أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد محمد رحيم - أخلاقيات الحوار














المزيد.....

أخلاقيات الحوار


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 2255 - 2008 / 4 / 18 - 11:12
المحور: المجتمع المدني
    


من يتابع الفضائيات العربية ولا سيما البرامج التي يُفترض أن تكون ذات طابع حواري يُصدم، في أحايين كثيرة، للكيفية التي يجري بها تداول الكلام بين المتحاورين اللدودين؛ أولئك الغاضبين ومتجهمي الوجوه حتى قبل النطق بحرف واحد. ليطغي كلما مضى الوقت، الصراخ ولغة المهاترات والسباب والشتائم على ما عداه. فيكشِّر كلٌ عن أنيابه في وجه الآخر، ويشد على قبضته ويهزها في وجوه الجميع بما فيهم المشاهدون.. وهؤلاء ( المتحاورون ) يبدأون وفي رأس كل منهم فكرة ومجموعة من المقولات والشعارات الجاهزة، يلقيها أحدهم ( ويجيبه الآخر ) في جو مشحون بالانفعالات ومن غير أن يصغوا سوى لصوتهم الجهوري، ومن ثم ينتهون وهم أكثر عداوة فيما بينهم.
قبل أيام كنت أتابع أحد تلك البرامج، واسترعى انتباهي واحد من الضيوف كان يتميز غيضاً ( أي تعبير آخر سيبدو مخففاً )، ويدير بوجهه إلى الجانب الآخر كلما شرع صاحبه/ ندّه بالحديث، ويوشك في كل مرة على القيام، ونبش أظفاره في عنق صاحبه ذاك، كما لو أننا أمام حلبة لصراع الديكة. وللأسف لا يشكل هذا ( المتحاور ) استثناءً في هذا المجال.
للحوار أخلاقياته وأصوله وقواعده، التي لولاها لانقلب هذا الحوار إلى سجالات تافهة وسفاسف وثرثرة فارغة. ولا تكفي النية الحسنة بهذا الصدد، أي أن المرء لن يكون ديمقراطياً لأنه يريد ذلك. وأول تلك القواعد أن يؤمن بأنه ليس سيد الحقيقة بلا منازع. وأن يفترض إمكانية الخطأ في قناعاته، وإمكانية الصواب في قناعات من يحاوره. وهذا، لا شك، يتطلب الإصغاء جيداً إليه، وتجنب مقاطعته وهو في غمرة الاسترسال بأفكاره. وأن لا يسطو على وقت من مدة الحوار هو ليس له، ويؤمن أن الحوار يمكن أن يكون مبتدأ الدخول إلى توضيح المواقف وتعميق الأفكار، وإقامة أرضية مشتركة للفهم أو للعمل. وأن يحكِّم العقل فيما يسمع، وأن يحاول الإشارة إلى التناقضات أو الثغرات أو مواطن الخلل في أطروحات غريمه، بهدوء ووضوح وبالأدلة المتاحة من غير أن يجرح مشاعره، أو يتهمه بالغباء، وضيق الأفق أو الخيانة والكفر والعمالة. ومن غير أن يخرج على سياق الأسئلة المطروحة ليسوّق رأياً مسبّقاً، وأن يكون مستعداً للاعتراف بالخطأ، بروح رياضية ديمقراطية، إذا ما رأى أنه كان على خطأ حقاً.
إن ترسيخ تقاليد الحوار وأخلاقياته هو أحد مهام التربية والتعليم والإعلام وبرامج التثقيف عند الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني؛ أنْ نحاور هو شيء نتعلمه ونتربى عليه، وهو الذي يبدأ بالقدرة على الإصغاء إلى الآخر واحترام رأيه مهما اختلفنا معه وينتهي باقتراب كلا الطرفين من الحقيقة الموضوعية. لكن بعضا من الفضائيات تعطي أمثلة سيئة وصورة مشوهة عن طرق وأخلاقيات ( الحوار ) ولاسيما للأجيال الجديدة التي نأمل أن تعيش عصراً أكثر ديمقراطية وانفتاحاً على الآخر.
هناك لا شك، فضائيات لها رزانتها، وبرامج حوار ممتازة يديرها مقدِّمون أكفاء، يطرحون الأسئلة الصحيحة المحفِّزة والمثيرة على متحاورين محترمين يستحقون أن نصغي إليهم وهذه للأسف قليلة قياساً لأمثلة معاكسة لما ذكرنا؛ فضائيات متهافتة وبرامج سيئة ومقدِّمون بائسون يستضيفون أناساً أكثر بؤساً يحوِّلون ما يجب أن يكون حواراً مفيداً إلى مسخرة وضحك على الذقون.



#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حواف الإيدز؛ أو خالد في الصحراء
- الإعلام القاتل
- ضد ماركس
- كلام في الحب
- هنتنغتون وفوكوياما ومسار التاريخ
- المثقف ومعادلة السلطة المعرفة
- فقدان حس الحاضر
- موضوعة -السأم- في الأدب الروائي
- أفواه الزمن؛ هذا الكتاب الساحر
- شتائم ملوّنة
- مشكلاتنا ومشكلاتهم
- إيان مكيوان في -أمستردام-
- قصة قصيرة: ضاحية التيه
- هناك مع الوردة حلم زنزانة
- السرد وميثاق التخييل
- ماركس الناقد
- غوايات القراءة: -أن تحسب حصاد السنين بعدد الكتب التي قرأت-
- بحثاً عن ماركس
- رعد عبد القادر ومؤيد سامي: في ذكرى رحيلهما المبكر
- استعادة ماركس


المزيد.....




- بالصور..اعتقال عشرات الطلاب في تكساس بسبب مشاركتهم في مظاهرا ...
- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد محمد رحيم - أخلاقيات الحوار