أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم الهزاع - ريثما تطن نحلة أخرى في الدماغ















المزيد.....

ريثما تطن نحلة أخرى في الدماغ


كريم الهزاع

الحوار المتمدن-العدد: 2251 - 2008 / 4 / 14 - 08:35
المحور: الادب والفن
    


اكتب، تمرّن.. الكتابة تمرين.. هذا ما تسمعه حينما يُطلب منك أن تكتُب، لكن في ظل الكونية الجديدة يعاني الإنسان من التشظي والضياع والصراع الروحي والفكري في البحث عن الكينونة أو القبض على الحالة التي يريد.. كثيرا ما أجد نفسي أبحث عن فكرة لكي أمارس فعل الكتابة.. أظل أحاول ثم لاأجد سوى “النحلة”، تلك الفزاعة التي تظل تطن في أدمغتنا حينما يتعذر علينا وجود نافذة للخروج من حالة الاحتباس إلى عالم نحلم به ونرعاه ونتنفسه.. نظل نمني أنفسنا بأننا أناس غير عاديين.. بمعنى آخر “الإنسان الفنان” الذي لابد أن يجد له مخرجاً أو نافذة ربما من خلال المخيلة أو الحلم أو حتى الصراخ.. اصنع طقوسك الخاصة، فلكل مبدع طقوسه الكتابية بعوالمها الفسيولوجية والسيكولوجية.. وهناك الكثير من الكتب تؤكد على هذه النقطة.. أن للإبداع تحريكا فعليا في فيزيائية الإنسان كما أنها تقوم على ارتباطات وعلاقات بالأشياء المحسوسة والتي قد تمثل للبعض مبعثا لفكرة ما أو شرط لبدء عملية الإبداع.

هنالك من يلتزم بأدوات معينة ومكان وإحداثيات محددة في بناء حالته الإبداعية.. أنا شخصيا اهتم بمسألة اختيار الوقت والمكان. وأذكر على سبيل المثال الروائي الكبير غابرييل غارسيا ماركيز الذي يقوم بارتداء زي مخصص للكتابة في غرفة فارغة إلا من طاولة قرر ارتفاعها وهندستها مسبقا. إذن المسألة ليست عبثية وتلعب دورا مباشرا وغير مباشر في تحريك فعل الإبداع لدى كل كاتب. وهناك أيضا من يكتب وهو واقف كنيتشه.. البحوث العلمية تؤكد أن لمسألة استثارة الفكرة في المخ دور في تحريك حيوية الإنسان. والمسألة بالطبع تختلف من كاتب إلى آخر فالكتابة عمل يومي للبعض وليست مجرد استجابة للحظات الإلحاح التي تأتي بعواطف مجهولة. مثلا هنالك من يشعر بأن عطراً أو صورة أو معزوفة قد تحفزه وتطلق الشرارة الأولى أو ربما تفتح الغرف الخلفية للدماغ كما يقول فرويد وتحدث حالة الانهمار أو الذروة في شبه حالة جنون، أيضا حالة تقمص الحالة أو النص.. هذا في فعلها اللا شعوري ربما. في حالة الاستعداد.

ويقول وليم فوكنر: “الكتابة ليست سوى الجلوس خلف طاولة الكتابة مثل ثيران يكدون 18 ساعة”. وأنا أظن بأن سؤال لماذا نكتب؟ ولمن نكتب؟ يعمل فعل إزاحة. وتغير الإجابات على مثل هذا السؤال وزيادة القراءات وتنوعها قد تغير في كل مرة أدوات الكاتب وقواعده. فنجد مثلا أن كل منا يحتاج إلى روتين وحالة تعود والتزام في فعل الإبداع، وبنفس الوقت قد تشعر بأن هذا التعود يخلق لك تكدسا وإرهاقا لتحليق المخيلة، لذا نحتاج لتحريرها بجعل الأمر فوضوي كما يحب البعض بعيدا عن فعل الارتباط الشرطي كما هو في نظرية بافلوف.. إذن علينا بإمساك العصا من المنتصف.. أنا شخصيا -سابقاً- كنت أنتظر المطر وأقرأ أنشودة المطر للسياب والاستماع إلى مقطوعة شهرزاد لريمسكي كورساكوف وهذا طقس أبدأ فيه بياتي الشتوي سنوياً كمحفز إبداعي للقراءة والكتابة بانتظار السير في مظاهرة أو بانتظار “غودو” لكي يعلن البيان رقم واحد في تغيير الخارطة الكونية. فهل سيجيء “غودو” هذا لعالمنا الثالث عشر ويعطي الإذن لـ“سيزيف” لكي يتوقف عن حمل الصخرة والتخلص من مشوار العذابات الطويل؟

فالفنان الذي يرى العجب من خلال الواقع، العالم كله عنده يكتسب طابعاً شعرياً، في ملصقات وإعلانات وقصاصات جرائد مجموعة صدفة تشكل شعراً. وكما يكفي انتزاع شيء من معناه لإطلاقه في الواقع، كذلك الأفكار والصور المختلفة المتضاربة يحّور الفكر عن الواقع ويدخله في عالم آخر. وعن تريستان تزارا: “قد تكون شاعراً ولو لم تكتب بيت شعر واحداً... فثمة قماشة شعر في الشارع أو في مشهد تجاري، أو في أي ميدان آخر”.

هكذا تصبح الحياة الكاملة حجة للشعر. يمكن الانطلاق من حدث يومي: محرمة تقع على الأرض، قد تكون لأحد الشعراء رافعة يحمل فيها العالم كله. ومن الاحتقار، ما كان من التمرين الشعري لدى بول فاليري في مفهومه: “ان مبدأ الإلهام الكامل يتدمّر عند أقل شطبة قلم، والغباء يمحو ما تغلفه الوشوشة الحميمة، فما أروع الكتابة دون إدراك اللغة والكلمات، ودون فهم هيكلية ما للأثر الأدبي من مدة، ومن ظروف إنهاء. ولا مجال للكيف ولا الـ لماذا... من هنا يرى السورياليون أن “التجويد هو الكسل”. ربما ما يقصده فاليري هو العفوية، فإن الذي يمسك القلم، يجهل ما سيكتب، وما يكتب، مما يكتبه حين يعيد قراءة ما كتب، ويحسه غريبا عما اكتسب، تحت أصابعه، حياة لايملك سرها، بعدما كان اعتقد أن ما كتبه لا معنى له. فهذا الـ “لا معنى له”. قد يكون في رسالة لا أهمية لها. أما في السوريالية، فكل كلمة ذات وقع. ويتكون المعنى خارج الكاتب. ومجموع الكلمات يؤوّل إلى معنى معيّن. وفي التجربة السوريالية، تتكون القصيدة ساعة كتابتها. وأهمية مضمونها فيما يقوله من مجهول، لأجله يتحمس السورياليون. لذلك يعزل أراغون من ينكرون الإلهام، لأنه هو يتمسك به لمضمون القصيدة السوريالية إذ على القارئ ألاّ ينتظر الفهم من القراءة الأولى. من هنا، عليه أن ينسى كل ما اكتسبه من ثقافته المصطنعه، وينغمس في مدّ الحياة الداخلية. وكما الكتابة الآلية، تتيح القصيدة للإنسان، أن يرى عالماً جديداً يوازي بين عناصره وعناصر العالم الخارجي وتتحد الداخلية والخارجية لتؤلف الوحدة الشعرية. هكذا، يكون لاتحاد الشكل والمضمون –وهو المعيار الكانطي للجمال– أن يصبغ القصائد السوريالية الأصيلة. وعن لويس أراغون، الضالع في بحث الأسلوب، أن ثمة وسيلة –ولو صعبة- للتمييز بين النصوص السوريالية، وفق قوتها وجدّتها. وهي كما الأحلام: يجب نَصُّها ببراعة. فالفكرة إذا تركت لذاتها، تجتاحها الصور الغريبة التي يصرح أراغون أنه فقد “السيطرة عليها، وصرنا عبيداَ لها”. وهكذا، تبدو السوريالية، بسحرها وطريفها، شراً جديداً يوصل إلى حالات كما التي يولّدها إدمان الحشيشة.. من هنا تبدو الحياة كلها ملتجئة إلى نوع من النشوة المتحركة، تزعزع المنطق، وتفتح أبواب المجهول.. ومن هنا تغدو الكتابة الآلية أو العفوية صعودا للسوريالية منطقة محرمة يمنع الاقتراب منها في عالمنا الثالث حيث تـُحسب عليك كل كلمة قلتها أو لم تقلها في ظل إشكاليات تلقي النص وآليات التأويل والتربص بالآخر في ظل غياب الحرية، لذا عليك أن تكتب بوعي كامل، ولكنك أنت نفسك لاتدري هل أنت بوعيك الكامل أم لا؟ أتمنى معرفة ذلك.. إذ حينما يسألك أحدهم: أين رأسك؟ عليك أن تتحسسه.



#كريم_الهزاع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة الفرح
- من يمنحنا أجنحة للطيران؟
- أوغست كومت بعد قرن ونصف من رحيله
- بهجة الاحتضار ومراوغات الجثة
- الإرادة : حينما لا أجد شيء يقلقني فهذا بحد ذاته يقلقني
- خطوة في التوجس . خطوة في اليقين


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم الهزاع - ريثما تطن نحلة أخرى في الدماغ