أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعدون محسن ضمد - سحقا لكم أيها الأتباع














المزيد.....

سحقا لكم أيها الأتباع


سعدون محسن ضمد

الحوار المتمدن-العدد: 2259 - 2008 / 4 / 22 - 04:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دائما يتكرر السيناريو نفسه. دائما يكون هناك قائد معتد بنفسه يسحب خلفه جيشاً هائلاً من الأتباع ليُطْعِمَهم الموت بدم بارد. بعض هؤلاء الأتباع بلا حول ولا قوة، وبعضهم مؤمن بشعارات أوهن من خيوط العنكبوت. وبعضهم الآخر لا من هؤلاء ولا من هؤلاء، لكنهم من بقية الرتل.
أي من ذلك الصنف الذي يتحرك حيث يتحرك الآخرون ويقف حيث يقفون. أنانية بشعة تلك التي تدفع بقائد ما لأن يخوض حرباً خاسرة بجميع المقاييس. بمعنى أنه يتردد ما بين تحمل عار الهزيمة من أجل النجاة بأتباعه. وبين تجنبها بالتضحية بهم فيختار أن يصون شرفه (الزائف) لا حياة أتباعه.
القادة لا يرهقون أنفسهم بالتفكير بمصائر الجند أو الأتباع، لا بأيتامهم ولا باراملهم ولا بالعجزة الذين يرتجفون خلف جنائزهم. في نهاية المطاف سيحصي القائد المنتصر عدد الجثامين، وسيقرر إن كانت الخسارة فادحة أم لا. ويمضي بقية حياته يعد نياشين انتصاراته وتلميعها. أنا متأكد بأن طارق بن زياد ـ الذي أحرق سفن النجاة الخاصة بجنده ـ كان يحتفظ لنفسه بقارب نجاة في زاوية من زوايا البحر. أما لماذا، فلأنه كان أنانياً لدرجة دفعته إلى الحرص على استثمار آخر قطرة دم بشرايين أتباعه في سبيل نصره هو. ومثل هذه الشخصية لا يصل بها الايثار حدَّ التفريط بالحياة. فصدام الذي ضحى بملايين الأبرياء وهو يلهث وراء نصر يخلده، قرر أخيراً أن يتخلى عن هذا النصر ما أن تعرضت حياته للخطر، كان صدام يحتفظ دائماً بقارب نجاة صغير. وهكذا يفعل جميع القادة. فسحقاً لكم أيها الأتباع وأنتم تؤثرون على حياتكم من لا يفكر إلا بحياته ونياشينه.
هناك قائد واحد لم يكن أنانياً لهذه الدرجة، لذلك فقد كفرت به ثقافتنا الصحراوية، ولم يعترف بنصره تاريخنا الدموي. مع أنه المنتصر الوحيد بين ركام أبطالنا الهائل. يذكر التاريخ بأن الإمام الحسن(ع)، وعلى غير عادة القادة الآخرين، كان ينظر ناحية جنده، وليس ناحية الخصم. كان يعيش الواقع لا الخيالات والشعارات. لم يستطع هذا الإنسان أن يفرط بأرواح آلاف الرجال ركضاً وراء حلم لا يمكن تحقيقه. لقد اختار عار الهزيمة على نار الانتصار، وتحمَّل اهمال التاريخ ونكراننا نـحن. تحمَّل كلمات أصحابه النابية ومسبتهم، تحمل رعونتهم وزيفهم وجهلهم وحتى كذبهم ونفاقهم. حتى الجبناء دخلوا على الإمام الحسن واستعرضوا بحضرته عضلاتهم الخاوية. هناك من أصحابه من ضربه بخنجر على فخذه ومع ذلك لم يفعل له شيئاً. وهناك منهم من قال له مستهزئاً: ليتك مت قبل هذا وكنت نسياً منسيا. فقال له إنما فعلت ما فعلت إبقاء عليك وعلى أمثالك.
كان يمكن للحسن أن يغامر. ويفعل كما فعل معاوية عندما استمر يدفع بأرواح أتباعه للمحرقة إلى أن اقترب الأشتر من خيمته. عندها فقط استسلم برفع المصاحف. لكن الحسن لم يستطع أن يختصر الأتباع بالأرقام فقط، لم يستطع أن ينسى الأرامل والأيتام، ومعوقي الحرب ومشلوليها، لم يرد للأمر أن يصل حد الفوضى واستباحة الدماء والأعراض وهتك القانون وإعاقة العدالة وتحكيم المستهترين بأرواح الناس. لم يرد أن يسمع صرخة أم ثكلى ولا عويل طفل مفجوع بيتم جاء إليه مبكراً جداً. لم يستطع أن يواجه ربه وخلفه جيش هائل من الأرامل اللواتي يطالبنه بغربة الليالي الطوال ووحشة الساعات الحزينة. لم يستطع الحسن أن يكون أنانياً لهذه الدرجة، لأنه إنسان.



#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى أنت يا كلكامش؟
- اكتاف الفزاعة
- المخيفون
- عَرَب
- ثقافة التنافس
- عيب عليك
- ارضنة الدين
- يوسف.. لا تُعرض عن هذا
- أصالة العبودية
- هل نتمكن؟
- أحمر الشفاه
- التعاكس بين منطق العلم و منطق الخرافة
- أنياب العصافير
- الجينوم العربي
- ال(دي أن أي)
- كريم منصور
- الأنف (المغرور)
- لمثقف الجلاد
- عشائر السادة (الرؤوساء)
- عشائر السادة الرؤساء


المزيد.....




- حمم ملتهبة وصواعق برق اخترقت سحبا سوداء.. شاهد لحظة ثوران بر ...
- باريس تعلق على طرد بوركينا فاسو لـ3 دبلوماسيين فرنسيين
- أولمبياد باريس 2024: كيف غيرت مدينة الأضواء الأولمبياد بعد 1 ...
- لم يخلف خسائر بشرية.. زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب جزيرة شيكوكو ...
- -اليونيفيل-: نقل عائلاتنا تدبير احترازي ولا انسحاب من مراكزن ...
- الأسباب الرئيسية لطنين الأذن
- السلطات الألمانية تفضح كذب نظام كييف حول الأطفال الذين زعم - ...
- بن غفير في تصريح غامض: الهجوم الإيراني دمر قاعدتين عسكريتين ...
- الجيش الروسي يعلن تقدمه على محاور رئيسية وتكبيده القوات الأو ...
- السلطة وركب غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعدون محسن ضمد - سحقا لكم أيها الأتباع