أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - مازن لطيف علي - الروائي محمود سعيد: المؤسسات الدستورية هي من تتيح ازدهار الثقافة وترسيخها(2_2)















المزيد.....

الروائي محمود سعيد: المؤسسات الدستورية هي من تتيح ازدهار الثقافة وترسيخها(2_2)


مازن لطيف علي

الحوار المتمدن-العدد: 2257 - 2008 / 4 / 20 - 07:23
المحور: مقابلات و حوارات
    


حاوره : مازن لطيف علي

شهدنا طيلة عقود طويلة خضوع الفكر والشعر والقصة والفلسفة لسياسات حمقاء متطرفة وعبثية ولا إنسانية.
أن أهم وأكبر عقبة تقف أمام المثقف العراقي امتناع الدول العربية عن منحه تأشيرة لحضور المناسبات الثقافية الرائدة والمتطورة، والكل يعرف أسباب هذا المنع والتهميش. ويحدو الروائي العراقي محمود سعيد الأمل في رؤية يوم يستطيع فيه المثقف العراقي الذهاب بجوازه إلى أي بقعة في العالم ليحضر احتفالات ومناسبات ثقافية وأدبية وفنية، كما يتمنى أن يقوم معرض كتاب سنوي في بغداد، تقوم فيه نشاطات، وورش أدبية، ومحاضرات، ولقاءات، وإلقاءات، وقراءات الخ. الروائي العراقي الكبير محمود سعيد روائي وقاص عراقي حاز على العديد من الجوائز وكتب اكثر من ثلاثين رواية.. نستكمل حوارنا معه في الحلقة الثانية من الحوار:
* قليل من المثقفين العراقيين صنعوا أنفسهم ، واغلبهم صنيعة أحزاب سياسية..ما هو تقييمك لهذه الظاهرة في العراق؟
- هذا شيء طبيعي، لأننا لم نتذوق طعم الحرية في تاريخ العراق الحديث قط، باستثناء المدة القصيرة التي أعقبت ثورة 1958، إن طبيعة سياسة الحكم في العراق لا تقبل بالرأي الآخر مطلقاً، وهذا ينطبق على الأوضاع السياسية منذ قيام الدولة الوطنية سنة 1921 وإلى حد الآن باستثناء مدة قصيرة كان فيها الحاكم عبد الكريم قاسم، فعلى سبيل المثال مدح الجواهري الكثير من رجالات العهد البائد كالملك فيصل الأول ونوري السعيد وعبد الإله، وكثير من الوزراء، وعندما تغير الوضع تغير هو أيضاً فمدح عبد الكريم قاسم بطل الثورة، ثم مدح اكثر أعدائه عداء مثل أحمد حسن البكر وصدام حسين وصالح مهدي عماش.
لقد كان تأييد الحزب الحاكم للأديب ضرورة واقعية لا غنىً عنها قط، لما يجلبه ذلك التأييد من رضا ودعم مادي يؤهل الأديب للعيش والحياة حياة طبيعية، وكان الخروج على السياسة الرسمية للدولة يعني المعارضة، والمعارضة تعني سخط الدولة، وسخط الدولة يعني حجب الدعم المادي، أي ضنكاً في العيش، وعزلة أدبية قاهرة. ومن هنا نشأت جدلية مهمة ظاهرة للعيان هي دعم من قبل السلطة للأديب مقابل خضوع الأديب لرغبات السلطة وتنفيذه وصاياها وأوامرها.
شهدنا طيلة عقود طويلة خضوع الفكر والشعر والقصص والفلسفة لسياسات حمقاء متطرفة وعبثية ولا إنسانية، وهذا يعني أن نتاج تلك العقود موبوءة بالعقم إلا ما رحم ربي.
لكن هذا لا يعني عدم ظهور استثناء. نهض أدباء وشعراء ومبدعون وفنانون اعتمدوا على أنفسهم في بناء إبداعهم، لم يلجؤوا إلى الدولة قط، ولم يستجدوا معونتها، أنتجوا أدباً حياً جيداً فعالاً، لكنهم عانوا معاناة قوية، وجاء تطورهم بالإبداع على حساب راحتهم واستقرارهم، هذا النوع من المبدعين، قلة مع الأسف الشديد في العراق قديماً وحالياً.
* هل يمكننا الحديث عن ظاهرة المدينة -الدولة بالارتباط مع نزعة الانعزال المذهبي والثقافي؟
- المدينة والدولة ظاهرتان متطورتان في تاريخ البشرية، وقد ظهرتا في العراق في وقت مبكر جداً قياساً لما هو موجود في المناطق الأخرى من العالم، وهذا يعني بالضرورة أن يتواكب بناء المدن مع إقامة المؤسسات الحضارية، لأن المدينة تحوي أعداداً كبيرة من البشر، ولا يمكن أن يستقر للبشر قرار من دون مؤسسات تحميهم وترعاهم وتشعرهم بالأمن والسلم والازدهار. ظهور مدينة ما في أي مكان في العالم يعني خطوة إلى الأمام في طريق التطور والتحضر، يعني توديع ونبذ البداوة والتخلف، وظهور المدن في العراق قبل غيره يعني فيما يعني أن في العراق مقومات تساعد لا على إقامة تلك المؤسسات بل ازدهارها ونجاحها. لكن التداعيات المتلاحقة التي حدثت بعد إقامة الدولة العراقية لم تمكن الشعب العراقي من مسؤولين وغير مسؤولين من إنجاز مؤسسات دستورية تتيح ازدهار الثقافة وترسيخها، وهذا يقود بالضرورة إلى فشل ذريع في تحقيق أهم ما يطمح إليه الإنسان الواعي وهو تجاوز التخلف، ظلت الحالة الثقافية في العراق متردية، شبه ميتة، تراوح في مكانها بينما العالم الخارجي يتقدم إلى الأمام بوتائر مختلفة. العراق بلد متعدد الأصول، والأعراق، والأديان، ففيه العربي والكردي والتركماني والآثوري والآرامي واليزيدي وفيه المسلم والمسيحي واليهودي وبلد مثل هذا متعدد القوميات والإثنيات يمكن أن يكون مثلاً أعلى للتآخي والتسامح والازدهار، كما كان في العهد العباسي. إن الفشل في بناء عالم متحضر إنساني أعاق الجهود لإيصال العراق الحالي إلى أخذ مكانه الطبيعي في العالم وبذر فيه بذور التخلف. والتمزق، فسادت النزعات الطائفية والعرقية والإثنية وتدهورت الحالة المدنية، فمحي الأمن وتعذر تحقيق أدنى متطلبات الحياة. وهذا يعني بالأساس أن الانعزال الطائفي والقومي والديني المشاهد هو ظاهرة شاذة لابد من إنهائها.
* المثقف قوة مؤثرة داخل المجتمع ترى هل نستطيع أن نعول على دور المثقف في رسم حياة وحضارة جديدتين في العراق؟
- في كل مجتمع توجد ثلاث شرائح تسيطر عليه وتقود خطاه في الحياة، هي: المثقف، العسكري، رجل الدين. وقد يختلف الترتيب حسب رقي وتطور المجتمعات.
ففي النوع الذي يسيطر العسكري فيه على المجتمع ينسحب المثقف ورجل الدين إلى الظل، ويصبحان مهمشين ومحدودي التأثير، في مثل هذه المجتمعات تسود أنظمة ديكتاتورية شاذة تختلط فيها المقاييس وتضطرب فيها القوانين. فتنحط المجتمعات وتتدهور القيم الثقافية والأخلاقية، لكن هذه المجتمعات التي لا تنعم بالتطور الثقافي تنعم بنوع من المسالمة الاجتماعية لسيطرة القوة الغاشمة التي تحقق مجتمعاً آمناً للجميع بالرغم من تشوهه.
ولا يمكن لشعب أن ينهض إلا إذا طبق نظاماً دستورياً معاصراً، وتطبيق نظام دستوري معاصر يعني بناء مؤسسات الحكم الديمقراطي.
لذا فلا سبيل إلا في سيادة وحكم المثقف. ولذا نرى المجتمعات الحديثة كالمجتمعات الأوربية بما فيها أمريكا، نراها تقف في أعلى سلم الرقي لأنها تطبق نظاماً ديمقراطياً يقوم على تمكين المؤسسات الدستورية من أداء دورها. والديمقراطية تعطي المثقف الدور الرئيس في البناء والتوجيه، هذا لا يعني وجود غير مثقفين في مراكز المسؤولية، فهم موجودون دائماً وأبدا، لكن المثقف هو الذي يبت في كثير من الأمور، لأنه يسيطر على وسائل إعلام لا حد لها، كالقنوات التلفزيونية ومحطات الراديو والصحف الورقية والرقمية الخ، ولهذا يستطيع أن يسير المسؤول الذي يختلف معه في الرأي، ويستطيع أن يفرض رأيه لأنه يوضح للجماهير الفاعلة طرق التطور والازدهار، إن ما نطمح إليه نحن العراقيين هو سيادة قوانين ومؤسسات ديمقراطية في العراق يقودها المثقف لخلق بلد مزدهر متطور.
* ما هي انطباعاتك عن معرض القاهرة واقصد بذلك مدى حضور الكاتب العراقي والاهتمام به؟
- معرض القاهرة الدولي معرض عالمي أحرص على حضوره إن تمكنت كل عام. هذه هي المرة الرابعة التي يحالفني الحظ في زيارته. المعرض واسع جداً ويشارك فيه ناشرون من جميع أنحاء الوطن العربي باستثناء العراق مع الأسف الشديد لأني كنت متلهفاً على تصفح الكتب العراقية التي صدرت في الفترة الحالية في العراق وفي الماضي أيضاً. لقد كان للعراق دور كبير في نشر الكتاب الحديث في عموم الدول العربية، وترجم العراقيون أعمالا أدبية كثيرة وكبيرة في العقود الماضية، كما نشرت فيه كتب تراثية عديدة محققة بعناية ودقة وتمكن.
هناك أحداث جليلة تحدث في معرض القاهرة السنوي، إذ يخطط مهيئو المعرض ندوات تتعلق بالكتاب في معظم أجنحته، وهناك قاعات كبيرة يلقي فيها المثقفون محاضرات عن الحركة الثقافية في العالم كله بما فيها عن العراق. ففي كل سنة تنظم ندوات متعددة يناقش فيها المشتركون قضايا الثقافة في العالم، ومن المستحيل على أي كان أن يحضر هذه الندوات كلها لأنها تجري في وقت واحد، إذ أنها تعقد بتزامن بعضها البعض الآخر، فعلى سبيل المثال هناك غير ندوة مستمرة طيلة اليوم فإن أعجبك أن تسمع محاضرة عن الرواية الفرنسية، على سبيل المثال، فهذا يعني أنك ستحرم نفسك من سماع محاضرة عن تطور الشعر المعاصر في المغرب، وهكذا.
ولا يقتصر الحضور على دور النشر العربية بل تحضر أيضاً بشكل دائم دور نشر أمريكية وأوربية متعددة، فهناك جناح لأمريكا، ومثله لفرنسا، وآخر لألمانيا الخ.
وعادة ما تجري حفلة توقيع بعض الكتب حيث يتواجد المؤلفون في المعرض، ومن العراقيين الذين ساهموا في المعرض الصديقان عدنان الصائغ، والشاعر سعدي يوسف وغيرهما، إذ جرت حفلات توقيع بضعة دواوين وروايات. إن معرض الكتب في أي دولة عبارة عن مهرجان ثقافي وفكري مهم جداً للشعب، للدولة، للمثقف، للجميع.
ولابد من الإشارة إلى أن أهم وأكبر عقبة تقف أمام المثقف العراقي امتناع الدول العربية عن منحه تأشيرة لحضور أمثال هذه المناسبات الثقافية الرائدة والمتطورة. وكلنا يعرف أسباب هذا المنع والتهميش. ويحدوني الأمل في رؤية يوم يستطيع فيه المثقف العراقي الذهاب بجوازه إلى أي بقعة في العالم ليحضر احتفالات ومناسبات ثقافية وأدبية وفنية، كما يحدوني الأمل في أن يقام معرض كتب سنوي في بغداد، تقوم فيه نشاطات، وورش أدبية، ومحاضرات، ولقاءات، وإلقاءات، وقراءات الخ، عندئذ ستكون تلك أسعد لحظة في حياتي. وما ذاك في نظري ببعيد.



#مازن_لطيف_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخرج العراقي جميل النفس: بعد فيلم (ابو غريب) سأوثّق جريمة ...
- مؤسسة الحوار المتمدن تصدر كتابها الرابع في العراق.. واقع الم ...
- الشاعر عبد الكريم هداد: المتغيرات الجديدة في العراق لن ينجح ...
- القارئ بين الكتاب المطبوع والإلكتروني
- راسم الجميلي.. ذكريات وانطباعات من شارع المتنبي
- بوابة التكوين الذاتي
- الهامشيون وثقافة الحرية
- اقليم كردستان وقانون النفط والغاز
- عرس الماي
- فاتن نور: الهوية الإنسانية هاجسي الأهم،اريدها ان تتصدر إنتما ...
- الحوار المتمدن في العراق
- المرأة في شعر الرصافي
- صدور الكتاب الثالث للحوار المتمدن في العراق -اربع سنوات من ا ...
- دور الحزب الشيوعي العراقي والشيوعيين والقوى الديمقراطية في ا ...
- اهمية موقع الحوار الحوار المتمدن واسهاماته وكتابه الشهري في ...
- هادي العلوي .. حلاج القرن العشرين
- نصير الجادرجي : الديمقراطية لم تمارس في العراق في أي يوم من ...
- ثلاثية النفط العراقي
- الفنانة العراقية ناهدة الرماح : المسرح داخل العراق يحتاج إلى ...
- فيرا العراقي..بساطة الرجل وصعوبة المهمة


المزيد.....




- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - مازن لطيف علي - الروائي محمود سعيد: المؤسسات الدستورية هي من تتيح ازدهار الثقافة وترسيخها(2_2)