|
لا أرخص من أن تكون صحفيا
عزيز باكوش
إعلامي من المغرب
(Bakouch Azziz)
الحوار المتمدن-العدد: 2268 - 2008 / 5 / 1 - 08:36
المحور:
الادب والفن
يمشي الهوينى في الشارع العام ، ذاكرته تعتمل بألف سؤال وهم ، اقتعد كرسيا بمقهاه المفضلة ، شرب مقالات ، وتصفح فناجين الشارع العام ، فيما عيناه زائغتان مثل مساحتي زجاج مخبولتين. الحسناوات المتحجبات على طريقة إقرأ من الأعلى وروتانا من الأسفل ، يعبرن الى الضفة الأخرى بالكعب العالي فوق أزهار حديقة حديثة التكوين . كان المرشدون المزيفون ، يتسلقون أمام عينيه أكتاف سياح عجزة ، ويحتكون بلذة مع أجساد مترهلة لعجائز طاعنات قادمات من بلجيكا وهولندا ، يتدفقن بغزارة هذه الأيام على فاس العريقة وهي تندب 12 قرنا من تاريخها . أما باعة السجائر والمعجون والمخدرات المصنفة وخارج التصنيف ،من القاصرين فهم يجوبون الأزقة والدروب بدراجات هوائية ،تمزق المساحات الخضراء ، وتعبث كما تشاء بكل جميل ، ويستطلعون أروقة المقاهي الفارهة مثل سلاحف مذعورة بحثا عن زبون 5 نجوم ، ونسخ الكلمات المتقاطعة من الوجهين تتماوج بين أصابعهم الكسلانة التي لم تحمل قلما منذ الولادة . الصعاليك ، والمتقرقبون وشمكارى الاحواز الذين يتدفقون كل صباح مجانا ، وحدهم السادة ، فحريتهم لا تضاهى ، وحقوقهم الإنسانية تطبق بلا ضوابط ، إذ بإمكانهم فعل أي شئ أمام الملا ، احتساء فناجين القهوة والعصائر من طاولات المقاهي المنتشرة على جنبات الشارع العام عنوة ، سرقة محافظ الفتيات كما لو كان ذلك واجبا وطنيا ، وحينما لا يجدون ما يرغبون فيه ، يلقون بالمحافظ في وجوه أصحابها في شراشة قل نظيرها. هذه فاس العالمة ، فاس الصوفية و والروحية التي لا يستقيم تاريخها إلا وهي مزدانة بصور ومشاهد تؤذي العين ، أكياس القمامة السوداء ترصف الممرات والمطاعم الشعبية بها كما لو أنها جزء من ديكورها العام ، والمتسولون يتصرفون بغباء ويهتكون صفاء الحياة بممارسات بشعة ، بما في ذلك مضاجعة المتسولات في حالة صعبة نهارا ، التبول على المآثر والأسوار التاريخية ، والاغتسال بشلالات النافورات المتناسلة على امتداد تراب فاس ، والنوم بأبواب المؤسسات التعليمية او التغوط سيان. ويسركلون ركضا في الشوارع والمسالك بلا فرامل ، مثل قطار اعور. في لحظة سمع صوتا يناديه --دقيقة من فضلك؟؟ --تفضل... --الأخ صحافي ؟؟ تمتم بعد ان اختزل كل التفاصيل --متعاون --..اي نعم؟؟؟؟ --لدي موضوع ارغب في بسط تفاصيله ، وأود لو تكون لي أذنا صاغية. --المقهى أفضل ، أليس كذلك ..قال . رشف جرعة من عصير كوكتيل كما لو لم يتذوقه ، طوال حياته .وقال للصحافي بنبرة المشتهي للكلام : أنا أستاذ ، تزوجت قبل أربع سنوات ، حصلت على قرض لمدة 18 سنة من اجل اقتناء سكن ، ولما كان العمارة قريبة من حماتي ، فقد فضلت زوجتي السكن بالمنطقة ، والتي لا تبعد عن والدتها إلا بحوالي 20 مترا ، ولسوء الحظ ، كانت مجاورة لواد حار غير مغطى ، الملفت سيدي الفاضل ، أن الواد الحار تحول الى مستنقع فيما بعد ،وبتنا نستنشق هواء ملوثا ، كان يحدثني وكأنما يحمل تفوض 5000 آلاف من ساكنة حي الزهور، المقام حديثا على مساحة تضاهي 20 هكتارا . وأسهب المسكين في شرح تفاصيل المعضلة ، فعلى مدى السنوات الأربع ، ظل يحشد الآراء ، ويعد العرائض ويقدم الالتماسات الى رجا ل السلطة بمناسبة او بغيرها ، من غير أن يكون لمسعاه اثر. وأخيرا ، فضل الالتجاء الى الصحافة. وختم مسعاه بالعبارة التالية -- البريد عندنا مرتبك هذه الأيام ، وتودد لو أن الصحافي أرسل الشكاية بالبريد المضمون حتى يتأكد من وصولها ، أما الصحافي فقد هزهز رأسه ، في إشارة الى موافقة بلا شروط ، مما شجع الأستاذ على القول : -- عندما ينشر الخبر بجريدتكم ، الرجاء الاتصال بي فورا ، أو أقل لك ، احجز لي نسخة ، أو نسختين " ثم دون رقم هاتفه الثابت والمحمول في عجالة كنجم من نجوم السينما ، ثم شكر الصحافي بحرارة . و انصرف . قال النادل وهو يرد الصرف مبتسما -- قصدك الله هذا الصباح ؟؟؟ حرر الزميل الشكاية بضمير ، وأرسلها بالبريد المضمون ، الى القسم الاجتماعي كما اتفق ، ولأسباب غير مفهومة ، استجابت الجريدة لنشره في اقل من أسبوع ، ربما تحت ضغط مكالمتين محمولتين للتذكير ، كما يحصل في العديد من الأحيان --آلو ..الأستاذ ك.ك . حياك الله أخي ، مشكلتك ...، المقال.. نعم..نعم... نشر اليوم ، الرجاء اقتناء نسخة من الجريدة " قال الصحافي بفرح . وبعد ان ذكر اسم الجريدة، ت.ش.ق.ش. وعنوان المقال ، " حي الزهور لا يحمل منها سوى الاسم " ورقم الصفحة 6 . ودعه. على أمل اللقاء بعد يومين . لكن الرد من الطرف الآخر جاء عاجلا و حاسما --صديقي ، عذرا، الرجاء حجز نسخة من الجريدة أو نسختين حتى ، إنني في مهمة خارج المدينة ، سأعود بعد يومين . أشكرك . عزيز باكوش
#عزيز_باكوش (هاشتاغ)
Bakouch__Azziz#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المدرسة المغربية :انجازات حقيقية واختلالات ما تزال قائمة
-
الإعلام العربي ..تلك الصورة النمطية
-
تقرير في تسع كلمات لاحتلال الشرق العربي
-
الأمريكي لا يبكي على شاشة التلفزة.. لماذا؟
-
عاهات الكترونية2/12
-
تبرع للموقع ..
-
الشاعر المغربي بوجمعة العوفي يطرز البياض الذي يليق بسوزان
-
حوار مع الدكتور الحبيب ناصيري باحث في الخطابات الفنية حول ال
...
-
لغة شعرية راقية معتمدة في الدورة الخامسة من المسابقة الشعرية
...
-
عاهات الكترونية..1/12
-
الكاميرا المُواطِنة متسع لحفز السلوك المدني
-
-الكفايات التواصلية اللغة وتقنيات التعبير والتواصل-
-
ليل الغربة – جديد الشاعر والزجال المغربي محمد اجنياح
-
حتى لا يكرر العرب أخطاءهم التاريخية
-
الدجل ، الترفيه، الإباحة ثلاث فرامل تعيق تطور الإعلام الفضائ
...
-
غزة أولا....ياولدي /يتبع
-
- مسارات- العابر للقارات
-
الإعلام العربي الفضائي يشبه نبتة -الخس- ثلث أرباعها للرمي في
...
-
شذرات مالحة
-
-علامات تربوية- رصد الحكامة وآفاق الإصلاح التربوي بالمغرب
المزيد.....
-
فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ
...
-
انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا
...
-
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة
...
-
الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف
...
-
حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال
...
-
الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
-
الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم
...
-
الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
-
أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم
...
-
-جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|