أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عصام تليمة - البابا شنودة والمادة الثانية من الدستور















المزيد.....

البابا شنودة والمادة الثانية من الدستور


عصام تليمة

الحوار المتمدن-العدد: 2266 - 2008 / 4 / 29 - 09:29
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


هاج العلمانيون وبعض المسيحيين في مصر وماجوا، على المادة الثانية من الدستور المصري، والتي تنص على أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، زاعمين أن هذه المادة ضد مبدأ المواطنة، بل يتعارض تعارضا تاما معها، بل ربما ينسفها نسفا؟! وبداية نقول: إن هذا القول لا يصدر إلا عن واحد من اثنين: إما إنسان يجهل الإسلام جملة وتفصيلا، أو إنسان يشوه الإسلام، ويريد طمس معالمه وحقائقه جملة وتفصيلا.
لقد أجرت صحيفة وطني المصرية، وهي جريدة مسيحية، والتي لا يستطيع أحد أن يشكك في صحة ما ينسب فيها للبابا شنودة، فقد أجرت الجريدة حوارا مع قداسته، يوم الأحد الموافق: 27 إبريل 2008م ـ 19 برمودة 1724 ش ـ 21 ربيع الثاني 1429هـ. وقد سألته المحررة حول قانون الأقباط، وهو قانون ينظم الأحوال الشخصية، وبخاصة مسألة طلاق المسيحي لغير علة الزنا، فقال:
(لا‏ ‏نحب‏ ‏أن‏ ‏نظلم‏ ‏أحدا‏.. ‏ونحن‏ ‏نري‏ ‏أن‏ ‏الدولة‏ ‏انشغلت‏ ‏في‏ ‏السنوات‏ ‏الماضية‏ ‏بمناقشة‏ ‏مشروعات‏ ‏قوانين‏ ‏لا‏ ‏تحصي، ‏وصدرت‏ ‏كلها‏ ‏ماعدا‏ ‏قانون‏ ‏الأقباط‏.. ‏ونحن‏ ‏لا‏ ‏نحتج‏ ‏علي‏ ‏هذا‏، ‏ولكن‏ ‏أرجوا‏ ‏أن‏ ‏يهتموا‏ ‏بتحرير‏ ‏قانون‏ ‏الأحوال‏ ‏الشخصية‏ ‏لأنه‏ ‏سوف‏ ‏يجعل‏ ‏هناك‏ ‏توافقا‏ ‏بين‏ ‏أحكام‏ ‏القضاء‏ ‏وأحكام‏ ‏الكنيسة‏، ‏والإسلام‏ ‏نفسه‏ ‏يدعو‏ ‏إلي‏ ‏هذا‏: ‏إن‏ ‏أتاك‏ ‏أهل‏ ‏الذمة‏ ‏فاحكم‏ ‏بينهم‏ ‏بما‏ ‏يدينون،‏ ‏بل‏ ‏إن‏ هناك‏ ‏آية‏ ‏في‏ ‏القرآن‏ ‏تقول:‏ (‏وليحكم‏ ‏أهل‏ ‏الإنجيل‏ ‏بما‏ ‏أنزل‏ ‏الله‏ ‏فيه‏ ‏ومن‏ ‏لا‏ ‏يحكم‏ ‏بما‏ ‏أنزل‏ ‏الله‏ ‏فأولئك‏ ‏هم‏ ‏الفاسقون) المائدة: 47‏.. ‏ونحن‏ ‏لا‏ ‏نطالب‏ ‏بغير‏ ‏هذا‏.. ‏نحن‏ ‏نطالب‏ ‏بتطبيق‏ ‏آيات‏ ‏القران‏ ‏وليحكم‏ ‏أهل‏ ‏الإنجيل‏ ‏بما‏ ‏أنزل‏ ‏الله‏ ‏فيه‏).‏
ما قاله البابا شنودة في حواره هنا، هو رد مباشر على كل من اعترضوا على المادة الثانية، فقداسته قد فهم المادة جيدا، ولم يجدا تعارضا بينها وبين دينه وشريعته، لأنه يعلم أن الشريعة الإسلامية لا تفرض موادها على أحد من غير المسلمين، بل تتركه وحكم شريعته فيه، إلا إذا طلب غير المسلم الاحتكام إلى شريعة الإسلام.
وهذا الامر معلوم لكل دارس منصف للإسلام وشريعته، ففي كل مجالات التشريع لا يجبر غير المسلم على أن تطبق عليه شريعة الإسلام، بداية بالمأكل والمشرب ونهاية بالحدود التي يخوف العلمانيون المسيحيين منها عند التطبيق، ففي مسائل المأكل والملبس، ترك الإسلام لغير المسلم حرية الملبس والمأكل والمشرب إذا كان دينه لا يحرم عليه ذلك، في مقابل أن الإسلام حرم على أبنائه لبس الذهب والحرير على الرجال، ومع ذلك يسمح الإسلام لغير المسلم بأن يلبس الحرير والذهب، ما دام لا يوجد في دينه ما يمنعه من ذلك. وقد كان الأخطل الشاعر النصراني يدخل على عبد الملك بن مروان خليفة المسلمين، وعلى صدره صليب من الذهب، وتقطر لحيته خمرا. كما حرم الإسلام على المسلم أكل لحم الخنزير، وسمح بذلك لغير المسلم إذا كان دينه لا يحرم عليه أكله.
ومن إقامة النبي صلى الله عليه وسلم للحدود في دولة الإسلام، يتضح لنا أن هناك تفرقة بين ارتكاب المسلم للحدود، وبين ارتكاب غير المسلمين للحدود فيما بينهم، أو في خاصة نفسه، فمثلا: لو أن مسلما شرب الخمر فحده في الإسلام الجلد، ولو شربها غير المسلم وكانت شريعته تقضي بأن الخمر حلال، فليس للحاكم المسلم أن يقيم الحد عليه، وهذا باتفاق الفقهاء. فكل ما هو حلال في شريعة غير المسلم لا يعاقب عليه وإن كان حراما في الإسلام، ولو أن مسلما كسر زجاجة خمر لغير مسلم يفتي معظم الفقهاء بتضمينه، وعليه دفع ثمنها له، على الرغم من التحريم الشديد في الإسلام للخمر، وكل ذي صلة بها. وكذلك لو زنى غير مسلم بغير مسلمة فيحكم بينهما بشريعتهما لا بشريعة الإسلام، إلا إذا طلبوا هم حكم الإسلام فيهم، وارتضوه، على عكس لو زنى أو سرق غير مسلم مسلما عندئذ يطبق عليه شريعة الإسلام.
وهذا ما طبقه الرسول صلى الله عليه وسلم مع اليهود في تعامله معهم في الجانب الجنائي، فقد ترك لهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يقضوا في أمورهم الجنائية بشريعتهم (التوراة) ولم يفرض عليهم الشريعة الإسلامية، إلا إذا طلبوا حكمه، كما هو مشهور في حادثة سؤالهم له في جريمة زنى.
ومن مفاخر تراثنا في حضارتنا الإسلامية: أن وجدت كتب عنيت بالكتابة في التشريع الخاص باليهود والنصارى، فرأينا كتاب (المجموع الصفوي) لابن العسال، وهو كتاب في التشريع اليهودي، وكتاب (الأحكام الشرعية في الأحوال الشرعية) وكتاب (الخلاصة القانونية) وهما في التشريع المسيحي.
فعلى الأغلبية أيا كانت ديانتها أن تراعي حقوق الأقلية، وعلى الأقلية أن تحترم الأغلبية، وهذه هي أبجديات الديمقراطية، فليس من المقبول أن أجبر الأغلبية وألغي تشريعها، لصالح الأقلية، فما ذنبي كأغلبية مسلمة أن تنحي عن الحكم شريعة يطالبني ربي بالتعبد له بها، والامتثال لأوامرها ونواهيها، في مقابل أن شريعتي هذه لا تجبرك ـ كغير مسلم ـ على الامتثال أنت لها، بل تترك لك حرية اختيار الشريعة التي تدين بها!!
والعجيب أن هذا ما نطق به البابا شنودة حين قال في حواره مع جريدة وطني: (‏إننا‏ ‏نحترم‏ ‏القضاء‏ ‏ونوقره‏، ‏وأيضا‏ ‏في‏ ‏نفس‏ ‏الوقت‏ ‏نحترم‏ ‏ديننا‏ ‏وعقيدتنا‏، ‏ونلتزم‏ ‏بتعاليم‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس‏ ‏ولا‏ ‏نستطيع‏ ‏أن‏ ‏نخرج‏ ‏خارج‏ ‏تعاليم‏ ‏الإنجيل‏.. ‏تعاليم‏ ‏الإنجيل‏ ‏واضحة‏ ‏في‏ ‏ارتباط‏ ‏الطلاق‏ ‏بخطيئة‏ ‏الزنا‏، ‏وتحددت‏ ‏في‏ ‏أربعة‏ ‏نصوص‏ ‏واضحة‏ ‏جاءت‏ ‏في‏ ‏أناجيل‏ ‏متي‏ ‏ومرقس‏ ‏ولوقا‏ ‏ولا‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏نجامل‏ ‏فيها‏ ‏أحدا‏، ‏ولا‏ ‏نستطيع‏ ‏أن‏ ‏نزوج‏ ‏أي‏ ‏أحد‏ ‏طلق‏ ‏لسبب‏ ‏يخالف‏ ‏تعاليم‏ ‏الإنجيل‏ ‏وألا‏ ‏أصبحنا‏ ‏نحن‏ ‏الذين‏ ‏شجعناه‏ ‏علي‏ ‏الخطأ‏، ‏واشتركنا‏ ‏معه‏ ‏في‏ ‏الخطأ‏، ‏ونبقي‏ ‏مدانين‏ ‏بهذا‏ ‏الخطأ‏ ‏لأننا‏ ‏خالفنا‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس‏.. ‏إنها‏ ‏مسألة‏ ‏ضمير‏، ‏ومسألة‏ ‏عقيدة‏.) انتهى كلام البابا شنودة.
فهل هي مسألة عقيدة وضمير بالنسبة للبابا شنودة والمسيحيين وليست مسألة ضمير وعقيدة بالنسبة للمسلم؟! أعتقد أن المسألة باتت واضحة، أنها موقف غير مشرف لمن يتاجرون بهذه القضية من العلمانيين وبعض متعصبي المسيحية، وأنه تعصب أعمى لا غير.



#عصام_تليمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل ظلم الإسلام المرأة في الميراث؟!
- ضد من يمارس التمييز الديني: المسيحي أم المسلم؟!
- المشايخ والعمل بالسياسة
- إساءات المسلمين إلى القرآن
- سهير القلماوي.. ودروس للإسلاميين
- لماذا ظلمت بعض الكتابات الإسلامية غير المسلمين؟


المزيد.....




- حادثة طعن دامية في حي سكني بأمريكا تسفر عن 4 قتلى و7 جرحى
- صواريخ -حزب الله- تضرب صباحا مستوطنتين إسرائيليتن وتسهتدف مس ...
- عباس يمنح الثقة للتشكيلة الجديدة للحكومة
- من شولا كوهين إلى إم كامل، كيف تجمع إسرائيل معلوماتها من لبن ...
- فيديو:البحرية الكولومبية تصادر 3 أطنان من الكوكايين في البحر ...
- شجار جماعي عنيف في مطار باريس إثر ترحيل ناشط كردي إلى تركيا ...
- شاهد: محققون على متن سفينة دالي التي أسقطت جسر بالتيمور
- لافروف: لن يكون من الضروري الاعتراف بشرعية زيلينسكي كرئيس بع ...
- القاهرة.. مائدة إفطار تضم آلاف المصريين
- زيلينسكي: قواتنا ليست جاهزة للدفاع عن نفسها ضد أي هجوم روسي ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عصام تليمة - البابا شنودة والمادة الثانية من الدستور