أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سامان نوح - العصر الذهبي للتحالف الكردي- العربي















المزيد.....


العصر الذهبي للتحالف الكردي- العربي


سامان نوح

الحوار المتمدن-العدد: 2249 - 2008 / 4 / 12 - 06:26
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


وزراء بلا حقائب وحقائب بلا وزراء
احزاب (تكتسح) بلا برامج وبرامج (تسرح) بلا احزاب
عقول كبيرة بلا مواقع ومواقع كبيرة بلا عقول
حكومة (في اربيل) بلا معارضة
وحكومة (في بغداد) كلها معارضة
مشاريع تنتظر تخصيصات وتخصيصات تنتظر مشاريع
وطن بلا دولة ودولة بلا أمة
كل عام وانتم بخير
كل عام ونحن بخير
كل عام وهذا الوطن الغني الفقير، القوي الضعيف، الغريب العجيب، من خير الى خير.

كل عام وحكومتنا الاتحادية بشواغرها وشواغلها، بجبهاتها الرباعية وتحالفاتها الثلاثية، بمناطقها الخضراء والحمراء، بهياكلها الثورية ومغانمها الاشتراكية، بسراديبها ومنهولاتها، بشركاتها وائتلافاتها، باسلامييها وعلمانييها، بالملتحين والمعممين والملثمين، بالمهديين والغاويين، بالطائفيين والمتطوفين، بالتجار والمقاولين، بالمنسحبين والمرابطين... بالف الف خير.

كل عام واقليمنا الكردي الحبيب بخير
بقيادته الفريدة ، القريبة والبعيدة، العتيقة - المديدة.
بحكومته الطويلة العريضة ذات الاربعين وزيراً.
او حكومته الخفيفة الرشيقة ذات العشرين عزيزاً، بحقائبهم وجرارهم، بمحافظهم وقلاعهم ، بخططهم الوزارية ومخططاتهم الشخصية، بتزكياتهم الثورية ومؤهلاتم الانفجارية، بانجازاتهم المهولة التي تبدأ بهلهولة وتنتهي بهلهولة... بالف الف الف خير.

كل عام والمعارضة المتعارضة باربابها واقطابها، بارانبها وديناصوراتها ، بابواقها وطبولها، برعودها وبروقها، بالبعثيين الجالسين في دمشق الامويين، والقوميين الناهضيين في عمان الهاشميين والاسلاميين الراقدين في رياض الصالحين .. في كل خير.

كل عام ووزيرا الداخلية ووزيرا المالية ووزيرا البيشمركة ورئيسا المؤسستين الأمنية في الاقليم الموحد المتحد بالف خير.

كل عام وطواقم المسؤولين الذين لايَسألون ولا يُسألون، وارتال المعاونين الذين يطبخون وينفخون، سالمين غانمين، ياكلون ويشربون، وفي كل زمان ومكان يصولون باجنحة الحزبية والولاء والمحسوبية والاستجداء.

كل عام والامبراطوريات الحزبية، الديمقراطية والتقدمية، العائلية والاكسترا عائلية، متعافية هنية، بمقراتها الانشطارية ومنظماتها الانفجارية، بجيوش الامناء وحلقات النشطاء وسلاسل الخبراء وشبكات الاعضاء، المتمرسون والمتفرسون، المقيدون والمحلقون، القائمون خلف المكاتب والقاعدون في البيوت، الغاطسون والمعومون، الناشطون والمجمدون، الذين يشبعون والذين لا يشبعون... بالف الف الف الف خير.

كل عام وكتائب المستشارين الذين يستشارون والمستشارين الذين لا يستشارون، الآمنون والمأتمنون، الحاضرون والغائبون، النائمون والمستيقظون .. بخير وهم يدورون ويتداورون.

كل عام والامور تمام التمام
لا اخطاء ولا اعوججات
لا سرقات ولا منهوبات
فالايدي بيضاء
والأنفس بيضاء
ومجلدات النقد بيضاء
واسم البلد في اخر قائمة دول الفساد والافساد
متقدما على كندا والنرويج بعد ان كان رفيقا للصومال وميانمار.

كل عام والقادة مبجلون محصنون.
فوق الهمز وفوق اللمز، وفوق النقد وفوق القانون.
فقراء لا ترد اسماءهم الا مع فقراء، فلا ارصدة ولا عقارات، ولا املاك ولا تركات.

كل الامور تمام
لا فاسد ولا مفسود
لا قابض ولا مقبوض
لا طارد ولا مطرود
فالايدي بيضاء
والانفس بيضاء
والمسؤلون ملائكة منزهون، فوق الشبهات وفوق العيون
فلا اموال ولا صفقات، ولا ابراج ولا شركات.
والكل على منصة التدليل، فلا تبديل ولا تعديل.


كل عام وجيوش المساعدين والمدراء العامين، الحزبيين وابناء الحزبيين، والوية المتحلقين المتسلقين (الملكيين ابناء الملكيين)، بكراسيهم الدوارة واسرتهم النقالة، بافكارهم الجبارة واعمارهم الجرارة، من نصر الى نصر يمضون، ومن حال الى حال يتحولون.

كل عام والمعارك الروحية
والتصفيات الدموية، والمذابح الطائفية، الشيعية والسنية، اختلافات اخوية، لا تفسد في الود قضية.

كل عام والخلافات الاخوية الكردية الكردية، الاستراتيجية التكتيكية، اللحضوية التاريخية، السياسية والادارية، السرية والعلنية.. ضافرة وابية، تمضي بترقيعات وقتية، وتسويات فصلية ومعادلات عشرية وتوازنات كسرية.

كل عام والصراعات الحزبية والمناوشات السلطوية من مدى الى مدى ومن ساح الى ساح
من حلبات الوزارات والسفارات الى اروقة المنظمات والجمعيات، الى ابواب الحارات، الى قبب التكايا والزوايا، الى غرف الموظفين وممرات الفراشين وميادين العمال ومقاهي العطالين وسوح التجار والمتاجرين ... ومن نجاح الى نجاح.

كل عيد وقادتنا الكبار كبار في مصايفهم المحروسة، من دوكان الى سرى رش، ومن المنطقة الخضراء الى الزرقاء، ومن دمشق الى عمان، والوطن آمن والشعب سعيد .
فلاهم ولا غم ولا عوز ولا آفات
ولا خوف من ليل قد سجى ، ولا من غلاء يتفشى ، ولامن عيشة في ارض بلا سقف ومأوى.

كل الامور تحت السيطرة
وبين كل سيطرة وسيطرة، سيطرة مُسيطرة.
وبين كل حي وحي قوة مُسطرة.
ولكل خطأ حجة، ولكل كبوة خطبة.
ولكل بلوى قصة مفبركة ومبررات متحركة.

كل الامور تمام
لا نواقص ولا حاجات، لا تسيب ولا فلتات، والحكومة سيدة القرارات، وان كانت تتصارعها الولاءات، وان انقسم وزراءها في طوائف وجبهات، وان فرضوا الرؤى القومية والمذهبية على المؤسسات المدنية.
**********
كل عام وحكومة بغداد، حكومة صفقات ومزادات، شركات وشراكات، تتبدد سلطتها في عشرات السلطات.

كل عام وحكومة الاقليم حكومتان، وكل قرار له بابان وبوابان ومكتبان سياسيان ولجان فنية وطاولات عائلية، وحسابات مليمترية.

كل عام وجيش الاقليم جيشان.
والأمة حزبان
والتأجيلات ابدية
والاعراف السياسية صبات كونكريتية والانظمة تحويلات اضطرارية.
لكن الامور تمام، فالأمن تمام، ومشاريع المدن السحرية تمام التمام.
والحاضر زاهي والأيام القادمة وردية.
والعمارات تعلو، والبنايات تشدو، والسوبرماركات تفيض.
والمؤسسات تبيض مليونيرات، بالعشرات والمئات.

كل عام وحرس الاقليم بيشمركة حزبية.
والوعود الكبرى بكركوك مدينة كردستانية واربيل عاصمة عالمية، خطب انتخابية.
وقصص الرفاه والدولارات التي ستقذفها الارض وتمطرها السماء، مقدمات كوميدية خلف حكايا التخصيصات والنثريات والاعانات والاعاشات والسفرات والدفوعات الليبرالية على طاولة (الحجية رقابة) العمياء الطرشاء، التي لا تملك حجة على الفساد وسط غبار العمارات والاسواق والباركات، وطسات الكراجات والطرقات.

كل عام والشفافية خوش شفافية
ومؤسسات النزاهة بدعة اوربية و(عيون اجنبية)
والامور تمام
فلا خوف على مال خاص او عام.

كل عام ولصوص المعارضة والحكومة، ومليشيات الاحزاب الميمونة، ومافايات الفئات المحرومة، وقراصنة المؤسسات، وثعالب الثورات وما بعد الثورات، يتحولون من خير لخير
ونحن بخير
وانتم بخير
نمضي من كرب لكرب ومن حرب لحرب، بلا خوف ولا ريب.

كل عام والانتخابات انتخابات بلا اختيارات.
والديمقراطية ديمقراطية (الارنب والغزال).
والقوائم المغلقة مغلقة من الباب للمحراب.
والبرلمان (في بغداد) برلمان طوائف ومذاهب.
فلا صوت لغير احزاب الكتائب.
والبرلمان (في اربيل) برلمان (حضور كالغياب).
يمضي (بالفيفتي فيفتي والفورتي فورتي) طابو للاحباب واحباب الاحباب ولبعض الاصحاب.
يصوت بالاجماع الحزبي
ويرفض بالاجماع
وينام بالاجماع
ويهتز على ايقاع المكاتب السياسية في كل القضايا الرئيسية
ولا مشكلة ففي كل الدنيا الاحزاب دكاكين تجارية، والمسؤولون روبوتات ترويجية.
تضع الخطابات وتقرأ البيانات وتطلق البالونات.
وتمثل على الناس قبل الانتخابات.
وتمثل بالناس بعد الانتخابات.
والناس نيام، احياء كالاموات.

كل عام والاغنياء يزدادون غنى وذكاء والفقراء يزدادون فقراً وغباء
والعمارات تعلو والبنايات تشدو والشركات تفيض
والمسؤولون يزدادون مالا ونساء، والاهالي مشاكلا وعناء
والبعض يرقص ويهلهل: هذا ثمن الاحتلال.
والبعض يبرر : هذه ضريبة فتح الاسواق.

كل عام وبقرة المشاريع سمينة
وفراهيد العقود عظيمة.
كل عام وموانئ التهريب سالمة
وحيتان الحدود غانمة
والرقابة نائمة
والنزاهة هائمة.

كل عام والحرائق "المتعمدة" تلتهم الوثائق في الوزارات.
والتحقيقات تنتهي، او لا تنتهي، بتحميل مجهولين الاسباب والتبعات.

كل عام والقطاعات الاقتصادية ثلاث
عام هلكان
وخاص تعبان
وقطاع للمسؤولين يعلو كالبركان.

كل عام ومنظمات المجتمع المدني (الوهمية) تغرق في اللامدنية.
وفي التجاوزات المالية، وفي الأوساخ الدنيوية.
بمفاسدها ومقاصدها، وتخبيصاتها وترقيعاتها التي لم تحرك نملة في هذا الوطن، ولم تغير نقطة في سطر المحن.

كل عام واموال المنظمات اللا طوعية اللاديمقراطية، والربحية بنت الربحية، بنات الاحزاب السياسية، تضيع على الخرافات الفكرية والتفاهات "المهنية" والشكليات "المجتمعية"، التي زادت في حقول الضياع والجهل اشجاراً امية وهياكل بيرقراطية وسراديب تنظيمية.

كل عام والجامعات الكتاتيب بخير.
واساتذتنا العظام مخترعي ترانزستورات التزكيات ومبدعي ابحاث الواسطات ومانحي مهازل التقديرات بالف الف خير.

كل عام والمستشارون يفرخون مستشارين.
والقادة الحزبيون ينجبون قادة عباقرة، حزبيين – حكوميين.
والاحزاب تورث، والدوائر تورث والمؤسسات والمليشيات وقطاعات الجيش والاذاعات والمنظمات، كما الشركات يرثها كبار لكبار على قاعدة التكريم والتدليل.

كل عام وحكوماتنا التكنوقراطية
حكومات ابناء ونسايب واحباب واقارب.
وخبرات وزرائها سوبراسطورية "عائلية- حزبية – ولائية".
فهذا ابن القائد وذلك نسيب القائد والاخر مدلل بيت القائد.
وله ان ينتقل من وزارة التربية الى الزراعة، ومن التكنلوجيا الى الموارد المائية ومن الخارجية الى الثروة الحيوانية، وله ان تفصل على قياسه وزارة.
كل عام والتكنوقراط احزابقراط واحبابقراط ، في بلد الحبايب.

كل عام ومؤسساتنا متخمة باللصوص واشباه اللصوص ، باداريين لا اداريين وبمدراء فاشلين.
والناس يتبادلون خطب التغيير وينتظرون ثمار الرخاء الكبير،
في بلد بلا زراعة، بلا صناعة، بلا سياحة
يستورد الماء والغذاء والاوكسجين.
يستورد الاحجار والاشجار والسيكوتين.
بلد بلا اقتصاد يتحدث عن الارتقاء العظيم.. ويحلم بالنهوض.
وفي كل دائرة جيش من الموظفين العاطلين والموظفين الغائبين.
وفي كل ناحية الوية من المقاتلين الوهميين والمقاتلين المقعدين.
وفي كل زاوية عمال لا يعملون.
وطلاب لا يقرأون.
واجيال تضيع وقتها بالتسكع في الاسواق، والتجمد امام الشاشات، والانغماس في ضياعات ثورة الموبايل.

كل عام والعجائب امور روتينية.
والميزانية اموال حزبية.
والعقود النفطية اسرار قومية، وصفقات سياسية - طائفية.
والاموال المرصودة تأكلها اللجان اللافنية والاخطاء الهندسية وتحويلات المقاولات السياسية.
والمشاريع الحديثة تنهار، والشوارع تتصدع، ويتفتت الاسفلت الى حصى وغبار.
والمجاري تختنق باولى قطرات الامطار.
وتضيع سلال الاموال.
والاخبار هي ذات الاخبار.
لا شيء يدعو للقلق، لا شيء يدعو للاكتئاب.
والاخطاء في الحساب، لا تدعو الى حساب.

كل عام والدولة غائبة والحكومة مغلوبة والاحزاب غالبة .
والمنظمات الطائفية والقومية والمذهبية تلتهم المؤسسات المدنية واللامدنية.
ففي كل حي مكتب تنظيم ومركز تجنيد ونقطة تقليم وتقييم
تفرخ الحزبيين وتصنع رجالاً مؤلهين وتأكل أموال الشعب المسكين.

كل عام والحكومة ام الافلام.
رئيس الجمهورية يقول كلام.
ورئيس الوزراء يردد كلام.
ونائبا الرئيس يطلقان كلاماً غير ذاك الكلام.
كل عام ورئيس الدولة في وادي ورئيس الحكومة في وادي، والأمة في ادي.
والامور شائكة والصلاحيات متشابكة والاوضاع متهالكة.

كل عام وممثلو الشعب ابطال اخفاقات.
والبرلمان برلمان خطابات وبيانات، قصص وحكايات.
برلمان (المال والاعمال).
برلمان متعهدي (العمرة والحج).
النساك الزهاد الزاحفين كل عام الى بيت الله الحرام ليغسلوا الآثام ويكسبوا الآخرة بعد ان ضمنوا الدنيا

كل عام والمساجد مؤسسات للتنويم
والخطباء ابواق تمويل ومراكز تموين
والدين عندهم باب للتكفير وباب للتبرير
وباب للترويج السياسي وباب للخداع القياسي
وباب للتجنيد وباب للتمجيد
وباب للكسب وباب (لتحليل) السلب.
وباب للسلام ، والف باب للسلاح.

كل عام، منذ الف ومائتا عام والامام غائب في السرداب!!
والدولة في خراب والحقائق سراب، وثوابت التاريخ حكايا ومقولات واجتهادات.
كل عام والأئمة قراء خطب وملقنوا كلمات كتبت قبل الف عام.

كل عام والمجاهدون (الاباة) والملثمون (التقاة) بدشاديشهم وتراكسوداتهم، بنعالاتهم وشحاطاتهم، سالمون غانمون.
يخطفون ويقتلون ويغزون وينهبون
ومن اختراق الى اختراق
فمن زرع الدروب بشظايا الموت الى زرع القلوب.
ومن حرب الاضرحة والقبور الى حرب الأسواق الى حرب الجسور.
ومن تفخيخ العربات الى الشاحنات، ومن البيوت الى بقايا العمارات.
ومن تفخيخ الموتى الى المعاقين الى المتخلفين الى الحيوانات.
ومن غزوة عابرة الى اخرى ظافرة .
ومن امل الجنة وحلم الحوريات الحسان الى اكل الثريد في حضرة رسول الله.

كل عام والحدباء وسامراء والديوانية وكربلاء، بحاراتها وخراباتها، بمفخخاتها واشاعاتها
بنوقها وابلها، بخيلها وحميرها
بخواصها وعوامها
بفرسانها وجنودها
بمسيراتها الجنائزية، وكتاتيبها التكفيرية
باغاني الحياة الابدية، واناشيد اللطم المذهبية
بدورات النحر، ودورات التطبير
بفتاوي الانتحار، وفتاوي الانتظار
بمعاركها ومهازلها، بصراعاتها وتصفياتها..... بالف الف خير.

كل عام والعراق عشرة على عشرة
والاحزاب الدينية عشرة على عشرة
والائتلافات الاسلامية اعلى
والتيارات المذهبية ابهى.

كل عام والائتلاف الاسلامي الحاكم بخير
باحزابه وحركاته بكتائبه ومليشياته التي عززت السلام وعممت الرفاه وحولت مدن الطين ومدارس الحصير الى مدن احلام!!

كل عام وجبهة الأيادي النظيفة نظيفة.
تتقلب من رؤيا لرؤيا ومن مكان لمكان، من الحرب للسلم ، ومن الصدام للوئام.
فيد في الحكم وذراع مع المليشيات .
وقدم في الدولة وساق في خارج البلاد.

كل عام وهيئة العلماء السنية تمام التمام وهي غارقة في الدنيوية
تفتي في السياسة والاعمال وفي الاشتراكية ورؤوس الاموال
وتغرق المساكين في حروب التحرير والاحتلال.

كل عام
والمرجعية دائرة انتخابية
وقناة دعائية
والامة تغرقها الامراض الفكرية (المذهبية) والبلاوي الادارية والمفاسد الحزبية

كل عام وشيوخ الامة بخير
بتكتلاتهم وتشكيلاتهم، بجبهاتهم وائتلافاتهم، بصحواتهم ونطحاتهم
ومن باب تجنيد الى باب توريد
ومن خندق الى خندق، ومن زورق الى زورق.

كل عام والحصة التموينية الى انحسار ومفرداتها العشرية الى اضمحلال.
والمخصصات الرئاسية الى تضخم وانفجار.
كل عام والخدمات يافطات وشعارات وبيانات ومذكرات.
والناس تحت رحمة الخيم ورحمة السوق ورحمة بطاقة التموين ورحمة مؤسسات التوظيف والتجنيد.
كل عام والموظف المسكين، والمواطن الحزين يحلم بقرض عقاري ينجيه بسقف وجدار يأويه.
كل عام وحسين، المهندس الفذ، يبحث عن طريق للتعيين وسط بحور المتسلقين والمتملقين.
وعمر، الخبير المجمد، يبحث عن فرصة بعيدة ويحلم بطريق للعبور الى بلاد الغال او بلاد العقال.

كل عام و(اهالي مملكة الاسبرين) اسرى الفوضى والروتين.
وانعدام الوزن على حلبة التدجين.
اسرى المورفين والبروفين.
فلا احد يمضي في مملكة الاسبرين الا وفي جيبه هوية حزبية وعلبة (مسكن) مجهولة الهوية.

كل عام اصوات المرضى تعلو، وتزيد افواج المتعبين في مملكة الاسبرين.
مملكة القوائم الحزبية
مملكة الواسطات الأممية
مملكة الآلهة السرية
مملكة المفاجئات
حيث نحتاط لكل شيء
نخزن الماء ونخزن الغذاء
نخزن كازوايل للعربات، بنزين للمولدات، نفط ابيض للدفايات
حبوب للضغط والسكري والقلب والعجز الكليوي.
كل شيء ممكن ان ينقطع في بلد الانقطاعات.

كل عام تعز على الناس الحاجات.
فيحلمون بسماء تمطر نفطاً.
وغيوم تحمل كهرباء.

كل عام والمشاكل تنتظر جولة الرئيس التفقدية ليعالج البلاوي ويرد المظالم، على طريقة امير المؤمنين قبل الف من الاعوام.

كل عام والخلق يتعلمنون في كون صغير، فلا طوائف ولا مذاهب ولا اقاليم.يصنعون وينتجون ويحلقون.
وعلى ثرى الفراتين نجوع ونعطش، ونستورد الماء من صحراء نجدٍ، وننتظر من الصين سلال التموين. *
ونضيع الاعوام بعد الاعوام بالمحاصصات.
سعداء في وطن سعيد.
فخورون نضحك نرقص كالمعتوهين، ولا ندري على اي درب نقف, والى اين نسير؟

كل عام والاخبار هي ذات الاخبار
تفتتح باستقبالات الرئيس
وتوديعات المرؤوس، وخيبات المتعوس.
لتظل البلاوي خلف الشاشات.

كل عام والواسطات ام القرارات.
والتزكيات لب المدارات.
فالطفل يزكى من اقرب تنظيم حزبي ليدخل المدرسة الابتدائية.
والشاب يزكى ليعين كناساً في البلدية.
الكل يزكى في بلد التغيير
العامل والمدير
الفراش والوزير
رؤوساء تحرير الصحف الحزبية والوطنية والقومية.
مدراء الاخبار في فضائيات التحزيب والتعليب.
نقابات المهنيين، اتحادات الحرفيين، متعهدو القضاء، هيئات الامناء، كتاب الانشاء.

كل عام و الشيعة مشغلون باللطم
والكرد بالرقص وصنع الوهم
والسنة بقائمة التحريمات عند الاكل وعند المشي وعند النوم.

وطن غريب
يحتفي بمطارات بلا مسافرين، وبجامعات تخرج الأميين ، وباسواق تحتلنا على الشمال وعلى اليمين.
يحتفي بمدن الاحلام في مدن تحتشد بآلاف المشردين والمهجرين وآلاف القابعين في خرائب من طين وصفيح.
وطن يطبل لما يفد من عمالة في مدن متخمة بالعاطلين.
وطن يغرد لقوائم التعيين الطويلة ويزهو بملايين الموظفين الاستهلاكيين.
وطن يحلم بالنهوض بلا عمال بلا فلاحين بلا انتاج ولا انتاجيين.

وطن يحتشد بالعطل القومية والحزبية والعائلية والدينية والكيفية.
وطن تضيع في اروقة مؤسساته الفيلة والثيران فتختلط الحسابات وتتبخر المعاملات.

وطن يقف فيه المسؤول عن الزراعة في لقاء تلفزيوني ليصدح بقريحة مفتوحة ويمدح ويفتح الافاق وخلفه في المشهد شجرة صناعية وامامه على الطاولة ورود بلاستيكية والى جانبه فواكه تركية - ايرانية – سورية.

وطن صاحب معمل الماء فيه يشرب من انتاج معمل اخر، لأن معمله (اكثر) من نظيف، ولا يخضع لتفتيش وتمحيص.

وطن يعاقب فيه اللصوص الحزبيون والحكوميون ان انكشفوا للدنيا، بأشهر من التجميد او بعقوبة نقل، ويعاقب فيه باعة المواد الفاسدة بإتلاف مجانية لمواده السمية وبغرامة شكلية.

وطن تعيين النملة فيه يحتاج الى قرار حزبي واجتماع سياسي ومراجعات للتاريخ النضالي.

وطن يقرر فيه المكتب السياسي او المكتب القومي او المرجع الديني تعيين وكلاء وزارة التكنلوجيا وخبراء وزارة التعليم وفق قانون المحاصصات والانتماءات والواسطات المديد.

وطن المعاون لا يصبح فيه مديراً وان كان مثالاًً للعبقرية.
ورئيس الجامعة وخبير الكلية ومدير البلدية ومسؤول الارصاد الجوية لن يقعد في مقعده ان لم يكن على رأسه ريشة حزبية.

وطن لا يعلو فيه النابغة والفيلسوف ان لم يقف على طاولة سياسية.
وطن اخر ما يعني قادته الكفاءة والمهنية.

وطن بلا دولة، وامة بلا حول ولا قوة، تعيش وهم الانتصار، وهم الثراء ووهم التقدم تحت ظلال مؤسسات صناعة الأوهام.

وطن تفيض فيه ابار النفط وتستعر اسعار النقد ونظل فيه مساكين.
وطن تتسع فيه الاسواق وتكثر القصور وتكبر، وتظل الملايين فيه تبحث عن بيت من قصب او طين.

وطن يغرق في الطبقية، نحلم نحن... ويحلمون هم......
نحلم بالأمان، وبقرصة خبز اكبر، وببرميل كاز اكثر، وقنينة غاز تعمر زمناً اطول، وبغرفة طينية تجنبنا ويلات الايجار.
ويحلمون بقصور تعانق السماء وبارصدة لا تبددها حرب ولا يطيح بها حصار.

نحلم ان نملك اجرة تاكسي توصلنا الى باب الدار.
ويحلمون بطائرة تحملهم متى شاؤوا من مطار لمطار.

نحلم ان لا يسقط احد في فك مرض، وان نعود في اخر المساء من اعمالنا سالمين بلا اصابة، بلا قصة غدر.
نحلم بقطعة ارض سكنية داخل الحدود البلدية، ويحلمون بمزارع فستق ومراعي ديك رومي في البرية.

نحلم .......ويحلمون.......
نحلم ببئر ماء اضافي، ويحلمون ببئر نفط اضافي
نحلم بدولار اضافي ، ويحلمون ببلوك اضافي
نحلم بكيس رز وكيلو سكر وعلبة شاي غزال، ويحلمون بوزير وبرلماني وجنرال.

نحلم ... ويحلمون . وحتى في احلامنا نحن وأياهم مختلفون
نحلم بدولة المواطنة، ودولة القانون، ودولة تجمعنا فيها عدالة دستور، ويحلمون بامارة، وولاية، وسنة اخرى في الحكم.
نحلم بدولة وامة تنهض من تحت الرماد، ويحلمون بشرفة يحكمونها ويطلون منها على جمهور يهتف باسمهم صباح مساء.

فكيف يحدث التغيير ..؟
وكيف نبني دولة ونصنع امة، وكل مفردات هذا البلد متنافرة.
كيف نبني دولة ونصنع امة وجل الذين يملكون القرار، اسرى احلام صغيرة عابرة، وضحايا عقد مزمنة وصراعات غائبة حاضرة.


* تأخر نشر المقال اربعة اشهر، لم يتغير خلالها شيء يستحق الذكر ... وهم يقولون ونحن ننتظر ما سيفعلون، وبيننا وبينهم الأيام.
9-4-2008



#سامان_نوح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تركيا - حزب العمال الازمة المشتعلة والحل المفقود


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سامان نوح - العصر الذهبي للتحالف الكردي- العربي