أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - صلاح كرميان - لم كل هذا الضجيج ...؟















المزيد.....

لم كل هذا الضجيج ...؟


صلاح كرميان

الحوار المتمدن-العدد: 700 - 2004 / 1 / 1 - 02:50
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


عند النظر الى الواقع السياسي الراهن في العراق والذي افرزته الاحداث التي اعقبت زوال العتمة الحالكة التي اسدلها نظام القهر والاستبداد وظهورتيارات غريبة وشاذة في داخل المجتمع العراقي  نتيجة الفوضى التي تعم البلاد، علاوة على الطابع التقليدي الذي يخييم على الاطراف السياسية المعارضة للنظام البائد.  يحاول المرء الخوض في دراسة الوضع المستجد وايجاد اوجه التشابه بينها وبين وقائع  تاريخية و امثلة من تجاربه الحياتية الفردية بهدف المقارنة واستخلاص نتائج بغية الخروج باستنتاجات و التعليلات المنطقية. لاشك ان الاحزاب والجماعات تتشكل من الافراد الذين تجمعهم اهداف مشتركة او ربما منافع شخصية او فئوية او طبقية مشتركة وان الصفات التي يمتاز بها فرد ما وخاصة عندما يتبوأ مركزا قياديا تنعكس بصورة مباشرة على سياسة المنظمة او التيار الذي يضمه.

اورد هنا مثالا بسيطا لعله يعكس هذا الواقع.  انتقل بيتنا الى محلة " بريادي" احد الاحياء التي تسكنها خليط من السكان في مدينة كركوك بعد ان تعرض بيتنا الى الهدم ضمن الحملة الشوفينة الحاقدة لعصابات الحرس اللاقومي في سنة 1963 والتي شملت احياء سكنية بكاملها. و سرعان ما تعرفت على صبية الحي رغم اختلاف لغاتنا  حيث كانت مجموعتنا تضم الكورد والتركمان والعرب، لم يكن احد منا يهتم بالاصول العرقية التي ينحدر منها الاخرين. فبالنسبة لي كنت ممن تأثرت عائلته باحداث كركوك الدامية في 1959 عندما القي القبض على والدي وادع السجن وسفر الى معتقل المسيب بتهمة حيازته على السلاح الذي كان لابد للمرء من حمله معه في تلك الايام للدفاع عن نفسه حيث قضى والدي  سنة كاملة رهن الاعتقال قبل البت بمحاكمته واخلاء سبيله بعد تبريئته،  وترك ذلك اثرا سيئا على العائلة حيث لم يكن لنا من يعيلنا غيره.  كان بين اطفال  الحي  اصدقاء لي من التركمان من ضحايا تلك الاحداث المؤلمة ولكن براءة الطفولة تجاوزت افرازات تلك الاحداث. عندما كنا نجتمع لللعب  كان هناك شخصا غير مرغوبا و منبوذا من قبل مجموعتنا وكنا لانحبذ مشاركته لنا اللعب. ولكنه كان يصر على الانضمام الينا وكان يهدد بصراحة ويقول " اما ان العب معكم او افسد عليكم اللعب " ولكننا كنا نقاومه ويفشل هذا المنبوذ في تحقيق وعيده.
 
بمثل ذلك السلوك، تتصرف جماعات عرقية وطائفية لاتمثل الاّ نفسها وتلفضها الجماهير التي تدعي العمل من اجلها وليس لها وقع في قواعد اللعبة ولا مكان لهم في المعادلة السياسية لضيق افقهم ورداءة شعاراتهم ولافتقارها الى قاعدة جماهيرية تستند عليها ناهيك عن ارتباطاتهم المشبوهة بالدول الاقليمية الطامحة، و تتشدق كتبتها بعبارات لاتهدف الاّ الى افساد الجو العام وهي تحاول ان تشذعن المجموعة و ترفع شعارات لا تهدف الاّ الى ارباك الجماهير  ووضع العقبات والعراقيل امام بناء مستقبل مزدهر يقرره الشعب العراقي بنفسه.  فبدلا من التأكيد على الاستماع الى رأي الشارع العراقي والجماهير التي كانت تعد الايام والشهور والسنين لكي ترى اليوم الذي ينزاح فيه شبح الدكتاتورية، نرى تلك الاطراف تقف ضد كل اشكال الحلول التي من شأنها اعطاء حرية تحديد نوع العلاقة التي من حق الشعب الكردي اختيارها للعيش بسلام ووئام مع الاخرين دون المساس بحريتهم او التجاوز على حقوقهم،  بما فيها الفدرالية التي رفعت شعارها الاحزاب الكردية كأدنى حق لشعب عانى الظلم القومي والاجتماعي طوال عقود من الزمن.

هناك تيارات مذهبية وطائفية وقومية متناثرة تتسارع الى تبني مواقف اقل ما يقال عنها انها تطابق الفكر الشوفيني للنظام المباد. وعلى الرغم من تنوعها واختلاف مذاهبها واهدافها الاّ انها تجتمع  في نقطة  واحدة الا وهي معاداة الشعب الكوردي بأكمله وليس حزب او جهة سياسية معينة، وتعادي كل طموحاته ومطاليبه حتى ولو ضمنت تلك حقوق اخوانهم التركمان والاشوريين. و نلاحظ هذه الايام قيام تلك التيارات باطلاق حملة مسعورة في هذا الاتجاه في ضجيج اعلامي ملفت للنظرحيث تحركت اطراف تبنت الفكر الشوفيني الحاقد النظام الدكتاتوري السابق وسايرت  سياساته المعادية لابناء العراق وساهمت في قمع التركمان والاشوريين واجبارهم على تغيير قوميتهم وانكار وجودهم لتبث زعافها محاولة دق الاسفين بين ابناء العراق . وباتت تلك الاصوات النشاز تلقي بهراءات وافتراءات تهدف من وراءها تشويه الحقائق وتزييف التاريخ و تتباكى من يمثلونها من اصحاب اقلام المخصصة للتزييف من امثال سليم مطر ، المرادي ، سمير عبيد، حنان اتلاي ، بنت "انقرة" كركوك، عاصف سرت، س. باشلار  وغيرهم على مصير التركمان والاشوريين والعرب المستوطنين ضمن حملات التعريب  ويحذرون من الظلم الذي قد يتعرضون له من اخوانهم الكورد اذا ما تحقق الحلم الكردي دون اي دليل او اسناد.  بينما نرى بعض الفئات المرتبطة بتركيا الكمالية وخاصة ما تسمى بالجبهة التركمانية التي لا تنظر الى مصلحة التركمان الاّ من زاوية تنفيذ السياسة الشوفينية لعساكر تركيا وعصابات الذئاب الرمادية في معاداة كل ما هو كردي وترى من العلم التركي رمزها المقدس،  تظهر نفسها بمظهر المدافع عن وحدة العراق وتعارض كل انواع الحلول حتى الحكم الذاتي المزيف الذي كان صدام يدعي منحه للشعب الكردي تماما كما يصرح بها جنرالات تركيا
حلفاء اسرائيل. هؤلاء الذين يتعاونون جهارا مع الفلول المتبقية من البعثيين الذين جلبهم الطاغية الى مدينة كركوك.  الذين انضموا الى تيار مقتدى الصدر أو الجهات التي تريد الابقاء على التغيير الجغرافي الذي تعرضت له المدينة، وذلك من اجل خلق المشاكل وافساد الوضع الامني فيها. ويتحدثون عن ادعاءات عارية من الصحة حول حرق سجلات دوائر النفوس والطابو في كركوك  واستقدام الالاف من اليهود لاستيطانهم في كوردستان . كما ونسمع صيحات تدعي سلجوقية العراق أ و تبعيتها التركية الى ان وصل الامر ببعضهم الى الاصالة التركية للعراق منذ القدم  كون السومريين كانوا اقوام تركية سكنوا العراق منذ ظهور الحضارات.  واخرى تدعي تاريخية الكيان العراقي الحالي الذي لايشك احد في رسم خريطتها من قبل الاستعمار البريطاني،  ويعيدونها الى حضارة اشور وينكرون الواقع الحالي لكوردستان ويعتبرون الكورد مستوطنين غرباء  في ارض اجدادهم متناسين الحقائق التاريخية للامبراطوريات التي اغتصبت اوطان بكاملها ثم تلاشت امام ظهور قوى معادية لها تفوقها قوة وجبروتا.

اما فيما يتعلق باضفاء الخصوصية التركمانية على كركوك كما يحلو للبعض اطلاقها، اقول لا احد ينكر وجود التركمان وتمركزهم السكاني  في كركوك الى جانب الاكراد والعرب والاشوريين والكلدان والارمن، ولكن هذا لايعني اضفاء تلك الخصوصية عليها. فهل يجوز اضفاء الخصوصية الكوردية  على مدينة اسطنبول لكونها تضم 3-4 مليون كوردي والتي يعتبر اكبر تجمع سكاني للكرد في العالم، ثم ماذا عن المنطقة الجغرافية التي تحيط بكركوك والمنطقة الجغرافية التي تعود اليها كمدينة؟

يقينا ان تلك الجماعات المغرضة وكل الجهات التي تريد زرع الشقاق او تحاول تحقيق مصالحها  الضيقة على حساب الاخرين سوف تفشل ولن تجني غير الخيبة والخذلان امام العلاقة الصميمية التي تربط الجماهير المقهورة من العرب والكورد والتركمان  والاشوريين والكلدان والارمن والصابئة المندائيين،  كونهالاتمثل الاّ افرادا وزعامات لاتمت بصلة الى مصالح الحقيقة للناس. وان التجارب التي مرت على جماهير الشعب العراقي كفيلة بافشال تلك النوايا الخبيثة.

 ونحن نودع اخر يوم من ايام السنة التي رأينا فيها زوال الكابوس الصدامي، لنأمل جميعا عاما جديدا تتحقق فيها احلامنا في غد واعد يتحقق فيه السلام والوئام والمحبة للجميع.

31/12/2003



#صلاح_كرميان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اخيرا سأعلق صورتك في مكتبي يا صدام
- هذا ما توقعناه ومنينا النفس به... وهكذا حال الجبناء
- ساهم الحوار المتمدن بشكل جاد في خلق مناخ للتفاعل الانساني
- إني أتهِم ...
- أجتثاث جذور البعث مهمة انسانية
- التحالف يكافيْ قتلة الشعب.. طارق عزيز من تابع ذليل الى ملك غ ...
- تركيبة لجنة المتابعة تناقض صارخ لمقررات مؤتمر المعارضة العرا ...
- الحوارالمتمدن يعتبر بحق موسوعة مهمة
- عن الانتهازية والانتهازيون
- أين دور الاحزاب السياسية من المعايير المزدوجة في قرار 1441
- مبادرة الدكتور كاظم حبيب .. موقف انساني مسؤول تجاه ضحايا ا ...
- العراق بين المطرقة الامريكية وسندان النظام .. والبديل الامثل ...
- تموز اسود ... ام حقد اتاتوركي اسود
- تركيا الكمالية ونواياها السياسية في المنطقة
- تركيا الكمالية ونواياها السياسية في المنطقة
- لا.. لأصوات لا تمثل المصالح الحقيقية لتركمان العراق
- حول تشريعات الحكومة الاسترالية الجديدة بخصوص " مكافحة الارها ...
- شؤون وشجون الجاليات الكردية
- ماذا يهدف وفيق السامرائي من تصريحاته حول توطين الفلسطينيين؟
- لولا الخزرجي وأمثاله لما دام صدام


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - صلاح كرميان - لم كل هذا الضجيج ...؟