زهير دعيم
الحوار المتمدن-العدد: 2255 - 2008 / 4 / 18 - 11:08
المحور:
حقوق الانسان
أسمع نشرات الأخبار يوميًا ، وأسمع كما تسمعون عن مقتل العشرات في الأسبوع الواحد بل أحيانا قي اليوم الواحد في العراق ، عشرات من سكّان محليين وأجانب وجنود امريكيين، فلا تهتزّ مشاعري كثيرًا كعادتها ، ولا تنتابني القشعريرة كما كانت تنتابني ، أنا الذي كنت وما زلتُ أتضايق من ظُلم صغير يصيب احد البشر ، وأنزعج أيّما انزعاج عندما أسمع خبر سقوط إحدى الطائرات في أيّة بقعة من العالم ، فأروح اتخيّل الأطفال وهم ينتظرون عودة أبيهم دون جدوى ، أو الخطيبة خطيبها ،فيطول الانتظار ويطول و...و...
فماذا أصاب إحساسي الذي كنت أفتخرُ به ، واسمّيه مُرهفًا . هل تخدَّرَ يا تُرى ؟ وهل تغيَّر ؟!.
وأبحث في الأعماق وفي الجذور فلا أجد السبب إلا في الروتين والعادة، فالقتل والانفجارات وجزّ الرؤوس أضحت طبيعية في هذا البلد التاريخي ، وأضحى الموت زائرًا خفيف الظلّ ، لا يبرح سماء بابل وبغداد والموصل والبصرة ، وأتساءل كما سيتساءل غيري : إلى متى سيستمرّ هذا المُسلسل التراجيدي الدّامي ؟ والى متى سيبقى العراق يرزح تحت الاحتلال والقمع والإرهاب والدفاع عن الكرامة؟!...ألم يحن الوقت لقوات الحلفاء من " لملمة الطابق" والعودة بعُدّتها وعتادها الى بلادها ؟.
ألم يحن الوقت بعد أكثر من خمس من السنوات لأن تعي الامّ الأمريكية والأوربية أنَّ فلذة كبدها يموت في رمال شطّ العرب ، وتحت شمس بغداد الحارقة صيفًا واللاذعة شتاءُ ويموت جُزافًا او كما يقول جارنا "ببلاش" .
ألم يحن الوقت لهؤلاء المُنتحرين من التيقن، من انَّ الله محبة وهو لا يُحبّ القتل ولا يجازي خيرُا أولئك الذين يذبحون ويُفجِّرون البشر ؟!!
لقد شبع العراق قتلاُ ويُتمًا ومصائب ، وارتوى دمًا ودمًا ونجيعًا ، وباتت تربته الخصبة تصرخ وتستصرخ قائلة " دم أخيكَ يصرُخُ اليَّ ". كثيرًا ما يأخذني تفكيري المُجنّح الى الماضي ، فأكاد أقول : سقى الله تلك الأيام ، سقى الله أيام صدّام ، فعلى الأقل ، ورغم بطشه ودكتاتوريته فقد كان الأمن او بعضه يستوطن هناك ، وكان المواطن ينام مُسبل الجفنين ، وكان المطران رحو الشهيد يصلّي لربه مطمئنًا ولو بعض الشيء ، في حين ان هذا المواطن وتلك الاقليات لا تنام الآن ولا تغفو ، وان غفت فالكابوس في طريقه إليها .
وسؤالي هو: متى سنعود الى سماع نشرة الاخبار فنتمتّع ببشارة هنا وبشارة هناك ، فلا نرى منظر الدم ولا نسمع دويّ الانفجارات ؟!
#زهير_دعيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟