أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميسون البياتي - برهان المفتي والموت الفجائي














المزيد.....

برهان المفتي والموت الفجائي


ميسون البياتي

الحوار المتمدن-العدد: 2264 - 2008 / 4 / 27 - 11:26
المحور: الادب والفن
    


برهان المفتي شخصية لطيفة جدا ويمتلك من دماثة الخلق ما يثير الإعجاب وذلك ليس غريبا على رجل جده كان مفتيا للديار العراقية في العهد الملكي ومن عمل هذا الجد الفاضل إكتسبت العائلة لقبها .
رغم هذا وأنت تتابع أعمال برهان , سواء رسوماته أو سكيجات الكاريكاتير المنشورة في الصحف وعلى المواقع أو كتاباته القصصية فإنك تواجه عقلية غير عادية , ذكاء مفرط , حساسية عالية , وقابلية على منح الأفكار صورا غير مألوفة تشد القاريء أو المتأمل وتمنحه الفرصة على إستخراج معاني عميقة من كلمات قليلة أو حركة غير مالوفة في صورة أو تخطيط .
قرأت له اليوم أقصوصة عنوانها ( موت فجائي ) حين تنتهي بعد دقيقتين من قراءة الأقصوصة يصير لديك يقين أن هذا العنوان هو عنوان ساخر .. لأن الموت المتحدث عنه , وهو موت العراقيين , موت مخطط له بعناية منذ زمن طويل .
يقول (( بدون مقدمات ، وجدت مياه الفيضان في غرفتي وأنا نائم )) نعم لقد فاضت الدنيا فجأة على كل العراقيين وهم غافلون لكن حظ برهان المفتي أنه إستطاع أن يقفز ( فوك الكنتور ) ويمد يده الى الماء ليلتقط سجلا حملته المياه من دائرة وفيات المدينة ليكتشف أن إسمه موجود في صفحة الموت الفجائي , غير أن ماء الفيضان كان قد محى تاريخ الوفاة .. فالفيضان الذي نحن فيه الآن ينسينا كم مرة متنا من قبل ,, وبقينا أحياءا ,, لنعيش أيام الفيضان البلهاء .
وانا أقرأ الأقصوصة .. تاملت حياتي الشخصية .. يا الله كم ميتتة مت فجاة ودون مقدمات .. حتى جاء الفيضان , فجعلني أمعن في تأمل تاريخي , لأجد أنني مت مرات عديدة .. وإسمي مسجل في سجل الموتى رغم ظني أني حية .. ولم أزل أعيش .
قيمة العمل الأدبي أو الفني الجيد .. أنه يفتح لك أبواب نفسك وعقلك وتفكيرك ويمنحك ليس الفرصة لتأمل مجتمعك وحده ولكن بفاعلية كلية يتركك تتأمل نفسك أيضا كعضو من أعضاء المجتمع الذي انت فيه . وقد نجح برهان المفتي في ذلك أيما نجاح .. في هذه الأقصوصة على الأقل .. دون إغفال أن مجمل أعماله تحمل مثل هذه المفاتيح الغريبة التي يناولنا ايأها برهان داعيا الى قلب الأشياء وإعادة تصفيفها لنكتشف صورا أخرى قلما رأيناها عن ذواتنا وناسنا .. وربما مطلقا لم نرها .
برهان المفتي ومبدعون كثيرون غيره يضمهم الشتات اليوم حيث لا رعاية ولا دعم ولا إهتمام , أغلبهم مزدحم بالإنكسارات , ومزدحم بمتابعة الفيز والإقامات وأسعار العملات التي يتكسر الدينار العراقي على عتباتها بمضاعفات فلكية , وحين تأتي لحظة الإبداع فغالبا ما تكون مشحونة بالتعب , بعضهم قل إنتاجه , وآخرون توقفوا ولن تدري .. هل البشرية بغير حاجة الى إنتاج مبدعيها ؟ كيف سنخرج من دائرة التقوقع الفكري اذا لم نمكن مبدعينا من إتيان ما عندهم ؟
رغم قصر الأقصوصة إلا أنها تزخر بصور الحرب التي إنحفرت عميقا في ذهن الجندي العراقي الذي كان مكرها عليها .. وهكذا نقرأ شيئا عن البدلة العسكرية والبسطال وتواقيع قلم الوحدة العسكرية على نماذج الإجازات .. ونعوش القتلى التي أخالها ملفوفة بالأعلام .. أيام رهيبة حفرت في اذهاننا اخاديدا لن تنطمس معالمها حتى بعد موتنا .
في الأقصوصة تجد صورة لأمين سر الفرقة الحزبية الذي كان بطل الأقصوصة يمر من أمامه عند الذهاب الى المدرسة الإبتدائية ممثلا لكل أشكال القمع والإرهاب الذي كانت المؤسسة الحزبية تمارسه علينا متهمين تارة بالكآبة وأخرى بغرابة الأطوار وربما مرات بالجنون أو ما أشبه .. لأننا لسنا من جوقتها .
أخيرا جاء الطوفان فمحى من طريقه كل شيء .. ثم إنفتحت المقابر ولم يعد هناك شيء مخفي , ولكن .. قبل فتح المقابر الجماعية .. إنفتح بفعل الطوفان سجل مقابرنا الذاتية وكم دفننا فيها .. وكان أول ذلك أنفسنا .





#ميسون_البياتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تباٍّ للمستحيل
- أخلاقيات النشر على الأنترنيت
- المطر الأسود
- رفع علم الإنسانية
- أنا كملكة على العراق
- الدكتورة ميسون البياتي : أطالب بإعادة إسمي المسروق
- أثر العصبة على الدولة عند إبن خلدون
- إنشطار يوغسلافيا سبع دول في عشر سنوات
- مهزلة العلم في زمن الديمقراطية
- ايران في العراق
- حكايتي مع بدرخان السندي
- كيف تحولت أفغانستان الى حاضنة إرهاب ؟
- لماذا يكذب الرؤساء الأمريكيون ؟
- تعلولة بغدادية
- رفقا بالحق والحقيقة..


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميسون البياتي - برهان المفتي والموت الفجائي