أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - امجد نجم الزيدي - تعدد مستويات الثيمة في رواية(درب الحطابات) للكاتب حسين الهلالي















المزيد.....

تعدد مستويات الثيمة في رواية(درب الحطابات) للكاتب حسين الهلالي


امجد نجم الزيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2267 - 2008 / 4 / 30 - 09:00
المحور: الادب والفن
    


ظهرت الكثير من التجارب الروائية في العراق، والتي أغنت السردية العراقية بأشكال جديدة ومحاولة بناء أساليب مختلفة، وتمايزت هذه التجارب واختلفت في أبنيتها الخاصة، بيد إنها أبقت على الوحدات والتراكيب السردية واحدة، وإن تفاوتت في درجة تركيزها وظهورها، ومرد ذلك إلى الآلية التي يحاول بها النص اجتراح خط منفصل ومستقل عن تلك التجارب، وهذا التفاوت في درجة التركيز هو الذي يعزز النسق البنائي العام للنص، فالشخصية والمكان والزمان وغيرها، هي وحدات سردية مهمة يستطيع من خلالها الكاتب أن يوجه نصه باتجاه الرؤية التي يتبناها النص، والتي تظهر من خلال وجهة نظر السارد، والتي تؤثر تأثيرا كبيرا على البناء السردي وعلى مجريات الأحداث في الرواية، وتشترك الوحدات السردية جميعها في تعميق تلك الرؤية، والنهوض بها، وجعلها واجهة اشارية تتوالد من خلالها البنيات السردية الصغرى، التي هي مسارب تنبع وتصب من وفي البنية الكلية لتلك الرؤية.
وهذه الرؤية العامة التي تتسرب إلى النص من خلال السارد، وهو السارد العليم في رواية( درب الحطابات) للكاتب حسين الهلالي، والصادرة عن دار بنت الرافدين 2007، تستظل بالثيمة القصصية للرواية، وما واجب الرؤية إلا توجيه السرد باتجاه تعميق وتعزيز تلك الثيمة.
وثيمة رواية (درب الحطابات) لها مستويين بنائيين: الأول ظاهر مرتبط بالأحداث والشخصيات، ارتباطا مباشرا وفي الكثير من الأحيان، ارتباطا مفصليا. حيث إن هذا المستوى للثيمة يختزل بوحدة بنائية واحدة، ويجمع كل مسيرتها الارتقائية داخل الرواية قبل وبعد لحظة السرد، أي تجسيدها في مستوى الخطاب السردي أو في المبنى الحكائي للنص يكون هذا المستوى الأولي للثيمة مسببا مباشرا بوقوع الحدث أو مولد له. أما المستوى الثاني فهو مستوى مضمر، يختفي ويتجنب المواجهة المباشرة مع الحدث القصصي، وهذه الثيمة المضمرة هي من مدلولات الثيمة الأولية المباشرة، بيد إنها تتخفى حتى لاتفضح وجودها المستتر، لتخلص الفعل أي الحدث القصصي من آنيته المباشرة وتقوده إلى الفعل الوجودي الخلاق.
تنبني أحداث الرواية انطلاقا من هذين المستويين البنائيين للثيمة، بيد إن الأولى هي المحرك الرئيسي لكل الأحداث، وتظهر نقطة الجمع بين هذين المستويين، والتي يعطي بها المستوى الثاني المضمر للثيمة، إشارة إلى وجوده وهي (حادثة الغناء في الدكان ورفض ضامر للنقود)، فهي المفصل الحقيقي الذي ربط بين هذين المستويين، بعد أن كان الأول هو المسيطر منذ بداية الرواية والتي تظهر في هذا الاقتباس (خرج الصبي ضامر وصديقه عبد الجبار من أزقة القصبة يهرولان واجتازا أرض النهر الخالي إلى الجهة الثانية منه، ولم يثر جريهما فضول النساء والرجال الواقفين قرب الآبار لأنهما صبيان دائما الحركة والتجوال وهذه سماتهما وسمات أقرانهما، اعتلى ضامر الضفة الثانية من النهر وتبعه عبد الجبار هو الأخر يسحب أنفاسه بصعوبة بالغة. قال ضامر: اسرع يا عبد الجبار يوشك جبر ان ينهي غناءه)صــــ5، ويظهر من خلال هذا الاقتباس إن المستوى الأول للثيمة، وهي الغناء، هي التي قادت بصورة مباشرة إلى حدوث هذا الفعل، أو الحدث، وهو حدث الجري /الركض للحاق ب(جبر المغني)، والذي يمثل المستوى الثاني، وهو الفعل الإبداعي الخلاق، الذي يظهر في هذا الموضع وموضع ثاني، وأخر مستعاد عن الثاني، حيث ينتقل الغناء الذي هو مولد الفعل في المستوى الأول للثيمة، إلى المستوى الأخر عندما يصبح هو المحفز والباعث والمشارك في الفعل الوجودي الخلاق، وهو إيصال الماء إلى القرية العطشى والنهر الخالي، أما كيفية الجمع بينهما، وظهور المستوى الثاني المضمر للثيمة كمشارك، وذلك بأن المستوى الأول للثيمة تحقق أولا، وهو الذي حرض على حدوث الفعل، أو الحدث القصصي كما هو ديدنه منذ بداية الرواية من خلال فعل الركض وما تلاه من أحداث، وأيضا فعل الغناء داخل الدكان، بيد إن غناء(جبر المغني) المقترن بعمل الفلاحين، ورفض (ضامر) للنقود في الحدث الآخر، قاد إلى أن الحدث القصصي في غناء(جبر المغني) ساير المستوى الأولي للثيمة ولم يظهر المستوى الآخر المضمر مشاركا فعليا في حدث الركض – أي ركض ضامر- بينما في الحدث الثاني وهو رفض ضامر للنقود، اصتدم الحدث ليس بالمستوى الأولي للثيمة وهو المحرض على الفعل، وإنما بدالة متولدة منه ولكنها متخفية لارتباطها بثيمة الفعل الخلاق، أي التجرد من المادة الدنيوية إلى استشعار السمو، المرتبط بهذا الفعل، وبعد ذلك يختفي هذا المستوى المضمر، وإن يعود بصورة مستعادة عندما يصبح(ضامر) رجلا وفي مكان أخر وهو(باب الشطرة) في مدينة الناصرية، ولكنه فعل مستعاد معتمد أصلا على هذا الحدث المركزي.
يبقى المستوى الأولي للثيمة هو الذي يبني مجريات الأحداث في الرواية، أما المستوى الثاني فيكون بعيدا عن المواجهة المباشرة، لكنه بالحقيقة احد محركات الحدث القصصي، الذي يتنامى ويتفرع من مجرد رد فعل تولده الثيمة القصصية، وتموضعه رؤية السارد إلى اتجاهات عديدة ومتفرعة، ومنها ما يجتمع مع وحدات السرد الأخرى في تعزيز الدلالة وتوليد دلالات إضافية، حيث إن الثيمة المولدة للفعل تتضافر مع بنية المكان وتنمو معه، باتجاه تعزيز الثيمة ، حيث إن حضور المستوى الأول للثيمة هو الذي يعطي قيمة وجودية للمكان، وذلك يظهر بصورة جلية وواضحة عند انتقال عائلة حسن والد ضامر من (الغراف) إلى (بدرة) التي اختفى فيها المستوى الأولي للثيمة المولدة للفعل، فاختفى المكان أيضا، ولم يظهر إلا بصورة عابرة، حيث لم يتجسد لنا بصورة واضحة، وإنما اكتفى السارد بالإشارة إليه إشارة سريعة ومقتضبة، وهذا الاقتباس في صفحة(35) من الرواية يرينا الارتباط الحقيقي بين المستوى الأولي للثيمة والمكان( يأخذه الحنين إلى خاله ملا عبيد والى دارهم وصديقه عبد الجبار والفلاحين وأهازيجهم وغناء جبر وسيد موسى وحسن قفطان، تلك الأجواء الموحية لم تكن لها أي صلة هنا بهذه الأجواء ولا يوجد شيء يشد الشخص إليه بشكل حقيقي وصادق، لذلك أخذ يميل إلى الرحيل إلى أهله ومدينته القروية مهما كلفه الثمن من تضحيات)، وعندما حضرت هذه الثيمة- أي الثيمة المولدة للفعل- في الطريق بين الكوت والغراف، تولد الحدث القصصي المقترن بالفتاة وأمها في القارب في الصفحات(40، 41، 42) من الرواية، والذي تعزز بصورة أكثر وضوحا في الصفحات (91، 92، 93، 94، 95) من الرواية، وهي لقاء (ضامر) بالفتاة مرة ثانية في مدينة الحي في الطريق الى بغداد.
أما الأمكنة الأخرى ومنها ( الغراف) ( سويج آل حواس) الذي يعتبر من أهم الأمكنة في الرواية، ويرتبط ارتباطا وثيقا بالثيمة القصصية، وتنامي الأحداث، حيث يمثل هذا المكان مركزا ارتبطت به جميع الأمكنة الأخرى داخل الرواية ( قرية الشيخ ساكت، الكوت، الناصرية، البصرة)، حيث تمثل كل واحدة منها نافذة تطل منها الثيمة القصصية على مساحات و فضاءات أخرى، بيد إن المكان الأول وهو الذي يمثل الرحم الذي تكونت فيه بذرة الثيمة، والمرتبطة ارتباطا قويا به، وأيضا فهو يعتبر الرابط لمجمل أحداث الرواية، ، من خلال الفعل الوجودي المتماهي، حيث المكان – الغراف - لا يمثل الحاضنة للحدث فقط، بل انه ينزل ويشارك الشخصيات وجودها الحقيقي، بيد إن الأماكن الأخرى، لا تظهر هذا الفعل الوجودي للثيمة بل إنها تتمثل وجودها كتعزيز لها، وكآلية لأجتراح الحدث، بيد إن هناك مكان أخر له دور فعال في بناء النص وتعزيز ثيمته وهو ( درب الحطابات) الذي أخذت الرواية تسميتها منه، وهو يعتبر مرتكز بنائي مهم في بناء النص، وذلك لأنه خرج من توصيفه المكاني إلى توصيف آخر مجاور، وهو التوصيف الزماني، حيث لو أخذنا أحداث الرواية ورتبناها على أساس ماقبل ومابعد المرور من هذا الدرب أو الطريق، أي قبل وبعد أن أصبح ( ضامر) بائعا متجولا، لرأينا مدى التحول في الأحداث، والتي أخذت اتجاهين:
• الاتجاه الأول نحو العلاقة العاطفية والحب بينه وبين ( حسيبة) وما تحمله هذه العلاقة من دلالة، ممكن أن توسع العلاقات البنائية للنص وتعقدها.
• أما الاتجاه الثاني فهو الوعي السياسي الذي تمثل بالبطنجة كما رويت في مضيف الشيخ ( ساكت)ص48، وأيضا ظهور شخصية (حميد المجنون) الذي كان احد الثوار وقتل الانكليز حبيبته( حسنيه).
وهذا يدعونا إلى الربط بين هذين الاتجاهين من خلال كلام المجنون الذي يرفض الاعتراف بموت حبيبته، ويعتبرها مخطوفة من قبل الانكليز، وما يحمله ذلك من دلالة واضحة، وارتباطها بقصة ( ضامر وحسيبة) ونرى مدى التقارب بين الاسمين ( حسيبة وحسنيه).
أما شخصيات الرواية الأخرى فهي شخصيات ثانوية في اغلبها مرتبطة بالشخصية الرئيسية وهي (ضامر)، وتتوالد هذه الشخصيات انطلاقا منها واليها حيث تظهر شخصيات مثل ملا عبيد، وحسن قفطان، وسيد موسى، وعبد الجبار وغيرهم، كخلفيات تساعد وتمد شخصية ( ضامر)، بأسباب البقاء والنمو، فهي وأن تصدت للظهور في بداية الرواية، فما ذلك إلا تهيئة وتخليق للشخصية الرئيسية وهو (ضامر)، اما الشخصيات الأخرى مثل شخصية ( الشيخ ساكت، وثامر العلوان، وأبو كاظم والحطابات) فهي شخصيات لم توجد سابقا إلا بفعل احتكاكها بالشخصية الرئيسية، أي إنها شخصيات متولدة من الشخصية الرئيسية، وليس لها وجود بدونها، وهناك شخصيات ثانوية أوجدها سياق معين داخل النص، أريد بها تعزيز جوانب أخرى من الشخصية، وهذه الشخصيات ليس لها وجود خارج هذا السياق، مثل شخصية( جياد وجماعته) و شخصية ( نشيده السحارة) وكذلك فتاة القارب.



#امجد_نجم_الزيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة العراقية واشتراطات المرحلة
- هل نحن حقا بحاجة الى الثقافة الرقمية
- ثلاث قصص قصيرة جدا
- ( شراع لمركب الخريف ) وتعميق الاثر التراجيدي
- العدد الاول من جريدة (المرسى) وتعزيز ثقافة الوطن
- فليحة حسن وأختزال التجربة الانسانية
- انشطارات النص والوحدة الدلالية
- القصة القصيرة في متنها التشكيلي
- التناص واستراتيجية النص قراءةفي نص(وساخات ادم) للقاص علي الس ...
- قراءة في نص(الستون) للقاص محمد خضير
- اسئلة الصنعة الثقافية
- قصص قصيرة جدا
- منتدى الشطرة الابداعي يوقد شمعته الاولى
- اليوتوبيا والمدينة المفارقة
- النص وموشور التاريخ قراءة في (شارع الزواج في لجش)
- الذكرى وفعل التذكر قراءة على استار المدن
- بنى المكان والزمن الاستعادي
- القصة القصيرة وزمكانية السرد
- العنوان...قراءة في نسق مغاير
- الرحيل


المزيد.....




- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - امجد نجم الزيدي - تعدد مستويات الثيمة في رواية(درب الحطابات) للكاتب حسين الهلالي