أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - فاخر السلطان - الإسلاميون غير تواقين للديموقراطية















المزيد.....

الإسلاميون غير تواقين للديموقراطية


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 2255 - 2008 / 4 / 18 - 11:12
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


لا يمكن لأنصار المطلق الديني أن يتعايشوا مع الديموقراطية، وكل ما يستطيعون فعله هو أن يتعايشوا مع آلياتها ليستغلوها بصورة تحقق لهم مفاهيمهم التاريخية ومصالحهم الضيقة، لكنهم لن يترددوا في أن يركلوها أو ينعتوها بنعوت لا تمت بصلة لمفاهيم الديموقراطية ومسلكياتها بمجرد ما تصبح معطياتها في تضاد مع فهمهم للمطلق الديني. فلا مطلق في الديموقراطيات بل جميع الأمور نسبية، وجميع القضايا بشرية غير سماوية، خاضعة لقيم ومعايير أخلاقية متغيرة. فالبرلمانات تعبّر عن بشرية الحياة لا عن سماويتها، ومن يدع أو يطالب بغير ذلك يجب أن يغادر أسوارها، فمناقشاتها هي محصلة تفاعلات الناس وتفسيراتهم المختلفة للأمور والقضايا، ولا وجود فيها لأناس يعبّرون عن ثقافة تعكس الثوابت والمسلمات الدينية وتنطق باسم السماء.
يدّعي البعض أن الانتخابات التي تجري في الدول العربية لا علاقة لها بالديموقراطية الحقيقية، وبأنها تعبّر أفضل تعبير عن ديموقراطية "منقوصة"، كون المشرفين عليها ومنظّمّيها هم حكومات تريد فراق الديموقراطية اليوم قبل غد. في المقابل، يتناسى أصحاب هذا الإدعاء كيف أن مواقف الإسلاميين من الديموقراطية الحقيقية لا تختلف عن مواقف الأنظمة والحكومات العربية إن لم تكن أسوأ، وكيف تجلت بعض تلك المواقف بانقلاب التنظيمات الإسلامية على الديموقراطية (المنقوصة وليس الحقيقية) بمجرد فوزهم بالانتخابات وحصولهم على العدد الأكبر من مقاعد البرلمان، وكيف ألغوا الآخر غير الإسلامي بمجرد استيلائهم على السلطة أو البرلمان. فالتجربة الإيرانية والسودانية والجزائرية ليست ببعيدة عن الذاكرة، وجميعها أثبتت أن الديموقراطية بالنسبة إليهم ليست سوى وسيلة للتسلق إلى القمة، وبمجرد الوصول تبدأ عملية إقصاء الآخرين ويتم إعادة رسم صورة جديدة للحياة السياسية والاجتماعية، صورة ظاهرها وباطنها الاستبداد المستند إلى التفسير الديني، أما الديموقراطية فيتم تشكيلها وفق قياسات دينية بحتة، قياسات دائما ما تناهض التعددية والتنوّع واحترام حقوق الإنسان.
إن الإسلاميين غير تواقين بأي حال للديموقراطية الحقيقية والكاملة، وإنما هم تواقون فحسب لآلية انتخابية توصلهم إلى السلطة أو البرلمان من أجل تفعيل غاياتهم البعيدة عن الأسس التي تستند إليها الديموقراطية. وتجربة الإسلاميين في الكويت مع العمل النيابي البرلماني، وهم الذين مالبثوا أن اتهموا جميع الديموقراطيات العربية بالناقصة، تثبت بما لا يدع مجالا للشك بأنهم في الضد من الديموقراطية الحقيقية، وبالذات حينما يفرز التداول البرلماني قوانين تتعارض مع التفسير الديني الموجّه في خانة المطلق، كالموقف من المرأة ومن الترفيه ومن تعديل المادة الثانية من الدستور. فالمطلق الديني هو الذي يدغدغ مشاعرهم ويحرك مشاريعهم القانونية، وهو بالنسبة إليهم يفرز خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها، بل إن متجاوزها يستحق العقاب الدنيوي والأخروي.
وعلى الرغم من سعي إسلاميي الكويت لتنقيح الدستور للدفع بتغيير المادة الثانية لجعل الإسلام المصدر الأساسي للتشريع بدلا من الإسلام مصدر أساسي للتشريع، فإنه يلاحظ وجود تباين واضح بينهم في تفسير هذه المادة. فهدف غالبية الإسلاميين من تعديل المادة يصب في إطار التقيّد بـ"المسلمات" الدينية من خلال التشديد على تنفيذ قوانين الشريعة بغية "أسلمة" المجتمع، في حين تدعو شريحة صغيرة منهم إلى تحويل الكويت لـ"دولة دينية". لكن التوجّهين (أي الداعي إلى الأسلمة، والداعي إلى الدولة الدينية) لا يمكن أن يتعايشا مع مفهوم الديموقراطية التي تستند أساسا إلى النسبية وتسير في الضد من ثقافة المطلق. فالكويت ليست دولة إسلامية، بل مجتمعها مجتمع مسلم. وهناك فارق كبير في أن يقر شخص بوجود دولة مسيحية، أو أن يقول بأن مجتمع تلك الدولة مسيحي. فلا يوجد في الدستور الكويتي ما يشير إلى أن الكويت دولة إسلامية، بل هنالك إشارة إلى أن المجتمع هو مجتمع مسلم. وعلى هذا الأساس، لا تتعارض تلك الإشارة في الدستور مع الدعوة إلى دمقرطة المجتمع وتحديث مفاهيمه، بل تتعارض مع ما يدعو إليه الخطاب الديني من "أسلمة" المجتمع أوتحويل الكويت إلى "دولة دينية". فروح الدستور ونسبيته وبشريته وعدم قدرته على العيش في ظل المطلق الديني يجعله في الضد من أسلمة المجتمع وشرعنة قوانين الحياة أو تحويل البلاد إلى دولة "طالبانية" وفق ما يطرح أصحاب التفسير التاريخي المستند إلى الثوابت والمسلمات والمطلق. فلا يوجد في جدال الديموقراطية ما يمكن أن نسميه "خطوطا حمراء" فكرية. فالأفكار منجز بشري نسبي وليست مسلمات أو ثوابت، وهي بالتالي قابلة للنقاش والتداول، ومعرضة للقبول أو الرفض، وأي استخدام لثقافة المنع والإقصاء والجبر تجاهها هو نسف لأسس الديموقراطية وتحد لدستور البلاد. فإذا كان للبعض في الكويت، من الشيعة والسنة رغم التباين بين الطرفين، الحق في أن يتمنى بأن تكون الشريعة الإسلامية هي المهيمنة والمحكمة الكاملة، أفلا يحق لغير هؤلاء - وفق مفهوم الديموقراطية – أن يطالب بفصل الدين عن الدولة وأن يناهض المشروع الديني لأسلمة المجتمع؟ وماذا عن المطالبات بألاّ تكون الشريعة الإسلامية، وفق الفهم السلفي على سبيل المثال، هي المهيمنة على الواقع الاجتماعي وإنما وفق فهم جماعات دينية أخرى؟!!
إن الاستبداد الديني يستند إلى الثوابت الدينية، لذلك تجده يفرز الأقوى الذي يفرض رأيه مستندا إلى ثقافة المطلق الرافضة مناقشة معارضيها. فخطاب الاستبداد يتضمن مسلمات ينبغي الإذعان لها، ما يعني أن إقصاء المختلف بالنسبة لأنصاره هو الرهان لتثبيت أفكاره في المجتمع. إنني وغيري، لكي نقتنع بأن الإسلاميين غير مناهضين للديموقراطية، نشترط عليهم تغيير أدبياتهم المستندة إلى رفض الخوض في تفسير يغربل النص الديني المطلق ويحوله إلى تفسير قابل للنقد لا تفسير يعكس المقدس ويمثل السماء، عليهم الاعتراف بالتنوع الفكري قبل السياسي، عليهم احترام حقوق الإنسان الفرد والإقرار بنسبية الحقيقة ورفض إشراك المقدس الديني في الحياة العامة. إن الفكرة التي يستند إليها الخطاب الديني، كما يعبّر عنها نصر حامد أبوزيد، تقول أن الحقائق كلَّها، في الماضي والحاضر والمستقبل، موجودة في النصوص الدينية، وهذا بالتأكيد يغلق العقل ويَحجُر على التفكير الإنساني. إن ثقافة المطلق الديني، إضافة إلى عدم توافقها مع الحياة الحديثة، تسعى إلى القفز على أطر الحداثة بالإدعاء بأنها تمتلك نظاما متكاملا للحياة صالحا لكل زمان ومكان. فهي تتشدّد في ادعاءاتها رغم إنها غير منتجة لمفاهيم الحياة الحديثة ووسائلها. إنها تتفاعل مع بعض تلك المفاهيم وتخاصم أخرى، بالتالي لم ولن تنتج أساليب التعامل مع تلك المفاهيم. فعلى سبيل المثال، من غير المعقول ادّعاء تلك الثقافة احترامها لقضايا حقوق الإنسان الفرد في حين أنها لا تزال تشرعن لانتهاك حقوق الفكر والتفكير وحقوق المرأة وحقوق غير المسلم وتمارس الإرهاب وتشرعن قتل المدنيين الأبرياء. فتلك الانتهاكات هي قبل كل شيء انتهاك للفطرة البشرية فضلا عن معارضتها لأسس ومفاهيم الحياة الحديثة. وإذا ما لم يتم مراجعة منبعها وتصحيح صورتها ستتوسع الهوة كثيرا بين تلك الثقافة وبين الفطرة الإنسانية والحياة الحديثة.

كاتب كويتي



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة.. قاصرة.. متبوعة.. غير حرة
- الليبراليون.. وإصلاح الدين
- في نقد الخطاب الليبرالي الكويتي
- يفخخ المجتمع.. ثم يتبرأ من تبعات الانفجار
- الزرقاوي ومغنية.. وسؤال الطائفية
- حزب الله.. والفكر الوصائي لنظام التقليد
- حزب الله.. ومغنية.. والكويت
- الدين والدنيا
- الخطاب الأسطوري.. والتديّن العقلاني
- التفسير الأسطوري.. ومفهوم التعددية الإيمانية
- التفسير الأسطوري.. وكربلاء.. والحياة الحديثة
- في نقد التفسير الأسطوري لحادثة عاشوراء
- أعداء المرأة
- الخطاب الديني.. والأخلاق.. وحقوق الإنسان
- قضايا الأمة أهم من حقوق الإنسان
- العلمانية والأخلاق:رفض تدخل الدين
- المعتزلة والأخلاق:النص يتبع العقل
- مبدعون كويتيون.. ومجزرة معرض الكتاب
- الأشاعرة والأخلاق: النص يغلب العقل
- في العلاقة بين الدين والأخلاق


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - فاخر السلطان - الإسلاميون غير تواقين للديموقراطية