أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق أبو شومر - سؤال ديوان : لماذا تركت الحصان وحيدا لمحمود درويش ، حقلٌ من الألغام














المزيد.....

سؤال ديوان : لماذا تركت الحصان وحيدا لمحمود درويش ، حقلٌ من الألغام


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 2248 - 2008 / 4 / 11 - 08:46
المحور: الادب والفن
    


لماذا تركت الحصان وحيدا؟
هل كان السؤال لغما من الألغام،خبأه الشاعرُ بين السطور لينفجر في وجوهنا ، أم أنه سؤالُ الهاربين من المعركة الفاصلة، إلى فضاءات الأحلام ؟
سؤالٌ ، لم يرغب أن يسمعَ إجابته من أحد، ربما لأنه كان يسأل نفسه، ولا يسأل الآخرين.
لماذا تركت الحصان وحيدا؟
هو ليس سؤالا ، بل هو صرخةٌ أطلقها الشاعر في فضاءاتنا، لتوقظنا من كوابيس أحلامنا .
لماذا تركتَ الحصان وحيدا؟ ليس ديوانا من الشعر، ولكنه سيمفونية، اشتركت فيها جوقاتُ وفرق من العازفين، تعزف ألحانا بآلات ، تبدو مألوفة، غير أنها آلات جديدة من اختراع الشاعر نفسه.
لماذا تركت الحصان وحيدا؟ أسطورة من أساطير الشاعر، أراد أن يُشكِّلها ملحمة من ملاحم البطولات، ومعركة ينتصر فيها الخير على الخير.
لماذا تركت الحصان وحيدا؟ ليس حروفا وكلماتٍ ، ولكنه مفتاح سرّ محمود، وخاتمه السحري، ولؤلؤته التي خبأها في محاراته العديدة:
في صرختي حذرٌ، لا يُلائم طيشَ النباتات
في صرختي مطرٌ
هل أسأتُ إلى إخوتي
عندما قلتُ: إني رأيتُ ملائكةً، يلعبون مع الذئب
في باحة الدار؟
وحين نقترب من العثور على مفتاح يشير إلى الملائكة، الذين يلعبون مع الذئاب في باحة الدار، يَضللنا الشاعرُ مرةً أخرى، ليخفي سرَّه الدفين، فينثر في طريقنا كل سنابل الحقول :
سبعُ سنابل تكفي لمائدة الصيف
سبع سنابل بين يدي، وفي كل سنبلة
يًنبِتُ الحقلُ حقلا من القمح كان
ويقفز الشاعر مرة أخرى، من حقول القمح والسنابل، إلى حيث تقع نطفته الأولى، ولغته الأولى، متقمصا دور أبٍ حكيم :
الشرائعُ سكوا حديدَ السيوف
محاريثَ... لن يُصلح السيفُ
ما أفسد الصيف
قالوا وصلوا طويلا
وغنَّوا مدائحهم للطبيعة
لكنهم أسرجوا الخيل
كي يرقصوا رقصة الخيل
يعودُ الشاعرُ الحكيم ، إلى الشاعر الحليم من جديد، إلى حيث يمارس الحياة كما هي، بلا ألغازٍ، في محاولة لتفصيل رايةٍ تُشير إلى بداية اللغز:
تجرحني غيمة في يدي.
لا أريد من الأرض أكثر من هذه الأرض
رائحة الهال والقش، بين أبي والحصان
في يدي غيمة جرحتني ولكنني
لا أريد من الشمس أكثر من حبة برتقال
وأكثر من ذهب سال، من كلمات الآذان
ويُوقظنا محمود مرة أخرى من حقيقتنا ، راجعا إلى بدايته الأولى، فبعد أن حمَّلنا السنابلَ والغيومَ المهشمةَ الجارحة التي تقطر دما، وأطعمنا الهال والبرتقال، فها هو يعود مرة أخرى إلى لغزه الأزلي من جديد:
أسرجوا الخيل.. لا يعرفون لماذا
ولكنهم أسرجوا الخيل
في آخر الليل وانتظروا
شبحا طالعا من شقوق المكان
وحين يشرع محمود في حلَّ طلاسم لغزه الأول:
لماذا تركت الحصان وحيدا؟ يبدأ من حيث يرى البداية الأولى له ولكل شيء، حينما اضطر لكي يترك طفولته، مستغنيا بأغنية: "سنرجع يوما إلى حيِّنا"
وحين تعوزه طفولتُه البعيدة عنه، التي غادرها ، ولم يغادرها، يعيد طرح سؤاله الأزلي على والده:
لماذا تركت الحصان وحيدا ؟
لكي يُؤنس البيت يا ولدي
فالبيوت تموتُ إذا غاب سكانها.
ثم يتوحّد الشاعر من جديد بعد إجابة والده الصادمة "بجرس الغروب" و"كاهن الليل" الذي هو الغراب، ليجعله شاهدا على الخراب، في وحشة الحروب والدمار، جاعلا من نفسه شجرة خروب يستوطنها الغراب، غير أنه أيضا يُضلِّل الغراب، نذير الشؤم والخراب قائلا :
قيامتُنا ستُرجأُ ... يا غراب
ينتفض الشاعر من جديد تاركا شجرة الخروب والغراب، وهو يشاهد التتار الذين نصبوا الخيام، بدون أن يفكروا في مصير ماعزه، وحيثُ لا يجد مأواه في عز الشتاء ، ثم اندسوا في سقوف القرى كالسنونو، وهم يغيرون أسماء الأماكن والقرى، وعندما يرى كل ذلك، يركب الشاعرُ حصانَ المتنبي، ويشرع في الإنشاد:
على قدر خيلي تكون السماء
على قدر خيلي يكون المساء
وحين يستقر فوق صهوة جواد المتنبي ، يعود إلى تكوينه الأول حيث تقع لغتُه، التي هي ذاته، قصيدته التي ينام بها، ويحلم بها، فقصيدته لا تختلف كثيرا عن ثوب الأم ، أمِّ السلالة والعرق والمنبت ،وهو الأصل المنسوب إلى كنعان، وعندما تتحد الأم والسلالة واللغة ،يكون الناتج قصيدة، تحمل في طياتها أثرا من آثار الأم، وعرقا من السلالة :
وأنشأ المنفى لنا لُغتين
دارجةً ليفهمها الحمام... ويحفظ الذكرى
وفصحى كي أُفسِّرَ للظلال ظلالَها
ولا يُغادرنا الشاعر إلا بعد أن يبثنا حلما وندما، فأما الحلم:
لنا حلم واحد ... أن يمر الهواء
صديقا، وينشر رائحة القهوة العربية
فوق التلال المحيطة بالصيف والغرباء
وأما الندم :
مر القطارُ سريعا
مرّ بي ... وأنا ما زلتُ أنتظرُ !
فهل كانت إجابة الشاعر عن سؤاله الأزلى، سوى انفجار قوي هزّ أركان السؤال، ليعود السؤال ذاته مرة أخرى ، لغما ينفجر ثم ينتشر ثم يتجدد ويتعدد ليرجع إلى كنانة الشاعر من جديد لغزا من الألغاز ؟



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جمعية المختصرين !
- مأزق التعليم الجامعي في العالم العربي !
- هل المدرسون مُتطفلون على الوظائف الحكومية ؟
- موتوسيكلات .. لأوتو سترادات غزة !
- غفوة ... مع قصيدة مريم العسراء للشاعر أحمد دحبور
- في وصف إسرائيل !
- لقطات حديثة من العنصرية الإسرائيلية
- هل أصبح الرعب هو التجارة الإعلامية الرابحة؟1
- مرة أخرى .. إحراق مكتبة جمعية الشبان المسيحيين في غزة !
- ملاحظات حول تقرير البنك الدولي عن التعليم في العالم العربي !
- العرب ... يطلبون حق اللجوء الإعلامي للقنوات الأجنبية !
- إسرائيل إما أنها في حالة حرب... وإما أنها تستعد للحرب !
- باراك أوباما....وعشق إسرائيل !
- ازدهار النظام الوراثي في الألفية الثالثة
- بين تربية العقول ... وتربية (العجول) !
- تنبَّهوا واستفيقوا أيها العربُ !
- من إسرائيل دولة يهودية ... إلى إسرائيل دولة [ اليهود]!
- قتل النساء بادّعاء الشرف جريمة بشعة تُخلُّ بشرف الرجال !!
- الإعلاميون العرب والتسلية على أسماء الشخصيات الأجنبية !
- الإعلام ...لواء مدرع في سلاح الشركات متعدية الجنسيات !


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق أبو شومر - سؤال ديوان : لماذا تركت الحصان وحيدا لمحمود درويش ، حقلٌ من الألغام