أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالد صبيح - ورقة من شجرة الوطن














المزيد.....

ورقة من شجرة الوطن


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 2261 - 2008 / 4 / 24 - 09:28
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


في رثاء سليمان يوسف اسطيفان
لو ابتعدنا عن الدعاية التي تمارسها الأحزاب السياسية وتحيل بها البشر الخطائين إلى ملائكة فسنجد انه من الصعب ان لم يكن من المستحيل العثور على شخص يمارس السياسة ويكون بدون أخطاء. ولان أبو عامل رجل سياسي فهو له أخطاءه أيضا لكن خطأ أبو عامل هو انه لم يكن من الدهاة، وهذه تحسب له لا عليه. فالدهاة هنا هم أولئك الذين يخوضون العمل السياسي والحزبي وهم يضعون نصب أعينهم مجموعة مركبة ومنوعة من الأهداف التي يمتزج فيها الذاتي بالحزبي، والشخصي بالعام. وأبو عامل، الشيوعي الصادق، دخل السياسة ومارس العمل الحزبي في وسط امتلأ وما يزال بالكواسر وارتقى سلم الدرجات الحزبية وأداته الرئيسية في كل هذا كانت صدقه ونزاهته. لم ينخرط هذا المناضل، نقي السريرة، هو وبضعة مناضلين آخرين، بأي تحالف أو أي اصطفاف أو تكتل أو أي نمط تعصبي من ما كان يمارس في زمنه بكثافة مخيفة. لم يتعصب لدين ولا لقومية ولا لمدينة. وحتى وهو في أعلى المواقع القيادية أوقعه حسن نيته وطيبة قلبه في يد مجموعة أوهمته بجدارتها وتسلقت باسمه سلالم مجدها الحزبي. وهؤلاء نجحوا في ان يمرروا عليه هذه الممارسات ليس لأنه جاهل أو غير واع بل هم مرروها مستغلين طيبة قلبه وحسن نيته وحسن ظنه بالآخرين.

عرفه الأنصار رجلا لا يسعى لأي امتياز مهما صغر وبسيطا في كل تصرفاته. وكان كسلفه طيب الذكر الفقيد ثابت حبيب العاني عرضة للتجاوزات عليهم من قبل بعض القياديين المتبجحين كما حدث معه عندما كان يقود قوات الأنصار في معركة بشتاشان الثانية حينما استفزه عضو اللجنة المركزية مسؤول قاطع اربيل< أ.ح> بكلمات قاسية وأمام الأنصار حين قال له( هل يقود القائد معركته من هذا المكان) ليوحي وكان أبا عامل لا يجرؤ على الوقوف في المواقع الأمامية، وهذا المتبجح يعرف قبل غيره ان أبا عامل رجل قوي وشجاع وانه حينما صمت ولم يرد الإساءة كان قد أضاف في كظمه لغيضه في تلك اللحظة خصلة حميدة أخرى لخصاله الطيبة.

ولا يمكن لمن عايشه ان ينسى معاناته بعد معركة بشتاشان حينما ألقيت عليه اكثر من غيره مسؤولية ماوقع، وكيف انه احتمل بصبر كبير وبأدبه الجم الذي عرف به كل الضغوط النفسية التي مورست ضده في تلك الفترة والتي تركت آثارا بينة على صحته. ولاانسى أبدا كيف كان وضعه حينما كان ينتظر الرفاق المنسحبين من معركة بشتاشان، وهو في احد مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني، وكيف كان يخرج، والألم يعتصره، لاستقبالهم ومعانقتهم جميعا.

أول انطباع يتركه هذا المناضل لمن يلتقيه هو بساطته وتواضعه. فقد كان هو من بين قلة من قياديي الحزب الذين اعتقلوا وتعرضوا للتعذيب في حملة البعث على الحزب الشيوعي العراقي، ولكن هذه الواقعة لم تجعل منه طاووسا يختال أمام الآخرين كما يفعل بعض المشبوهين بأحاديثهم الطويلة وأمام الملأ عبر الفضائيات عن محاولات اغتيال يزعمون أنها وقعت لهم. وكم كان يحترم معاناة من تعرضوا للاعتقال والتعذيب ويتفهمها. وكم كان يحنوا بشكل خاص على هؤلاء الرفاق ويرعاهم.

ومن يستطيع ان ينسى مفردته الأثيرة <عَيوني> التي كان يرددها بلكنته المحببة والتي اخذ الأنصار يقلدون بمحبة تلفظه لها. ذات مرة كنت ضيفا في فصيل القيادة وقت الغداء، وعادة في وجبات الطعام يجتمع كل ثلاث أنصار على طبق واحد، وغالبا ما يكون لكل نصير مجموعة يعتاد تناول الطعام معها. وكانت للفقيد أيضا مجموعة يتناول طعامه معها وبعد ان اخذ جميع الأنصار طعامهم، ويبدو انه لم يكن منتبها لغياب مجموعته، بقي هو وحده واقفا ولم يدعوه احد للانضمام لمجموعة أخرى، فذهب بكل تواضع وتناول صحنا واخذ يبحث عن نصيرين يشاركانه الطعام. قد يبدو هذا السلوك بديهيا، وهو فعلا كذلك، ويمارسه عادة غالبية القياديين، لكن هناك من القادة من كان يجرؤ على الطلب من الأنصار بجلب الطعام له.
< وهذه حالات شاذة ولها شرح طويل ليس هنا مكانه> لكن أبو عامل بتواضعه وخلقه ابعد من ان يمارس هكذا سلوك.

لم أفاجأ بنحافته وهو عجوز طاعن بالسن، فقد بقي، كما هو دائما، نحيفا هادئا يشع وجهه طيبة ونقاء سريرة. وهذا بتصوري ما ينبغي ان يكون عليه من يشعر بهموم وطنه وشعبه وحزبه.

في السياسة وفي وسط الشيوعيين وفي كردستان بالتحديد يصعب جدا ان ينال شخص ما محبة واحترام الجميع، فلكل رجل كارهيه وخصومه. ولكني اجزم بان ابا عامل وقلة أخرى قد استطاعوا تحقيق هذه المعادلة الصعبة ونالوا حب الجميع.
لقد رحل هذا المناضل في وقت صار أمثاله قليلين ان لم يكونوا نادرين. وبغيابه سقطت ورقة طيب أخرى من شجرة الوطن.

22-4-2008



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتّاب وكتابة الانترنيت
- الرسائل من كردستان الى الانترنت
- تمخض الجبل فولد القاضي رزكار محمد امين
- أمطار النار... عتبة مرتفعة في عالم الدراما العراقية
- في إنصاف سلمان رشدي
- نوشيروان مصطفى... سقوط ورقة التوت
- أحضان دافئة
- للحوار اخلاقه ايضا
- هموم انصارية
- مهزومون
- الحوار المتمدن / الواقع واحتمالاته
- مهرجان الوطنية
- الاحتلال الخفي
- احراجات الاسئلة الصريحة
- المصالحة الوطنية وشروط عودة البعث-2
- المصالحة الوطنية وشروط عودة البعث
- طلاسم عراقية
- الانشوطة
- قتلة الحلم
- بشتاشان مسارقضية


المزيد.....




- لماذا تهدد الضربة الإسرائيلية داخل إيران بدفع الشرق الأوسط إ ...
- تحديث مباشر.. إسرائيل تنفذ ضربة ضد إيران
- السعودية.. مدير الهيئة السابق في مكة يذكّر بحديث -لا يصح مرف ...
- توقيت الضربة الإسرائيلية ضد إيران بعد ساعات على تصريحات وزير ...
- بلدات شمال شرق نيجيريا تشكل وحدات حماية من الأهالي ضد العصاب ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود- على أهداف في العمق الإيراني و ...
- قنوات تلفزيونية تتحدث عن طبيعة دور الولايات المتحدة بالهجوم ...
- مقطع فيديو يوثق حال القاعدة الجوية والمنشأة النووية في أصفها ...
- الدفاع الروسية: تدمير 3 صواريخ ATACMS وعدد من القذائف والمسي ...
- ممثل البيت الأبيض يناقش مع شميغال ضرورة الإصلاحات في أوكراني ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالد صبيح - ورقة من شجرة الوطن