أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - هوشنك بروكا - كردستان الحاضرة الغائبة، إيزيدياً(8)















المزيد.....



كردستان الحاضرة الغائبة، إيزيدياً(8)


هوشنك بروكا

الحوار المتمدن-العدد: 2257 - 2008 / 4 / 20 - 05:01
المحور: المجتمع المدني
    


كردستان الغائبة إيزيدياً: من يغيِّب من؟
IV. إمارة معطّلة
الغالبية الساحقة من الذين استطلعنا آراءهم، أجمعوا على دور الإمارة "المعطلِّ" و"المعطّل"، في آنٍ، إيزيدياً.
فهناك من قال ب"أمّية" المجلس الروحاني القائم على أعمال الإمارة الإيزيدية، ومنهم من وصفه ب"الجاهل"، و"اللاحكيم"، و"المشلول"، و"العاجز"، و"الخائف"، و"البائس"، و"الهزيل"، و"المرتبك"، و"الإنتهازي"، و"اللاجدي"، و"اللاجدير"، و"المتخلف"، و"الغير قابل للتطور"، و"الأنتي إصلاحي" و"المشوّه"، و"المراوح في مكانه"، و"المؤجل منذ عقودٍ"، و"الخارج على المصداقية والشرعية"، و"الذي لا يقدم من شيءٍ ولا يؤخر"، و"الخارج على مصالح الإيزيديين"، و"المسيّس"، و"المنحاز" لجيبه، أو للجهة التي "تدعمه" أو "تشتري قلبه"...إلخ.
الثابت إذن، هو ان هناك "مجلس شكلي" للإمارة، فيه "نواب فاعلون"(ج نائب الفاعل في الإعراب) بدون "أفعال"، و"أعضاء" منضوين تحت قبته اللالشية، من دون "فعاليات"، أو إدارة عملية لإمارة فعلية حاضرة تُذكر.
فالمجلس الروحاني، من الناحية الفعلية، هو موجود وغير موجود؛ هو محرّك دون أن يحرّك أو يتحرّك؛ هو "مجلس أعلى" و"غير أعلى"؛ هو "يرعى الرعية" و"لا يرعاها"؛ هو "حاضرٌ" في لالش، و"غائبٌ عنها".
المجلس، ساعٍ(كما هو حال أيّة مؤسسة دينية، تجلس في الماضي، وتقدس فيه "الله الماضي" و"الدين الماضي")، في عبادته لكلّ ما هو "قديم إيزيدي": "الله القديم"، و"الكلام القديم"، و"التاريخ القديم"، و"العادات القديمة".
والمشكل ههنا، برأيي لا يكمن في "لماذا الله/ لماذا الدين ؟"، بقدر ما يكمن في "ما وكيف الله/ ما وكيف الدين؟"
قد يسعى كلنا(كلٌ حسب طاقته وكلٌ حسب حاجته)، إلى بعضٍ من الدين، وبعضٍ من الله. ولكن حبّ الله وعبادته في قديمه، لا يعني إطلاقاً، أنّ لا نصيب لله في الجديد، أو أن لا يسعَ الجديد المقيم فينا إلى كلّ جديدٍ عبر جديده(جديد الله).
مشكلة الدين، والقائمين على شئونه، تكمن على مستوى "الإيمان الراهن"، غالباً، في سجنهم لله وعاداته وتقاليده، في غيتوهات "الماضي القديم جداً"، وهو الأمر الذي يوحي بوجود الله "ناقصاً". فخطابهم الناقص "الغير عاقل"، هذا، المؤدي إلى "الله الناقص"، يؤسس في المنتهى، ل"دينٍ ناقصٍ خارجٍ على العقل ومشتقاته"، لأنه "خطابٌ رجعي"، يدعو من أوله لآخره، إلى "إلهٍ كان ولا يكون"، و"إلهٍ غاب ولا يحضر"، و"إلهٍ مضى ولا يأتي"، و"إلهٍ يقف ولا يمشي"، و"إلهٍ تقادم ولا يتقدم"...إلخ.
ف"الله العاقل"، وفقاً للمنظور الديني الذي من المفترض أن يكونه، ليس مجرد "وجودٌ كان" وثم توقف وغاب. وهو ليس مجرد "وجودٍ قديم"، ل"فاعلٍ قديم" قام ب"أفعالٍ كونية قديمة"، كي يؤسس لهذا الكون، في كونه مكاناً قديماً، أو فضاءً قديماً، لموجوداتٍ قديمة فحسب.
الله المفترض، هو وجودٌ مستمر في الماضي المستمر، والحاضر والمستقبل المستمرين. وعليه، فإنّ الله الذي لا يستوعب جديد العالم(كلّ العالم وكل الجديد: الإنسان الجديد وعاداته وتقاليده وثقافته الجديدة)، لا يمكن له أن يكون "رباً للعالمين"، أو رباً لكل العالمين، من قديمهم إلى جديدهم.
في مقاله "بين التاريخ، وبين النفاق يتخبط المثقفون الايزيديون!"(06.06.06)، لدى تشخيصه للحالة الإيزيدية الراكدة "المتكلسة"، يرى د. خليل جندي في "رجعية" مؤسسة الإمارة، سبباً أساساً، وراء "مرض" الإيزيديين "المزمن"، الذي يحول دون "تقدم" الإيزيدية اجتماعاً وثقافةً. ففي سياق رده على سؤالٍ لأحدهم، من قبيل "هل البديل هو تسليم الإيزيديين أمرهم للأحزاب الكردية"، يجيب د. خليل بسؤالٍ فيه أكثر من جواب: "أليست الأحزاب الوطنية أكثر تطوراً ومدنيةً وديموقراطية من مؤسسة الامارة؟"، وذلك في إشارةٍ واضحة على "تقدمية" الأحزاب الكردية على "رجعية " مؤسسة الإمارة(المجلس الروحاني الأعلى). علماً "أن هذا الأخير الذي نلاحظه اليوم، لا يعتبر من صلب الديانة الايزيدية، وإنما هو حديث العهد يعود تاريخ تشكيله حسب وثائق رسميه الى 1/تموز/1928، بمعنى أن عمره يقل عن (78) عاماً(أي ثمانية عقود إلى تاريخ كتابة هذه الدراسة)"(د. خليل جندي: المقال ذاته).
د. ممو عثمان، أيضاً، قال "فشل" المؤسسة الدينية، و"كابحيتها" ك"أعلى "فوق إيزيدي معطّل"، و"التي تقف كحجر عثرة أساسية، في الطريق إلى أي جديدٍ" من شأنه أن يدخل الإيزيدية إلى الحاضر، "وذلك لجهل القائمين عليها، بالدرجة الأولى، وخوفاً على مصالحهم العائلية والشخصية، المرتبطة مع مع هذا الحزب او ذاك".
وعلى الرغم من "الدور الديني" الكبير الذي تشغله المرأة في النصوص الإيزيدية المقدسة، وميثولوجيتها، إلا أنّ هناك "غياباً كاملاً وأكيداً"، لدور المرأة في "صناعة القرار" في "المجلس الروحاني الإيزيدي الأعلى"، الخالي من "نصف الإيزيدية"، و"نصف إلهها" المعطّل ذكورياً.
وهو الأمر الذي دفع، بالبعض من "ممثلات"، هذا "النصف المعطّل"، كعضو البرلمان الكردستاني السيدة مريم باباشيخ، إلى "مطالبة المجلس الروحاني الإيزيدي، بتفعيل دور المجلس تجاه إيزيدييه، وتفعيل دور المرأة فيه. فالمجلس عوّدنا على الكلام لأجل الكلام" وعليه تسأل البرلمانية باباشيخ: "إلى متى سنظل هكذا نتكلم كثيراً ولا نفعل إلا قليلاً؟"
أما الكاتبة سندس النجار، فتدعو إلى تفعيل دور "النصف المعطل"، عبر "حل المجلس الإستشاري الحالي الغير منتخب ديمقراطياً، وتأسيس مجلس آخر، بدلاً منه، برئاسة أمير الديانة، ويضم السادة رجال الدين، ويختص بالشؤون الدينية والطقسية فقط .(...) إضافةً إلى تأسيس مجالس أخرى مختصة بالشئون الثقافية والإدارية والمالية، تابعة بشكل مباشر للمحكمة الشرعية، أسوةً بالصابئة المندائيين.
وترتبط هذه المجالس جميعاً بمجلس اسمه مجلس العموم، شرط أن يكون رئيسه(أو رئيسته) مستقلاً/ مستقلةً، منتخباً/ منتخبةً، من عامة الشعب، بناءً على الكفاءة، وليس بالضرورة من اسرة الأمارة. أما الأمير فيكون رمزاً يمثل للأيزيديين عن الشؤون الطقسية والدينية في المحافل المحلية والدولية".
من هنا دعا الوزير محمود عيدو المجلس الروحاني، إلى "ضرورة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل سواءً بسواء، في قانون الأحوال الشخصية الإيزيدية والمجتمع الإيزيدي بعامة، لأن المرأة هي نصف المجتمع، والمرأة هي أم لنصف العالم".
أما مستشار الرئيس العراقي للشئون الإيزيدية عيدو بابا شيخ، فتمنى هو الآخر بدوره، على "القيادة الدينية، أن تكون أكثر إصراراً وعزماً لمتابعة وتحقيق الحقوق والمطاليب الإيزيدية، وأن تكون أكثر حراكاً، بمختلف الإتجاهات، كردستانياً وعراقياً، وعلى أكثر من صعيد ومستوى".
في المقابل، هناك البعض ممَن شكك في قدرة هذا "الفوق الإيزيدي المعطّل" أصلاً، على مواجهة تحديات التغيير، والدخول إلى الحاضر والمستقبل، من خلال الخروج على القديم، سواء كان هذا القديم ديناً، أو اجتماعاً، أو ما بينهما من ثقافةٍ ماضية.
المسؤول عن مركز لالش بألمانيا الكاتب مراد مادو مثلاً، يرى أن المجلس الروحاني "يدور في حلقة لا مخرج منها.(...) فلا هو قادر على التعامل مع القديم تجنبا للإحتكاك مع الجديد ولا هو قادر على التعامل مع الجديد خوفاً من القديم. (...) في كل الاحوال المجلس الروحاني لايستطيع في حالة تفعيله أكثر من بناء الشكليات، لابل قد يشكل في حالة تفعيله، حاجزاً امام الكثير من التطلعات الحضارية التي نرنو اليها لتبدا حينها عملية العد العكسي".
كذا الإعلامي دخيل شمو، يرى بأن "القيادة الدينية الأيزيدية (المجلس الروحاني)، هي عاجزة، عن تناول أبسط الأمور الدينية أو مناقشتها. فهي، والحال هذه، عاجزة بمجلسها الراهن، عن مواجهة ومواكبة أحداث العالم المتسارعة. هي من ناحية، هيئة لا علم لها بما يجري حولها كردستانياً و عراقياً، أو ما يجري في العالم من أحداث وتطورات، سواء كانت لصالحها أو بالضد من مصالحها و مصالح ديانتها، وهي، من ناحية أخرى، مرتبكة و خائفة حتىّ من إجراء اصلاحات طفيفة، أو الحديث فيها، كالمهر وحق المرأة في الميراث في المجتمع الأيزيدي البسيط جداً، و الصغير جداً".
أما الناشط السياسي ناظم ختاري، فيصف المؤسسة الدينية الإيزيدية المممثلة ب"المجلس الروحاني"، ب"المؤسسة الناقصة أو المنقوصة" و"المشوهة"، وهي مؤسسة دينية بالإسم فقط، لأنها "شحيحة" في مجال العلوم الدينية، فضلاً عن أنها خرجت عن "خطها الديني"، متحولةً إلى "خط السياسة"، ما أدى إلى ظهور بوادر ظاهرة(أو شبيهها)، يمكن تسميتها بظاهرة "الإيزيدية السياسية". لا بل والأنكى(على حد قول ختاري) هو تسابق أعضاء المجلس الروحاني لتسجيل أسمائهم في خانة الأحزاب السياسية، كما كانت العادة في عهد الديكتاتورية البائدة، حتى آل المجلس، من خلال أعضائه المشتتين بين هذا الخط الحزبي وذاك، إلى "واجهات سياسية".
وربما لهذا السبب أو أسباب أخرى لا مجال لذكرها، دعا الوزير محمود عيدو إلى ضرورة "تحييد" المجلس الروحاني وفكه عن السياسة و"لعبتها"، فيقول: ، "المجلس الروحاني الإيزيدي الأعلى، كما يبدو من تسميته، هو مجلس ديني، أو هكذا يُفترض أن يكون. ولكن للأسف لم يحدد المجلس للآن شكل ووجهة هويته. عملياً، كما يبدو من اصطفافات المجلس، فإنّ أمير الإيزيدية الذي هو رئيس المجلس، محسوبٌ على الديمقراطي الكردستاني، أما البابا شيخ، رجل الدين الثاني في المجلس، فهو محسوبٌ على الإتحاد الوطني. ولكن ما أراه(والكلام للسيد الوزير)، هو ضرورة ابتعاد كل المجلس وأعضائه عن السياسة والتحزب، وتجنب الدخول في مساجلات وقضايا واصطفافات سياسية، هم في غنى عنها. فلايمكن لمجلس ديني كهذا، أن يقع تحت تأثير أجندات سياسية معينة لحزبٍ أو إتجاهٍ معين، ويدعي في الوقت ذاته، على أنه مجلس أعلى، ويمثل كل الإيزيديين. السياسة والأحزاب السياسية هي واقع يعيشه الإيزيديون أيضاً، ككل مكونات كردستان، هذه أمور دنيوية تندرج ضمن خانة الحريات الفردية، التي لكلٍّ حق ممارستها كما يشاء، ولكن على أعضاء المجلس الروحاني تجنب السياسة والدخول في دهاليزها، لأن الدين هو لله، ويجب أن يبقى حيادياً من سياسة البشر. لذا، من الضروري على هذا المجلس، بإعتقادي، أن يسعى كل جهده إلى فصل الإيزيدية كدين عن الإيزيدية كدنيا. فمثلاً لدى اجتماع المجلس وأعضائه مع القيادة الكردستانية، يرى الوزير عيدو ضرورة الإحتفاظ بحياديته، والجلوس في الطرف الآخر من الطاولة، لتجنب الإيحاء بالإنحياز لهذه الجهة السياسية أو تلك، هكذا تتصرف المؤسسات الدينية ورجالها في الغرب الذي يفصل الدين عن الدولة وسياستها".
الإمارة، بحسب رأي الكاتب حسين حسن نرمو، هي من يوم يومها، "مسيّسة"، ولكن الغريب في سياسة الإمارة هذه(حسب رأيه)، هو أن الأمير يسيّس كل الإمارة وفقاً لمصالحه الشخصية التي في وادٍ، فيما مصالح الإيزيديين(الرعية) مهمشة في وادٍ آخر، فيقول: "وبالطبع سياستهم هذه مستمرة لحد الآن لنرى الآن سمو الأمير مع أحد الأطراف السياسية القوية في الميدان وأخيه مع الطرف الآخر وأبن أخيه كان عضو برلمان عراقي ورشح نجله لمنصب مستشار حكومة كوردستان وهلم جرا".
من هنا يعتقد الكاتب حسين حسن نرمو، "بأنهم مع مصالحهم في وادِ والأيزيدية(رعيتهم ) في وادِ آخر ، ولا بد من القول بأن الأمارة في خبر كان معطّل".
بعيداً عن السياسة وأحوالها، يصف الكاتب حسو نرمو "المجلس الروحاني"، انطلاقاً من العامل الذاتي، ب"المجلس الأمي" المكون من "مجموعة من الناس الأمييّن، الذين لا يفقهون شيئاً لا عن الدين ولا عن الثقافة ولا عن السياسة. فقط، يحتفظ البعض منهم ببعض النصوص الدينية لا غير". عليه فهو لا يرى في هذا المجلس، "سوى مجرد مجلسٍ شكلي من الناحية العملية".
أما عن هيئته الإستشارية "المعينة بقرارٍ أميري"، فيرى الكاتب حسو نرمو، أنّها مجرد "هيئة روتينية، صورية"، ولا يشكل فيها أعضاؤها سوى مجرد "أرقام" مضافة إلى بعضها البعض، فيقول: "بالرغم من أن هذه الهيئة تضم في عضويتها الشخصيات الايزيدية الاكثر نفوذاً، إن صح التعبير، لكونها تشمل بالاضافة الى وكيل الامير، و "نائبه"، وأعضاء المجلس الروحاني، ففيها الوزراء، والبرلمانيين، ومستشاري الرئيس العراقي مام جلال ورئيس حكومة الاقليم كاك نيجيرفان، والكوادر الحزبية المتقدمة وبعض الشخصيات الاجتماعية، وكلها من حملة الشهادات الجامعية والشهادات العليا، رغم كل ذلك، فهي(الهيئة) الآخرى لا تعدو في كونها أكثر من هيئة صورية لم يتعدى نشاطها سوى عقد بعض الاجتماعات الدورية الشهرية والقيام ببعض الاعمال الروتينية الصغيرة التي لا تستحق الذكر. لا بل والغريب، هو أن الكثير من الاعضاء لا يتجاوزون في كونهم، أكثر من رقمٍ، أو مضافٍ أو جارٍ ومجرورٍ، ضمن تشكيلة هذه الهيئة".
وليس لهذه الهيئة أي مستقبل ممكن ل"تفعيل دورها"، لأن أية محاولة جدية لدفع الهيئة نحو التفعيل، بحسب رأي الكاتب حسو نرمو، ستصطدم برد فعل عكسي معارض، "من لدن الأمير وأعضاء المجلس الروحاني وبعضاً من أعضاء الهيئة أنفسهم، ظناً منهم أن أي تفعيل لأعمال اللجنة، سيكون على حساب صلاحياتهم وإمتيازاتهم".
في حين أنّ الكاتب مجيد حسو ينفي وجود إمارة إيزيدية حقيقية أصلاً، فيقول: "لکل امارة مفهومها ومقومات وجودها الاساسية وهذه ليست فقط للامارة الايزیدية وانما هي مفاهيم عامة تستند عليها جميع الامارات .. لايوجد حاليا في کوردستان امارة سوران، امارة بابان، امارة العمادية کما لايوجد هناك امارة ايزيدخان فکيف يصح ان يختزل کل الامارة بشخص اميرها".
وفي الإمارة الحقيقية، فيما لو وجدت، بحسب الكاتب مجيد حسو، "يجب ان يکون ولاء ووفاء الرعية لراعيه علی اساس المحبة والثقة والحکمة التي يتمتع بها الراعي وليس علی اساس الخوف من العاقبة والوعد والوعيد. عفی الزمن علی ان يکون کل الربط ، الحلال والحرام ، الحب والکره بيد فئه امية غير عالمة لا بامور الدين ولا بامور الدنيا".
عليه، يصف الكاتب صباح كنجي المجلس الروحاني ب"المؤسسة الهزيلة، والبائسة"، ويرى ضرورة "التخلص من آثار الماضي ، الذي ولد الكثير من العقد والصفاتِ ، التي تعرقلُ وتشلُ قدرات الفرد والناس عموما ً، وتمنعهم من الحركة والمبادرة ، وتحجم طاقاتهم ، من خوف وتردد ، وتنمية روح الثقة بالغد الأفضل الذي لنْ يحققه ُ الإنتهازيون والعجزة .
لذا يؤكد الكاتب كنجي بإلحاح، على ضرورة "التفكير بخلق المؤسسات الفعلية ، في كافة المجالات بما فيها ، ما يطلق عليها الآن ، مؤسسة المجلس الروحاني الهزيلة والبائسة ، التي لم تقدم شيئا ً للأيزيديين لحد اليوم ، وتفعيل دورها ، من خلال إعادة ترتيب أوضاعها وجعلها مؤسسة فعلية ، غير خاضعة لإرادة فرد أو مجموعة أفراد . ممن يتحملون جزءً كبيرا ً، من معاناة الأيزيدية اليوم ، بسبب سعيهم وراء مصالحهم الشخصية ، وتفضيلها على المصلحة العامة".
ثم يتساءل الكاتب صباح كنجي، قائلاً: "لماذا لا تنتج المؤسسة الدينية سركيس آغاجان إيزيدي؟"
الناشط السياسي ناظم ختاري، يوصل القارئ عبر رأيه، بأن "المجلس الروحاني، هو مؤسسة دينية عقيمة، أمية، غير قادرة على إنتاج أي إنجاز أو تقدم أو تغيير أو تطوير"، وذلك "لعجز أعضائه عن أية استقلالية للبت في أي رأي حول شؤون الدين وعلومه، علاوة على تمتع كافة أعضائه بلاشيء في علوم القراءة والكتابة، وما يعانونه من شحة في مجال علم الصدر (العلم الشفوي) الذي ينتقل من جيل إلى آخر . وثمة حاجة إلى القول إلى أن هذا المجلس بتشكيلته المعروفة لم يقدم في كل تاريخه على تغيير أو تطوير أي شيء فيما يتعلق بتعاليم الدين ( الشفوية ) ولم يكن له أي دور في إعطاء أية تفسيرات حول فلسفته ، ولا كذلك له أية إنجازات أو إضافات في الجوانب الأخرى من العلوم الدينية في الواقع ، كما أن أدوارهم في معالجة معضلات ومشاكل الأيزيدية في الجانب الاجتماعي كانت في الغالب سلبية ، وخصوصا عندما كانت القضايا المطروحة أمامهم في هذا الجانب هي قضايا المهر والعداوات العشائرية ، والتي لم تجد لها طريقا للحل الإيجابي إلى يومنا هذا".
إذن ما يسميها الكاتب وسام جوهر ب"مجموعة بيت الامارة و المجلس الروحاني الى جانب بعض الشخصيات و الوجوه، لم تكترث في كل عمرها لشيء سوى لجيبها و اسمها".
الكاتب والحقوقي سعيد صالح يذهب في نقده للمجلس الروحاني وأعضائه أبعد، فيصفهم ب"الأميين" و"المشغولين بحصتهم في الكعكة"، و"اللاعبين بمصير الإيزيدية"، فيقول: "اما بشأن المجلس الروحاني الايزيدي فحدث ولا حرج، حيث جلّهم من الاميين لا يجيدون القراءة والكتابة، فكيف بهم ان يبادروا الى المطالبة بحقوق الايزيدية، ومساواتهم مع غيرهم من اطياف الشعب العراقي، وهذا هو واجبهم بالطبع، ولكن علينا ان لا نكون خياليين، وأن نتوقع منهم مثل هذا الإهمال والتسيب واللعب بمصير الإيزيدية، والسبب وللأسف الشديد، هو ان الكبار منهم، لا يبالون إلا بحصتهم في كعكة الرواتب".
أما عن "أسباب تمسك المجلس الروحاني بوضعيته ومصالحه المترسخة في ذهنه والتي ستدوم للابد"، فهي بحسب رأي الصحفي خضر دوملي تعود إلى "عدم وجود خطاب او توجه مباشر له بهذا الخصوص".
لذا، وبالرغم من عدم تبرئة الوزير السابق السيد جميل خدر عبدال المؤسسات الإيزيدية الأخرى من المسؤولية التاريخية أمام راهن الإيزيديين، إلا أنه يحمّل "المؤسسة الدينية والمتمثلة بالمجلس الروحاني، القسط الاكبر من المسؤولية، لانها هي التي تمثل الايزدية، من الناحية الرسمية". عليه، يرى السيد الوزير "بأن هذه المؤسسة، ليست بالمستوى المطلوب، وهي لا ترتقي الى مستوى الاحداث والتطورات السريعة في العراق وكردستان".
في حين أن الكاتب حسو هورمي، يعتقد بأنّ "المجلس الروحاني و على رأسه الامير تحسين بك غير قادر على عمل المزيد".
الكاتب شفان شيخ علو ينتقد بدوره المجلس الروحاني فيصفه ب"المشلول"، وب"اللاحكيم" في تعاطيه مع راهن الإيزيديين، وب"العاجز عن فهم ما يحيط بالإيزيديين من تطورات"، فيقول: "ها نحن بعد سنوات من التغير الذي حصل في العراق، والمجلس لا يزال غير قادر على فهم متطلبات المجتمع والاصلاحات، للتماشي مع العصر والتطورات التي تحصل في هذا العالم. (...) فالمجلس لم يكن حكيما مثلاً، لاتخاذ القرار في خصوص الفتاة دعاء قبل وقوع الحادثة، لا سيما وكان أعضاؤه على علم ودراية بمشكلة الفتاة...وعدم الاسراع في اصدار بيان استنكار بعد الحادث من قبل المجلس اثبت بانه يعاني الشلل في فن التعامل مع الحدث"
لدى تشخيصه لأسباب "انعدام الوحدة" بين الإيزيديين واستفحال مشاكلهم، يحدد الكاتب والسياسي صبحي خدر حجو "المجلس الروحاني"، ويشخصه بإعتباره سبباً أساساً وراء ما آل إليه الراهن الإيزيدي، وذلك لأن "امير الايزيدية بشكل خاص والمجلس الروحاني بشكل عام ، لا يقومون بما هو مطلوب منهم من مسؤولية وواجبات ازاء المجتمع الايزيدي ، ولشتى الاسباب منها خاصة متعلقة بشخص الامير والمجلس الروحاني ، واخرى بالظروف والاوضاع المحيطة بالايزيدية".
أما السيد وعد حمد مطو، الأمين العام لحركة الإصلاح والتقدم، فيصف من جهته، الأمير(رغم احترامه الشديد له) ب"ساعي بريد حزبي"، "لا يقف بجدية وصدق مع معاناة شعبه، رغم قناعنه التامة، بعدم مصداقيته مع نفسه ومع شعبه "، فيقول: "أميرنا تحسين بك ظهر عبر الفضائيات وهو في لقاء مع السيد نوري المالكي، يطالب هذا الأخير بعدم تسليح الايزيدية، تخوفاً من حدوث اقتتال داخلي بين ابناء الديانة الواحدة، في الوقت الذي يعلم فيه الأمير بأن تسليح الايزيدية، هو الحل الامثل، للتغلب على الجزء الاكبر من معاناة شعبه، لأن تسليح 16 الى 20 الف مواطن ايزيدي، يعني في الحقيقة، تحرير 20 ألف عائلة ايزيدية، من الفقر والجوع، والتشرد. ولكن الامير، كان دوره في الحقيقة، هو إيصال رسالة من الجهات الحزبية الى رئيس الوزراء، كساعٍ لبريدهم الحزبي(مع احترامي الشديد له)، رغم علمه بان محتوى الرسالة، هي في الأساس، ضد حقوق شعبه. علماً أنه كان لدى الامير القناعة التامة، بعدم مصداقيته مع نفسه ومع شعبه، في ذلك الحدث وإضافةً إلى أحداث أخرى كثيرة".
ونظراً لوجود "الكثير الموثوق(بحسب السيد مطو) لدى الشعب الإيزيدي من هذه الانتهاكات، التي نُفذت من قبل تلك المراجع الايزيدية، سواء كانت دينية، ام ثقافية، ام سياسية، لذا فهو يرى بأن المسؤولية الرئيسية، تقع على عاتق القيادتين الكرديتين، لان المراجع الايزيدية، ليست سوى أدوات تحت الطلب، بيد الحزبين".
ربما لهذا السبب أو لأسباب أخرى غير معلومة كثيرة، يحمّل الكاتب علي سيدو رشو "القيادات الدينية والعشائرية الممثلة بشخص سمو الأمير المسئولية أمام الله، عّما يحصل الآن من دمار للأمن القومي الإيزيدي".
والظاهر، وفقاً للكثير من الآراء، هو أن أمير الإيزديين الذي يترأس أعلى مجلس روحاني إيزيدي لم يستوعب دوره للآن، بإعتباره "رأساً" لدين الإيزيديين ودنياهم. الكاتب بير خدر جيلكي، يسرد حادثةً من أواسط القرن الماضي، كدليل من الأدلة الكثيرة، على سوء فهم الأمير لموقعه ودوره، فيقول: "عند تشكيل مجلس النواب العراقي في حوالي سنة 1949 ذهب الأمير الحالي (تحسين بك ) الى والي الموصل مطالباً إياه بتسجيل أسمه في قائمة المرشحين لتلك الأنتخابات فقال له المحافظ: يبدو بأنك لا تعلم من هو أنت ومنصبك الديني والدنيوي، فأنت أمير وشيخ مثل أمراء وشيوخ ورؤساء دول الخليج الحالية، لذا أذهب الى ملك العراق والحكومة البريطانية، وأطلب منهم دولةً بدلاً من مقعدٍ لعضو بسيط في مجلس النواب!"
لكن السيد زيدو باعدري يعتقد خلافاً لكل لآراء السابقة، بأنّ هناك إمارة فعلية قائمة، يقودها "أمير خاص مقدس"، صمدت للآن، كإمارة "دينية دنيوية"، لأن "نظام الإمارة الإيزيدية، يختلف تماماً عما غيره من الإمارات المعروفة عبر التاريخ، لأن المير الإيزيدي يكتسب صفته كأمير للإمارة او رئيساً لها، من كونه خاصاً من الخاصين بحسب الإعتقاد الإيزيدي، حيث يرد في النصوص الدينية المقدسة ذكر أكثر من 170 ولياً وخاصاً مقدساً، وثم يأتي بعد كل هؤلاء مباشرةً ذكر المير كخاتمة لهم. كل الإمارات الكردية السابقة الأخرى زالت عن الوجود واندثرت، لأنها كانت إمارات دنيوية، على عكس الإمارة الإيزيدية التي ظلت للآن، لأنها كانت ولا تزال إمارة دينية ودنيوية في آنٍ واحد".
إلا أنّ حقيقة "المجلس الروحاني الراهن"، كما تظهر من الوثائق التاريخية، لا تتفق مع "الصفة القدسية" التي يضفيها البعض عليه، ف" المجلس الروحاني الايزيدي الأعلى(والكلام للدكتور خليل جندي) ، هو مجلس حديث التشكيل، لا يتجاوز عمره الثامنة والسبعين عاماً. يعتبر مجلساً اجتماعياً أكثر من كونه دينيا صرفاً. المجلس الديني الحقيقي يتجلى من خلال مراسيم ال(سه ما) الفردية وليس الزوجية، وعددهم سبعة- ربما بقدر الكواكب والأيام والملائكة السبعة- ويأتي تسلسلهم بالشكل التالي: (سادن مزار لالش الذي يلبس التاج والحل/الجبّة والذي يمثل الشيخ آدي في المقدمة- بيشيمام مركه- مير حج- شيخ الوزير- أحد شيوخ الشيخ اسماعيل أو عبدالقادر- بير ايسيبيان- أحد الكواجك)، ولا نجد فيه شيخاً يمثل شيوخ (محمد الباطني) الذي ينتمي اليه بيت الأمراء الحاليين، بل يمثلهم شيوخ من القاتانية (الشيخ اسماعيل العنزلي والشيخ عبدالقادر) وتسلسلهم هو الرابع، ولا نجد حتى ال(بابا شيخ) في هذا الطقس الديني الفردي. ومن باب (المجاملة) فأن من يمثل الأمير اليوم هو (المير حج)، علماً كان هذا الأخير ينتمي هو الآخر لعائلة الشيخ حسن وفي أوقات لاحقة سادن (عين كانيا سبي= العين البضاء). إذن حسب الأصول الدينية الصحيحة لا يعتبر الأمير رئيساً للمجلس الروحاني، ولا يعتبر البابا شيخ هو الآخر رئيساً للمجلس الروحاني كما يفهم خطأً، ومن يمثل العائلة الشمسانية هو شيخ الوزير في مراسيم ال"سه ما". أما رقصة ال"سه ما" الزوجية التي يقوم بادائه أربعة عشرة شخصاً، تدخل أيضاً في باب المجاملة وترضية كل الأطراف غير المشاركة في المراسيم الفردية!. وإذا كان الأمير لا ينتمي بالأصل الى " المجلس الروحاني" فكيف يكون رئيسهم؟!"(بين التاريخ، وبين النفاق يتخبط المثقفون الايزيديون!، 06.06.06)
من هنا يرى د. خليل جندي بأن "الإمارة والمجلس الروحاني لا يملكان تلك الشرعية، فكيف يكون القرار الصادر منهما شرعياً؟! هذا يقودنا إلى المطالبة بعملية الاصلاحات أولا إبتداءً من القمة الى بقية مفاصل المجتمع الايزيدي المنهمك، وبعدها يطلب من نفر هنا وهنالك أن ينادي بالحديث عن المرجعيات (رغم أن كلمة المرجعية أصبحت غير محبذة)!"(ذات المصدر)
كذا اللواء حسين مرعان، سليل عائلة المجيور المعروفة، والقريبة من شئون الإمارة وأسرارها، يرى من جهته، بأنّ "الأمير ليس شخصاً مقدساً، إلى الأبد، لكي يبقى سلطاناً إلى أبد الآبدين. لذا يجب أن يكون الأمير كأي حاكم آخر مسؤولاً أمام رعيته، وأن يدفع كغيره من الناس ثمن أخطائه".
"أنّ الحقوق(بحسب الكاتبة عروبة بايزيد) تؤخذ بالقوة ولاتعطى كهدايا، وعلى هذا فمن لم يكن كفوءاً لقيادة الايزيدية يجب أن يبدله الشعب بالاجماع وأن ينحيه عن منصبه، وليس كما هو حالنا اليوم، حيث الامير بيده كل زمام الامور والسلطة، ولايستطيع احد ان ينحيه من منصبه مهما اساء ومهما فعل".
لهذه الأسباب وأسباب أخرى يرى اللواء حسين مرعان، بأنّ "على الإيزيديين(وفي مقدمتهم عائلة الإمارة) التفكير الجدي بتنصيب أمير شاب كفوء أو أميرة شابة كفوءة، على درجة كافية من العلم والمعرفة، لإدارة دفة الإمارة وشئونها".
قريباً من هذا الرأي واستكمالاً له، ترى رئيسة تحرير أنا حرة الكاتبة عروبة بايزيد، "بان الامارة يجب ان تكون بالترشيح الديمقراطي فيختار وجهاء ومثقفو الايزيدية ورجال الدين ( المجلس الروحاني والاستشاري ) اسماً من عائلة امراء الايزيدية ومن يستحق ان يكون خلفاً للامير من بعد موته ويهيئوه للامارة بشرط ان يكون من يتم ترشيحه للاماره خادماً للامارة وليس سلطاناً عليها، وان يضع في حسبانه بأن عائدات لالش تصرف من اجل المصلحة العامة وليس للمصروف الشخصي كما يجري اليوم، وان يطالب بامارة ايزيدخان". أما "المرشح للامارة، بحسب رأي الكاتبة عروبة فعليه ان لايكون منتميا لاي حزب او جماعة وان يكون باب مفتوحاً الترشيح لكلا الجنسين ذكوراً واناث. فلما لا ونحن في زمن اجتاحت به المراة كل ميادين الحياة وطرقت ابوابها فاصبحت وزيرة للدفاع ورئيسة للوزراء وبيننا نحن الايزيدية برلمانيات ومن طرقن سلك الشرطة واصبحن ضابطات فهل نسائنا اقل شأناً من الاخريات فلماذا نستبعد ان تحكمنا يوما ما امراة !!"
وبناءً على هذا الطرح الذي يساوي بين حقوق الجنسين في الترشح للإمارة، تقترح الكاتبة عروبة ترشيح الكاتبة والحقوقية عالية بايزيد، بإعتبارها "شخصية أميرية كفوءة" لمنصب "الأميرة القادمة"، في القادم من الإمارة، "لأنها(والكلام للكاتبة عروبة) هي الاكفأ لهذا المنصب، والجميع يشهد لها بالقدرة والذكاء". ثم تتساءل الكاتبة: "فلماذا نستبعد ان تكون المحامية الكاتبة عالية اميرةً على الايزيدية يوماً ما؟ الن يكون حالنا وامورنا افضل بكثير مما نحن عليه اليوم !!! فهي ايضا من اب كان اميراً على الايزيدية، وامٍ من بيت الامير. وهذا يعني ان جميع الشروط مستوفية فيها".
الأمارة، إذن، حسبما يقول الكاتب بير خدر جيلكي، "شاخت ويجب أن تنتقل الى مرحلة جديدة وتسلّم إلى أيدٍ أمينة وخاصةً الجيل الجديد وبواسطة الإنتخابات العامة، وأن تحدد للأمير صلاحيات محدودة وليست كما هو عليه الآن، أي أن تنتخب دورياً لجنة مالية مستقلة، للإشراف على واردات معبد لالش والسناجق طاووس وبقية المزارات".
والحال، فإنّ الأمير قد فقد بحسب البعض الكثير من الآراء المستطلعة، شرعيته ك"راعٍ" كفوءٍ، لتدبير شئون رعيته الإيزيديين. وبحسب رأي اللواء حسين مرعان، فأن الأمير، فضلاً عن فقدانه لشرعيته، فهو كان ولايزال "سبباً أساساً"، وراء "تقسيم الإيزيديين وتفرقتهم"، وهو "يعتقد بأن الأمير قد فقد شرعيته لعدة إعتبارات:
أولاً، تعاطيه السياسة، خلافاً لمنصبه كرجل دين، فهو يتقرب من السياسة ومن هذا الحزب أو ذاك حسبما تقتضيه مصالحه الشخصية، ليصبح أميراً محسوباً على أطراف سياسية محددة.
ثانياً، عرضه للمقدسات والمزارات الإيزيدية للمزاد العلني، طمعاً لكسب أكبر قدرٍ من المال، وهو الأمر الذي يفقد الرموز الدينية قدسيتها وهيبتها.
ثالثاً، احتكار الأمير لمنصبه، كسلطان يحكم بالحديد والنار، دون مراعاة ما توصل إليه عالم اليوم، الأمر الذي أدى إلى تخلفه عن الركب الحضاري من مختلف الجوانب (سياسياً، اجتماعياً، ثقافياً).
من جهته يقترح د. خليل جندي أن "يتخلى الإيزيديون عن "الإمارة" كلياً، أو جزئياً وذلك من خلال "تجريد الأمير من صلاحياته، ليظل رمزاً لهم"، فيقول: "لا يهمنا إسم الأمير، اليوم يحكم زيد وغداً يحكم عبيد. فقد أبدينا موقفنا من هذه المؤسسة في أكثر من مقال، ولا حاجة للتكرار ، عفى الزمن على مؤسسة الامارة وإنتفت الحاجة اليها. أما إذا كان الايزيديون مغرمين بالقديم، فلا بأس أن يجرد الأمير المفترض من صلاحياته ويبقى رمزاً كما هو الحال في العديد من الدول الاوربية للمراسيم البروتوكولية. في المحصلة النهائية تلتقي مصالح (الأمير) والشخص الأول أو (الأشخاص) في النقطة الأولى في عدم إستقرار الحالة الايزيدية ، وهم المسؤولين الرئيسيين والمباشرين عن تردي الوضع الايزيدي".
إلا أنّ السيد زيدو باعدري لا يتفق، كما يبدو من طرحه، إطلاقاً مع الطروحات والإنتقادات السابقة، فهو كما يقول مع "النقد البناء بدلاً من النقد الهدام"، ويرى بأن على من يريد انتقاد الإمارة، أن ينتقدها "بإنصاف وضمير ووجدان"، و"يجب على المثقفين(بحسب باعدري) أن يقوموا بنقدٍ بناء من أجل مستقبلٍ أفضل للإيزيديين وأمير أفضل لهم، لا كما يفعله بعضٌ من المثقفين الهدامين، الذين يريدون تحت إسم الثقافة هدم الإمارة وثم هدم الإيزيدية". لأن "أصالة المير تعتبر(بحسب السيد باعدري) مقدسة"، ولأن "الأمراء كلهم بلا استثناء قد عانوا الكثير من القتل والتشرد والنفي، وذلك على أيدي المتنفذين في كلٍّ من بغداد وطهران واستانبول"، ولأن "الأمير والباباشيخ، هما(والكلام لا يزال لباعدري)، بمثابة البابا في الفاتيكان، والسيستاني في النجف وشيخ الأزهر في مصر".
ولكن هذا لا يمنع السيد باعدري(كما يقول) من نقد الإمارة، وهو إذ ينتقد بيت الإمارة فإنما "يرجو من الفاعلين فيه تفادي سلبيات بعض أفراده المسيئين إلى الإيزيديين والمغيرين لوطنهم وقوميتهم، والذين باعوهم(ولا يزالون) في وضح النهار ، ومحاولة الرد على أخطائهم، لأجل تصحيح مسار الإيزيدية والإيزيديين، لأن أمل الإيزيديين هو في إمارتهم".
وفي الوقت الذي يعلم فيه الكاتب أديب جه لكي جیداً "بأن لبعض المثقفین الایزدیین ملاحظات وانتقادات علی اداء الامیر تحسین بگ لوظیفته کأمیر، ویطالبونه باجراء اصلاحات في تفعیل عمل المجلس الروحاني والامارة وامور ایزدیة اخری، لکن ذلك شأن داخلي ایزدي خاص(بحسب الكاتب جه لكي)، ولاعلاقة له(ولأکراده المسلمين) بها، رغم اعتقاده بان الاصلاحات ضروریة ومفیدة لکافة الادیان، کما تُری نتائجها الایجابیة الملموسة الیوم فی اوروبا(...) إلا أنه رغم ذلك، يرشح الامیر تحسین سعید علي بگ، لمنح الایزدیاتي من خلاله، جائزة نوبل للسلام".
والكاتب جه لكي يقترح ترشيح أمير الإيزيدية لأكبر جائزة عالمية، لأسباب عدة منها، لأن "إمارته هي موضع اتفاق جميع االایزدیين"؛ و"لتعرضه للنفي والاعتقال والسجن، والاغتیال من قبل ازلام النظام البائد عدة مرات، وجرحه مرتین، فی احداها کانت جراحه خطرة جداً"؛ و "لحکمه بالاعدام سنة 1969"؛ و"لكونه شخصیة کردیة عریقة، و رمز کردي کبیر یمثل تراثاً اصیلاً، وتحترمه کافة الزعامات الکردستانیة وعموم الشعب الکردي"؛ و"لكونه يُحظى باحترام خاص لدی الکتاب والادباء الکرد".
والجدير ذكره، ههنا، هو أن السيد زيدو باعدري، قد طرح فكرة الكاتب أديب جه لكي ذاتها، وذلك بضرورة ترشيح أمير الإيزيديين الراهن ذاته، لجائزة نوبل للسلام ذاتها، "نظراً لصبر الأمير وحكمته في التعامل مع الأحداث(خصوصاً أحداث الشيخان لمرتين سنة 1996 و 2007) بطريقة علمانية مشرّفة مع بني جلدته والآخرين سواءً بسواء، لا سيما وإنّ الإيزيدية ديانة غير تبشيرية، وتعرضت لهجوم الآخرين كثيراً دون أن تسعى هي إلى هجوم الآخر والسيطرة على أراضيه" على حد قول السيد باعدري.
إلا أنّ الكاتب بدل فقير حجي، يختصر تاريخ الإمارة في شخصية أميرها الأخير تحسين بك، ويختصر هذا الأخير في بضع كلماتٍ تختصر كل سني عمره المؤجلة منذ 64 سنة، من "الفعل المؤجل"، و"الدين المؤجل"، و"الله المؤجل"، و"العبادة المؤجلة"، و"لالش المؤجلة"، و"القرار المؤجل"، و"الإتفاق المؤجل"، و"الإيزيديين المؤجلين"، فيقول: "اما سمو الامير المبجل ... فبلا شك اسمه في كتاب غينس للارقام القياسية مسجل ... كون كل شيء في ظل حكمه منذ اربعة وستين سنة مؤجل".
الباقي من السؤال، إذن، للباقي من الإمارة، والباقي من مجلسها الروحاني، والباقي من "أعلاه" وأميره، هو:
هل ستبقى الإمارة الإيزيدية، بإعتبارها ديناً ودنيا، هكذا "معطلةً" إلى أن يشاء "مجلسها الأعلى"، و"روحانيوها العليون"، بقيادة "رئيسها وأميرها الأعلى"، أم سنشهد في القادم منها "تفعيلاً مبيناً"، يقوده "فاعلون مبينون"؟
هل ستستغرق الإمارة وتستمر في حكمها القديم، القائم على "الدين القديم"، و"الله القديم"، و"الإجتماع القديم"، و"الدنيا القديمة"، أم ستقفز عبر "إصلاحاتٍ جذرية حقيقية، إلى الجديد من الله، والجديد من دينه إيزيدياً، والجديد من إيزيدييه، واجتماعهم ودنياهم؟
هل سيستمر "الملك الإيزيدي" في حكمه على الإيزيديين، ب"نصف إله"، و"نصف دينٍ" و"نصف كتابٍ"، و"نصف عقلٍ"، و"نصف إنسانٍ"، أم سنشهد في القادم منه، تفعيلاً حقيقياً، في كل هذه "الأنصاف المعطلة" إيزيدياً؟
وأخيراً، هل ستستغرق الإمارة، هكذا صوريةً، مفعولةً بها، غارقةً في عاداتٍ ميتةٍ مشبهةٍ بالفعل، أم أنها ستنتقل في القادم والباقي منها، إلى "الفعل الحقيقة"، وعبادة "الله الحقيقة"، و"الدين الحقيقة"، عبر "مجلس روحاني حقيقي"، مشكّل من "روحانيين حقيقيين"، ممثلين ب"الأعلى الحقيقة"، و"الأمير الحقيقة"؟
...للمكتوب صلة
إشارة: عذراً للقارئ الكريم، على الإدامة والإستغراق في هذه القراءة، ولكن لضرورة الحرف والمكتوب، أحكامها أحياناً.



#هوشنك_بروكا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مثقفون عشائريون
- كردستان الحاضرة الغائبة، إيزيدياً(6)
- البعث يقتل قامشلو مرةً أخرى
- كردستان الحاضرة الغائبة، إيزيدياً(5)
- في مطبخ القادم من الكابينة الكردية
- كردستان الحاضرة الغائبة، إيزيدياً(4)
- كردستان الحاضرة الغائبة إيزيدياً(3)
- الحرب بين -شمسَين-: مَن يطفئ مَن؟(2/2)
- الحرب بين شمسَين: مَن يطفئ مَن؟ (1)
- كردستان الحاضرة الغائبة، إيزيدياً (2)
- كردستان الحاضرة العائبة إيزيدياً 1
- جمهورية سعدالله خليل
- كردستان في مهّب الفساد
- شعب الله الشفوي
- القذافي ديكتاتوراً -نبيلاً-
- شنكَال، ظلاً للسيدة الأولى كركوك
- هل الإيزيدية دينٌ اسمه رجل ؟!
- مانديلا(نا) ومانديلا(هم)
- كردستان تأكل نساءها
- وطار الرئيس...


المزيد.....




- -الأونروا- تعلن عن استشهاد 13750 طفلا في العدوان الصهيوني عل ...
- اليابان تعلن اعتزامها استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئي ...
- الأمم المتحدة: أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون انعدام ا ...
- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - هوشنك بروكا - كردستان الحاضرة الغائبة، إيزيدياً(8)