أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - كلام شُعَرا...!














المزيد.....

كلام شُعَرا...!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2266 - 2008 / 4 / 29 - 09:32
المحور: حقوق الانسان
    


الحمدُ لله، أعلنتْ إسراءُ التوبةَ. قررتْ أن تكون بنتًا مهذبةً لا تتدخل فيما لا يعنيها. ما لها هي ومال الجوع والفقر وطابور الخبز والموت على جانبيه؟ بعد حبسها ستغدو البنتُ "مواطنا صالحا" لا يتكلم في السياسة ويترك البيتَ لربِّ البيتِ. فللبيتِ ربٌّ يحميه. ستترك "العِيش" لخبّازه، والسياسةَ لأهلها من رجال الحكومة الذين يسهرون على أمننا وراحتنا. يجوعون حتى نشبع، ويَأْرقون حتى ننام. فلِمَ نَدُسُّ أنوفنا في أعمالهم فنزعجهم؟ بدلا من أن نساندهم وندعو لهم بالسداد وطول البقاء، أو على الأقل نتركهم يؤدون أعمالهم في هدوء.
إسراءُ تعلّمتِ الدرسَ وتركت ما لقيصرَ لقيصرَ. عرفتْ أن كُلاًّ "مُيسّرٌ لما خُلقَ له". فمثلما خُلقتِ الوردةُ لتضوع بالعطر، والنحلةُ لتجودَ بالعسل، والعصفورُ ليصدحَ ويهبَ الكونَ جمالا، ومثلما خُلقَ العلماءُ ليخترعوا ما يفيد البشرَ، والطغاةُ ليقطفوا رءوسَ أولئك البشر، فإن الساسةَ خُلقوا لكي يسوسوا الشعوبَ ويفكروا لها، وأما الشعوبُ، العربية حصريا، فقد خُلقت لكي تسمعَ الكلامَ وتطيع اللهَ ورسولَه وأولي الأمر منهم.
في الثمانينات قالوا لنا: ممنوع الكلام في السياسة! وقلنا طيب، بس هوّ رغيف العيش ده مش سياسة؟ منتكلمش عن رغيف العيش؟ ولم يقتنعوا أن الرغيفَ صلبُ السياسة. ولم نقتنع أن الرغيف مش سياسة. لكن سكتنا. لأن "قانون العيب" علّمنا ألا نناقش، بل نُصيخُ السمعَ ونقول حاضر.
لكن عصرا من الحريّات قد أشرق. فغدا في مقدرونا أن نتكلم وأن نكتب في الصحف آراءنا دون خوف. حتى أنني أكتبُ الآن هذا الكلام العبثيّ "اللي لا يجيب ولا يودي" دون أن أجهّز حقيبتي للاعتقال. قلْ ما تريد وقتما تريد. لكن السياسةَ شيء آخر غير ما يكتبه الناسُ وغير ما يريده الناسُ، وما يحلم به الناسُ. السياسةُ هي "فنُّ الممكن"، لا فنَّ المفترضِ والصحيحِ والجميلِ. الصحيحُ والجميلُ هذا كلام الشعراء الحالمين. الشعراءُ يحلمون ألا يجوعَ أحدٌ، لكن الساسة يقولون إن مُدخلات الدولة قليلةٌ والأفواهَ كثيرة. ونحن نصدقهم لأنهم لا يكذبون. وبالتالي لابد أن تجوعَ هذه الأفواه الكثيرةُ حتى تشبعَ أفواهٌ قليلةٌ معدودة، هي على الأرجح أفواهُ أولئك الساسة. لأنهم لابد أن يشبعوا حتى يقدروا على التفكير في صالح هذا البلد الآمن وهذا الشعب الطيب.
الشعبُ المصريُّ الذكيّ يعرف كيف يحلُّ أزمة الغلاء الطاحنة. ليس بالإضراب ولا بالثورة. الشعبُ يُخلًّصُ نفسَه بنفسِه (من نفسِه). سائقُ التاكسي يضاعف أجرته على الموطن، والمواطنُ يفعل الشيء ذاته مع كل مواطن. الطبيب أيضا، والمهندس والإسكافيّ، والجزار...، الزوجُ يقتّر على زوجته، والأم تحرم أطفالها، والأطفالُ المحرومون يغارون من زملائهم الموسرين. والموسرون يعطفون على المحرومين، أو لا يعطفون، هم أحرار! الناسُ يتجهمون ويتعاركون ويقتلون، فينفثون غضبهم. تخرج طاقةُ الحنق، منهم، إليهم.
أحد الكائنات الحية حين يداهمه الخطرُ يبدأ في أكل أعضائه حتى يتلاشى. ظاهرة يسميها البيولوجيون Self-destruction ، أو التدمير الذاتيّ. هكذا شعبُنا يفعل. يحلُّ مشكلة جوعه بالقضم من أول كتفٍ مجاورة. حتى يفنى الشعبُ وتنتهي أزمةُ الحكومة فترتاح وتنام. فنحن نزعجها ونقضُّ مرقدها بصراخنا. لذا سنهتفُ يوم 4 مايو: "مولاي وروحي في يدِه، قد ضيّعَها سَلِمتْ يدُه".



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنفي والجيرُ المبتّل
- الجميلُ الذي أخفقَ أن يكونَ عصفورًا
- بالطباشير : عزيزي الله، من رسم الخطوط حول الدول؟
- بالطباشير: آخرُ مُعتزلةِ هذا الزمان
- بالطباشير:يا باب الورد، حِصَّة وين؟
- الشَّحّاذ
- بالطباشير: -سُرَّ مَنْ رآكِ- أيتها الغيوم
- بالطباشير: يحدثُ هذا، وشكرا لفلسفة المصادفة
- بالطباشير: أنا الأديبُ الألْمَعيُّ مِنْ حَيِّ أَرْضِ المُوصِ ...
- بالطباشير: اِسفكسيا الجمال
- قطعة من الفراغ-قصائد إيميلي ديكينسون
- صقيعٌ لم يَحُلْ دونه أحد
- الدينُ لله، فهل الوطنُ للجميع؟
- بالطباشير: لفرط حضورِكَ، لا أراك!
- بالطباشير: عِقابُ المرايا
- بالطباشير: يا قمر على دارتنا
- بالطباشير: عمتِ صباحًا يا استاطيقا القبح
- بالطباشير: أنا أندهش إذًا أنا إنسان
- بالطباشير: شاعرةُ الأشياء الصغيرة
- أيُّ مسلمين وأيُّ شعراءَ يا شيخ يوسف؟


المزيد.....




- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق مستقل حول المقابر الجماعية في مس ...
- مخيمات واحتجاجات واعتقالات.. ماذا يحدث بالجامعات الأميركية؟ ...
- ألمانيا تعتزم استئناف التعاون مع الأونروا
- -طيور الخير- الإماراتية تُنفذ الإسقاط الـ36 لإغاثة سكان غزة ...
- إيران.. حكم بإعدام مغن أيد احتاجات -مهسا أميني-
- نداء من -الأونروا- لجمع 1.2 مليار دولار لغزة والضفة الغربية ...
- متوسط 200 شاحنة يوميا.. الأونروا: تحسن في إيصال المساعدات لغ ...
- -القسام- تنشر فيديو لأسير إسرائيلي يندد بفشل نتنياهو بإستعاد ...
- إيطاليا.. الكشف عن تعرض قاصرين عرب للتعذيب في أحد السجون بمي ...
- -العفو الدولية-: كيان الاحتلال ارتكب -جرائم حرب- في غزة بذخا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - كلام شُعَرا...!