أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصباح الحق - هل في الحياة حقيقة مطلقة؟















المزيد.....

هل في الحياة حقيقة مطلقة؟


مصباح الحق

الحوار المتمدن-العدد: 2263 - 2008 / 4 / 26 - 08:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


العالم يتخبط بألمه وأوجاعه، وهذا الاضطراب سببه عدم الارتباط والبغض والتعصب من ضمن أشياء أخرى. وتتجلى هذه الأعراض بالحروب المدمرة للحياة والبشرية، والمفككة للروابط العائلية والناسفة لكل الأحلام. ولا يخامرني أدنى شك بأن هذا الكوكب الجميل لن ينعم بيوم من السلام والهدوء، إلا عندما نتعلم قبول الآخر كبشر ونحب بعضنا البعض كما لو كنا أفراد أسرة واحدة. سلامنا وأمننا لن يتحقق لحين نبذنا للعقائد التي تغذي شعور الكراهية لدينا، فكيف لنا أن ننشر الصبر، دع عنك التضامن، عندما نرى أناس يتبعون بشكل أعمى العقائد التي تأمرهم على كرهنا؟

الإسلام لا يعلم السلام بل يقود إلى الحرب. إنه يدعو الصالحين لشن الحروب على الكفار وقتلهم وإذلالهم حتى يصبح الدين الوحيد في المعمورة. فالإسلام ليس بالدين القابل لتنوع الأفكار والمعتقدات، حيث يأمر بالإنصياع لتعاليمه ويفرض السيطرة على فكر أتباعه. وبالتالي، فأي خروج عن تعاليم الإسلام عقابه الموت. وقد يقول قائل بأن كافة صور الديكتاتورية ضارة، وهذا لا يبتعد عن جادة الصواب بقوله، إلا أن الديكتاتورية الدينية هي الأسوأ على الإطلاق، فالتطرف اليميني أو اليساري السياسي يمكن مع الزمن التخلي عنه عندما لا يثبت جدواه بل بطلانه، ولكن التعصب الديني يطبق على الفكر ويسحقه؛ لأنه أوامر الرب المعصوم عن الخطأ. يقول الإنجيل بأن (السماء والارض تزولان ولكن كلامي لا يزول - متى 24: 35 [وفي طباعة أخرى نقرأ "لن يزول"... ما علينا]). يسرع المتعقلون بقبول عدم عقلانية هذا الكلام، ويحاول الفلاسفة إعطاء الصبغة العقلية والشرعية لتلك المحاولة لغرض الاستهلاك الفكري. إلا أن الأكاذيب تبقى أكاذيب بصرف النظر عن مدى استمرارها زمنياً، والاستحسان العام للكذبة لا يخلع عليها صفة الصدق.
هناك بعض الديانات التي تعتقد بقدسية البقرة والحية وحتى الخنزير (الأبيض)، وهناك ديانات أخرى تعتقد بالأرواح. وهذه الأمور تبدو غير منطقية للذين لا يؤمنون بها. ونرى بالمقابل بأن المسلمين يتهمون المسيحيين بالهرطقة لإيمانهم بالثالوث المقدس Trinity لأن ذلك يعارض مبدأ التوحيد (ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحنه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) مريم/ 35 و( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم ) المائدة /73. إلا أنه وبنفس الوقت والقدرة العقلية على الجدال لا نجد لديهم أي صعوبة من الاعتقاد والإيمان بشكل راسخ بكل ما هو مناف للعقل من قصص وأساطير وردت في القرآن مثل الجن (سورة برمتها!) وخلق حواء من ضلع آدم (القرآن لم يقل خلقها من ضلع آدم، إنما أهل التفسير قالوا ذلك) وقصة نوح وفلق القمر والإسراء والمعراج والنمل الناطق، وما بحكمها (نحن لا نعرف لماذا باقي المعتقدات اللاعقلانية خاطئة وما جاء في القرآن منها صحيحة!). هناك رهط من المعتقدات اللامعقولة، إلا أن جميعها تصر على حقيقتها المطلقة وبأنها فوق الجدال العقلي بحكم المطلق... الله!

الغريب في الأمر بأن حتى المتمتعين بمعرفة واسعة للغاية في تاريخ الأساطير ولهم صولات وجولات وإسقاطات وتحاليل تبدو بمجملها مستساغة يتفقون في آخر المطاف مع العامة عندما يصطدم إيمانهم مع عقلهم، فيجنحون لمنح الأسبقية والأفضلية للوحي الذي يعتبرونه المصدر المطلق للحقيقة. وهذا هو منطلق ومنطق جميع المتدينين. وإذا كان ذلك هو الصواب، فأي وحي هو الصحيح؟ لماذا يختلفون. كيف يتأكدون من صدق دين ما على حساب آخر؟
عن طريق العقل- والعقل فقط- نستطيع أن نعرف أي وحي هو الصحيح، وعندما نضع الأديان تحت مجهر العقل، فسوف تفشل أغلبها وبشكل ذريع.
إن تطور المجتمع البشري لا يختلف عن تطور مكوناته وهم الأناس الذين رفعوا راية العلم وأبوا أن يتشربوا أفكاراً ومعتقدات بالية، مهما جملتها تبقى في مسار الميتافيزيقيا التي لا يعترف بها العقل. لقد تطورنا من خلال قدرتنا على التأقلم وملاحظتنا لما يسميه العلماء اختبار وتجربة الطبيعة (Nature’s Test & Trial). ولنا أن نذكر في هذا الصدد التغيير المستمر للجنيات وكل عملية تغيير تتمخض عن تغيير إحيائي (Mutation) جديد إن شاء ربك أم أبى. ونحن نعلم بفشل أغلب هذه التغييرات الإحيائية، إلا أن تلك التي تستمر وتنجح تعكس بالحق انتصار الطبيعة الأم.
ونفس هذه العملية تحدث في مجتمعاتنا، لأننا نقوم بوضع القوانين اعتماداً على احتياجاتنا المعينة، ونغير تلك القوانين عندما لا يكون لنا حاجة بها أو لعدم صلاحيتها لزماننا وتطورنا، فهي من صنعنا أصلاً ووضعناها لخدمتنا في المقام الأول والأخير. وإذا اتفقنا على هذا التوجه، فلنا أن نقول أن القوانين والسنن الدينية وضعها رجال بعيدون للغاية عنا الآن حيث لم يكن لديهم أي تصور عن احتياجاتنا في هذا العصر. إن تعاليمهم الاجتماعية تبدو رجعية وقمعية بالنسبة لنا وباقي رسالتهم تفتقر لأدنى درجات المنطق. أي دين هو الأفضل وأيهم وجب اتباعه، ولو كانت الديانات مكملة لبعضها البعض- كما يقول جمال البنا المطلوب الحجر عليه وغيره-، ألا يجدر بنا أن نتبع أياً منها دون اقتتال أو كراهية أو فرض عقوبات وسنن وتشريعات على المختلف معنا كأبسط حق وهبته الطبيعة له؟ هنا تكمن مقبرة البشرية والإله معاً! فمن ناحية البشر، هبنا صدقنا بالكتب "السماوية"، ألا ترون معي بأننا نحن من قام بالتفسير والتأويل لما أراد الله أن يقوله لنا؟ ومن ناحية الله، لا أستطيع أن أتصور حقده ودمويته وضعفه لدرجة أن دابة تأكل كلامه، على سبيل المثال لا الحصر.
الحقيقة هي واحدة بالرغم من تعدد وجوهها، ولأن كل شخص لديه خلفية عقلية واجتماعية وثقافية ونفسية مختلفة، تتنوع نكهة الحقيقة مثل أشعة الشمس تماماً، فالحزمة الواحدة تبدي نفسها بملايين من الألوان لدى التماسها مع أي سطح صلب- الأرض مثلاً. والاختلافات تكمن في الأشياء التي تعكس أشعة الشمس، فلو قمنا بمزج تلك الألوان من الضوء معاً، لحصلنا بالتأكيد على اللون الأبيض المهيمن مرة ثانية!
وبشكل مماثل، تبدي الحقيقة نفسها في عالم البشرية بأطياف وتدرجات ألوان متنوعة. وعندما نتحد، بدون تبني لون واحد كما تقترحه علينا الأديان قاطبة، وليس تحت راية الدين أو الاعتقاد، بل بإعمال العقل ونبذ فكرة المطلق وتبني رؤية الاختلاف والشك بما لدينا من معطيات، سعياً لا يعرف الكلل لتحسين الحياة وأنسنتها، حينها سيشع ضوء الحقيقة الساطع في البشرية وسيضيء الجنس البشري أكثر من أي إله، وحينها لن نقول "صدق الله وكذب بطن أخيك"، كما رواها العائد إلى جادة العقل عباس عبد النور المتنور.



#مصباح_الحق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قدسية الأسماء وتغييب العقل
- تأكيد أسطورة دور التعليم الديني في نشر الإرهاب
- فقحنا وصأصأتم
- حراس الله
- وفاء سلطان....... الوعي للجميع


المزيد.....




- نزلها الآن بنقرة واحدة من الريموت “تردد قناة طيور الجنة 2024 ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- كاتب يهودي: المجتمع اليهودي بأمريكا منقسم بسبب حرب الإبادة ا ...
- بايدن: ايران تريد تدمير إسرائيل ولن نسمح بمحو الدولة اليهودي ...
- أستراليا: الشرطة تعتبر عملية طعن أسقف الكنيسة الأشورية -عملا ...
- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- المتطرف -بن غفير- يعد خطة لتغيير الوضع القائم بالمسجد الأقصى ...
- فيديو/المقاومة ‏الإسلامية تستهدف قاعدة ميرون -الاسرئيلية- با ...
- -شبيبة التلال- مجموعات شبابية يهودية تهاجم الفلسطينيين وتسلب ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف مقر قيادة الفرقة 91 الصهيونية في ث ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصباح الحق - هل في الحياة حقيقة مطلقة؟