أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ايناس البدران - قنطرة الشوك















المزيد.....

قنطرة الشوك


ايناس البدران

الحوار المتمدن-العدد: 2259 - 2008 / 4 / 22 - 08:15
المحور: الادب والفن
    



مثلما الأفعى المجلجلة تدل عليها خشخشة اجراسها .. دلني عليك قلبي ، قادني الأعمى مني الى سر عذاب الوجود ، والمحتضر في الى عشبة الخلود .. السامة .
وإذ تشرب شمسي الأخيرة جلنار فصول ربيعي المتأخرة كيما تتشح بالغروب ، تظل لحظتي الصامتة الند الرافض لجنون الممكن والمعقول في مملكتك .
يفتر ثغري عن جرحي كلما ابحرت بمراكبي الفارة .. اليك ، عابرة مسافات وشمتها ندوب الريح ، لأظل اصارع لجتك بحثا عن قشة لأغرق .. فيك .
صوته يهمي دفئا مبددا صمت الرخام :
اخبريني يا ياقوته قلبي .. لماذا اهواك هكذا من دون كل النساء ؟
وهي تتنهد :
بل اخبرني انت يا مولاي ويا قرة عيني .. كيف لا تهواني وقد اجتمع في ما لم تحظ به أي من نساء الارض حرائرها وجواريها .
وهو يغالب ابتسامته :
رد ذكي كعهدي بك .. الا اني اشم فيه الى جانب عطرك الزكي شيئا من اشمام الغرور .
مولاي يعلم اني ابعد الناس عن هذا .
هي الغيرة اذن ؟
اذا اصح ان ندعو الأسى بالغيرة .
اسى مم ؟
وهي تكابد احتدام الكلمات بين شفتيها .
لأن هذا الرجل ...
من تقصدين ؟ خليلي ووزيري وكاتم اسراري .
سمه ما شئت اما انا فأدعوه العنكبوت الأسود الذي يدس لك العلقم في الدسم .
كل هذا لأنه اشار علي بالاقتران بـ ..
انا لا تهمني تلك الـ .. الهجينة .
تذكري انها ابنة ملك مثلك .
ملك يطمع في ملكك .
بل سيجعل مني بمصاهرته ملكا على الجهات الاربع .
لانت لهجته كأنما استعاد شيئا من هدوئه وقال :
أ ليس من حقي ان احظى بولي للعهد بعد ان خذلني ابنك وهرب الى جهة مجهولة ؟
اختفى حين شعر بالخطر يتهدد حياته .
صوت الحاجب يبرق صداه في الأروقة الرخامية :
- مولاي .. الوزير بالباب يستأذنكم بالدخول .
- وهل يحتاج مثله الى استئذان .. دعه يدخل .
المرأة تلملم اطراف ثوبها بكبرياء وتنسحب .
.............................
لم اشأ اهراق عفوية تلك اللحظة الفريدة بالتدخل كحمامة سلام ، تلك المخلوقة التي طالما مدت آهات الوصل بين المحبين وحملت بعد الطوفان غصن الزيتون بشارة قوس قزح . فهي ذاتها التي حملت أوزار البشر واسرار عيونهم اشواكا ما بين رقبة نحيلة وساق دقيقة .
الواقع .. كرهت ان اهز صورتها في عيني الخليفة قائلة انها هي السبب في حالة العطاس وضيق النفس الملازمين له ، فأكذب حكيمه الخاص الذي عزا ما يعانيه الى نظرة حاسدة وأكلة فاسدة قد يكون اقحمها على معدة متخمة بعد ان اسرف جلالته في وطء ما ملكت يمينه .
..........................
يبحر الغروب نحو شواطئه المجهولة مستلا لونه من خضاب الارض .. فتضيء مشاعله الراعشة وتنفتح عين القمر على مشهد الليل يرخي سدوله ناشرا عباءته الفحمية ليستمع وحده الى نقيق الضفادع وفحيح الأفاعي .. وهل كالليل كاتم للاسرار بعد ان تخبو مشاعله ويستسلم لسلطان النوم سماره .
صار خليفتكم يستعين بالعيارين والشطار الآن .. يبدو انه بدأ يفقد ثقته بقادته .
لطالما استعانت بهم الخلافة كورقة اخيرة كلما تكالبت عليها ال .,. الاطماع وصروف الدهر .. فهم يقاتلون بضراوة عراة الا من الميازر يضربون بالمقلاع والحصى اذا لزم الأمر .
على انهم كلما حدثت فتنة اغتنموا اشتغال الدولة بها وهموا بالمنازل والحوانيت .. كأنما يزدادون قوة كلما ازدادت الدولة ضعفا .
حدثني عن العيون .. اعني عيون الخليفة ؟
تترصد أي شيء الا .. العدو .
وماذا عن الناس ؟
منقسمون الى فرقتين ..
والخطر يتهدد بلادهم ؟
انهم جهلة يتبعون كل ناعق ، لايعرفون من الدين الا اسمه ، فيما طلاب المناصب والسيادة والنفوذ يراعون جانبهم ويقربونهم بما يرضيهم .
لم يعد في الوقت متسع .. فالفجر يوشك ان يرى النور ، استمع الي جيدا .. غدا سيمر موكب الخليفة عبر قنطرة الشوك .. ابعدوا الأرامل والشحاذين اكنسوهم من الطرقات كنسا .. لا اريد ان تقع عيناه على أي منهم .
صوت يلتمع كنصل السكين في سكون الليل .
لك هذا ولكن .. الا يعلم خليفتكم بوجودهم .
ان تعلم فهذا شيء . اما ان تراه فشيء آخر .
وما غايته من عبور قنطرة الشوك .. هل قرر صاحبكم بيع الشوك الى الفرانين واصحاب الحمامات ؟
يريد الاطمئنان على البوابات والأسوار .
ليطمئن اذن .. فكلها بأيدينا .
يعلو نقيق الضفادع .
...................................
الكواكب تتأرجح فوق السماء الفيروزية كقناديل .. تتأمل من شرفتها اضواء مدينتها الخابية تعاكس بوهنها الظلام .. مدينتها التي كانت يوما عروس الدنيا وبهجتها ، فتخب خيول الذاكرة بعيدا الى يوم اختار جدها الأكبر موقع بنائها في الزاوية المكونة من مصب ترعة الصراة بما أشار عليه الخبيرون .. وأمر بجمع الصناع والفعلة من الشام والجبل والموصل والكوفة وواسط والبصرة ، فأحضروا ثم أمر فأختار ذوي الفضل والأمانة والمعرفة بالهندسة ليتولوا مراقبة العمل وعد اللبن .
تنهدت وهي تبحر بالذكرى الى اليوم الذي رسمت فيه خطوطها وتقسمت اقسامها وساحاتها ودروبها ، وذر الرماد عليها كيما تظهر. بعدها واقبل الخليفة واخذ يدخل من مداخلها وطاقاتها وخصلاتها ورحابها ، ثم أمر ان يجعل على الخطوط حب القطن ويصب عليها النفط وظل ينظر اليها من بعيد والنار تشتعل .. كيما يفهمها ويتأمل رسمها حتى ثم اذن بحفر اساسها قائلا :
"ابنوا على بركة الله "
هكذا شيدت الزوراء بقصورها الفارهة ومبانيها الشاهقة ، بساحاتها الواسعة حيث تقام استعراضات الرماية والمصارعة وسباق الخيل ، بمساجدها ذات المآذن الشامخة .. وغصت بالمدارس ودور الشفاء والعجزة ..غرست فيها البساتين الوارفة والحدائق اليانعة المزدانة بالرياحين والأثمار والطيور المحلقة في الأجواء والبحيرات المزدانة بالأسماك .
فتكحلت العين برغيد عيشها وحلو منظرها وعذوبة مائها وطيب هوائها وامتلأت القصورة باللؤلؤ المنظوم والذهب الوهاج في نحور الحرائر والجواري وهن يرفلن بأصناف الحرير بين موشى ومطرز ومحوك بالذهب او الفضة ومرصع بالحجارة الكريمة .
أما مجالس انسها فكانت تزخر بالألحان ، ومجامع لهوها مكتظة بالأدباء والندماء وازدحام الشعراء على ابواب الخلفاء والأمراء وانطلاق السنتهم في وصف الخلافة وهيبتها .
فيما الخلفاء تتسامى بهم الرفعة والسؤدد ، يحيط بهم العدل ، لهم الهيبة والمقام الأسمى والسيادة والحكمة والكلمة النافذة العليا .
اين هذا الرجل الذي ارتضت به زوجا منهم ، وهو الذي قال حين سمع بخروج الغزاة من قلب آسيا يدمرون كل ما يجدونه في طريقهم :
ان بغداد تكفيني ولا يستكثرونها علي ، فأذا تنازلت لهم عن باقي البلاد لا يهجمون علي .. وانا بها وهي بيتي ومقامي !
لم تزل تلك الليلة تتقلب في فراشها لا تنام ككل ليلة أنى لها النوم والبلاد تمور فوق أتون فوهة بركان ، فلا أمان ولا اطمئنان ، الولاة ومن كان يعينهم في الحكم ممن استعملهم الخليفة مشغولين بالمؤامرات ونهب الخيرات وقمع الاصوات غير عابئين بأنات الفقراء .. حتى ضجت العوام من صنوف الظلم وتفاقم الجور واختلاط الامر . ومن تآخي العسكر والحرامية واتفاقهم على نهب الرعية .
مولاتي .
صوت جاريتها الامينة يسحبها من افكارها .. هل حانت الساعة ؟ تساءلت في سرها .
الجارية تحاول الكلام وهي تلتقط انفاسها بصعوبة .
النار في كل مكان يا مولاتي البلاد في فوضى عارمة والرجال من اصحاب الحرف وغيرهم يحاولون تنظيم صفوفهم لمواجهةالخطر القادم .. ولكن عبثا ..
ماذا عن الأكابر ؟ لا .. دعيني احزر ، انهم اول المستفيدين من الحروب واول الهاربين اذا ما اشتد اوارها واقترب سعيرها .
مولاتي .. هناك أمر آخر .. زوجة الخليفة الثانية اعني ..
ما بها ؟ هل انجبت له اخيرا ولي العهد .
ابصر الوليد النور ضئيلا شائها ليلفظ انفاسه بعد ساعات
اصوات مالحرس هرجا ومرجا صيحات مجنونة تتعالى .
اغلقوا البوابات .
واين الخليفة من كل ما يجري
اتجه بحاشيته عابرا قنطرة الشوك ليسترضي المغول .. هكذا سمعت .
..............................
" وبينما كان الصليبيون يهاجمون بلاد مصر والشام ويخربون معالم المدن ويقتلون الأبرياء ، كان المغول يتدفقون من قلب آسيا يدمون كل ما يجدونه في طريقهم والناس في بغداد منقسمين الى فرقتين فيما الخطر يتهدد بلادهم والأجنبي في عقر دارهم .. فتشجع هولاكو واغتنم الفرصة وتغلب جيشه على جيش الخليفة . حاصر بغداد ورماها بالمنجنيق .. فخرج المستعصم يسترضيه ، فقتله مع اهله واصحابه ودخل ( مدينة السلام ) واعمل السيف في اهلها وأباح لجنده ان يفعلوا ما يريدون فيها .
احرقت القصور ونهبت الأموال وهتكت الأعراض ومزقت الكتب ، ورميت في النهر .
بقيت بغداد اربعين يوما في اضطراب وقتل ونهب وسلب ، وكان سقوطها في 4 صفر عام 656 هـ "
اغلقت الكتاب اذ اكتفيت بما رأيت وسمعت .. تاركة للتاريخ حرية كتابة وتكرار نفسه ، وذهبت للبحث بيد مثلوجة عن حبوب لعلاج الشقيقة والغثيان .



#ايناس_البدران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لازوردي
- ألق الثريات جمر تحت الرماد
- دوريس لسنغ مناضلة بلا شعار
- وجها القمر
- الليلة الاولى بعد الالف
- غثيان
- مقابلة صحفية اجريت من قبل احدى المجلات العربية
- فجر منقوش على لوح الروح
- مناديل العنبر
- كاردينيا
- النمرة
- الابرة والتشظي
- في الردهة
- عواء ذئب
- - النمرة - قصة قصيرة
- حوار مع القاصة ايناس البدران
- أشارات ضوئية
- - على حافة الرحيل - قصة قصيرة -
- جدائل الشمس - قصة قصيرة
- الجدار - قصة قصيرة


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ايناس البدران - قنطرة الشوك