أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سلام عبود - من نوري السعيد الى نوري التعيس














المزيد.....

من نوري السعيد الى نوري التعيس


سلام عبود

الحوار المتمدن-العدد: 2270 - 2008 / 5 / 3 - 10:38
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


نوريّان حكما العراق الحديث.
بين النوريين مواطن اختلاف واتفاق تثير العجب.
نوري الأول خلع ولاءة العثماني ورفع شعارات المحرر- المحتل البريطاني، فصار رجله الأول.
ونوري الثاني أخفى تعاليم اطلاعات في جيبه وراح يعزف نشيد التحرير - الاحتلال الأميركي، فنُصّبوه فارسهم وصائلهم الأول والأخير.
نوري الأول نسب الى نفسه تأسيس العراق الجديد، الإنجليزي النكهة.
ونوري الثاني ينسب الى نفسه إعادة تأسيس العراق الجديد، الأميركي اللون والطعم والرائحة.
نوري الأول عسكري في الجيش العثماني نزع بدلة العسكر وارتدى بدلة رئيس الوزراء المدنية.
أما نوري الثاني، المدني، فقد فعل العكس، تزيّا أو ألبس صولة الفرسان وقلد نفسه رتبة القائد الأعلى للقوات المسلحة.
كنية نوري الأول ارتبطت بالظهور وبالفجر، فهو أبو صباح.
أما الثاني فارتبطت كنيته بالإدلاج والذهاب الخفي، بالإسراء.
الأول يقع من السماء على الأرض، والثاني يتبخر من الأرض الى السماء.
قُتل الأول مرتديا عباءة امرأة، وأضحى موته درسا بشعا في مساوئ تلقين الضحايا فنون الانتقام.
أما الثاني فلم يزل يتفنن تفننا عجيبا في تدريب خصومه وضحاياه وأبنائهم على سبل اختيار طريقة توديعه في رحلة الإسراء الأخيرة.
تميز نوري الأول بالمرح وروح الدعابة، بينما تميز الثاني بالمزاج السوداوي والروح الكئيبة المنقبضة.
أحاط الأول نفسه بفئات من المتنورين العصريين وصار زعيم نخبهم الحكومية غير مرة بقوة العرش الملكي، بينما اصطفى الثاني شذاذ الآفاق من الجهلة واللصوص، وصار رئيسهم الأعلى، بقوة المحاصصة والأباتشي.
اختير الأول سلميا لخمس عشرة مرة، وفق قواعد اللعبة الدستورية، التي يحتكرها هو وجماعات محدودة من العسكريين السابقين وقادة الشرائح العليا من المجتمع.
أما الثاني فقد جاء ضمن قائمة انتخابية اسمها "اتلث دويرات"، حسب تعبير سكان الجنوب. لذلك يظن أن شرعية الانتخاب تمنحه، كحاكم، شرعية القتل، وعلى وجه خاص قتل من انتخبوا قائمته. أما طريقة حصول القائمة على الأصوات فكانت أكثر من فريدة. فقد رُسمت للناخبين ثلاث دوائر ( ثلاث خمسات)، وقالوا لهم ابصموا حيثما رأيتم الدوائر الثلاث. وحينما بصم خمسة ملايين ناخب على "اتلث دويرات" ابتدأ فجر السلالات في العراق الديموقراطي، فجر الحرية الكبير.
كثيرا ما هدد نوري الأول الكتاب والصحافيين بالويل والثبور, أما الثاني فهدد الإعلاميين بما هو أعجب، هددهم بأن ينالوا عقابا أشد واقسى من عقاب الإرهابيين، ولا أحد يعلم طبيعة مثل هذا العقاب. فإذا كان الأطفال والنساء يُقنبلون بأوامر منه بالقنابل الفسفورية والانشطارية جراء تطوعهم للوقوف "كدروع بشرية تحمي ظهور العصاة"، فماذا سيفعل بمن يفضحون مجازره الجماعية (لا يحلو له النوم إذا كان عدد ضحايا كل صولة أقل من خمسمئة ذبيح!). بماذا سيقنبل منتقديه! وبأي مثقب سيحفر جماجمهم؟
نوري الثاني يهدد من نصحوه قائلين له وجّه قاذفات أف 16 نحو الحدود لايقاف تدفق الإرهابيين، أو وجهها للحد من نشاط القوى المسلحة التي لا تقوى البيشمركة على طردها من أرض العراق الجديد، أو امنع غارات القوات التركية على سيادة الوطن! لكنه لا يتذكر السيادة إلا حينما تنتهك الحدود في سوق مريدي فحسب، لأن حدود الكزيزة وسوق مريدي وخمسة ميل أقدس من حدود العراق الدولية.
المقارنات والمفارقات بين النوريين طويلة جدا ولا نهائية.
لكن أهمها أن الأول حمل لقب نوري السعيد، على الرغم من موته التعيس؛ أما الثاني فقد حق عليه لقب نوري التعيس، على الرغم من سعادته العجيبة بفن القتل الجماعي، وعلى الرغم من جهلنا الطريقة التي سيقرر بها ضحاياه رد الجميل اليه.
ترى هل سيمتد بنا العمر لنشهد ولادة نوري ثالث، نوري يكسر واحدية الرئاسة، نوري يجمع، في وحدة ديموقراطية فريدة، بين ما قبل السقوط وما بعد السقوط، بين السعادة والتعاسة، بين العمامة والشورت، بين الحجاب والبكيني، بين الأميركيين والبريطانيين، بين الصحوة والنوم، بين ولاية الفقيه والولايات المتحدة الأميركية!



#سلام_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صولات الدم العراقية
- نقد المثقف الشيوعي.. فخري كريم نموذجاً.. الديموقراطيّة للاحت ...
- نقد المثقف الشيوعي.. فخري كريم نموذجاً.. تعبئة وتعميم الشر: ...
- نقد المثقف الشيوعي.. فخري كريم نموذجاً.. الشيوعية السحريّة أ ...
- نقد المثقف الشيوعي.. قيادة (طريق الشعب): فخري كريم نموذجاً.. ...
- نقد المثقف الشيوعي.. قيادة (طريق الشعب): فخري كريم نموذجاً.. ...
- نقد المثقف الشيوعي ..مخيلة العنف، من النفسي الى السياسي وبال ...
- نقد المثقف الشيوعي..فوضى اللغة والبواعث النفسية للعنف الثقاف ...
- نقد المثقف الشيوعي.. من ديالكتيك ماركس الى جدلية رامسفيلد
- نقد المثقف الشيوعي
- محاكمة الأدب الفاشي عالميا
- إنهم يصرعون الله بالضربة القاضية
- تحالف الحكّام الشيعة والكرد: شراكة وطنيّة أم زواج متعة؟
- عراقي في لوس انجلس .. الحلم الأميركي والكابوس العراقي
- المذبحة الأخيرة على الأبواب: معركة كركوك
- قميص بغداد!
- الثقافة بين الإرهاب وديموقراطية الاحتلال
- زورق الأزل! من أساطير عرب الأهوار في جنوب العراق
- شهداء للبيع! البحث عن رفات الشهيد كاظم طوفان
- من أوراق مثقف عراقي من سلالة اليانكي


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سلام عبود - من نوري السعيد الى نوري التعيس