبرى ، هؤلاء(المغرورين) التنازل عن غرورهم . فالتواضع هو الذي يقودهم ويقود الجميع الى تقويم الأخطاء والسير نحو النجاح ، وصدّ الأعداء وإفشال مخططاتهم".

ف"الايزيديون في المناطق الواقعة تحت رحمة المادة 140 مثلاً، محرومون من حقوقهم، وهم لا يلقون الدعم اللازم من الحكومة الكوردية المتمثلة في البارتي واليكتي(وهما ازهارٌ لشجرة واحدة )، وذلك لنيل حقوقهم من المركز. بل على العكس، إذ يشعر بعض القادة الأكراد، بالحذر الغير مبرر تجاه الايزيديين، لأنهم، على ما يبدو، يبحثون عن اتباع وليس عن فرسان. أما البعض الآخر منهم، فهم من حيث يدرون او لايدرون، يعبرون عن نظرة غير ناضجة تجاه الايزيدية"(شفان شيخ علو).

أما السبب الأساس(بحسب د. جندي) الكامن وراء لا وصول صوت التحت الإيزيدي إلى القيادات الكردستانية، كما يجب، وبالتالي عدم تمثيله عبر ممثلين حقيقيين في فوق كردستان، فهو "غياب الوجود الفعلي لدور المؤسسات والنظام المؤسساتي".

ونظراً لغياب هذا النظام المؤسساتي، في مفاصل الدولة بكردستان فإنّ "الغالبية من الناس ما زالت تتوجس من مؤسسات الحكومة الكردية ، ويقارنوها بمؤسسات الحكومة البعثية ، وقد رسّخ من هذه الحالة ، وكرسها في الذهن ، وجود ممارسات خاطئة ، وتجاوزات من قبل بعض المسؤولين ، في هذه الأجهزة على حقوق ومصالح الناس ، وكذلك وجود البعثيين ورؤساء العشائر ممن كانوا في صفوف الجحوش في قوام الحزبين وعدم محاسبتهم . هذه هي واحدة ممن أهم العقد التي ينبغي التخلص منها، قبل أن ندعو الناس للإنطلاق والتفاعل مع الأوضاع وبناء المؤسسات التي تكفل الممارسة الديمقراطية، وحق الناس في التعبير عن أرائهم ، من دون خوف أو تردد"(صباح كنجي)

المشكلة الإيزيدية، كما يرى د. ميرزا دنايي، مع الفوق الكردي المسؤول، هي "أعقد" مما قد يُتصور. فهي باتت معقدةً لأكثر من سببٍ وعلى أكثر من اتجاهٍ ومستوى. الأول، هو "استحالة" تقديم رؤية جديدة للمشكلة، من جهة من سماهم د. دنايي ب"المستفيدين من معمعة الصراع الكردي الكردي" لأن "كليشيهة الإتهام" لديهم جاهزة، ضد كل من يوجه انتقاداً ولو بسيطاً "للواقع الإيزيدي المزري"، بحجة أن "هذا النوع من النقد يهدد أمن كردستان وأمن البارتي بشكل خاص". فهؤلاء "أصبحوا بهذا حجر عثرة امام التقدم الايزيدي وأمام نمو علاقة طبيعية متكافئة بين الايزيدية وقيادة الحزب الديمقراطي. أما الجانب الاخر، فهو ارتكاب القيادة الكردستانية خطأ تاريخيا فاضحاً في خلق طبقة (متعلمة) معتاشة على رواتب وهمية مبنية على بطالة مقنعة، مستغلة الحاجة والظروف الاقتصادية السيئة للخريجين. المخزي في هذا الموضوع طبعاً، هو أن الذين قدموا هذه المشورة المسمومة كوسيلة لكسب الايزيديين وتحطيم ارادتهم عبر رواتب وهمية، هم من يتهمون ويعولون على نظام صدام حسين بارتكابه جريمة عزل الفلاح الايزيدي عن ارضه وتعيينه فراشاً وعامل مدارس وموظف خدمات. والسؤال الطبيعي، هو، اذا كانت تلك جريمة صدام، فماذا نسمي هذه الجريمة اذن، حينما نسلب نصف مليون ايزيدي قراره وإرادته واستقلاليته في المطالبة بحقوقه المشروعة ؟!!"
لهذا، وبسبب ممارسة رؤساء همزات الوصل الإيزيدية هذه، لسياسة "الفصل المبرمج" بين الإيزيديين التحتيين والفوق الكردي المسؤول، بأكثر من جدارٍ، وأكثر من "حدٍّ وسد"، فأنهم أسسوا، حسبما يرى البعض، لما يشبه "الجدار العازل والسد المنيع، بين صوت الشارع الإيزيدي الحقيقي، والقائمين على رأس حكومة الإقليم"(زيدو باعدري).

وفي الوقت الذي يشكو فيه رئيس تحرير موقع قنديل الكاتب حسين حسن نرمو من "أزمة قيادة حقيقية"( القيادة الممثلة ب"همزات الوصل المعطلة") بين الإيزيديين، إلا أنه "لا يستثني القيادة أو الحكومة الكوردستانية من المسؤولية أمام كل ما يتعرض له الأيزيديون من الأهمال والغبن والأضطهاد في عقر دارهم".
اما السبب الرئيس وراء عدم ظهور "قيادة إيزيدية كفوءة"، فيعيده الكاتب بير خدر جيلكي إلى الأحزاب الكردية نفسها، إذ يقول: "أن قيادات تلك الأحزاب لم ولن تكن يوماً من الأيام ترغب في أن تكون هناك من بين الأيزيديين قيادة ( رشيدة ) وواعية، سوى ما عليه الآن والمتمثلة بهولاء الأشخاص الموجودين والمعروفين في الوقت الراهن".

والحال، فإنّ الأحزاب الكوردية، حسب اعتقاد البعض، تتحمل قسطاً كبيراً من السكوت اللامبرر على هذه "الجدران العازلة" و"السدود المنيعة" تلك، التي تحول دون وصول صوت الجمهور الإيزيدي إلى قيادات كردستان. "فهي تتحمل مسؤولية اللامتابعة واللامحاسبة، واللاتغيير، في ظل غياب العمل المؤسساتي، عبر الاعتماد الأبدي، على الشخصيات ذاتها والكوادر ذاتها، طيلة 17 عاماً من عمر كردستان، وكأن الأمهات الإيزيديات لم تلدن سوى هؤلاء المعتمدين الأبديين، (ما أدى) إلى إختزال الايزيديين في مجموعة لا تزيد على عدد أصابع اليد الواحدة سواء في هذا الطرف أو ذاك، فوصلنا الى نتائج عكسية لما كانت تخطط له أحزابنا وتتمناه. (...)وهو الأمر الذي أدى إلى المزيد من الإحتقان في الشارع الإيزيدي، وبالتالي تحولّهم إلى "جبهة تركمانية" أخرى ضد التجربة الكورستانية "(حسو نرمو).

وفي الوقت الذي يشكو فيه الكاتب حسو نرمو من "الأخطاء القاتلة" ل"الإيزيدييين المعتمدين الأبديين" لدى الفوق الكردي المسؤول، ب"تحويلهم" للشارع الإيزيدي إلى "جبهة تركمانية أخرى ضد التجربة الكردستانية"، فإنّ السيد زيدو باعدري، يشكو ويحذّر مما هو أكبر وأخطر، حيث يخشى من حدوث "سايكس بيكو" جديدة، في مناطق الإيزيدية المتنازع عليها. فهو "يحمّل المسؤولية المباشرة عن المادة 140 في المناطق الإيزيدية، في حال عدم نجاحها(لاسامح الله)، إلى مركز لالش والمقيمين عليه، لأنهم لم يكونوا بمستوى مسؤولياتهم التاريخية".
فهؤلاء، ممن يسميهم السيد زيدو باعدري ب"الوصوليين"، "أسسوا، من جهة، للإنقسام الإيزيدي ـ الإيزيدي، وكرّسوه أيما تكريس. ومن الجهة الأخرى، لعبوا دور الجدار العازل، والسد المنيع، بين صوت الشارع الإيزيدي الحقيقي، والقائمين على رأس حكومة الإقليم، وفي مقدمتهم ضامن الحقوق الإيزيدية الكاك مسعود بارزاني".

الثالثة:
حقيقة الواقع الإيزيدي، تُنقل إلى كردستان الفوق، كما هي، وعلى أتم وجه. فالقيادات الكردية لها أكثر من قناةٍ أو "تقنية حزبية"، لإستخبار كردستان التحت، وتقصي حقائقها، لذا فهي تحصل على أدق جزئيات كردستان(وإيزيدييها ضمناً)، عبر أكثر من وسيلة، وأكثر من جهة معتمدة. فالمشلكة ههنا، لا تكمن في نقل حقيقة صورة الواقع من التحت الإيزيدي، إلى الفوق الكردي المسؤول، بقدر ما تكمن في ظروف تنفيذ الفوق المسؤول، لما يحتاجه الجمهور الإيزيدي في التحت، وقد تحقق الكثير للآن مقارنةً مع الماضي. لذا ف"إن التسريع في إلحاق مناطق شنكال (سنجار) والشيخان وسهل نينوى بإقليم كوردستان سيعمل على إحداث متغيرات مهمة وايجابية باتجاه تطوير هذه المجتمعات وتحريرها"(كفاح محمود).
والحال، فإنّ "القيادات الكردستانية مطّلعة على واقع الإيزيديين، بأدق تفاصيله، والصورة المنقولة إليها عن راهن الإيزيديين ومعاناتهم، هي الصورة الصحيحة، التي يجب أن تُنقل إليها، وليست "الصورة الخاطئة"، كما قد يُتصوّر. وللعلم، فإن القيادات الكردستانية، تستقي معلوماتها على أكثر من مستوى، وعبر أكثر من جهة. وناقشنا(ولا نزال) سبل تحقيق المطالب والحقوق الإيزيدية(التي لا تزال في طريقها إلى التحقيق المفترض)، مع الكثير من الجهات والأطراف المعنية. ولكن يبدو أن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، وتجري رياحنا الإيزيدية بما لا تشتهي سفننا"، على حد رأي السيد كريم سليمان.

الرابعة:
كردستان الفوق على علم بكل تفاصيل الواقع الإيزيدي، وحقوقه المغيّبة، إلا أنها تطنش الإيزيديين، وتجهلهم، وتهمشهم، ولا تعيرهم الإهتمام المفترَض كمواطنين حقيقيين، عن سابق إصرارٍ وترصد، غير مبرر. والممثلون لهذا الرأي، حسبما تفيد أراءهم، هم: بدل فقير حجي، حسين حسن نرمو، جهور سليمان، حسين مرعان، خيري بوزاني، علي سيدو رشو، وعد حمد مطو، مجيد حسو، سندس سالم النجار، عالية بايزيد، عروبة بايزيد، بير خدر جيلكي، صباح كنجي، صبحي خدر حجو، سعيد صالح، وسام جوهر).

السيد وعد حمد مطو مثلاً، يقول في سياق هذا الرأي، أن لديه "الوثائق والأدلة الدامغة" التي تثبت "تورط" الأحزاب الكردية في ارتكاب "إنتهاكات" بحق الإيزيديين، ويقول أنه "سيقوم بنشرها في الوقت المناسب".
ف"الإنتهاكات(بحسب رأي المحامية والكاتبة عالية بايزيد) كثيرة، والأزمات أكثر، وكلما تأزمت الامور في محور من المحاور الشائكة(وما أكثرها اليوم)، تراكمت فوقها أزمات جديدة، وفي كل مرةٍ، تزداد تعقيداً، والأمور تتعقد، وفي النهاية، يدفع الفرد اليزيدي البسيط الثمن غالياً، من مقدراته ومن فرصه في الحياة والمستقبل. اليزيديون اليوم، في تأخر إنساني، وغارقون في الأحزان والضبابية، فمن ينتشلهم من المحن والضياع والفراغ، ومتى يدرك المسؤولون وأولي الأمر فينا، انه ليس بالمصالح الهشة يعمر البنيان؟"

أما رئيس تحرير بحزاني فيصف "السلطة الكردية"، في هذا السياق، ب"السلطة المستنسخة من أنظمة الجيران". وهو الأمر الذي يعني بأن "تطنيش الإيزيديين" وتغييبهم، كردياً، الآن، هو "تطنيشٌ مستنسخ" من أجندات "الجيران"(أتراك+عرب مثلاً)، وسياساتهم الإقصائية، التغييبية.

الكاتب علي سيدو رشو، يرى من جهته، بأن الأحزاب الكردية تلعب "دوراً سلبياً من ترتيب أي وضع يحاول إصلاح الواقع الإيزيدي، مستفيدين من عدد الإيزيديين وجغرافيتهم وخيرات مناطقهم التي تزيد على خيرات جميع ارجاء المناطق الكردية، وفي نفس الوقت تدعي بعدم عائديتها لهم.(...) ومنذ السقوط ولحد الآن، الأحزاب الكردية مسيطرة على جميع مناطق الإيزيدية، فلم تقدم أكثر من توزيع الخيم وبناء قاعات لمناسباتهم وتوزيع الملايين على نفس الذوات التي كانت تعيش على أكتاف الفقراء في زمن النظام السابق لشراء الذمم، وبعض رجال الدين، ولكن كل الاهمال في الجوانب الخدمية والبلدية والصحية والتعليمية والفساد الإداري وفي مجال تأسيس منظمات المجتمع المدني ".
ف"جلّ اهتمام الحزبيين، على ما يبدو، منصبٌّ على إقامة وتشييد المقرات الحزبية، والاكثار من المفارز، والحراسات في محيط هذه المقرات"(سعيد صالح).

وحسبما يرى الكاتب جهور سليمان، فإنّ "ما كان يريده كل ايزيدي، هو نظام حكم ديمقراطي علماني، قائم على مبدأ فصل الدين عن الدولة والمساواة والعدالة واحترام حقوق الانسان وحريته، ونعيش جميعاً في عراق يسوده روح المحبة والتآخي والتعايش السلمي، والاهم من كل هذا هو فرض سلطة القانون. ولكن وللأسف لم يحصل كل هذا لا في العراق، ولا في كردستانه".

عليه فإن "حقوق الإيزيديين(بحسب اللواء حسين مرعان) في العراق عامةً وكردستان خاصةً، ليست غائبة ومغيّبة فحسب، بل منتهكة. فالحكومة المركزية غير مبالية أصلاً بحقوقهم، أما حكومة الإقليم فهي الأخرى غير جدية في تحقيقها".

البرلماني السايق والمحامي كاميران خيري بك، يرى بدوره ويؤكد على "ضرورة البحث عن الأسباب المؤدية إلى هذا "الرفض المجاني" للوطن(كردستان)...علينا، كحكومة وكمواطنين أن نعترف، بأن هناك نواقص، والحقوق هي ليست في المستوى المطلوب.
هناك فشل ذريع، في تربية المواطن والفرد بكردستان، يجب أن ننتبه إليه.
هناك فشل، على مستوى الشارع والمدرسة.(...) على الكل أن يسأل نفسه، لماذا هذا الهروب المجاني من كردستان؟
هل ضحى الكرد في سبيل كردستانهم، كي يرحلوا عنها ويتركوها في مرمى الآخرين؟
مالذي يدفعهم بأن يتركو كل شيء وراءهم، للفوز بجواز إقامة في إحدى بلاد الغرب الواسعة؟"

أما الكاتب بدل فقير حجي، فلا يتوقع أي جديد من قيادات العراق(بعربها وأكرادها) "العتيقة"، أي جديد، فيسأل، هكذا، بلسانٍ منثورٍ:
"عن ماذا نبحث ياصديقي ؟
بلغني ايها الباحث الرشيد ... يا صاحب الرأي السديد... ان الطغاة استمروا الى الآن في حكم العراق بقبضة من حديد ... بترهيب و ترغيب و وعد و وعيد... فكيف لنا ان نتوقع منهم ماهو جديد ؟"

وفي الوقت الذي لا يستثني فيه الكاتب حسو نرمو القيادات الكردستانية من مسؤولية ما آل إليه الراهن الإيزيدي، يقول: "الايزيديون، في غالبيتهم، ينظرون الى الجزء الفارغ من القدح، عليه، يسيطر التشاؤم، وخيبة الامل، على نظرتهم الى المستقبل، وهذا محكوم بجملة من العوامل التاريخية والنفسية وغيرها، ولا الومهم على ذلك، قطعاً. الكل يدّعي بأنه يعمل من أجل ملء الاناء بالحليب لكن ما يحيّرني هو أنهم يجهلون أو يتجاهلون، لأي سبب كان، بأنهم وإن حاولوا ملء الاناء لكنهم سيرفسونه ويسكبون ما فيه بدلاً من المحافظة على القليل الموجود فيه، كأضعف الايمان. لكي أكون أوضح في تعبيري، دون غمز ولمز، أؤكد بانّ البعض، يدرون أو لايدرون، يهدمون أكثر ممّا يبنون، ويدفعون الايزيدية الى التهلكة من خلال تشجيعم لسلوك مسالك غير آمنة وغير مضمونة النتائج سواء من حيث تشجيعهم على الهجرة، أو نشر ما يمكن تسميته ب الاصولية الايزيدية تحت ستار الدفاع عن المظلومية التاريخية وحقوقهم المهضومة والمهدورة".

وبالعودة إلى السؤالين الآنفي الذكر أعلاه، يمكن صياغتهما، من خلال ترشيحهما عبر فلتر الفرضيات السابقة، من جديد، بالصورة التالية:
بدءاً من جمهور التحت إيزيدياً، إلى الفوق الكردي المسؤول، مروراً بما بينهما من همزات وصل(و بالعكس)، تُرى:
من يجهل من؟
من يتجاهل من؟
من يأكل الحلاوة بعقل من؟
من يضحك، في وضح النهار، على ذقن من؟
من "يسرق" الخرج(على حدّ قول المثل الكردي)، بمن ولمن؟
من يضيّع الطاسة بمن وعلى من؟
ومن قلّب، أو يقلّب، أو سيقلّب الطاولة على من؟



...للمكتوب صلة

إشارة: عذراً للقارئ الكريم، على الإدامة والإستغراق في هذه القراءة، ولكن لضرورة الحرف والمكتوب، أحكامها أحياناً.



#هوشنك_بروكا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -فتوى- عبدالله خلف ومأساة الإيزيدية
- كردستان الحاضرة الغائبة، إيزيدياً(8)
- مثقفون عشائريون
- كردستان الحاضرة الغائبة، إيزيدياً(6)
- البعث يقتل قامشلو مرةً أخرى
- كردستان الحاضرة الغائبة، إيزيدياً(5)
- في مطبخ القادم من الكابينة الكردية
- كردستان الحاضرة الغائبة، إيزيدياً(4)
- كردستان الحاضرة الغائبة إيزيدياً(3)
- الحرب بين -شمسَين-: مَن يطفئ مَن؟(2/2)
- الحرب بين شمسَين: مَن يطفئ مَن؟ (1)
- كردستان الحاضرة الغائبة، إيزيدياً (2)
- كردستان الحاضرة العائبة إيزيدياً 1
- جمهورية سعدالله خليل
- كردستان في مهّب الفساد
- شعب الله الشفوي
- القذافي ديكتاتوراً -نبيلاً-
- شنكَال، ظلاً للسيدة الأولى كركوك
- هل الإيزيدية دينٌ اسمه رجل ؟!
- مانديلا(نا) ومانديلا(هم)


المزيد.....




- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - هوشنك بروكا - كردستان الحاضرة الغائبة، إيزيدياً(9)