أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فاطمة ناعوت - السوبر قارئ














المزيد.....

السوبر قارئ


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2268 - 2008 / 5 / 1 - 11:03
المحور: كتابات ساخرة
    


فوق مكتبك وتحته، على سريرك، في الحمّام، وفوق طاولة المطبخ، تطاردُك أكوامٌ متراصةٌ، تخزُ ضميرَك لأنك بعد لم تقربها، مما لا يجوزُ ألا يُقرأ، من أمهات الكتب وتراث الإنسانية. عدا العناوين التي تصدر كل يوم في شتى بقاع الأرض. متى تشتريها ثم تتحايل بعدئذ لبرمجة وقت قراءتها؟ لم ينجُ أحدٌ من هذا! ولذا لابد أن تبتسم وأنت تطالع كتابًا صدر مؤخرا، بقلم بيير بيراد Pierre Bayard بروفيسور الأدب الفرنسي، عنوانه “How to Talk about Books you haven’t Read”، "كيف تحكي عن كتب لم تقرأها؟" في البدء ظنَّ الناسُ أنه كتابٌ مازحٌ يسخر من مدعيي الثقافة الذين يريدون الحُسْنييْن: الكسلَ والوجاهة. الكسلُ عن القراءة، وفي الوقت ذاته مقارعة المثقفين حول كتب لم يقربوها. لكن المفاجأة أن الكتابَ بالفعل يبشّر بعدم القراءة، بل ويطرح "الوصفةَ السحرية" للمعادلة المستحيلة: الجهل+ المعرفة! ولا عزاء لمن يفنون أعمارهم في القراءة لبناء أدمغتهم ويدفعون لقاءَ ذلك الحرمان من مباهج الحياة المتاحة لغير القارئين.
أراكَ ترمقُ الآن مكتبتك العالية وما فوقها من كتب تنتظرك، فتهمهم أنك تحتاج أعمارا فوق عمرك لكي تصيبها. تتناول كتابا في الفلسفة وتعرف أن قراءتك إياه تعني عدمَ قراءتك مئات الكتب في الرياضيات والفلك والشعر والاقتصاد والقانون... ذاك أن قراءةَ كتابٍ هي إقصاءٌ لملايين الكتب الأخرى. وتلك محنةُ القارئ أبدا. وهي ما حاول بيراد الإطاحة بها بحل جدّ بسيط. هو "الإقصاءُ الجمعيّ" للكتب. يقول إن "الحكمةَ" تقتضي عدم قراءة الكتب، وبهذه الطريقة سوف تعرفها أكثر مما لو قرأتها! يستشهد المؤلفُ بإحدى شخصيات رواية النمساوي روبرت موسيل "رجلٌ بلا خِصال" “Man without Qualities”، وهو للمفارقة أمين مكتبة، لم يقرأ كتابا من ملايين العناوين من حوله. لكنه قرأ قوائمَ الكتب وفهارسها وحسب. نظريته في ذلك أن حبَّه الجمَّ للكتب يجعله غيرَ قادر على مقاربة أحدها على حساب الملايين الأُخر! لذلك تقتضي "العدالةُ" أن يهجرها جميعا. ينصحك بيراد أن "تقشد" skim الكتاب بدلا من قراءته. تمر على فهرسه وربما ما كُتب حوله، ثم تنسج قصصا حول ما قرأته ونسيته! وإذا ما فشلتْ كلُّ تلك الحيل بوسعك الحديث عن نفسك وكيف اخترقك الكتاب (الذي لم تقرأه)، أو كيف لم يخترقك!!
تحاولُ الآن أن ترسمَ صورةَ الرجل الضدَّ لبطلنا. السوبر قارئ الذي قُدّر له أن يقرأ (كل) تراث الإنسانية، من كتب علمية وأدبية وفكرية وفلسفية وقانونية وبيولوجية ومحاسبية ونقدية وفيزيائية وموسيقية وهندسية وتشكيلية وتراثية وعَروضية ونحوية وتاريخية وسياسية وهلم جرا. مَن يا تُرى هذا الرجل الاستثنائي الذي قرأ: "رأس المال، الزمن الضائع، ميلتون، زرادشت، أبو نواس، نسبية آينشتين، هندسة إقليدس، التفاضل والتكامل، الكوانتم، قوانين نيوتن، فاوست، بلزاك، ديكارت (الرياضي والفيلسوف)، المعرّي، لافونتين، المثنوي، إبسن، مروج الذهب، بديع الزمان، بوكاشيو، فولتير، إخوان الصفا، ابن خلدون، أنشودة التوحيد، الحيوان، الأمير، النبيّ، كونفوشيوس، مونتسيكيو، داروين، النفّري، شكسبير، باسكال، محمد إقبال، وعشرات غيرهم!!! لابد أن عمر هذا الرجل عشرة آلاف عام، ولابد أن عقله موسوعيٌّ علمُ-أدبيّ يفوق عقول كل من قرأهم مجتمعين، ولابد أنني لو التقيته يوما سأركعُ أمامه وأقعُ في غرامه دون قيد ودون شرط!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عينا الأبنودي
- اِصمتْ حتى أراك!
- كلام شُعَرا...!
- أنفي والجيرُ المبتّل
- الجميلُ الذي أخفقَ أن يكونَ عصفورًا
- بالطباشير : عزيزي الله، من رسم الخطوط حول الدول؟
- بالطباشير: آخرُ مُعتزلةِ هذا الزمان
- بالطباشير:يا باب الورد، حِصَّة وين؟
- الشَّحّاذ
- بالطباشير: -سُرَّ مَنْ رآكِ- أيتها الغيوم
- بالطباشير: يحدثُ هذا، وشكرا لفلسفة المصادفة
- بالطباشير: أنا الأديبُ الألْمَعيُّ مِنْ حَيِّ أَرْضِ المُوصِ ...
- بالطباشير: اِسفكسيا الجمال
- قطعة من الفراغ-قصائد إيميلي ديكينسون
- صقيعٌ لم يَحُلْ دونه أحد
- الدينُ لله، فهل الوطنُ للجميع؟
- بالطباشير: لفرط حضورِكَ، لا أراك!
- بالطباشير: عِقابُ المرايا
- بالطباشير: يا قمر على دارتنا
- بالطباشير: عمتِ صباحًا يا استاطيقا القبح


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فاطمة ناعوت - السوبر قارئ