أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعد هجرس - نقابات عثمانلية!














المزيد.....

نقابات عثمانلية!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2254 - 2008 / 4 / 17 - 10:44
المحور: كتابات ساخرة
    


عندما أعلن أشرف زكى نقيب المهن التمثيلية قرار مجلس نقابته بمنع الممثلين العرب من التمثيل فى مصر أكثر من مرة واحدة خلال العام، ثار جدل ساخن بين مؤيد ومعارض لهذا القرار.
لكن معظم هذا الجدل تركز ـ فى رأينا ـ على مسائل فرعية مثل تأثير هذا القرار على توفير فرص العمل للممثلين المصريين الذين يشكو كثير منهم من البطالة، ومثل استغلال بعض الممثلين، والممثلات العرب مهنة التمثيل فى مصر وتسترهم، أو تسترهن بالفن من أجل أغراض أحرى ليست فوق مستوى الشبهات.
ولست أرى أهمية للخوض فى جدل حول مثل هذه الأمور الهامشية، بينما أرى أن القرار المشار إليه يكتسب أهميته من زاوية أشمل هى فلسفة العمل النقابى فى مصر، كما تتجسد على الواقع من خلال ممارسات نقابات مثل نقابة المهن التمثيلية، ونقابة الصحفيين ونقابة الأطباء وغيرها من النقابات المهنية والعمالية.
وهى فلسفة تعانى من خلل أساسى آن الأوان لفتح النقاش حوله بصراحة.
وهو خلل موروث من حقبة سابقة مرت عليها سنوات وعقود واكتسبت قوة دافعة بحكم الأمر الواقع.
والمفروض فى النقابات أن تكون »مستقلة« أصلا عن الحكومات وعن المعارضة، وألا تكون مخلب قط لهؤلاء أو أولئك.
لكن المفروض شئ والواقع شئ آخر، لأن الحكومات المتعاقبة فى مصر، وبخاصة منذ عام ،1952 عملت ما تستطيع من أجل »تأميم« النقابات واخضاعها لسيطرتها.
والمفروض فى النقابات أن تكون »طوعية« و»اختيارية« لكن المفروض شئ والواقع شئ آخر تماما، لأن مبدأ »الاختيار« تم إلغائه منذ البداية.
بموجب القانون 319 لسنة 1952 إذا نضم ثلاثة أخماس العمال فى مصنع ما إلى النقابة فإن باقى العمال يصبحون أعضاء بحكم القانون (هكذا بدون استئذانهم أو أخذ رأيهم).
ووصلت هذه القضية إلى أروقة المحكمة الدستورية العليا التى أكدت فى حكم منشور بالجريدة الرسمية فى 27 أبريل 1995 عدم دستورية المادة 38 من قانون النقابات العمالية رقم 12 لسنة ،1995 وأكدت فى حيثياتها البالغة الأهمية »أن تكوين التنظيم النقابى لابد أن يكون تصرفا إراديا حرا لا تتدخل فيه السلطة العامة بل يستقل عنها ليظل بعيدا عن سيطرتها.. ومن ثم تتمخض الحرية النقابية عن قاعدة أولية فى التنظيم النقابى«.
وتخلص المحكمة الدستورية إلى أنه من »حق كل عامل الانضمام إلى المنظمة النقابية التى يطمئن إليها، وفى انتقاء واحدة أو أكثر من بينها.. عند تعددها ليكون عضوا فيها وفى أن ينعزل عنها جميعا فلا يلج أبوابها وكذلك فى أن يعدل عن البقاء فيها وينهى عضويته بها«.
مما سبق نستطيع أن نرى الهوة الشاسعة بين الواقع وبين »الينبغييات«.
فعلى عكس »ما ينبغى أن يكون« نجد أن العضوية النقابية »الزامية«، وعلى سبيل المثال فأنى كى اشتغل بالصحافة »يجب« أن انضم إلى نقابة الصحفيين الكائنة فى 4 شارع عبدالخالق ثروت والتى لا يوجد غيرها.
وعلى عكس »ما ينبغى أن يكون« فإن النقابة هى التى تعطى ترخيص العمل الذى لا يمكن مزاولة العمل دونه، وعلى سبيل المثال فإن نقابة الأطباء هى التى تعطى ترخيص مزاولة العمل لأى طبيب، فى حين أن هذا الترخيص يجب أن يكون من صلاحيات هيئة علمية فنية متخصصة وليس هيئة نقابية، وهذا خلط غريب للأدوار والمسئوليات لا نجد مثيلا له فى معظم أنحاء العالم.
وهذا الخلط هو الذى يعطى لمجلس نقابة المهن التمثيلية ـ شأنها شأن باقى النقابات المهنية ـ الحق فى أرزاق ومصائر خلق الله لأنها هى التى تمنحهم ترخيص مزاولة المهنة أو تمنعها عنهم.
وهذا الخلط لا يمكن التخلص من آثاره السلبية إلا بمنح العيش لخبازه، أى أن يكون تصريح مزاولة أى مهنة منوطا بهيئة علمية على المستوى الوطنى.
بينما النقابة هيئة مهنية ينضم إليها »من يشاء« من العاملين بهذه المهنة، مهما تكن جنسيته أو ديانته أو جنسه أو لونه، لأننا نتحدث عن رابطة مهنية أولا وأخيرا، وبالتالى يكون الشرط الوحيد للانضمام إليها هو العمل بهذه المهنة بصرف النظر عن أى أفكاره السياسية أو انتماءاته الفكرية أو ديانته أو جنسيته.
وعلى سبيل المثال فإننى كصحفى »مصرى« عندما أكون فى بلد أوروبى ـ مثل إنجلترا ـ لمدة بضعة أشهر فقط، أجد أكثر من نقابة للصحفيين تتصل بى وتحاول اقناعى بالتمتع بمظلتها النقابية طوال الفترة التى أقضيها فى بلاد الإنجليز دون أن تكون جنسيتى عائقا دون ذلك.
وعموما فإن دور النقابة »المستقلة«، والتى تتميز العضوية فيها بأنها »اختيارية«، هو تطوير المهنة، وتحسين شروط وظروف العمل.
هذا هو دور التنظيم النقابى من حيث الجوهر، أما النقابات التى تنتحل لنفسها حق الوصاية على خلق الله واحتكار منح أو منع بترخيص مزاولة المهنة فهى نقابات عثمانلية لا علاقة لها بالديمقراطية أو مبادئ العمل النقابى وفى مقدمتها »الاختيار«.
ومن هذه الزاوية لا تكون نقابة المهن التمثيلية هى النموذج الوحيد لتلك النقابات العثمانلية، وإنما تشاطرها باقى النقابات التى أصبحت تحتاج نظرة جديدة وأكثر ديمقراطية بعد عقود من تأميم العمل النقابى.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إذا كانت أغلبية الصحفيين مع التمييز الدينى لا أريد عضوية هذه ...
- إضراب.. وحريق.. وبينهما خيط رفيع
- والله العظيم ...تحسين الأحوال المعيشية للناس..ممكن
- هل نرفع الراية البيضاء أمام مافيا أراضى الدولة؟ (1)
- حيرة الحكومة بين -التعطيش- و-التسقيع-
- نداء عاجل إلى من يهمه الأمر
- التدحرج من -القمة- إلى - القاع- (1)
- لمصلحة من : قتل المبادرات الأهلية ؟!
- أحب »كيث«.. لكني أحب الناخبين أكثر!
- أزمة الرغيف .. عار على جبين حضارة مصر
- الخبز الحاف!
- مجالس الأعمال تبحث رغيف الخبز!
- المصيلحى .. عدو الشعب رقم واحد!
- من الذى يحمى أراضى الدولة؟!
- سنة خامسة إصلاح: وماذا بعد؟! (1)
- حاجة تكسف: هكذا تحدث «مشرفة» منذ 83 عاما!
- جنون -الحجر-
- سنة خامسة إصلاح .. وماذا بعد ؟(2)
- قراءة هادئة في أوراق عصبية
- إنتبهوا: محمود عبدالفضيل يدق نواقيس الإنذار المبكر


المزيد.....




- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعد هجرس - نقابات عثمانلية!