أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - ما هي عوائق السلام في الشرق الأوسط؟















المزيد.....

ما هي عوائق السلام في الشرق الأوسط؟


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 2263 - 2008 / 4 / 26 - 10:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-
إن من أبرز دعائم السلام الدائم بين الأطراف المحاربة أن يكون الطرفان المتعاقدان على السلام طرفين متكافئين. فالسلام – كما قال الرئيس الأمريكي السابق وودرو ويلسون – لا يدوم إلا بين طرفين متكافئين.
فهل نحن متكافئين مع إسرائيل عسكرياً واقتصادياً وثقافياً وعلمياً، لكي يتحقق السلام الدائم والعادل؟
ولكي يدوم السلام، يجب أن يكون نتيجة الإيمان بالسلام، ونتيجة القوة، والطاقة، والإرادة، والعدالة، ومبدأ النصر. فالسلام لا يمكن تحقيقه بالسلبية والمسْكنة. فالسلبية والمسْكنة تجران إلى الحرب على حد قول الصحافية الأمريكية دورثي تومسون.
فهل نحن العرب، نسعى إلى السلام مع إسرائيل نتيجة لقوتنا وتفوقنا العسكري عليها، ونتيجة لإيماننا بعدالة الحل السلمي معها؟ وأننا لا نسعى إلى السلام لأننا وجدنا أنفسنا غير قادرين على الحرب. وأننا لا نملك أدواتها من المال والسلاح والعلم، وأن لا سبيل إلى استرجاع شبر واحد من الأراضي المحتلة إلا بالسلام.
فهل يدوم مثل هذا السلام – لو تمَّ - بين طرفين غير متكافئين على هذا النحو، أحدهما قوي، والآخر ضعيف؟
إن السلام والعدالة وجهان لعملة واحدة، كما قال الرئيس الأمريكي أيزنهاور. وأن السلام ليس مجرد غياب التوتر، ولكنه حضور العدالة، كما قال داعية حقوق الإنسان مارتن لوثر كنج.
فهل السلام العربي – الإسرائيلي يمثل العدالة للطرفين، فيما لو تمَّ؟
-2-
دعونا نستعرض بعض عوائق السلام في الشرق الأوسط:
1- "الخوف" من السلام من قبل العرب والإسرائيليين على السواء. فالإسرائيليون يخافون من السلام، لأنه يكذّب أسطورتهم القائلة بأن الفلسطينيين مجرد "أغيار" محتلين، تمَّ تحرير أرض الميعاد منهم. وأن لا مكان لدولة بين الأردن وفلسطين. ولأن السلام سوف يذيب إسرائيل في البحر العربي، وسوف يكون السلام سبباً في حرب داخلية بين المتدينين والعَلمانيين، إضافة إلى تلاشي العطف الدولي والتعاطف الإعلامي الدولي مع الدولة العبرية مع زوال الخطر عنها.
2- يخشى الفلسطينيون السلام، لأنه هو الآخر هزيمة لاسطورتهم القائمة على تحرير فلسطين الانتدابية وإقامة الدولة الفلسطينية على أنقاض إسرائيل.
3- يأس الفلسطينيين من السلام نتيجة لتجارب المفاوضات المؤلمة بينهم وبين الإسرائيليين، وما تخللها من احتقار ومراوغة وإملاء شروط قاسية، قد عمّق الهوة بين الفلسطينيين ومطلب السلام. وما يحدث عادة أن المرء يفر من اليأس إلى حلول وشجاعة اليأس؛ أي احتقار الموت والعلميات الانتحارية والتمرد والانتفاض، حتى ولو كان يعرف أنه مهزوم سلفاً. كما يهرب من اليأس أيضاً إلى التشبث الأعمى بالرموز إلى درجة طغيان الرمزي على الواقعي والعاطفي على المصلحة. فعقلانياً لا قيمة للمبدأ عندما يكون قيداً يمنع التكيف مع المستجدات والفوز بمكاسب عملية على حساب قناعات أيديولوجية أو ثيولوجية.
4- وجود الذهنية الزراعية لدى الإنسان العربي، وهي الذهنية ذات الإحساس الضعيف بالزمن الخطّي؛ أي التصاعدي. وهي حال الشعوب التقليدية التي هي سجينة المفهوم الدائري للزمن الذي يكرر نفسه عوداً على بدء مع عودة الفصول والمواسم. فهناك استهتار عربي بالزمن كما شاهدنا بوضوح في محادثات كامب ديفيد بين عرفات وبـاراك وكلينتون في 1999.
5- أزمة النخب الحاكمة في الشرق الأوسط، تُعبّر عن نفسها في عجزها المتزايد عن السيطرة على الأحداث، أساساً لغياب الشجاعة التي يتحلّى بها القائد السياسي في لحظات اتخاذ القرارات التاريخية، عندما يكون أمام موقفين: إما الفرار من مسؤولياته مجاراة لمزاج جمهوره، وإما مواجهة خطر مواجهة هذا الجمهور بلغة الحقيقة. فالسياسي لا يكون شجاعاً إلا إذا اقتنع بأن تحقيق أهدافه السياسية أهم من مهنته السياسية. وهذا هو البطل السياسي الذي يعطي لحياته معنى بتحقيق مشروعه. وهو نادر في الشرق الأوسط المسكون بالتهور والجبن السياسيين، لا بالشجاعة السياسية.
6- امتزاج السياسة بالدين في العالم العربي ولدى اليهود أيضاً. وكذلك امتزاج العوامل النفسية بالسياسية، وامتزاج المصالح بالإيديولوجيا، وامتزاج الوقائع بالمخاوف، وامتزاج الحقائق بالخيالات.
7- تحكم اللامعقول بالعقول. وتفضيل المجتمعات في العالم العربي مبدأ اللذة على مبدأ الواقع، وأخذ الثأر على أخذ الحق، وتبني "وقفة العز" نتيجة لانتصار جزئي.
8- وجود قيادات في العالم العربي وفي المقاومة الفلسطينية مأزومة، خائفة من السلام، تقودها الأحداث، ولا تقود هي الأحداث.
9- وجود أيدٍ لصبيان السياسة، تلعب في أعواد الثقاب، قرب براميل البارود. وحيث القرارات المصيرية لا تصنعها المؤسسات بل أفراد، لا يمكن التنبؤ بنزواتهم الشخصية وشطحاتهم الإيديولوجية أو الصوفية.
10- عدم انتخاب قيادة فلسطينية ذات مصداقية وتمسكاً بالوعود التي تعطيها. فالعالم العربي والقيادة الفلسطينية كانت تصنع قرار الرجل الواحد، وليس قرار المؤسسات السياسية، ويتم اتخاذ القرار في لحظات، دونما تحليل للمعطيات أو أدنى قدرة على توقع مجرى الأحداث، واقتناص الفرص النادرة. فمعظم القيادات في العالم العربي تفضل الارتجال على التخطيط، ورد الفعل على متابعة الأهداف المرسومة بصبر، والتكتيكات المتناقضة على الاستراتيجيات المدروسة، والحلول السهلة على التفكير في الواقع المضاد.
11- إن القرار السياسي الخارجي في العالم المعاصر مرصود للتأثير في عالم بالغ التعقيد وغير سهل التوقع. لذا، يتطلب شروطاً، أولها أن تتقاسم المؤسسات المختصة العمل على صنعه. وهكذا لا يعود ثمة من احتمال لسلطان الحاكم الفرد اللامبالي بالمعطيات الموضوعية والضرورات الدبلوماسية والإستراتيجية. وفي المجتمعات العربية، تتم صناعة القرار من قبل الحاكم ومزاجه المتقلب. أما في المجتمعات الراشدة، فالمؤسسات هي التي تصنع القرار في أناة، وهي التي تحدد أهدافه ووسائل تحقيقه الملائمة. فما هي المؤشرات الجدية على أن حكومة تصنع وتتخذ قرارها حسب المواصفات المطلوبة في عصرها؟ إنها تفاديها انفجار الأزمات والتحكم فيها بالعودة إلى المفاوضات، إذا حدث وانفجرت. لأن العودة إلى المفاوضات هي دائماً هدف صنّاع وأصحاب القرار المعاصر، وفي جميع الأحوال الوقاية من عواقبها، وعدم الانجرار في دوامتها. وكلما كان توقع الأحداث متدنياً أو خاطئاً كانت تكاليف التصحيح غالية، إن لم يصبح التصحيح إشكالياً. وهو ما يحدث كثيراً، وغالباً عندما تكون صناعة واتخاذ القرار ما يزالان في الدرجة الصفر من تطورهما، كما كانت الحال على الساحة الفلسطينية، التي تطلبت إعادة هيكلة حقيقية، حيث تآكلت شرعية القيادة الفلسطينية داخلياً وخارجياً.
12- وأخيراً تهرّب إسرائيل من السلام، الذي لم تعد بحاجة إليه الآن، كما كانت بحاجة إليه، خلال الستين عاماً الماضية. فالأرض العربية التي تحتلها إسرائيل الآن أغلى عندها ألف مرة من السلام العربي، الذي لا يساوي شيئاً الآن عند إسرائيل القوية عسكرياً واقتصادياً وعلمياً وسياسياً. وبذا، سقطت مقولة "الأرض مقابل السلام" التي يتشدق بها الزعماء العرب، وتتغرغر بها النُخب العربية. فالعرب أحوج للسلام من إسرائيل، لأنهم هم الجانب الضعيف. فالقوي لا يطلب السلام.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام العراقي بين مطرقة الطائفية وسندان الإرهاب
- الهولوكوست الكُردي وأزمة الضمير
- -حرب الأفيون- بين إسرائيل و-حزب الله-!
- بين نابليون الفرنسي ونابليون الأمريكي
- ماذا استفاد العرب من الثورة المعلوماتية؟
- دور الديمقراطية في ترسيخ دعائم المجتمع المدني
- سيراً على خُطى -بلاد الشمس- إلى التقدم
- لماذا كسّرنا الأقلام وقطعنا الألسنة؟
- بؤس الحقيقة في العالم العربي
- ما حال العالم اليوم لو لم يظهر الإسلام؟!
- كوسوفو وفلسطين: تشابه الواقع واختلاف المصير
- قراءة لتقرير البنك الدولي الأخير حول التعليم العربي - لماذا ...
- قراءة سياسية نقدية لتقرير -فينوغراد-
- هل يعيش العرب الآن مرحلة -ما بعد الأصولية-؟
- الجنس والموت في انتحار الإرهابيين
- رئيس أسود في البيت الأبيض
- هل سيحارب عرب 1948 في جيش إسرائيل؟!
- هل ستجتاح ثورات الجوع العالم العربي في 2008 ؟
- حماس.. إلى أين ومتى؟
- العرب لا يملكون صكَّ مُلكيّة هذا الكوكب


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - ما هي عوائق السلام في الشرق الأوسط؟